Search
Close this search box.
المقال رقم 6 من 23 في سلسلة دفتر تبرعات

خرج سامي وسارة من المطرانية في ذهول، فقد كانا منذ اللحظة الأولى على يقين أن الأسقف لن يوافق عليهم، وزاد يقينهم وقتهم بعد المقابلة الأولى، ولكن ماذا حدث؟! ما الذي قلب الأمور رأسًا على عَقب؟!!

– سامي، هنعمل إيه؟!

– مش عارف يا سارة، مش قادر أفكر، عندي كركبة أفكار ومشاعر بتدور في دماغي، عاوز أرجع لسيدنا دلوقتي حالًا وأقوله حاللني يا سيدنا أنا مش موافق، هو أكيد مش ها يرسمني بالعافية يعني، بس سكوتي قدامه ونزولنا من عنده، ده معناه إننا وافقنا.

– طب ما يمكن فعلًا يا سامي ربنا عاوزك تبقى كاهن، وأنت كده بتعاند تدبير ربنا ليك.

– يا سارة، ربنا بيشتغل بالكل، باللي لابس فراجية، واللي لابس قميص وبنطلون، بيشتغل باللي في العالم وباللي في الأديرة، المهم مين يخضع لاستخدام ربنا ليه.

– ماهو ده اللي بقوله، خايفة نكون مش خاضعين لمشيئة ربنا لينا، سامي افهمني، أنا مش بقنعك أنا بفكر معاك، أنا خايفة أكتر منك، أنا طول عمري محبش بيتي وحياتي مشاع، ومعنى إنك تبقى كاهن، فده معناه إن كل الناس هتقاسمك معايا، بيتنا هيبقى على الفضائيات، بناكل إيه، وبنشرب إيه، وبيتنا فيه إيه، راكبين عربية بكام، وجيبناها منين، وعيالنا في مدارس إيه، ومصاريفها كام، الناس هتراقبنا، أنت عارف يا سامي أبونا “يواقيم” لما خلف بعد الرسامة، الخادمات راحوا يسألوا تاسوني “أليس” مراته: هو أنتوا عادي مع بعض؟ الست كانت عاوزة الأرض تنشق وتبلعها في مكانها من كتر سخافة الأسئلة والتدخل في الخصوصية، لأ يا سامي أنا مش هقدر على كده ولا هستحمل، أنا مش موافقة.

– اهدي بس يا سارة علشان نفكر صح، وما نعملش حاجة غلط ولا تصغرنا قدام حد، ولا تصغر من أبونا يوناثان، أنا مش عارف الناس اللي بتجري وراء الكهنوت بأيديهم وسنانهم ازاي بيزعلوا لما ربنا يخف من على كتافهم وزنة محدش قدها؟!

في الوقت ده كان سامي و سارة وصلوا لبيتهم، ركنوا العربية، وطلعوا شقتهم، وكان أولادهم عند جدتهم…

سامي قال لسارة : تعالي يا سارة نصلي.

في أوضة نومهم كان في ركن تجاه الشرق، متعلق على الحيط صورة للصلبوت، والعدرا واقفة بتبكي ومعاها ، وكان قدام الصورة منجلية عليها الكتاب المقدس وأچبية والإبصلمودية، سامي دخل وركع على ركبتيه وكأنه داخل يترمي في حضن أبوه، وبكى..

– يا رب أنت عارف إن مش بهرب من خدمتك، أنا ابنك يا رب وخدام أولادك، بس أنت يا رب فاحص القلوب والكلى وعارف إن قلبي كله خطية، يا رب أجي فين أنا جنب الآباء اللي نالوا بركة الكهنوت، يا رب أنا بالعافية بجاهد علشان أخلص أنا وسارة وأولادي، إزاي يا رب أقف بعد كده قدامك كل يوم، وأقولك الذين أعطيتني إياهم لم يهلك منهم أحد، إزاي يا رب هقف قدامك في يوم الدينونة اتحاسب على خلاص شعب كل واحد باسمه، وأنا أصلا مش قادر أكون أمين في حساب وكالتي..

ارتفع صوت بكاءه وعلا معها صوت أنفاسه وتنهيداته..

يا عدرا يا أم النور، اشفعي لي عند ابنك، علشان خاطري يا عدرا، قولي له سامي ما ينفعش، هقف أصلّي أقول إيه، ما أنا مش حافظ حاجة، شفتي أنا منفعش، قولي له بقى وهو هيصدقك..
يا رب صدقني مش بهرب، أنا لو انفع، هوافق على طول، طب قول لي أنت يا رب، لو أنا كويس هعترض ليه؟! مش أنت عارف يا رب إن أنا خاطي؟

سارة كانت بتبكي هىّ كمان، بس كانت بتطبطب على جوزها، وأخدته في حضنها تطبطب عليه، وكانت بتصلي جمله واحدة: يا رب يسوع المسيح، تحنن علينا احنا أولادك، وكانت عمالة تكررها طول الوقت، لحد ما تعبوا هما الإثنين من كتر البكاء، في الأخر سامي مسك موبايله وكتب رسالة:

نقبل الأيادي سيدي وأبي الأسقف، حاللني، لا أقدر على وزنة الكهنوت، ولا استحقها، أرجوك سامحني ولا تغضب مني.
أولادك: سامي وسارة

وأرسلها أيضا إلى أبونا يوناثان مفتتحًا:
أرسلت هذه الرسالة إلى أبونا الأسقف.. سامحني، سوف أغلق تليفوني وتليفون سارة الأيام المقبلة.. لا تقلق علينا وصلي لأجلي.

ثم أغلقوا موبايلاتهم وفصلوا تليفون المنزل الأرضي، وناما..

يتبع..

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: دفتر تبرعات[الجزء السابق] 🠼 [٥] نيافة الأسقف (٢)[الجزء التالي] 🠼 [٧] أبونا أنجيلوس
مايكل جميل
[ + مقالات ]