Search
Close this search box.
المقال رقم 22 من 23 في سلسلة دفتر تبرعات

أنهى الأسقف اجتماعه مع الآباء الأربعة، وكالعادة ركب أبونا يوناثان في سيارة أبونا بطرس وفي طريق عودتهم كان أبونا بطرس غاضبًا جدًا بعكس أبونا يوناثان الذي كان هادئًا جدًا ولم يتفوه بكلمة منذ بداية الجلسة مع الأسقف وحتى في طريق عودتهم كان صامتًا تمامًا،

قطع هذا الصمت أبونا بطرس:
– يا أبونا قدسك ساكت ليه؟!! أنا متضايق جدًا من اللي حصل النهاردة ده، أزاي سيدنا يعمل كده؟! وأزاي أبونا أنجيلوس يستغل الفرصة كده؟! وليه قدسك كنت ساكت طول الوقت ومعترضتش خالص، سكوتك ده يا أبونا كأنك كنت موافق!

– ساعتك كام يا أبونا دلوقتي؟!

– الساعة 11.00 م.

– طب ما تطلع بينا يا أبونا على الكنيسة بلاش نروح البيت.

– دلوقتي؟!! أكيد العمال والفراشين قفلوا الكنيسة.

ضحك أبونا يوناثان قائلًا:
– وإيه المشكلة يعني يا أبونا؟! مش هنلاقي حد منهم يفتح لنا ولا إيه؟! ولا مش هيرضوا يفتحولنا؟!

ضحك الاثنان معا وغير أبونا بطرس مسار سيارته واتجها إلى الكنيسة..
*********
وصلا إلى الكنيسة وفتح لهما عم حبيب الرجل العجوز الطيب فراش الكنيسة وصعد درجات السلم حتى وصلا إلى مذبح كنيسة الأنبا أنطونيوس وصنع أبونا يوناثان ميطانية كاملة رغم سنه، وتبعه أبونا بطرس بميطانية مماثلة وبعدما أنهى كلا منهما صلاته دخل أبونا يوناثان الهيكل الأوسط وجلس على درجات صورة حضن الأب وأشار إلى أبونا بطرس لكي يجلس إلى جواره:
– أهو إحنا كده دلوقتي يا أبونا بطرس قاعدين في حجر ربنا، جوة حضنه بالظبط، عارف يا أبونا أنا جبتك هنا ليه الكنيسة؟!

– لأ مش فاهم يا أبونا !! فهمني؟

– علشان نراجع سوا  وعشان منتهوش وسط زحمة الأسئلة وكتر المواضيع يا ابني، اسمح لي طبعا أقولك يا ابني، أنت أبونا أه، بس في الأول والأخر أنت ابني.

– أكيد يا أبونا أنا ابنك، بس حاللني مش فاهم حاجة.

– لما يكون التلميذ يكون بيذاكر دروسه، ويجي يحل على الدرس وميعرفش يحل أو يلاقي الأسئلة صعبة، لازم يوقف حل عشان ما يعكش، ويبدأ يراجع الدرس من جديد في ضوء الأسئلة اللي ظهرت قدامه.

– بمعنى؟!!

– خلينا نراجع سوا، وقدسك هتفهم قصدي، الكهنوت دعوة ولا اختيار؟!!

– الكهنوت الاتنين مع بعض، دعوة ربنا بيدعوها للبعض مش للكل من خلال الكنيسة، واختيار نقبله وميبقاش لينا فضل، أو نرفضه وميبقاش علينا ذنب.

– حلو خالص، هل قبولنا لنعمة الكهنوت معناه إلزامية خلاصنا؟ بمعنى هل طالما بقينا كهنة يبقى كده خلاص إحنا ضامنين الملكوت؟

– الخلاص نعمة وهبة وعطية مجانية من الله لكل البشر، استحققناها مش من أجل بر عملناه، لكن من أجل بر المسيح وقبولنا خلاصه على الصليب نلنا هذا الاستحقاق، بالتالي لو رفضنا بأعمالنا عمل الروح القدس داخلنا واستعبدنا للخطية وللشر سقط عنا هذا الاستحقاق ولا يعود إلينا إلا بعد توبة حقيقية.

– براڤو عليك يا أبونا مذاكر كويس، هل كل الكهنة داخلين السما؟!!

– مش شرط طبعا، اللي هيتاجر بوزنته ويحافظ على نفسه وبيته وشعبه بس، وإلا مكنش القديس يوحنا حذر ال من عاقبة الطريق، بس أنا برضه مش فاهم إيه الهدف من الأسئلة ديه؟!

– أصبر يا أبونا متبقاش مستعجل دايما، مين أول واحد بيتحاسب دايما؟!

– اللي بيتحاسب هو الشخص المسؤول

– عفارم عليك يا أبونا، الكنيسة حطت مسؤولية رعاية كل إيبارشية في ايد أب أسقف، بيتم اختياره بقى نتيجة صلاحه أو استحقاقه، أو عقابًا إلهيًا للناس اللي هيكون أسقف عليهم، أو حتى نتيجة اتفاقات ومواءمات بشرية، كل ده مش مهم، المهم إن بعضهم بيكون أب، والبعض الآخر بيكون سيد، لكن سواء كان أب أو سيد فيه الله ضابط الكل هو اللي بيحاسب، مش أنا ولا أنت، احنا في كل مرة هنبص على القصة من برة، ونقيمها حسب المعطيات اللي في ايدينا أو اللي شايفنها، لكن ولا عارفين إيه الحيثيات ولا المعطيات اللي الطرف التاني خد بناءًا عليها القرار، ممكن يكون قرار غلط 100%؜ وكلنا شايفين إنه غلط 100%؜ ويطلع غلط فعلًا، بس ربنا ضابط الكل وهو فاحص القلوب شايف براءة حيثيات اللي خد القرار ده، حسب المعطيات اللي معاه، أقصد إن ربنا شاف إن خد القرار ده بكامل حسن النية وحسب رؤيته كمسؤول الله وحده هيحاسبه، فساعتها ربنا ما يعتبرهوش خطأ، وما يحاسبهوش.

– أنا تهت!

– قدسك دورك إيه في الكنيسة؟!

– كاهن

– بس كده، ربنا هيحاسبك بس على اللي في ايدك، مش هيحاسبك على كل قرارات الكون، قدسك ابني وأنا بحبك وعلشان بحبك هقولك الكلمتين الجايين دول، بلاش تغرق في احساسك الدائم بالأفضلية، ولا الفهم أكتر من اللي حواليك، مش كل حاجة تخصك أو متخصكش تقول فيها رأيك ويا توافق عليها يا تعترض، فيه حاجات مش بتاعتي ولا بتاعتك، يعني عادي جدا ولا نوافق عليها ولا نعترض، يا أبونا زي ما عاوزين الأسقف يكون أب حنين، لازم نتعلم إحنا نفسنا نكون أبناء بارين خاضعين، المسيح هيحاسبنا على الوزنة اللي في ايدينا، مش ها يحسبنا على وزنات مش معانا ولا وزنات اتاخدت مننا.

– يعني كنت أسكت؟!

– طبعا كان لازم تسكت، وغلط إن قدسك اتكلمت، ممكن إبليس ساعات يصور لما إننا بندافع عن الحق، ساعات بنكون فعلًا بندافع عن الحق، وساعات تانية كتيرة بنكون بكبرياء بندافع عن ذواتنا، وبنقلل من المختلفين معانا، وبيظهر عندنا وكبرياءنا، دورنا نتاجر بالوزنات اللي في ايدينا، واللي يشبط في حاجة يا نتخانق معاه ونخسره ونخسر سلامنا ونعثر الشعب، يا نسيبهاله ونشوف وزنة تانية وخدمة تانية نشتغل فيها.

– مش مقتنع بصراحة.

– عارف يا أبونا، كل الصراعات في كل مكان للأسف بتتكون على rubbish الخدمة مش على حتى الزبالة.

– إيه التعبير ده؟ مش فاهم حاجة!

– الزبالة ممكن يكون فيها حاجات مفيدة نعملها إعادة تصنيع ونستفاد منها، أما الـ rubbish هي الحاجات اللي ملهاش لازمة ولا ينفع نستفاد منها من تاني.

– يعني قدسك مزعلتش لما اتاخدت منك إدارة الكنيسة وخدها أبونا أد أولادك؟!

– في الأول اتاخدت طبعًا، بس بعد شوية فكرت وحسيت كده أفضل، الإداريات الكتيرة يا أبونا بتزغلل العين عن الهدف الحقيقي، إحنا ساعة ما اترسمنا كهنة، اترسمنا عشان نكون في الأول وكلاء سرائر الله وخدمة أولاده مش عشان نبقى مديرين، لازم يا أبونا نركز بس على اللي في إيدينا وعلى اللي ربنا هيحاسبنا عليه واللي يشبط في الرداء أديله الثوب كله، واللي يقدر يشيل، يشيل، بس خلي بالك كل حاجة هتشبط فيها هتتحاسب عليها، يبقى أنهو أحسن؟ يبقى معاك حاجة ولا حاجتين تركز فيهم وتحقق فيهم ثمر جيد، ولا معاك 50 حاجة وتعثر في جميعها.

– معاك حق يا أبونا، نركز في حاجة أو حاجتين بالكتير، بس يا ريت نقدر نسد عليهم.

– عاوزك يا أبونا تقول مع القديس أرسانيوس “أرساني أرساني، أذكر فيما خرجت لأجله”، وده مش معناه إنك تبقى سلبي، لكن تكون إيجابي جدًا في اللي تحت ايدك واللي ربنا هيطلب حسابه منك.

– حاضر يا أبونا.

– حاجة كمان يا أبونا، ما ينفعش أكون أب صالح وأنا مش عارف أكون ابن صالح، حتى لو أبويا بالجسد عنده شوية ضعفات وقاسي ومش حاسس بالأبوة ناحيته ده مش حِل ليا علشان أكون ابن عاق، لأن أولادي لو شافوني مش بحترم جدهم هما تلقائيًا مش هيحترموني.

– بس سيدنا صعب أوي، ومش قادر أحس إنه أبويا الحنين.

– هو كمان تلاقيه دلوقتي بيقول عليك إنك ابن صعب أوي ودائمًا متكبر ومعترض ومسبب له مشاكل ومتاعب.

– ممكن فعلا يكون شايف كده،  معاك حق يا أبونا، أخطيت حاللني

– الله يحالك يا أبونا، تعالى لما أقوالك الحِل واقرا لي الحِل.

صلى كلاهما، ونزلا من الكنيسة وركبا السيارة، وعند منزل أبونا يوناثان، نزل أبونا يوناثان من السيارة وهو يقول:

– بكرة الصبح عدي عليا بدري يا أبونا علشان، نروح نقف مع أبونا أنجيلوس ونبارك له.

– إيه ده؟!! احنا هنروح؟!

– اه طبعا، لو موقفناش احنا جنبه، وشاركناه فرحته، مين هيشاركه ده، مش كل يوم هيبقى قمص، ديه مرة واحدة في العمر، عقبالك يا أبونا.. تصبح على خير.

– وقدسك من أهل الخير.. سلام.
يتبع ..

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: دفتر تبرعات[الجزء السابق] 🠼 [٢١] قرارات غريبة[الجزء التالي] 🠼 [٢٣] حلم أبونا بطرس
مايكل جميل
[ + مقالات ]