Search
Close this search box.
المقال رقم 9 من 23 في سلسلة دفتر تبرعات

بعدما انصرف أبونا إنجيلوس، التفت سامي إلى الآباء وقال:
طب كده إيه؟! أوافق أزاي أنا دلوقتي؟!

أبونا ديڤيد وكيل المطرانية رغم إنه كان ساكت طول الوقت، قام وراح قعد على الكرسي اللي جنب سامي وقال له:
يا ابني مفيش الكلام ده، في الدير أو في العالم، في الكنيسة أو أي مؤسسة، كل إنسان بينجذب للي بيعرف يعمله، واللي بيحب يعمله، أو اللي كان برة مش عارف يعمله، وجت له الفرصة إنه يعمله.

– يعني إيه؟ مش فاهم حاجة!

– يعني الإنسان يا سامي يا ابني هو اللي بيخلق الوقت والظروف والمبررات للي عاوز يعمله، يعني الكاهن اللي نفسه يقرأ ويدرس ويتعلم، بيخلق وقت لده، وعندك مثلا أبونا اسطفانوس عامل ماجستير في الآثار القبطية، وأبونا كان قبل الكهنوت معيد في كلية تربية وعمل دكتوراه بعد الكهنوت في الثروة التكنولوجية واستخداماتها في التعليم الكنسي، وكهنة كتير بيدرسوا وبيحضروا كورسات ودراسات في موضوعات كنسية وغير كنسية، وفي كهنة برضه مقضيينها، عايشين حياتهم ومش بيعملوا أي حاجة في أي حاجة، وتيجي تكلمهم يقولك مفيش وقت والخدمة واخدة كل الوقت، وتلاقي واحد ثاني كان نفسه يبقى مدير في نفسه، كانت أمنية حياته يأمر و ينهي ويشخط ويزعق، ولما بقى كاهن، لقى الفرصة سانحة قدامه وعاش الدور، فبقى عايش دور الحاكم بأمره، وفيه الكاهن اللي كان نفسه يبقى بيزنس مان، فبقى كل اهتماماته بالمشاريع ومصادر الدخل حتى لو على حساب البشر، وتيجي تكلمه يقولك بعمل ده ليه غير علشان الخدمة، طب هات للخدمة يقولك إخوة الرب أولى، طب إدي إخوة الرب، يقولك مش تبع المربع السكني بتاعي، طب إدي للي تبع المربع السكني بتاعك يقولك مش محتاج، ونعمل دراسة حالة للحالة لحد ما يطلع عين الحالة، في مرة منعوا صرف الدوا عن أسرة محتاجة عشان ابنها بقى شغال على توكتوك، طب الواد اللي اشتغل على توكتوك ده مش له احتياجات؟ مش له مصاريف. مش أصلا بيشتغل عشان عاوز يأمن مستقبله عشان يتزوج؟ فتمنع ليه انت المعونة عن أمه المريضة المحتاجة، وكله عشان يبان قدام المطرانية إنه بيعرف يجيب فلوس، وبعد ما يجيبها، بيعرف أزاي يحوشها وميدهاش للمحتاج، فنروح إحنا بقى المطرانية نأخد الفلوس اللي حوشها ونجيب بيها العتبة الخضراء، وما أدراك كمية الحاجات اللي دفعنا فيها ملايين وطلعنا ولا اللي اشتروا التروماي، بس صدقني مجمعنا فيه كمان قديسين بيصلوا وبيخدموا في هدوء وصمت وخفاء، ويمكن كمان من جيوبهم الخاصة، يمكن مش على الحجر ويمكن من المغضوب عليهم، بس حاطين رقبتهم على ايديهم ومش شايفين غير خلاصهم وخلاص اللي ربنا إئتمنهم عليهم، ماشيين جنب الحيط، تديهم أي خدمة يتعبوا ويثمروا فيها، ولما تنجح تلاقي اللي بيحب يسرق اللقطة نط عليها، مع إنها كانت موجودة من زمان ومكنش حد راضي بيها، في كل مكان هتلاقي اللي بيخدم واللي بيتاجر بالخدمة، هتلاقي يهوذا اللي بيسرق من الصندوق ويسلم المسيح ورقبة أولاد المسيح كمان، وهتلاقي الحبيب اللي يتبع المصلوب لحد الصليب والآلام، يمكن مينفعش أقولك الكلام ده لأني وكيل المطرانية، بس قولتهولك عشان أقولك إن الكاهن بعد الكهنوت هو نتاج تربيته وثقافته وأخلاقه قبل الكهنوت، لكن الكهنوت يا ابني مش بيغير حد أو على الأقل مش بيغير حد للأحسن.

أبونا يوناثان كمل وقال:
بقالي ٣٠ سنة كهنوت، ولسه بحضّر لما بيكون عندي عظة، أصل ديه أمانة ومينفعش محترمش عقلية اللي قصادي وأقوله أية من الشمال وقصة من اليمين و كلام ارصه جنب بعض وهو ملهوش علاقة ببعض، شعبنا النهاردة بقى واعي وفاهم مين واقف قصاده بيحترم عقله وبيقوله كلام موزون ومين بيرص كلام جنب بعضه وخلاص عشان يملا وقت، الكنيسة دعتك للخدمة يا ابني، اخدم باللي روح الله القدوس يستخدمك فيه. لما تخضع للروح، روح الله يقودك ويرشدك. ولما تعاند الروح انت الخسران. يونان حاول يهرب من المهمة اللي ربنا بعته ليها، وبعد ما هرب أتبهدل وفي الأخر ربنا جابه برضه، يا ابني أنا أبوك وكاتم أسرارك وعارف كل تخوفاتك، بس صدقني أنا مش هسيبك وهفضل جنبك وأساندك طول ما أنا عايش.

أبونا حنانيا سكرتير الأسقف قال:
أظن بعد الكلام ده لازم تسمع كلام أب اعترافك، أبونا كبيرنا كلنا.

أبونا يوناثان:
أنا عاوزك تجهز ورقك، وتجيب إقرار ذمة مالية ليك ولزوجتك وأي حاجة باسمكم أو اسم عيالكم تكتبها، وتجهز نفسك عشان سيدنا غالبا ناوي إن الرسامة تكون أول أسبوع في الصيام، افرح بالبركة والوزنة اللي داخل عليها ده انت هتبقى وكيل الأسرار الإلهية.

ضحك أبونا حنانيا وهو بيكمل كلامه وبيقول:
بس يا رب سيدنا لما يلاقيك انت وافقت ميعترضش هو، حاكم سيدنا أكتر أسقف في المجمع لغى رسامات في اللحظات الأخيرة وبدون أسباب منطقية أو مفهومة.

ضحك الجميع و انصرفوا من حيث أتوا، ومرت الأيام القليلة التالية سريعًا لتتم رسامة سامي باسم “أبونا بطرس”، وهو لم يكن يعلم ماذا تخبئ له الأيام ..

يتبع ..

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: دفتر تبرعات[الجزء السابق] 🠼 [٨] أبونا أنجيلوس (٢)[الجزء التالي] 🠼 [١٠] الراهب يوئيل
مايكل جميل
[ + مقالات ]