Search
Close this search box.
المقال رقم 2 من 23 في سلسلة دفتر تبرعات

يوم الأحد ١٥ مارس سنة ٢٠٢٦، القداس لسه خلصان وأبونا يوناثان دخل مكتبه وهو ماسك دكتور سامي من إيده، ومعبط فيها جامد، كأنه خايف إنه يهرب منه، ووراهم تاسوني سارة زوجة دكتور سامي.

أبونا يوناثان كاهن احتفل بعيد ميلاده الستين منذ أيام قليلة، لكن لما تبص في وشه تلاقي ملامح طفولية بريئة وابتسامة عذبة تملأ قلبك سلام، جلس أبونا وراء مكتبه، ومن أمام المكتب جلس دكتور سامي وتاسوني سارة وقال بصوت هادئ:

بص يا سامي يا ابني سيدنا مستنيك النهاردة في المطرانية أنت وزوجتك تروحوا تقابلوهـ وبلاش تهرب ولا تقفل الأبواب المفتوحة يا ابني، دعوة ربنا محدش يقول لها لأ.

-يا أبونا حاللني، القديس بيقول: ليفحص كل شخص ذاته من الداخل، وأنا يا أبونا أبان قدام الناس وقدام قدسك إني كويس، بس أنا فعلا منفعش، مش تواضع صدقني دي حقيقة وأنا خاطئ بجد و…

قاطعه أبونا يوناثان: يا سامي يا ابني يا حبيبي، الكهنوت دعوة و كرامة، والكهنوت يا ابني لا يُطلب ولا يُرفض، لا يأخذ أحد هذه الكرامة لنفسه إلا المدعو من الله.

– أنا مع قدسك طبعا يا أبي إن الكهنوت دعوة، بس اللي مش قد الدعوة يرفضها عادي، قديسين كتار هربوا زمان من كرامة البطريركية والأسقفية، علشان خاطري يا أبونا اعفيني.

تدخلت سارة بهدوء لتعضد على كلام زوجها، يا أبونا إحنا بنخدم في ويدوبك قادرين نسد بالعافية، الكهنوت كرامة إحنا مش قدها، وكمان حاللني يا أبي، إحنا من ساعة ما اتجوزنا وعندنا أحلام كتيرة لينا ولأولادنا لسه محققنهاش، ثم أنا بشتاق ليه وهو معايا أروح أسلمه بنفسي وما طولش منه أي حاجة ويبقى مش ليا ولا لأولاده؟

أبونا يوناثان رسم ابتسامة خفيفة على وشه وهو بيقولها: يا سارة هو إحنا هنخطفه منك ونرهبنه؟! ده هيبقى أبونا يا مرات أبونا (وراح رفع الصليب ورسم عليهم هما الاثنين علامة الصليب وهو بيقول): عمومًا روحوا لسيدنا، وهو كده كده لسه هيشوف، وأنت يا دكتور عارف سيدنا ما بيعجبوش العجب، ولو ربنا مش رايد يا ابني الدنيا هتقف لوحدها، لكن لو رايد مين يقدر يقول لأ؟

هم دكتور سامي بالوقوف وهو بيقول: خلاص يا أبونا أنا هروح أنا وسارة المطرانية نقابل سيدنا، وهعمل كل جهدي إنه يمشيني و يكسر ورايا قلّة.

ضحك الجميع، وهم دكتور سامي وزوجته بالانصراف، ولكن طُرق الباب، واتفتح، ليدخل أبونا أنجيلوس وقبل الجميع بعض، ثم نظر أبونا أنجيلوس لدكتور سامي قائلًا: مالك يا دكتور بتترسم علينا ليه من قبل ما تترسم.

– أنا يا أبونا!! مقدرش طبعًا، أخطيت مقصدش لو كان ده اللي إتفهم مني (وراح ضارب ميطانيا)

فمسكه أبونا أنجيلوس وقومه: إيه يا عم أنت فاكر نفسك راهب في الدير ولا إيه؟! وبعدين إنت لسه متناول مينفعش تضرب ميطانية، غلط اللي أنت عملته ده، شفت، متنفعش تبقى كاهن.

– معاك حق يا أبونا، أنا منفعش أبقى كاهن، ولا أقدر على المسؤولية ديه، قدسك صح، قول لأبونا يوناثان بقى ونلغي مقابلة سيدنا النهارده.

– من غير ما نلغيها يا حبيبي، ما تروحش، محدش غاصبك على حاجة.

تدخل أبونا يوناثان وظهرت على ملامحه علامات الحزم ووجه كلامه لدكتور سامي: يا دكتور سيدنا في انتظاركم في المطرانية الساعة ٣ وما يصحش يبقى أبوك مستنيك وأنت متروحلوش، وبعدين يا أبونا أنجيلوس محدش فينا يستحق الكرامة دي، المجد بتاع المسيح والخدمة بتاعة أولاده واللي فاكر نفسه يستحق الكرامة يبقى غلبان.

جلس أبونا أنجيلوس على الكرسي ورفع عينه ناحية دكتور سامي قائلًا: خلاص يا دكتور روح، و كده كده أنت مش إكليريكي ولا تعرف قبطي ولا حافظ الألحان الكبيرة، أنا بس كنت بنصحك علشان مقابلة سيدنا متكسرش نفسك وتحسسك بصغر الذات.

تدخل أبونا يوناثان للمرة الثانية ووجه كلامه لدكتور سامي، روح يا ابني أنت ومراتك علشان تلحقوا الميعاد وما تتأخروش وربنا يختار ليكم ولحياتكم الخير.

انصرف سامي وزوجته وخرجا من مكتب أبونا يوناثان، وظل أبونا أنجيلوس جالسا يتابعهما بعينيه حتى خرجا وأغلقا الباب، ثم وجه حديثه لأبونا يوناثان: يا أبونا سامي ده ما ينفعش، ده شبعان وعيلته غنية وهيبقى شوكة في ضهرنا كلنا، مش بس كهنة كنيستنا لكن كهنة المطرانية كلهم، ده غير إنه شايف نفسه بيفهم ومثقف مع إنه أصلا مش إكليريكي

– يا أبونا علشان هو شبعان ومش بيسعى ورا الكهنوت بإيده وسنانه يبقى هو اللي ينفع، ما ينفعش نجيب ناس نرسمها علشان تترسم وتتمنظر على الشعب، الشعب تعب وساب الكنايس علشان ابتدوا يفتقدوا الأبوة فينا، كل واحد يترسم بيبص على إن الكهنوت سلطان وبينسى إن الكهنوت أبوة، وإن السلطان الوحيد للكاهن هو سلطان الحب، وقصة إنه مش إكليريكي ده أكبر دليل على إنه مش بيجري وراء كرامة الكهنوت مش زي الشباب النهارده اللي يفشل في حياته يروح يجري على الإكليريكية علشان لما يخلص يرسموه.

قاطعه أبونا أنجيلوس بنظرة غاضبة وهم واقفًا: قصدك إيه يا أبونا؟! أنا دخلت الإكليريكية علشان أتعلم أصول العقيدة والطقس والكتاب المقدس، وأنا الوحيد اللي في الكنيسة اللي ليّا اجتماعات متخصصة والناس بتيجي من الكنايس اللي حوالينا علشان تحضر الاجتماع بتاعي

– علشان الطمبلة يا أبونا، هداياك حلوة والشعب بيحب الهدايا.

– لا يا أبونا علشان بيسمعوا كلام مفيد محدش بيعرف يقوله.

– ربنا يزيدك يا أبونا، تعيش وتعلم ولادك وتفرحهم، بس أنا هقولك حاجة وحاللني فيها، لو ربنا عاوز سامي هيجيبه يعني هايجيبه، ولو مش في مشيئة ربنا هيوقف الموضوع حتى لو كل الناس عاوزة سامي.

– لأ معلش يا أبونا حاللني أنت، إحنا اللي بنجيب الناس ونرسمها ونقول دي إرادة ربنا.

– اللي أنت شايفه يا أبونا، عمومًا وصل وجهة نظرك لسيدنا وهو صاحب القرار مش أنا.

– بس أنت أبونا الكبير وهو بيعمل حساب ليك.

– يا أبونا، سيدنا بيعمل اللي هو شايفه وقدسك عارف كده كويس.

في الوقت ده كان دكتور سامي وزوجته سارة راكبين عربيتهم ومتجهين ناحية المطرانية، ولما وصلوا ركنوا العربية، ودخلوا المطرانية، وقابلوا سكرتير المطرانية وقالوا له إن فيه ميعاد مع سيدنا.

يتبع…

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: دفتر تبرعات[الجزء السابق] 🠼 [١] أبونا بطرس[الجزء التالي] 🠼 [٣] نيافة الأسقف
مايكل جميل
[ + مقالات ]