المقال رقم 4 من 9 في سلسلة مقدمات وتعليقات على العهد القديم
بعد ما بنقرا أسامي نسل  في تكوين 4 من  بنيجي نقرا نسل  مرة تانية في تكوين 5 من  عن طريق شيت، لكن الاسامي كلها متشابهة جدًا مع نفس الاسامي في تكوين 4 وكلهم ليهم نفس المعاني أو معاني قريبة ومتشابهة (قايين ليه نفس معنى اسم ، مهللئيل و، يارد و،  و، أخنوخ و متكررين بالحرف بظبط، لكن في النهاية لامك في تكوين 4 بيخلف 3 أبناء وبنت، ولامك في تكوين 5 بيخلف نوح)،

قصة الطوفان بعد كدا في التقليد اليهوي بتبدأ مع نوح بدون ذكر نسبه بشكل واضح، بالرغم من إمكانية ترجيح إن كان في تقليد يهوي بيقول إن أبوه يبقى لامك بناء على (تكوين 5: 29).

[٤] آباء ما قبل الطوفان 1

وارد يكون كل من التقليد اليهوي والكهنوتي اتكتبوا على حدة بشكل منفصل زي ما بتفترض ، فاللي حصل إن التقليد الكهنوتي كتب قائمة بالأسامي وحطها في السياق بتاعه، ووارد أن يكون كاتب التقليد الكهنوتي كان بيعمل كمُحرر بعد كتابة التقليد اليهوي زي ما بتفترض الفرضية التكاملية وبالتالي كتابته للأسماء كانت معتمدة عليه لكن بوضعها في سياق وترتيب مختلف عشان تكون سلسلة أنساب مختلفة، في النهاية متقدرش تتهرب من مقارنتك ما بين سلسلتين الأنساب.

الشيء الجدير اكتر بالاهتمام هو ذكر طول الأعمار المُبالغ فيها في التقليد الكهنوتي في تكوين 5، ذكر التسلسل والأعمار بالشكل دا في التقليد الكهنوتي يُمكن جدًا مقارنته بألواح Weld-Blundell Prism اللي بتذكر أسامي ملوك سومر قبل .

اولًا مهم انك تفهم أسلوب العد السومري، إحنًا نظام العد اللي بنستعمله النهاردة بيعتبر نظام عد عشري (Decimal base system, base-10)، بمعنى إن أنت بتعد من 0 لـ9 وبعدين لما توصل للرقم 10 بتبدأ العد من الأول لكن في خانة العشرات (numerical values of 10¹)، لحد ما توصل للرقم 100 وتبدأ عد من الأول لكن في خانة المئات (numerical values of 10²)، وهكذا (آحاد، عشرات، مئات، إلخ- units, tens, hundreds, etc).

في نظام العد الثنائي (Binary system, base-2) انت بتعد من 0 لـ1 وبعدين لما توصل لرقم 2 بتبدأ العد من الأول فبتكتب الاتنين بالشكل دا “10” (numerical values of 2¹)، وبعدين الـ3 بتكتبها كدا “11” ولما توصل للرقم 4 بتكتبه كدا “100” (numerical values of 2²)، لحد ما توصل للرقم 8 بتكتبه كدا “1000” (numerical values of 2³)، وهكذا.

نظام العد البابلي هو نظام ستيني (Sexagesimal system, base-60) بيتكتب من علامتين زي في الصورة دي كدا:

[٤] آباء ما قبل الطوفان 3

علامة منهم عاملة زي العمود (|)، ودي بتعد فيها من 1 لـ9 ولما توصل للرقم 10 بتستعمل العلامة اللي زي دي (>)، بص على الصورة ولاحظ كيفية كتابة الأرقام،
في النهاية لما بتوصل للرقم 60 بستعمل نفس العلامة بتاعة الرقم 1 اللي هي زي العمود ولكن مكتوبة في خانة الستينات (numerical values of 60¹) البابليين سموها sosses، وهتلاحظ إن الرقم 600 هيتكتب بنفس علامة الرقم 10 (>) ولكن في خانة الستينات البابليين سموا مُضاعفات الرقم 600 بـ ners، وبتفضل على المنهج دا لحد ما توصل لرقم 3600 وبتبدأ من جديد (numerical values of 60²) البابليين سموها sars، وهكذا، فلو تلاحظ، أرقام زي 60، و600، و3600 وهكذا كلها تعتبر Round numbers، زي الأرقام 10 و100 و1000 وهكذا في نظام العد العشري اللي إحنا عارفينه، او زي 2 و4 و8و 16 و32 وهكذا في نظام العد الثنائي.

الموقع دا بيحول الأرقام العشرية اللي إحنا بنتعامل بيها لأرقام بابلية.

جايز تشوف النظام دا مُعقد جدًا (وهو كذلك الحق يتقال يعني)، بس عمرك سألت نفسك ليه إحنا بنقسم السنة 12 شهر؟ ليه مش 10 رقم حلو و”مقفول”؟ ليه اليوم 24 ساعة وليه الساعة 60 دقيقة ليه مبنقسمهمش مئات أو عشرات؟

الإجابة هي إن النظام دا هو اللي ليه الفضل في إننا بنقسم السنة لـ12 شهر والشهر لـ30 يوم واليوم لـ24 ساعة والساعة لـ60 دقيقة والدقيقة لـ60 ثانية، وهو اللي ليه الفضل في إننا بنقسم الدايرة لـ360 درجة (عدد أيام السنة البابلية، لإنها كانت سنة قمرية)، في مصر القديمة ظهر نظام مشابه في تقسيم السنة لكنها كانت سنة شمسية مكونة من 365 بالشكل اللي بنستعمله النهاردة، تقسيم اليوم لـ24 ساعة واعتبار اليوم بيبدأ من نصف الليل الساعة 12 بليل كلها موروثات من الحضارتين دول.

رجوعًا لموضوعنا، لو بصيت على قائمة ملوك سومر قبل الطوفان هتلاقي إن فترات حكمهم أرقام مُبالغ فيها جدًا، أقل واحد منهم حكم سومر لـ18 ألف و600 سنة (بحسب W-B 444) او 21 ألف و600 سنة بحسب (W-B 62)! يعني مُقارنًة بالقائمة دي فقائمة الآباء اللي في تكوين ميعتبرش مبالغ فيها!

[٤] آباء ما قبل الطوفان 5

بس لو تلاحظ، فكل الأعمار مكتوبة باعتبارها مضاعفات للـ Round numbers السابق ذكرها (sars and ners)، وهي متسجلة كدا في الألواح فعلًا، والمثير للاهتمام إن كل المذكورين دول مذكورين باعتبارهم ملوك قبل أحداث الطوفان السومري والبابلي، والمثير للاهتمام برضو إن أعمار الملوك بعد الطوفان بدأت تقل تدريجيًا (زي ما هيحصل في تكوين 11 من التقليد الكهنوتي برضو).

في التقليد الكهنوتي بيتم كتابة الأعمار عن طريق إن الكاتب بيقول إن فلان وصل لسن “س” وخلّف فلان وعاش بعدها سنين “ص” فكانت كل حياته “س+ص”.

بيلاحظ Lloyd R. Bailey في ورقة بعنوان “?Biblical Math as Heilsgeschichte” إن الأعمار المكتوبة تقريبًا كلها (السن اللي أنجب فيه فلان، والعمر اللي عاشه بعدها، والعمر الكلي) بتقبل القسمة على 5 ماعدا كام واحد بس بيقبلوا القسمة على 5 بعد حذف رقم “7” من العمر المذكور (متوشالح بيُحذف منه 14، لإن في 7 بيتم حذفهم من عمره وقت ما خلف و7 من عمره المتبقي بعد الخلفة)، وجود الـpattern دا مش طبيعي انه يكون عشوائي، لو بصيت على قائمة زي الأعمار في سفر الملوك مثلًا هتلاقي الأرقام متنوعة جدًا لإنها بتوصف ترتيب وأعمار طبيعية فعلًا، الملاحظة بتاعة قابلية القسمة على الرقم 5 كانت بالنسباله مهمة، لإنك لما بتحول عدد السنين المذكورة لشهور هيبقى الرقم دايمًا احد مُضاعفات الرقم 60 لإن 5×12 بـ60، وبالتالي فهو شايف إن الأعمار دي تمت كتابتها in terms of sosses عن طريق الشهور بدل السنين.

مُلاحظة تانية مُهمة هي شخصية Enmenduranna في قائمة ملوك سومر وهو الملك السابع بحسب W-B 444، واللي الأساطير السومرية بتقول انه بعد ما حكم تم أخذه للسماء عن طريق الآلهة وهدد وتم اعتباره سلف كل كهنة الشمس في سومر، والملك اللي حكم بعده كان - Ubartutu اللي جه بعده بطل الطوفان السومري (او أبو اوتونبشتم بطل الطوفان في ملحمة )، برضو متقدرش تهرب من مقارنته مع أخنوخ اللي ظهر من نسل آدم في الجيل السابع وفيما بعد صعد للسماء وعمره كان 365 سنة (عدد أيام السنة الشمسية) وابنه كان هو جد نوح بطل الطوفان التورآتي.

ملاحظة كمان هي إن سلسلة الملوك في سومر بتبدأ بأن المملكة نزلت من السماء للأرض، ودا يمكن مُقارنته مع التقليد الكهنوتي اللي لو لاحظت بدأ بخلق الإنسان على صورة الله وبعدين بدأ فيما بعد بسرد سلسلة الأنساب لحد الطوفان (التقليد الكهنوتي مفيهوش قصة طرد من الجنة).

أنا هكتفي بالقدر دا واللي حابب يستزيد ممكن يرجع لورقة Bailey (مقدرش اقول إني متفق أو مقتنع بكل شيء فيها لكنها مثيرة للاهتمام). فيما بعد بينتقل التقليد الكهنوتي لسرد قصة الطوفان، لكن التقليد اليهوي قبل ما بيذكر الطوفان بيضع نص مُشكل عن “بنو الله وبنات الناس” هنتكلم عنه المرة الجاية.

يُتبع…

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: مقدمات وتعليقات على العهد القديم[الجزء السابق] 🠼 [٣] قايين وهابيل[الجزء التالي] 🠼 [٥] بنو الله وبنات الناس “نِفيليم”
مايكل لويس
[ + مقالات ]