- [١] القراءة التقليدية: تفكيك وبناء
- [٢] نشأة الحكم الملكي
- [٣] مملكة داود وهيكل سليمان
- [٤] مملكة يهوذا ومملكة إسرائيل
- [٥] التقليدان: اليهوي والإيلوهي
- [٦] التقليد الكهنوتي: صراع موسى وهارون
- [٧] التقليد الكهنوتي: طوفان نوح
- [٨] انهيار مملكة يهوذا
- ☑ [٩] أسفار التأريخ التثنوي
- [١٠] الإصدار التثنوي الأول [Dtr1]
- [١١] الإصدار التثنوي الثاني [Dtr2]
- [١٢] المفارقة الكبرى والمحرر الأخير
يقسّم اليهود كُتب التناخ [العهد القديم] كالتالي:
– التوراة Torah
– الأنبياء Neviim نبيّيم
– الكتابات Ketuvim كتوبيم
التوراة: تشمل ما صار يُعرف باسم بنتاتوخ، [الكتب الخمسة أو أسفار موسى الخمسة] وهم:
التكوين – الخروج – الأحبار [الكهنة أو اللاويين] – العدد – تثنية الاشتراع.
الأنبياء: يتم تقسيم كتبها لثلاث مجموعات:
الأنبياء المبكّرين – الأنبياء اللاحقين – الأنبياء الإثني عشر.
الكتابات: يتم تقسيمها لثلاث مجموعات:
الكتابات الشِعريّة – اللفائف الخمس – كتابات أخرى.
م | المجلد | المجموعة | السفر |
1 2 3 4 5 | بنتاتوخ التوراة Torah | [الأسفار الخمس] | سفر التكوين |
سفر الخروج | |||
سفر الأحبار [اللاويين] | |||
سفر العدد | |||
سفر تثنية الاشتراع | |||
6 7 8، 9 10، 11 | نبييم الأنبياء Neviim | الأنبياء المبكّرين | سفر يشوع |
سفر القضاة | |||
سفريّ صموئيل [أوّل وثاني] | |||
سفريّ الملوك [أوّل وثاني] | |||
12 13 14 | نبييم الأنبياء Neviim | الأنبياء اللاحقين | سفر إشعياء |
سفر إرمياء | |||
سفر حزقيّال | |||
15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 | نبييم الأنبياء Neviim | الأنبياء الإثني عشر | سفر هوشع |
سفر يوئيل | |||
سفر عاموس | |||
سفر عوبيديا | |||
سفر يونان | |||
سفر ميخا | |||
سفر نحوم | |||
سفر حبقوق | |||
سفر صفنيا | |||
سفر حجّاي | |||
سفر زكريا | |||
سفر ملاخي | |||
27 28 29 | كتوبيم الكتابات Ketuvim | الكتابات الشِعريّة | سفر المزامير |
سفر أمثال سليمان بن داود | |||
سفر أيوب | |||
30 31 32 33 34 | كتوبيم الكتابات Ketuvim | اللفائف الخمس | سفر نشيد الأناشيد |
سفر راعوث | |||
سفر المراثي | |||
سفر الجامعة | |||
سفر إستير | |||
35 36 37 38، 39 | كتوبيم الكتابات Ketuvim | كتابات أخرى | سفر دانيال |
سفر عزرا | |||
سفر نحميا | |||
سفريّ أخبار الأيام [أوّل وثاني] | |||
39 | تناخ | العهد القديم | أسفار الكتاب المقدّس العبري |
الجدول السابق، يوضح تقسيم أسفار التناخ، أو الكتاب المقدّس العبري، وما يهمنا من هذا التقسيم هي كتابات الأنبياء المُبكرين [يشوع – القضاة – صموئيل – الملوك]، هؤلاء الأربع [أو الست] كُتب بالإضافة لسفر تثنية الاشتراع، يسمّون مجتمعين: Deuteronomistic History [أسفار التأريخ التثنوي]، وأول من أطلق عليهم هذه التسمية كان الباحث الألماني مارتن نوث.
لاحظ نوث وجود وحدة ما بين السبع كُتب [تثنية الاشتراع، يشوع، القضاة، صموئيل أول، صموئيل ثاني، ملوك أول، ملوك ثاني]، حيث يسردون سويًا تاريخ متسلسل من زمن موسى إلى زمن انهيار مملكة يهوذا. المرجّح أن الكتب لم تكتب بواسطة كاتب واحد، ولم تكتب على مرحلة واحدة. هذا يعني أن سفر يشوع بعدما كتبه يشوع، جاء أخر وقام بتحرير النص وتعديله، ونفس الأمر يمكن أن يقال على أسفار القضاة وصموئيل وصولًا لسفر الملوك. والشخص الذي قام بالتعديل النهائي على كل الكتب السبعة هو شخص واحد. وعلى هذا، فالإجابة عن ماهيّة شخصية كاتب التقليد التثنوي ستجيب أيضًا على المُحرر الأخير الذي أنهى إنتاج وتعديل كل من الست كتب التي تلته.
عندما أعتلى الملك يوشيا عرش مملكة يهوذا وبدأ تطهيره الديني، وتحديدًا عندما أكمل 18 عاما، كان هناك حدثٌ بالغ الأهمية والتأثير على مسألة التطهير الديني، ألا وهو اكتشاف سفر الشريعة، بواسطة حلقيا، رئيس الكهنة، الذي وجده مدفونًا في معبد أورشليم. والذي بحسب كثير من أباء الكنيسة، والرابيين اليهود، وبشكلٍ غير مُختلف عليه من الباحثين أيضًا بل يؤكدنه، فسفر الشريعة المقصود هو ما نعرفه الآن باسم: سفر تثنية الاشتراع.
يبدأ التأريخ التثنوي من الأيام الأخيرة للنبي موسى وصولًا لانهيار مملكة يهوذا، يحكي لنا تاريخ حكام وملوك وحروب، لكن من وجهة نظر دينية ولاهوتية، فالمؤرّخ يقوم بعملية تقييم أخلاقي وديني لشخصيات الملوك، وذلك بناء على تمسّكهم بعهد ما، بين يهوَه وشعبه [بني إسرائيل]، وهو ما يظهر بوضوح في سفر الملوك. لكن، ما هو هذا العهد؟
في التقليد اليهوَي، هناك بعض القصص عن عهود ما بين يهوَه والآباء الأوّلين مثل نوح أو إبراهيم. أيضا في التقليدين: اليهوَي والإيلوهي، هناك عهدًا ما بين يهوَه وموسى. أما في التأريخ التثنوي فيظهر عهدٍ ما بين يهوَه وداود، وهو عهد غير مشروط بأن يظلّ بيت داود حاكمًا على المملكة للأبد:
هكذا قال رب الجنود: أنا أخذتك من المربض من وراء الغنم لتكون رئيسًا على شعبي إسرائيل. وكنت معك حيثما توجهت، وقرضت جميع أعدائك من أمامك، وعملت لك اسمًا عظيمًا كاسم العظماء الذين في الأرض. وعينت مكانًا لشعبي إسرائيل وغرسته، فسكن في مكانه، ولا يضطرب بعد، ولا يعود بنو الإثم يُذِلّونه كما كان قبلًا
متى كملت أيامك واضطجعت مع آبائك، أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك وأثبت مملكته. هو يبني بيتا لاسمي، وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد. أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا. وإن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم. ولكن رحمتي لا تُنزع عنه كما نزعتها من شاول الذي أزلته من أمامك. ويأمن بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كرسيك يكون ثابتا إلى الأبد».(صموئيل الثاني، الإصحاح 7)
هذا إذن هو العهد الذي حدث ما بين يهوَه وداود: أن العائلة الملكية لداود ستظل موجودة في حكم مملكة إسرائيل للأبد، عهد غير مشروط بسبب أن داود كان إنسانًا بارًا وكانت هذه مكافأة يهوَه له، وإن أحد من نسله أخطأ، سيتم تأديبه بضربات البشر [الحروب والمجاعات والأوبئة وما شابه]، لكن سيظل دائمًا حاكم المملكة من نسل داود.
عندما انقسمت المملكتان، كان التبرير أن مملكة يهوذا يحكمها ملكٌ من نسل داود نتيجة هذا العهد، ولكونه لم يكن بارًا فالمملكة كانت منقسمة، لكن لابد أن يظل شخص من نسل داود في المُلك (ملوك أوّل 11: 34).
السؤال هنا: إن كان التأريخ التثنوي يحكي التاريخ من أواخر أيام موسى وإلى انهيار مملكة يهوذا والسبي البابلي، أي أنّه عايش انهيار مملكة يهوذا وما حدث لصدقيا وذبح أبناءه، وخروج الدم الملكي عن نسل داود وتعيين جدليا. فلماذا يحكي المؤرخ عن عهد أبدي غير مشروط، بين يهوَه وداود، بهذا الشكل إن عاين انهيار مملكة يهوذا فعلًا، أو كتب أحداثٍ تالية بعد الانهيار؟
الإجابة هي أن التأريخ التثنوي تم إصداره وإنتاجه على مرحلتين: المرحلة الأولى: كانت في عصر الملك يوشيا، وهي مرحلة مليئة بالتفاؤل والأمل، ومن المنطقي وقتئذ أن يتم تأويل النجاح لوجود العهد الأبدي بهذا الشكل. في حين أن المرحلة الثانية: حدثت بعد انهيار المملكة، والتي لو أمسك أحدهم الكتاب بإصداره الأوّل المتفائل، ﻻعتبره كتاب ساذج يقدم رؤية غير واقعية، فحدث هنا التعديل الثاني بعد حدوث السبي البابلي، وهي المرحلة التي تم إضافة تاريخ الأربعة ملوك الذين جاؤوا بعد يوشيا ومكتوب تاريخهم في الصفحات الأخيرة من سفر الملوك الثاني، ثم بعد ذلك أتى الكاتب الأخير وأضاف بعض النصوص والصياغات على المتن في كتب التأريخ التثنوي لكي يمكن تبرير التغيّر الجذري الذي حدث وقت انهيار مملكة يهوذا.
أحد الأدلة على وجود إصدارين لكتب التأريخ التثنوي، هي أن المؤرخ يتكلم عن أشياء تم تدميرها وقت السبي البابلي باعتبارها موجودة وقت زمن الكتابة. أشياء مثل قضبان تابوت العهد على سبيل المثال، كان يقول أنها موجودة في الهيكل تحت أجنحة الكاروبيم وهي هناك إلى هذا اليوم
(ملوك أول 8: 8)، فلماذا يُكتب نصّ كهذا إﻻ إن كان قبل الانهيار للمملكة وتدمير أورشليم وحرق الهيكل؟ وحتى لو كان يعتمد على مصادر أقدم، فهو لم يكن لينقل هذا النص إن لم تكن المملكة واورشليم والقضبان موجودة في زمن نقله. إذن فهذا النصّ على الأقل كُتب أو نُقل قبل سقوط مملكة يهوذا.
الإصدار الثاني من التأريخ التثنوي هو نفس الإصدار الأول تقريبًا، ﻻ يوجد سوى نصوص قليلة تم إضافتها في النهاية، وهي أشبه بالكتابة التفسيرية على هامش النص كي تبرر شرحًا أو تربط تأويلًا بالحدث الجديد. في الواقع الفرق بين زمن يوشيا الملك وانهيار مملكة يهوذا كله 22 سنة، وأسلوب الكتابة ليس مختلفًا بين الإصدارين، وعلى هذا، فصغر الفرق الزمني بين الإصدارين ووحدة الأسلوب بينهما ﻻ تدفعنا للاعتقاد بأن الإصدارين قد كُتبا بواسطة شخصين مُختلفين، ومن الأرجح أن كاتب الإصدار الأول من التأريخ التثنوي وقت الملك يوشيا، فد عاد لينقّح في كتاباته وتصوراته عندما انهارت مملكة يهوذا، فخرج ما نسميه الإصدار الثاني.
سفر الملوك، في إصداره الأول على الأقل، كُتب لتتويج الملك يوشيا، فالملك يوشيا قد حكم لمدة 31 سنة، وسفر الملوك يحكي قصته في إصحاحين كاملين (22 و23)، بالرغم من أن هناك غيره من الملوك قد حكموا لفترة زمنية أكبر وفعلوا إنجازات اكثر، لكن سفر الملوك لم يطنب في مناقبهم مثلما فعل مع الملك يوشيا. على سيبل المثال فالملك منسَّى، الجد للملك يوشيا، قد حكم 55 سنة، لكن سيرته ﻻ تكمل إصحاحًا صحيحًا، ونفس الأمر يمكن أن يُقال عن الملك عزريا الذي ملك 52 سنة، والكلام عنه كان قليلًا أيضًا. بخلاف الملك حزقيا والحديث عنه باستفاضة، فلا يوجد سوى مُلك سليمان.
أيضا هناك أمر بالغ الأهمية، هو وجود نبوءة في سفر الملوك تتحدث عن ميلاد يوشيا قبل ميلاده بثلاث قرون، وتُشير له بالاسم (ملوك أول 13: 2)، في حين ﻻ يوجد نبوءات أخرى في العهد القديم كله [أو حتى العهد الجديد] تُشير لشخصٍ سيُولد ومحددٌ اسمه، فقط هذه النبوءة، مما يُعد أحد الدلائل القوية على أن الكتاب قد كُتب تتويجًا لمُلك يوشيا الملك.
هذا ليس كل شيء، أيضًا -كما ذكرنا- فالكاتب يقوم بتقييم المُلوك بُناء على تمسّكهم بالعهد الغامض مع يهوه، [مستقبلًا، سنفهم أنه العهد الموسوي في سفر التثنية، وسنعرف عنه تفاصيل أكثر]، معظم الملوك كانوا أشرارًا، والملوك الخيّرين لم يكونوا على أفضل ما يكون، لم يُرسم أحدٌ بشكل مثاليّ بما فيهم النبي حزقيا، فسفر الملوك يؤرخ أن النبي إشعياء قد انتقده، أيضًا داود وسليمان قد أخطيا وخطاياهما مكتوبة، إﻻ الملك يوشيا، هو الوحيد الذي رُسم بشكل مثالي ﻻ نظير له بين ملوك يهوذا وإسرائيل. إذ يقول عنه:
ولم يكن قبله ملك مثله، قد رجع إلى الرب بكل قلبه وكل نفسه وكل قوته حسب كل شريعة موسى، وبعده لم يقم مثله.(سفر الملوك الثاني، 23: 25)
تلك كانت نهاية سفر الملوك في إصداره الأوّل، والنصوص التي ظهرت بعد ذلك كانت بعد السبي البابلي، وكان تبريرها أن خطايا الملك منسَّى كانت عظيمة جدًا، وهي اللي كانت السبب في دمار مملكة يهوذا.
تم تسمية الإصدار الأول: Dtr1، والإصدار الثاني: Dtr2، ومن الممكن لنا أن نسميهم الإصدار التثنوي الأول، والإصدار التثنوي الثاني.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
نحاول تخمين اهتماماتك… ربما يهمك أن تقرأ أيضا:
- [١٠] الإصدار التثنوي الأول [Dtr1] من الواضح أن الكاتب ليس من الملوك أو العائلة الملكية، إذ بالنهاية فالأحكام تضع كثيرًا من القيود على الملك، وعلى الجانب الآخر، الأحكام تعطي مميزات للكهنة واللاويين، الكاتب هنا من الكهنة. لكن، أيّ مجموعة من الكهنة؟...