المقال رقم 9 من 9 في سلسلة التطور: أزمة اﻻعتقاد والعلم

هل التطور بيتعارض مع وجود إله؟ هل التطور بيتعارض مع الدين؟

السؤالين دول في الواقع سؤالين مختلفين، وإجابتهم هما الاتنين: “على حسب!“.

التطور (وأي فكرة علمية) مش بينفوا وجود إله في المطلق، لكنهم دايمًا بينفوا تصورات معينة عن الألوهة.

ومن الملاحظ إن العلم دايمًا بيميل لنفي التصورات الـAnthroppmorphic عن الله (يعني التصورات اللي بيتم فيها تخيل الله إنه بيتصرف مع العالم بشكل شبه إنساني أو non-transcendent غير متسامي). فتصور إن الله أخد طين وخلق منه إنسان حرفيًا مثلًا دا بيتسمى تصور أنثروبوموفي ودا العلم بينفيه، تصورات زي إن الشهب رجم شياطين دا العلم بينفيه، وتصورات كتير جدًا على هذا الشكل.

الفكر اللي بيدور دايمًا على ثغرات العلم عشان ينسب للثغرات دي دور الألوهة، دايمًا بيجي العلم بعد كدا وينفيها. نوع الألوهية اللي بالشكل دا عادًة بيتسمى في الفلسفة باسم “إله الثغرات-God of Gaps”.

على الجانب الآخر، التصورات الـtranscendent (المتسامية) عن الألوهة، واللي مش بتحبس دور الله في آلية معينة في العالم الطبيعي، دي عادًة العلم مش بيتعرضلها لأنها بتعتبر خارج إطار العلم. فكرة زي تصور إله أو إله آينشتاين دي تعتبر مفاهيم خارج إطار العلم بنسبة كبيرة. إله سبينوزا وآينشتاين مش إله شخصي على عكس التصورات الدينية عن الله، على الرغم من كدا، ممكن جدًا يكون في تصورات شخصية عن الله وبرضو تكون بتشوف الألوهة متسامية transcendent وتفضل خارج إطار العلم، ممكن جدًا تبقى مؤمن بإله شخصي بدون الحاجة للتعارض مع أي نظرية أو فكرة علمية.

أنا طبعًا مش هقدر أناقش كل التصورات عن كل الأديان وأشرح إيه فيها اللي بيتعارض مع العلم وإيه اللي لا، لكن هتكلم بس عن المسيحية والإسلام بشكل مختصر.

مشكلة التعارض بين العلم والدين بتظهر من القراءة الحرفية للنص الديني، أي شخص هيقرا الكتاب المقدس أو القرآن بشكل حرفي دايمًا هيلاقي تعارض مع العلم بشكل عام، مش مع بس (أحد أبسط الأمثلة في الكتابين هو إن القراءة الحرفية النصوصية تعني خلق العالم في 6 أيام، ومركزية الأرض، وكونها مسطحة).
على الجانب الآخر، القراءات اللي بتتعامل مع النص بشكل رمزي وتعيد تأويله هي اللي بتقدر تتفادى تعارض العلم مع الدين.

في المسيحية، موقف الكنائس الكبيرة على مستوى العالم زي والكنيسة الأرثوذكسية ال بيتم التعامل مع النص بشكل رمزي وباعلانات واضحة ورسمية بعدم تعارض نظرية التطور مع المسيحية.

منهجية القراءة الرمزية على الرغم من اننا ممكن نلاقيها عند آباء الكنيسة الأوائل إلا إن آباء الكنيسة كانوا بيقروا النص بشكل رمزي من غير ما ينكروا الحرفية-التاريخية للأحداث. باستثناء مثلًا حد زي القديس هو الوحيد اللي كان ممكن ينكر تأريخية الأحداث (حتى كان بيقرا بشكل رمزي دون إنكار التأريخية).

في الجانب الإسلامي بالرغم من إن مفيش موقف رسمي بعدم تعارض النظرية مع الدين، إلا إن في مفكرين مسلمين رجحوا عدم التعارض وفي منهم كان بيميل لقراءة القرآن في سياقه التاريخي-الميثولوجي-القصصي، من المفكرين اللي إتعاملوا مع القرآن بالشكل دا كان المفكر السوري “” على سبيل المثال، ومن حوالي قرن صرح الشيخ الإمام “” بانه في حالة إثبات صحة نظرية التطور فعلى المسلم انه يعيد تأويل النص الديني بما لا يتعارض مع العلم، في الواقع فكرة التطور نفسها ليها صدى عند بعض الفلاسفة المسلمين زي ابن خلدون وإخوان الصفا و.

في النهاية التعارض بين العلم والدين بيكون موجود من قراءة النص الديني بشكل حرفي، فلو إنت بتقرا النص بشكل حرفي يبقى حتمًا هتلاقي تعارض مع العلم بشكل عام مش مع التطور فقط، بينما القراءة اللي بتتعامل مع النص الديني حسب نوع أسلوب كتابته الأدبي اللي هو إتكتب بيه (لان في النهاية دا مش كتاب أكاديمي عن العلم الطبيعي) هي اللي بتقدر تتفادى التعارض المباشر مع العلم.

التدين المستنير لطالما وجد دومًا السبيل للتوافق مع تقدم العلوم.

(چيري كوين – عالم أحياء تطورية)

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: التطور: أزمة اﻻعتقاد والعلم[الجزء السابق] 🠼 هل التطور بيفسر أصل الحياة؟
مايكل لويس
[ + مقالات ]