- كيف نشأت الجماعة؟
- ما بين العنف والنفاق
- الإخوان والعمل السياسي
- نشأة النظام الخاص
- المواجهة الأولى
- الإخوان المسلمين والبرلمان
- الإخوان وحكومة النقراشي
- الإخوان وحكومة صدقي
- انشقاق البنا والسكري
- الإخوان والدم
- قتل الخازندار
- الإخوان والحرب
- حل الجماعة
- ما بعد حل الجماعة
- أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض
- نسف محكمة الاستئناف
- حادث حامد جودة
- الهضيبي مرشدا
- الإخوان وعبد الناصر
- عبد الناصر مرشدا
- اعتقال الهضيبي
- نهاية شهر العسل
- التنظيم السري من جديد
- الحل الثاني للجماعة
- قطب وناصر
- أزمة مارس ١٩٥٤
- حادثة المنشية
- محكمة الشعب
- عزل نجيب
- تنظيم ٦٥
- إعلام المؤامرة
- السادات رئيسا
- عودة الروح
- دولة العلم والإيمان
- من الجماعة إلى الجماعة
- دماء جديدة في جسم منهك
- التنظيم الدولي
- الانقلاب على السادات
- مبارك رئيسا.. بالصدفة
- سياسات مبارك مع الإخوان
- سياسات مبارك مع المعارضة
- قضية سلسبيل
- إيد واحدة
- الوريث
- إعادة توزيع المعارضة
- حركة كفاية ٢٠٠٤
- الانتخابات الرئاسية ٢٠٠٥
- الانتخابات البرلمانية ٢٠٠٥
- مبادرة الإصلاح ٢٠٠٦
- هايدلينا والسلام والميليشيات
- تعديل الدستور ٢٠٠٧
- الدويقة والمحلة وغزة ٢٠٠٨
- البرادعي وحلم التغيير ٢٠٠٩
- اللعب على الطرفين
- كلنا خالد سعبد
- جمال رئيسًا لمصر
- الانتخابات البرلمانية ٢٠١٠
- البرلمان الموازي
- عام النهاية
- الحياة السياسية والنهاية
- الإسلام السياسي والنهاية
- ☑ ثورة اللوتس
خلال زيارته للعاصمة البريطانية لندن في الأول من مايو عام 1983، وفي لقائه مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر الملقبة بالمرأة الحديدية، نصحت تاتشر الرئيس المصري الجديد حسني مبارك، وكأنها كانت تقرأ المستقبل البعيد، قائلة:
سيادة الرئيس، نحن نحبك لأننا نحب مصر، مصدر الحضارات العظيمة. سيدي، إن بعض شعوب العالم في أشد الحاجة إلى أن يسمعها حكامها، ولا بد للقادة أن ينصتوا لشعوبهم أكثر مما يتكلمون، وعلى الحاكم أن يعلم جيدًا ما يطلبون، ويعلن عما يمكن أن يحققه وما لا يمكن، لأن مقابلة مطالبهم بالصمت ليست حلًا، لأنه إن طال الصمت يولد الغضب الذي يُختزن في القلوب، ولا يمكن للصمت والغضب أن يستمرّا، سيأتي يوم، مهما طال، لينفجر الكبت المخزون وتخرج هذه الشعوب لتقول: لا، لا، لا…
سيادة الرئيس، لا أقصد بلدًا بعينه، لكن خبرتي قبل أن آتي رئيسًا للوزراء، والتحامي بالطبقة البسيطة التي نشأت منها، هي التي دفعتني لكي أقول هذا لزعيم دولة كبيرة في الشرق الأوسط.(مارجريت تاتشر، مايو ١٩٨٣)
لم يعلق مبارك على نصيحة تاتشر إلا بابتسامة خفيفة، ربما ظنًا منه أنها تهذي أو ما شابه. الآن فقط سيدرك مبارك كم كانت تاتشر صائبة ومحقة في نصيحتها لكن الوقت سيكون قد تأخر كثيرًا.
دقات الساعة تشير إلى منتصف ليل الاثنين 24 يناير 2011، ليلة المظاهرات المرتقبة. الأنفاس محبوسة والأعصاب توشك على الاحتراق من شدة التوتر، فلم يتبق على المظاهرات المرتقبة سوى ساعات معدودة. لقد طال الانتظار لثورة تعيد للمصريين كرامتهم وآدميتهم.
في ساعة متأخرة من ليلة 25 يناير، نشر عقيد الشرطة السابق، المعارض لنظام مبارك والهارب خارج البلاد، عمر عفيفي، مقطع فيديو يشرح فيه أساليب التحايل على قوات الأمن المركزي والتغلب عليها، من منطلق كونه ضابط شرطة سابق وخبيرًا بأساليب قوات الأمن المركزي في التظاهرات. وشدد على أخذ كافة الاحتياطات بما يضمن للمتظاهرين البقاء أطول فترة ممكنة في الشوارع.
ومع بزوغ أول ضوء لفجر اليوم الذي سيغير وجه مصر إلى الأبد، كان ميدان التحرير مكتظًا حتى أخره برجال الشرطة من ذوي الرتب العالية، يملأون الميدان بكثافة غير مسبوقة، بالإضافة إلى عشرات سيارات القنوات الإخبارية المعدة للبث المباشر. والمشهد العام بأكمله يؤكد أن الأمر سيكون مختلفًا هذه المرة، والشوارع التي تبدو هادئة في هذا الصباح الباكر يسودها الترقب الحذر.
دقائق قليلة وبدأ المتظاهرون في التوافد على المناطق المتفق عليها للتجمع في القاهرة الكبرى. بدأت ثلاث مسيرات في المنيرة وكوبري الجامعة ومجرى العيون، وتحركت إلى شارع القصر العيني. كما بدأت المظاهرات في شبرا في نفس التوقيت. في العاشرة والنصف، بدأت مسيرة حاشدة من ميدان باب الشعرية يتقدمها د. أيمن نور، ونحو خمسة آلاف مواطن يحتشدون في منطقتي ناهيا وإمبابة بمحافظة الجيزة، وتجمع عدة مئات في شارع جامعة الدول العربية تحاصرهم قوات الأمن، بينما تجمعت مجموعة أخرى من المتظاهرين أمام مقر نقابة المحامين وبدأت تحث المواطنين على الانضمام إليهم.
في نفس الوقت، في الإسكندرية، تجمع ما يزيد عن ثلاثين ألف شخص في منطقة جامع القائد إبراهيم، الذي يُعد من أكبر مساجد الإسكندرية. وفي الثانية عشرة ظهرًا، في السويس، بدأت المظاهرات بعشرات المتظاهرين يحملون اللافتات ويدعون الناس للمشاركة. وفي المحلة الكبرى، التي يعمل بها ما يزيد عن مليون عامل، بدأت المظاهرات في جميع ميادينها، وخرج العمال الذين مُنحوا إجازة إجبارية بمناسبة عيد الشرطة.
خرجت المظاهرات والتجمعات من مناطق شعبية في تكتيك جديد لم تتوقعه قوات الأمن، وكان العقيد عمر عفيفي قد نصح باستخدامه في رسائله المسجلة. هذا التكتيك يعتمد على تجمع المواطنين داخل الحواري والأزقة في المناطق الشعبية، التي يصعب على قوات الأمن اقتحامها، والخروج من الأحياء الشعبية ككتلة واحدة يصعب على الأمن تفريقها، ثم الهتاف الموحد المنصب على احتياجات المواطن البسيط منعًا للفرقة، مما جعل التعاطف الشعبي قويًا.
بحلول الظهيرة، وصلت عدة مسيرات إلى المقر الرئيسي للحزب الوطني الحاكم في ميدان عبد المنعم رياض، منددة بسياسته. واتجهت مسيرات أخرى إلى مقر اتحاد الإذاعة والتليفزيون المحاط بتعزيزات أمنية غير عادية، وأخرى أمام دار القضاء العالي، وفي شارع القصر العيني وعلى سلم نقابة الأطباء أمام دار الحكمة. تجمع أطياف من مشاهير المعارضة المصرية مثل الشاعر عبد الرحمن يوسف، منسق حركة دعم البرادعي السابق، والمخرج عمرو سلامة، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادي الإخواني، والدكتور أحمد دراج، والكاتب المعارض بلال فضل، والدكتور محمد أبو الغار، ووائل غنيم مؤسس صفحة “كلنا خالد سعيد” الذي لم يكن معروفًا في هذا الوقت. ومن على هذا السلم انطلق الهتاف الأشهر الذي أصبح فيما بعد شعار الثورة المصرية عيش.. حرية.. كرامة إنسانية
يصدح عاليًا بين المتظاهرين، وتعالت صيحات بلال فضل كفاية.. كفاية
هادرة تلهب حماس المتظاهرين.
في تمام الساعة الواحدة وأربعين دقيقة ظهرًا، وصلت أولى المسيرات إلى ميدان التحرير، وكانت مسيرة شارع جامعة الدول العربية. ونتيجة لكثرة الحشد، نجحت المسيرة في كسر الحصار المفروض على الميدان، وفر جنود الأمن المركزي هاربين أمام الحشود لأول مرة منذ تولي حبيب العادلي منصبه على رأس وزارة الداخلية. وانطلقت الهتافات تدعو إلى التمركز والاحتشاد في قلب الميدان. حوصر آخرون قرب كوبري الجلاء، واتجه المتظاهرون صوب التحرير. في نفس الوقت، هرعت قوات الأمن إلى إغلاق مدخل كوبري 6 أكتوبر ليقطعوا الطريق على المتظاهرين الذين باغتوا الأمن بالسير إلى شارع التحرير. هناك انكسر حاجز الخوف مرة أخرى، وخرجت الهتافات هادرة: “يسقط يسقط حسني مبارك… الشعب يريد إسقاط النظام”. وفرت الدموع غزيرة من أعين الكثيرين الذين لم يتصوروا أن يمكن أن تأتي لحظة يشعر فيها الإنسان بكرامته مثل تلك اللحظة التي يحيونها. وبدا واضحًا أن المتظاهرين يتدفقون من كل صوب على مداخل ميدان التحرير بدون ترتيب ولا اتفاق مسبق، فلم يعد أمام قوات الأمن المركزي إلا إغلاق جميع مداخل التحرير لمنع المتظاهرين من الوصول إلى قلب الميدان.
بحلول الساعة الثالثة عصرًا، أصبح المنظر مهيبًا… قلب الميدان صار محاطًا بكتل غير عادية من جنود الأمن المركزي يحيطون بالميدان إحاطة السوار بالمعصم، والمتظاهرين الذين تجاوز عددهم عشرات الآلاف في جميع أطراف الميدان ينتظرون كسر الحصار، واستأسدت قوات الأمن عند ميدان عبد المنعم رياض، وفي لحظة فارقة ركض المتظاهرون جميعًا بكل قوة في اتجاه قوات الأمن، فانكسر الكردون الأمني بقوة تحت تأثير اندفاع المتظاهرين، وتصاعد الموقف، فالمظاهرات التي اتسمت بالسلمية تحولت إلى تدافع بالأيدي واشتباكات عنيفة بين الأمن والمتظاهرين، مما ينبئ برد فعل أعنف من قوات الأمن حيال المتظاهرين الذين ما إن وصلوا إلى قلب الميدان حتى جلسوا على الأرض معلنين الاعتصام، واصطف المتظاهرون لأداء صلاة العصر.
في نفس الوقت، تحول ميدان العتبة إلى ساحة حرب، وبدأ إطلاق النار بكثافة من قبل الشرطة. أما الأمن، فقد تخلى عن ضبط النفس بعد أن تفاجأ رجاله بالأعداد الهائلة التي تنضم إلى المظاهرات، فبدأت الشرطة تهاجم المتظاهرين بالهراوات وخراطيم المياه، مما دفع أحد المتظاهرين إلى اعتلاء مدرعة الشرطة المتحركة، ودفع خرطوم المياه إلى الجهة العكسية بعيدًا عن المتظاهرين في بطولة منقطعة النظير. فبدأ الأمن في إلقاء القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، وبدأت الشرطة تتقدم نحو شارع القصر العيني مطلقة خراطيم المياه على المتظاهرين. عنف الشرطة حيال المتظاهرين لم يرهب أحد الشباب الذي اندفع ناحية المدرعة بدلًا من أن يهرب بعيدًا عنها، وتوسطت يداه وسطه ولف رقبته بكوفيته وهو يقف بشجاعة منقطعة النظير أمام المدرعة في منتصف الشارع قاطعًا الطريق عليها، بينما انطلق مدفع المياه إلى صدره ووجهه، لكنه صمد وأبى أن يتحرك من مكانه في مشهد ألهب حماس الجميع، فتشجع البعض ووقف إلى جانبه، في مشهد أقرب إلى مشهد “رجل الدبابة” الصيني الذي وقف في وجه الدبابة في ميدان “تيانانمن” الشهير في الصين في 5 يونيو 1989.
في الخامسة إلا ربع مساءً، قامت السلطات بقطع خدمات الهاتف المحمول وحجب موقعي Facebook و Twitter في ميدان التحرير والمنطقة المحيطة به، إضافةً إلى بعض المناطق في القاهرة. ووسط تلك الحرب الدائرة، كان وائل غنيم قد فكر في أهمية مواصلة الثورة الوليدة لتصبح كائنًا عملاقًا. حاول الدخول على الإنترنت بدون أي فائدة، فاتصل بصديقه نجيب في الإمارات، وطلب منه أن يكتب على الصفحة: إضراب عام غدًا وبعد غد، ومظاهرة كبرى الجمعة
… كانت تلك أول دعوة لجمعة الغضب المرتقبة التي ستقلب الدنيا رأسًا على عقب.
وصلنا ميدان التحرير في نحو الساعة الخامسة، نظرت حولي فوجدت عددًا كبيرًا من الناس لا أعرفهم، وأعطيت نقودًا لبعض الشباب وطلبت منهم شراء ميكروفون ومكبر صوت، وهو ما قاموا به بالفعل، ثم سألنا: هل يوجد بيننا كهربائي يستطيع مساعدتنا؟ فتقدم إلينا على الفور مهندسان كهربائيان.(عبد الرحمن يوسف القرضاوي)
ثم بدأ عبد الرحمن يوسف حديثه في مكبر الصوت قائلًا: لقد بدأت ثورتنا… هنا إذاعة صوت الثورة
، ثم أعطى الكلمة للعديد من الشخصيات الموجودة، واستمرت الإذاعة الثورية لمدة ساعتين قبل أن تضطرهم مدافع المياه وقنابل المولوتوف إلى الفرار إلى الشوارع المجاورة.
في الإسكندرية، كانت المظاهرات تحاصر كل شوارعها تقريبًا، وتتمركز أمام مسجد القائد إبراهيم بصورة غير متوقعة على الإطلاق ودون ترتيب مسبق. وقبل أن تغرب شمس الإسكندرية، كانت الجماهير الغاضبة قد أطلقت مطلب الثورة الموحد: الشعب يريد إسقاط النظام
. وقام المتظاهرون بتمزيق لافتات أعضاء الحزب الوطني المتبقية من الانتخابات البرلمانية السابقة، التي يحمل معظمها صورة مبارك. وفقد الأمن صوابه وبدأ بإلقاء القنابل المسيلة للدموع بكثافة على المتظاهرين، وتحولت شوارع الإسكندرية إلى ساحة للقتال بين الأمن والمتظاهرين.
في الوقت ذاته، في ميدان الأربعين في السويس، قرر المتظاهرون الذين وصل عددهم إلى الآلاف التحرك بشكل سلمي إلى مبنى المحافظة. وهنا، أعطى مدير الأمن تعليماته إلى قوات الأمن المركزي بعمل كردون حول مبنى المحافظة وإلقاء القنابل المسيلة للدموع بكثافة لتفريق المتظاهرين. وتكرر المشهد نفسه بحذافيره في جميع محافظات مصر، خاصة في المحلة الكبرى، حيث فرت الشرطة من أمام المتظاهرين، وعمت المظاهرات كل شبر في مصر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. أما نظرات جنود الأمن المركزي فكانت تترقب شيئًا مختلفًا هذه المرة، فالمتظاهرون ليسوا من الناشطين السياسيين الذين اعتادوا رؤيتهم، إنما وجوه جديدة تشارك لأول مرة في السياسة.
بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تنقل مقاطع فيديو لمشاهد اعتقال المتظاهرين، وقبل غروب الشمس، بلغ عدد المعتقلين ما يزيد عن مئة متظاهر. ومُنعت القنوات الإخبارية من تغطية الأحداث، مع تعمد تحطيم كاميراتهم لمحو أي أخبار يمكن أن تؤجج الثورة في باقي البلاد. أما الإعلام الرسمي فلم يقدم إلا كل استهجان واستنكار، موجهًا اللوم، حسب نص الخبر، إلى “ما يسمى بحركتي السادس من أبريل وكفاية والجمعية الوطنية للتغيير” في أسلوب يحقر منهما، متهمًا المتظاهرين بإحداث شغب وتلفيات بمنشآت عامة وإصابة رجال الشرطة. تجاوزت الساعة السابعة مساءً والميادين تشتعل بحالات الكر والفر وحرب عصابات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين في الإسكندرية والسويس وميدان التحرير، وسقط أول شهيد في السويس هو “مصطفى رجب محمود”، وسرت أنباء غير مؤكدة عن سقوط متظاهرين آخرين. ثم تجاوزت الساعة الثامنة مساءً والجميع مرهقون متعبون، والسؤال الحائر يبحث عن إجابة: ماذا بعد؟
الإجابة كانت أقرب مما يتصور الجميع، مع توافد أعداد غزيرة من المتظاهرين الذين قرروا الالتحام بذويهم في الميدان فور معرفتهم أخبار المظاهرة وردود أفعالها القوية. وبسرعة شديدة وبدون الاتصال بأي من قوى المعارضة خارج الميدان، بدأ المتظاهرون في استطلاع آراء الجموع لمعرفة قابلية الناس للاعتصام من عدمه، وكان القرار حاسمًا: بدء الاعتصام. فلا يمكن إضاعة تلك الفرصة وهذا العدد المهول بدون تحقيق نجاح. والشرطة تتراجع من الميدان لتؤمن وزارة الداخلية فقط. أما في الإسكندرية، فقد استطاعت قوات الشرطة إلقاء القبض على أعداد لا بأس بها من المتظاهرين بعد تفريقهم في الشوارع الجانبية بعد قطع النور عن المنطقة بأسرها. وفي التاسعة مساءً، أطل على شاشة التليفزيون المصري مذيعا النظام تامر أمين وخيري رمضان من خلال برنامج مصر النهارده
ليتهكما على أحداث اليوم. في نفس الوقت، حملت قناة الحياة إطلاله أسامة سرايا بطل موقعة الأهرام التعبيرية، مطالبًا الشرطة بالكف عن حماية المتظاهرين، ومحذرًا المتظاهرين من محاولة استنساخ الثورة التونسية.
اقترب الليل من منتصفه، والحالة العامة في الميدان حالة من البهجة الشديدة بالرغم من برودة الطقس الموجعة في مثل هذا الوقت من العام، وساعد على تناسيها ظهور بعض الرموز الثورية مثل الكاتب إبراهيم عيسى وغيره في قلب الميدان. وسرعان ما بدأ الشباب في جمع الأموال لشراء بعض الأطعمة البسيطة، وبدأت ترتيبات المبيت والاعتصام، وبدأ الشباب في ترديد الأغاني الثورية.
لكن لم تمر دقائق حتى بدأت قوات الأمن، التي أعادت تنظيم صفوفها، في الظهور مرة أخرى والعودة إلى مهاجمة المعتصمين في محاولة لفض الاعتصام بالقوة وبأي تكلفة، مستخدمةً كميات ضخمة من القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. وبالفعل نجحت قوات الأمن في تفريق المتظاهرين وفض الاعتصام وسط حالة من الإحباط أصابت الجميع.
صدر للكاتب:
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ ٢٠١٧
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [قيصر جديد] ٢٠١٨
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [صراع العروش] ٢٠٢٢
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [العملية ظافر] ٢٠٢٤
