- كيف نشأت الجماعة؟
- ما بين العنف والنفاق
- الإخوان والعمل السياسي
- نشأة النظام الخاص
- المواجهة الأولى
- الإخوان المسلمين والبرلمان
- الإخوان وحكومة النقراشي
- الإخوان وحكومة صدقي
- انشقاق البنا والسكري
- الإخوان والدم
- قتل الخازندار
- الإخوان والحرب
- حل الجماعة
- ما بعد حل الجماعة
- أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض
- نسف محكمة الاستئناف
- حادث حامد جودة
- الهضيبي مرشدا
- الإخوان وعبد الناصر
- عبد الناصر مرشدا
- اعتقال الهضيبي
- نهاية شهر العسل
- التنظيم السري من جديد
- الحل الثاني للجماعة
- قطب وناصر
- أزمة مارس ١٩٥٤
- حادثة المنشية
- محكمة الشعب
- عزل نجيب
- تنظيم ٦٥
- إعلام المؤامرة
- السادات رئيسا
- عودة الروح
- دولة العلم والإيمان
- من الجماعة إلى الجماعة
- دماء جديدة في جسم منهك
- التنظيم الدولي
- الانقلاب على السادات
- مبارك رئيسا.. بالصدفة
- سياسات مبارك مع الإخوان
- سياسات مبارك مع المعارضة
- قضية سلسبيل
- إيد واحدة
- الوريث
- إعادة توزيع المعارضة
- حركة كفاية ٢٠٠٤
- الانتخابات الرئاسية ٢٠٠٥
- الانتخابات البرلمانية ٢٠٠٥
- مبادرة الإصلاح ٢٠٠٦
- هايدلينا والسلام والميليشيات
- تعديل الدستور ٢٠٠٧
- الدويقة والمحلة وغزة ٢٠٠٨
- البرادعي وحلم التغيير ٢٠٠٩
- اللعب على الطرفين
- كلنا خالد سعبد
- جمال رئيسًا لمصر
- الانتخابات البرلمانية ٢٠١٠
- البرلمان الموازي
- ☑ عام النهاية
الأيام الأولى من العام الحادي عشر من الألفية الجديدة؛ بداية عام الربيع العربي كما سيُطلق عليه لاحقًا. لم يتوقع الجميع وهم يحتفلون ببداية العام الجديد أنه سيكون العام الذي سيغير وجه مصر للأبد.
بدأ عامًا مأساويًا بجميع المقاييس، ففي الدقائق الأولى من صبيحة اليوم الأول من العام الجديد، دَوَّى انفجارٌ مروع في كنيسة القديسين القبطية الأرثوذكسية في الإسكندرية، وأودى بحياة 21 مسيحيًا في أثناء أداء صلاة آخر العام في الدقائق الأولى من العام الجديد.
الحادث كان كارثة مروعة بكل المقاييس، وكعادة أركان النظام، توالت التصريحات ذات الديباجة المتكررة المؤكدة على توطيد أواصر الوحدة الوطنية والتأكيد أن مرتكبي الحادث مدسوسون وليسوا مصريين ولا مسلمين، ثم إعادة لمسلسل تقبيل اللحى المعتاد. وأدانت جماعة الإخوان المسلمين الحادث وبالطبع اتهمت جهاز الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء الحادث لزرع الفتنة الطائفية في مصر، متناسين أن ما حدث هو حصاد وثمر لما زرعته أيديهم في العقول المصرية لمدة ثمانين عامًا.
ما حدث هو نتيجة نظام عاجز وغير قادر على حماية شعبه، كما يشير إلى مجتمع متفكك على وشك الانفجار. فالنظام العاجز عن حماية مواطنيه هو نظام آن الأوان لرحيله، والعام الجديد فرصتنا لنعيد معًا بناء الوطن، والتغيير قادم.(محمد البرادعي، تعليقًا على تفجير كنيسة القديسين)
سجلت الاحتجاجات الشعبية الغاضبة على الحادث الإرهابي بكنيسة القديسين رقمًا قياسيًا، فنظم الغاضبون 5 مظاهرات في شوارع القاهرة، إضافةً إلى مظاهرة سادسة داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، إضافةً إلى وقفتين وجنازة رمزية في عدد من المحافظات. وقدرت مصادر أمنية عدد قوات الأمن المركزي التي شاركت في تأمين الاحتجاجات أو إحباطها بأرقام تزيد على 30 ألفًا، فيما تراوحت أعداد المشاركين في كل مظاهرة بين 250 و 3000 متظاهر.
في شبرا، نظم نحو 2000 قبطي مسيرة في عدد من الشوارع، واشتبكوا مع الأمن لدى محاولته منعهم من التحرك. وفي الإسكندرية، أجهضت أجهزة الأمن 12 مظاهرة في منطقتي ميامي وسيدي بشر، وتظاهر العشرات على طريق المحور وقطعوه نحو ساعتين إلى أن فضتهم الشرطة بعد استعانتها بـ 8 سيارات من قوات الأمن المركزي.
نشرت جريدة الأخبار في عددها بتاريخ 6 يناير 2011 في الصفحة الرابعة خبرًا عن المظاهرات، قالت فيه أن عددًا من الأقباط قد نظموا مظاهرة في شارع شبرا بمنطقة مسرة أمام كنيسة العذراء مريم، إلا أن 8 من المتظاهرين وهم مسلمون اندسوا في وسطهم وقاموا بضرب 4 ضباط و 15 مجند أمن مركزي وأحدثوا بهم إصابات، كما حطموا 11 لوري شرطة و 4 ميكروباصات مدرعة وبوكسي شرطة و 9 سيارات ملاكي وأتوبيس نقل عام.
في الساعة العاشرة من مساء 4 يناير، سلم المواطن سيد بلال، المنتمي إلى الدعوة السلفية بالإسكندرية، نفسه إلى مقر مديرية أمن الإسكندرية القديم في منطقة اللبان، بعد اتصال من أحد الضباط ظهر نفس اليوم يستدعيه ومعه الكثير من السلفيين للتحقيق معهم في تفجير كنيسة القديسين، ثم قاموا بتعذيبه حتى الموت.
في فجر يوم الخميس 6 يناير، تلقى ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية اتصالًا هاتفيًا من مكتب مباحث أمن الدولة بالإسكندرية، وطلب المتحدث حضور الشيخ على وجه السرعة. ووصل برهامي إلى مبنى جهاز مباحث أمن الدولة الكائن بمنطقة الرمل، والتقى عددًا من القيادات العليا بالجهاز. كان يعرفهم جيدًا، وهناك أبلغوه بأن بلال قد أصبح جثة هامدة، ويجب أن يُدفن في أسرع وقت، وعلى الدعوة السلفية أن توقف أي تحرك محتمل من شبابها ضد الحادث.
فهم برهامي أن سيد بلال لا ينتمي إلى الدعوة أصلًا، وصلى برهامي صلاة الجنازة على سيد بلال في ساعة متأخرة من يوم الخميس، وصدرت قبلها أوامر منه إلى شباب الدعوة السلفية في الإسكندرية بألا يتجهوا إلى المشرحة. لاحقًا، قال أحمد مشالي، محامي سيد بلال، في حواره مع صحيفة الوطن بتاريخ 2 يناير 2013: تحدثت إليه [يقصد ياسر برهامي] وطلبت منه الإدلاء بشهادته، ولكنه كان دائمًا يتحجج بأمن الدولة، وبأن هذا الجهاز يهدده إن أدلى بأي أقوال. وبعد الثورة، حين طالبته بحق بلال، طلب مني أن أسكت قليلًا بسبب وجود بعض المصالح التي لم تنته بعد مع هذا الجهاز
.
في القاهرة، وفي نفس اليوم 6 يناير، شهد موقف سيارات عبود مقتل محمد عبد الرحمن، السائق، على يد أمين الشرطة أحمد عبد العزيز شحات، الذي ضربه بكعب المسدس على رأسه، ما تسبب في فقدانه الوعي. وقام أمين الشرطة بإلقاء الضحية في ترعة الإسماعيلية، ليلاقي مصرعه غرقًا. وألقت هذه الحادثة المزيد من البنزين على النار المشتعلة أصلًا لتزيدها التهابًا. وتسلمت السفارة التونسية بالقاهرة بيان تأييد لثورة تونس من القوى السياسية المعارضة المصرية خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظموها أمام السفارة. وكان ما يقارب خمسين ناشطًا سياسيًا قد نظموا وقفة احتجاجية أمام السفارة التونسية، ورددوا خلالها هتافات مؤيدة للشعب التونسي، وشهدت الوقفة احتكاكات ومشادات بين قوات الأمن والمتظاهرين.
أتى الرابع عشر من يناير 2011 موعد تونس مع الحرية، وتنحى بن علي بعد 29 يومًا فقط من المظاهرات، وطوى التاريخ 23 عامًا من حكم زين العابدين بن علي تحت ضغط ثورة الاحتجاجات الشعبية العارمة، وأعلن الجيش بقيادة الفريق أول رشيد عمار، قائد الجيش التونسي، اعتقال المئات من قوات الشرطة البارزين في البلاد، ثم كانت رحلة الرئيس الهارب بن علي التي استمرت نحو 6 ساعات في الجو، انتهت بالهبوط منتصف ليل الجمعة في مطار جدة، ورحبت المملكة العربية السعودية باستضافته وأسرته بعد رفض فرنسا طلب الاستضافة، فيما تسلم الوزير الأول (رئيس الوزراء) محمد الغنوشي مقاليد الرئاسة مؤقتًا خلفًا لبن علي.
لكن الغنوشي أعلن أنه تولى منصب الرئاسة بالإنابة مؤقتًا، مما قد يفتح الباب أمام إمكانية عودة بن علي، وهو ما طعن فيه القانونيون ورفضته المعارضة والشارع التونسي. وجاءت تلك الإجراءات والتطورات بعد ليلة واحدة قضاها الوزير الأول محمد الغنوشي كرئيس مؤقت بالإنابة بتفويض من بن علي، في سيناريو يكاد أن يكون متطابقًا لما سيحدث في مصر في القريب العاجل جدًا.
في لقاء لوزير الثقافة في ذلك الوقت، فاروق حسني، مع المذيع خيري رمضان بعد سقوط بن علي، ندد حسني بنظام بن علي الذي كان يقمع معارضيه، واستنكر أن يكون الحال في مصر يشبه من قريب أو من بعيد الحال في تونس، مرجحًا سبب نجاح ثورة تونس إلى زيادة الثقافة والحس الثقافي لدى التونسيين، واتهم المصريين في الوقت ذاته بعدم امتلاكهم الوعي الثقافي الكافي للقيام بثورة مماثلة على حد وصفه.
وبدأت الحكومة والحزب الوطني، واتحاد العمال، وعدد من الجهات السيادية، إجراءات استثنائية لمواجهة الأزمات الاقتصادية، ومحاولة معالجة الاحتقان الاجتماعي والعمالي، كمحاولة بائسة لتجنب إثارة احتجاجات شعبية واسعة. وترأس حسني مبارك اجتماعًا سريًا لمجلس الدفاع الوطني الذي قرر اتخاذ إجراءات احترازية لمنع استفزاز المواطنين خلال الفترة الحالية، وطالب الوزراء بتأجيل أي قرارات خاصة بزيادة الأسعار أو الضرائب.
كان من الممكن أن يتجنب مبارك الثورة التي تلوح على الأبواب في مصر لو اتعظ قليلًا بسلفه بن علي. كان عليه وقتها أن يدرك أن النيران المشتعلة في تونس ستمتد إلى أرضه وتحرقه هو وعائلته. كان من الممكن أن يتلافى حدوث ثورة في مصر لو قام بتغيير حقيقي في البلاد، لكنه للأسف استخف بما حدث في تونس، وقال كما قال أتباعه: تونس حاجة ومصر حاجة تانية خالص
.
وظلت الصحافة الرسمية في مصر تكرر أن “مصر ليست تونس”، ولا يمكن أن تحدث بها ثورة مماثلة، رغم أن كل المؤشرات كانت تقول العكس تمامًا، فتعداد الشعب المصري هو ثماني أضعاف عدد سكان تونس تقريبًا، ومستوى التعليم بشكل عام في المجتمع المصري أقل منه في تونس، ونسبة الفقر فيه أعلى بكثير، ونحو 60% من المصريين يعيشون بأقل من 50 جنيهًا في اليوم، والنظام السياسي في مصر أشد ديكتاتورية من نظام بن علي في تونس، مزدانًا بقانون طوارئ لم يتوقف استعماله على مدى ثلاثين عامًا منذ اغتيال السادات عام 1981، بالإضافة إلى أن مصر بها معارضة إسلامية شديدة التنظيم قاومت كل أنواع الاعتقالات وتبث الرعب في نفوس جزء كبير من الشعب خاصة المسيحيين منهم.
صدر للكاتب:
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ ٢٠١٧
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [قيصر جديد] ٢٠١٨
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [صراع العروش] ٢٠٢٢
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [العملية ظافر] ٢٠٢٤
