- كيف نشأت الجماعة؟
- ما بين العنف والنفاق
- الإخوان والعمل السياسي
- نشأة النظام الخاص
- المواجهة الأولى
- الإخوان المسلمين والبرلمان
- الإخوان وحكومة النقراشي
- الإخوان وحكومة صدقي
- انشقاق البنا والسكري
- الإخوان والدم
- قتل الخازندار
- الإخوان والحرب
- حل الجماعة
- ما بعد حل الجماعة
- أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض
- نسف محكمة الاستئناف
- حادث حامد جودة
- الهضيبي مرشدا
- الإخوان وعبد الناصر
- عبد الناصر مرشدا
- اعتقال الهضيبي
- نهاية شهر العسل
- التنظيم السري من جديد
- الحل الثاني للجماعة
- قطب وناصر
- أزمة مارس ١٩٥٤
- حادثة المنشية
- محكمة الشعب
- عزل نجيب
- تنظيم ٦٥
- إعلام المؤامرة
- السادات رئيسا
- عودة الروح
- دولة العلم والإيمان
- من الجماعة إلى الجماعة
- دماء جديدة في جسم منهك
- التنظيم الدولي
- الانقلاب على السادات
- مبارك رئيسا.. بالصدفة
- سياسات مبارك مع الإخوان
- سياسات مبارك مع المعارضة
- قضية سلسبيل
- إيد واحدة
- الوريث
- إعادة توزيع المعارضة
- حركة كفاية ٢٠٠٤
- الانتخابات الرئاسية ٢٠٠٥
- الانتخابات البرلمانية ٢٠٠٥
- مبادرة الإصلاح ٢٠٠٦
- هايدلينا والسلام والميليشيات
- تعديل الدستور ٢٠٠٧
- الدويقة والمحلة وغزة ٢٠٠٨
- البرادعي وحلم التغيير ٢٠٠٩
- اللعب على الطرفين
- كلنا خالد سعبد
- ☑ جمال رئيسًا لمصر
حتى أفضل الخطط يمكن أن تتعثر. في مارس 2010، مرض مبارك مرة أخرى، وسافر هو وحاشيته إلى هايدلبرج في ألمانيا، وقالت الرواية الرسمية إنه في حاجة إلى جراحة لإزالة المرارة. ويبدو أن العائلة لم تكن لتثق في أي جراح مصري لإجراء تلك العملية البسيطة، بالرغم من أنها لم تكن جراحة طارئة. وبعد العملية، وبينما كان الرئيس يتلقى العناية في حجرته بمستشفى هايدلبرج الجامعي، كانت زوجته وابنه حريصين على التأكد من أنه لن يفارق الحياة في توقيت غير مناسب، وانطلقت حملات داعمة لتأييد ترشيح جمال مبارك، وانتشرت الملصقات في القاهرة وبعض عواصم المحافظات التي تطالبه بالترشح… كانت تلك الحملة بمثابة جس نبض لمعرفة رد فعل الشارع والنخبة السياسية.
بدون ماكياج، ظهر الرئيس في عمره الحقيقي بعد أن غادر هايدلبرج بعد فترة نقاهة استمرت ثلاث أسابيع، لكن هذه المرة لم يترجل من سلم الطائرة بنفسه كما حدث عندما عاد من المستشفى في المرة السابقة. كان السؤال: هل ستكون هذه نهاية رئاسته؟
في يوم 25 يونيو 2010، شهدت شوارع القاهرة ملصقات تدعو لمبايعة وترشيح جمال مبارك رئيسًا لمصر 2011، وحملت توقيع “الائتلاف الشعبي”. وشغل منصب منسق هذا الائتلاف “مجدي الكردي”، الذي كان بالأصل أحد عناصر الأمن داخل حركة كفاية، ثم غيّر اتجاهه إلى الحزب الوطني ودعم جمال مبارك. وباتت جريدة المصري اليوم تنشر صورًا يومية لملصقات تُعلَّق في الشوارع، وتطالب بترشيح جمال مبارك للرئاسة، إضافةً إلى حوارات وتصريحات يومية لأسماء مغمورة تزعم تشكيلها لجانًا وحملات لترشيح النجل. في هذا الوقت، تفتقت في عقل الصحفي المعارض إبراهيم عيسى فكرة مجنونة بدأ تنفيذها على الفور، وكانت فكرة عيسى ببساطة أنه ما دامت عجلة التوريث تدور بسرعة، فليضع هو وبعض رفاقه المعارضين عصًا في العجلة.
قرر عيسى أن يطبع ملصقات تطالب بعمر سليمان رئيسًا وبترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة، مع أن سليمان نفسه ليس سياسيًا بالمرة، وهو مخلص لمبارك بشكل تقليدي ويكاد يكون الشخص الوحيد الذي يقف مع مبارك إيمانًا به، وليس حتى لمصلحته الشخصية، مثلما حال صفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي وغيرهم، وقصد عيسى بفكرته أن يوحي للشارع بوجود صراع في النظام وتناقضات بين النجل ورجال الرئيس، والحد الأدنى من النتائج أن يقرروا نزع الملصقات كلها: ملصقات جمال وسليمان معًا.
بالفعل، تمت طباعة الملصقات وتعليقها في ميادين مترامية الأطراف في القاهرة، وبقليل من الجهد، تم توصيل الخبر إلى عدد من الصحفيين والوكالات الصحفية الذين التقطوا الخبر، وباتت الصور لدى جميع الصحف. وبعد عدة ساعات، كانت مؤسسة الأهرام تتلقى تعليمات بعدم طباعة أي نسخة من أي جريدة تنشر خبرًا عن هذه الملصقات وصورها. والحقيقة أن الصحف الخاصة الثلاث: جريدة الشروق، والمصري اليوم، وبالطبع جريدة الدستور التي يتولى إبراهيم عيسى رئاسة تحريرها، كانت بالفعل قد تصدرت صفحاتها الأولى صور هذه الملصقات “القنبلة”، وتم حرق النسخ التي طبعتها إحدى هذه الصحف في مطبعتها الخاصة، وأزيلت جميع ملصقات عمر سليمان بسرعة مثيرة للإعجاب، في الوقت الذي لم تُمزق فيه قطعة واحدة من ملصق دعائي لجمال مبارك.
وواصلت جريدة المصري اليوم نشر تفاصيل حملة ترشيح جمال مبارك بالحماس ذاته وكأن شيئًا لم يحدث قط، لكن الصور قد فجرت بالفعل قلق وتوتر جمال مبارك، وقطع عمر سليمان زيارته للولايات المتحدة عائدًا إلى مصر لمتابعة المصيبة التي حلت فوق رأسه، وتم اعتقال رفاق إبراهيم عيسى الذين تولوا مسألة الطباعة والتعليق، وبالطبع أنكروا تمامًا معرفتهم بإبراهيم عيسى، وخرجوا جميعًا تباعًا بعد أيام من الاحتجاز والاعتقال في مبنى جهاز أمن الدولة في مدينة نصر، حيث النوم في زنزانة مكبلي الأيدي والقدمين والضرب والصفع والشتائم، ثم التحقيقات المطولة عن قصة الملصقات وما وراءها ومن ورائهم، وقد جرت الاستجوابات في حضور مندوبين، فيما يبدو، عن عمر سليمان.
لقاء البرادعي الثاني مع عمرو أديب
في 30 يونيو 2010، التقى عمرو أديب للمرة الثانية بالدكتور محمد البرادعي في منزله بالقاهرة، وتحدث فيه البرادعي عن التضييق الأمني الذي يتعرض له أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير أثناء جمع التوقيعات على بيان التغيير، وتحدث عن إيمانه بأن التغيير قادم لا محالة وأن التغيير سيحدث مثل كرة الثلج التي تبدأ من لا شيء، ثم تزداد يومًا بعد يوم حتى تصل إلى النقطة الفاصلة. وقال البرادعي إنه يؤيد أن يكون للإخوان المسلمين حزب سياسي طالما أنهم قالوا إنهم يؤيدون الدولة المدنية
، على حد تعبيره.
وهنا استنكر عمرو أديب تصديق البرادعي للإخوان بسخرية: طالما أنهم قالوا..آه
، فأجاب البرادعي إنه يجب أن نقنن هذا في الدستور (يقصد تقنين مدنية الدولة) على غرار الدستور في ألمانيا وتركيا، فالإخوان قد أكدوا أنه لن تكون هناك أحزاب دينية وأنهم يؤيدون الدولة المدنية. وقال البرادعي إنه لو كان في موقع قيادي لقنن الدولة المدنية في الدستور لإزالة كل المخاوف من الإخوان المسلمين والدولة الدينية.
تسأل عمرو أديب عن مدى أمل البرادعي في تحقيق تلك المطالب السبعة، فأجاب البرادعي بكل ثقة: هيحصل.. وأنا متأكد بالطبع.. هييحصل السنة دي.. أو بعد سنتين.. أو بعد خمسة.. المهم إنه هيحصل
. وفي نهاية الحوار وجّه البرادعي رسالة للشعب المصري قائلًا: التغيير هيحصل في مصر، وعايز أوجه رسالة للشعب: إن الشعب لازم يكون في ضهري وحواليّا، لأن مافيش قائد مُخلص هايغيّر، وأعتقد إننا سننجح في نهاية المطاف
.
وسخر البرادعي من ادعاء عمرو أديب أن الانتخابات الرئاسية معروفة نتيجتها مقدمًا لأنها ستُزوَّر، فأجاب أديب على سخرية البرادعي قائلًا: إن النتيجة معروفة مقدمًا ليس لأنها ستُزوَّر، ولكن النتيجة معروفة مقدمًا لأن مصر تثق في حزب [يقصد الحزب الوطني] وفي نظام هي عايزاه يكمل.. مش كل يوم واحد هيجيلنا من ڤيينّا [يقصد البرادعي] هنغير الريس بتاعنا
. فأجاب البرادعي: “لا أعتقد أن مصر تثق في هذا الحزب وهذا النظام، وسنرى
.
صورة مبارك التعبيرية
في حادثة تُعد الأكثر كوميدية في عام 2010، قامت جريدة الأهرام في 14 سبتمبر بنشر صورة مُختلقة باستخدام تقنيات تعديل الصور للرئيس المصري حسني مبارك، تُظهره وهو يقود الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على سجادة حمراء داخل البيت الأبيض في الجولة الأولى لمفاوضات السلام، التي عُقدت بالعاصمة الأمريكية واشنطن في مطلع الشهر ذاته، بدلًا من موقعه الحقيقي في الصورة الأصلية كتابع لهم.
وأثارت الصورة المُختلقة ردود فعل وانتقادات واسعة للصحافة المصرية، بعدما اكتشفها الناشط اليساري المصري وائل خليل، وقام بنشرها على مدونته. أما جريدة الأهرام فقد دافعت عن موقفها على لسان رئيس تحريرها أسامة سرايا، بقوله إن الصورة التي نُشرت بالأهرام للزعماء المشاركين في إعادة إطلاق عملية السلام هي صورة تعبيرية، وتؤكد دور الرئيس مبارك في تحقيق السلام
.
الثائر خالد عبد الله
في 2010، وعلى قناة الناس، قام خالد عبد الله، المذيع بأحد القنوات الدينية الإسلامية، باستضافة أحد نواب مجلس الشعب من المعارضين لحكم مبارك، وسأله بأسلوب يحمل استنكارًا واضحًا لتحميل المعارضة كل ما يحدث من كوارث لشخص مبارك بقوله: هل فعلًا مطلوب يا سعادة النائب من السيد الرئيس حسني مبارك، أن كل مشكلة موجودة في مصر لازم يتدخل شخصيًا لتعديل الأوضاع؟
. وفي نفس العام، وفي الوقت الذي كانت المعارضة تصرخ بعلو صوتها تطالب برحيل مبارك، كان خالد عبد الله يمدح عصر مبارك على نفس القناة قائلًا: إحنا بنعيش في عصر محدش يقدر ينكر إن التعبيرات عن الحرية وصلت إلى أسقف مكانتش موجودة قبل كده
.
وفي نفس البرنامج، يتساءل خالد عبد الله مستنكرًا معارضة التيار الوطني لترشيح جمال مبارك خلفًا لوالده: هل إن يترشح السيد جمال مبارك أو غيره هل ده فيه شيء من العيب؟
. وفي حلقة أخرى، لا يتوانى خالد عبد الله في تلميع جمال مبارك بقوله: أستاذ جمال مبارك أعلنها صراحة في خبر من حوالي أسبوع أو حاجة، أن العدالة لابد أن تأخذ مجراها بحكم أنه أمين لجنة السياسات ومتعايش معانا الأمر
. وفي حلقة أخرى، يستنكر خالد عبد الله كم المعارضة التي يلقاها جمال مبارك في الشارع ويقول لضيفه في الحلقة: ابن الرئيس بيطرح اسمه للنزول كمواطن له حق في مسألة الترشح للرئاسة، يستاهل ده التوتر اللي بنشوفه والمظاهرات والمناهضات وما شابه ذلك؟
.
وفي لقائه مع الأستاذ طارق العوضي المحامي المعارض، قال الأستاذ طارق مهاجمًا نظام مبارك: الأمن المصري بجلالة قدره جابلنا بلطجية يضربونا في الشارع
، فيجيبه خالد عبد الله ساخرًا في برود منقطع النظير: طيب ما بتفكروش تعملوا الكلام ده [التظاهرات] في حاجة زي الهايد بارك مثلًا؟
. ويقر الشيخ خالد في حلقة أخرى أن قوى التيار الإسلامي أبعد ما تكون عن الثورية والمعارضة قائلًا: خط الدفاع الأول في هذا البلد هم الدعاة، محرضناش على حد ولا عمرنا أمرنا بمظاهرات ولا عمرنا ساعدنا على الناس وقولنا اخرجوا ولعوا الدنيا وكسروا الشوارع واحرقوا البلد زي كتير من الحركات السياسية اللي حضرتك تعرفها كويس هي اللي بتثير هذا الكلام !!!
.
وفي مقطع آخر، يدافع خالد عبد الله عن نفسه بأنه أبعد ما يكون عن قناة الحظيرة [يقصد قناة الجزيرة] التي تشتم في الحكام
، وأنه ضدها بالطبع. وفي حلقة أخرى، يؤكد خالد عبد الله على الحنكة السياسية للرئيس مبارك في حل مشكلة الجزائر! وفي مداخلة له في أبريل 2010 مع عمر أديب ومصطفى شردي في برنامج القاهرة اليوم، تهكم خالد عبد الله على دعوة البرادعي للتغيير بقوله: الشعب المصري عايز يغير بأي شكل، يغير ناظر المدرسة لمجرد التغيير حتى لو جه ناظر أسوأ منه
. وربما كانت تلك المرة الوحيدة التي كان فيها خالد عبد الله صادقًا في تحليلاته.
صدر للكاتب:
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ ٢٠١٧
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [قيصر جديد] ٢٠١٨
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [صراع العروش] ٢٠٢٢
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [العملية ظافر] ٢٠٢٤
