
- كيف نشأت الجماعة؟
- ما بين العنف والنفاق
- الإخوان والعمل السياسي
- نشأة النظام الخاص
- المواجهة الأولى
- الإخوان المسلمين والبرلمان
- الإخوان وحكومة النقراشي
- الإخوان وحكومة صدقي
- انشقاق البنا والسكري
- الإخوان والدم
- قتل الخازندار
- الإخوان والحرب
- حل الجماعة
- ما بعد حل الجماعة
- أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض
- نسف محكمة الاستئناف
- حادث حامد جودة
- الهضيبي مرشدا
- الإخوان وعبد الناصر
- عبد الناصر مرشدا
- اعتقال الهضيبي
- نهاية شهر العسل
- التنظيم السري من جديد
- الحل الثاني للجماعة
- قطب وناصر
- أزمة مارس ١٩٥٤
- حادثة المنشية
- محكمة الشعب
- عزل نجيب
- تنظيم ٦٥
- إعلام المؤامرة
- السادات رئيسا
- ☑ عودة الروح
الجماعة… قرار حظرها حاضر عند كل صاحب سلطة من دون أن يسلم خاطره من أغراء أستخدامها.(السفير البريطاني رالف ستيفنسون)
مع تولي السادات، الذي لم يكن يمتلك أي شعبية حقيقية في الشارع، مقاليد الحكم في مصر، كان في حاجة إلى تأييد شعبي في مواجهة طوفان شخصية كاريزمية مثل عبد الناصر. وفي مواجهة أنصار عبد الناصر، كان السادات بلا رجال، فلم يجد بدًا من أن يصنع مؤيدين له بنفسه. ولم يجد أمامه سوى الإخوان المسلمين، الذين عانوا كثيرًا في عهد عبد الناصر، ليسبغ عليهم رحمته ويخرجهم من المعتقلات، فيصيروا له عونًا ودعمًا وقتما يحتاج إليهم، ويكونوا رجاله ضد رجال عبد الناصر، وضد اليساريين والاشتراكيين الذين يعارضون نظامه وينكرون شرعيته.
طلب السادات ملفات الإخوان المسلمين، وقرر الإفراج عنهم في صفقة سياسية مربحة للطرفين. فقد رأى البعض أن السادات أراد أن يبدأ صفحة جديدة مع كل القوى السياسية لتجفيف منابع الحقد في النفوس، والبعض رأى أنه أراد استقطاب عناصر التيار الديني لمناصرته في حربه ضد الشيوعيين والناصريين ومراكز القوى، خصوصًا أن المستشار حسن إسماعيل الهضيبي، المرشد الثاني للجماعة، ادعى تخليه عن العنف، وألف كتابًا في أثناء وجوده في السجن سماه دعاة لا قضاة
ردًا على كتاب سيد قطب معالم في الطريق
، ادعى فيه محاولة لجم أفكار سيد قطب ومنعها من اكتساح أفكار الجماعة، لتأكيد فكرة التخلي عن العنف والتمسك بالدعوة فقط.
كان الإخوان حينئذ لا يتجاسرون على توجيه أي نقد “للشهيد” سيد قطب، كما يحلو لهم أن يلقبونه، ويقفون بكل حماس خلف إعادة طبع كتبه التكفيرية. ولذلك يبدو أن كتاب دعاة لا قضاة
كان مجرد خدعة من حسن الهضيبى، فقد أكدت زينب الغزالي، رائدة الأخوات المسلمات حينئذ، في مذكراتها أيام من حياتي
، أن فضيلة المرشد قرأ كتاب معالم في الطريق
وهو في السجن مرتين وأجاز طبعه، وقال: إن الكتاب جعل من سيد قطب أمل الدعوة
. وأيا كان الدافع، فقد أفرج السادات عن قادتهم أولًا، وأحالهم إلى العمل العلني معتقدًا أنهم سيدينون له بالولاء.
في صيف عام ١٩٧١، وفي استراحة الرئاسة بجناكليس بالإسكندرية، وبترتيب من الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، التقى السادات بزعماء الإخوان في الخارج، ومن بينهم سعيد رمضان (زوج ابنة حسن البنا ورئيس المنظمة الإسلامية في جنيف التي كانت ترعاها السعودية)، وعمر التلمساني (المرشد الثالث للجماعة). وقد حضر هذا اللقاء عثمان أحمد عثمان (مؤسس المقاولون العرب)، ويوسف مكاوي، ومحمد عثمان إسماعيل.
في هذا اللقاء، قال لهم السادات إنه يواجه نفس المشاكل التي قاسوها، ويشاركهم أهدافهم في مقاومة الإلحاد والشيوعية، وعرض عليهم استعداده لتسهيل عودتهم إلى النشاط العلني في مصر. وأوكل السادات لكل من محمود معوض جامع ومحمد عثمان إسماعيل مهمة إنشاء تيار إسلامي في الجامعة تحت مسمى شباب الإسلام
لذلك الغرض، الذي تحول لاحقًا إلى الجماعة الإسلامية
. وشدد السادات على فتح كل الإشارات الخضراء للإسلاميين بكل تسمياتهم في الجامعات المصرية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين. وقد كان له كل ما أراد.
عقب اعتصام “الكعكعة الحجرية” في عام ١٩٧٢، استشعر السادات خطر اليسار عليه، فأطلق يد الإخوان أكثر فأكثر لضرب القوى اليسارية، من ناصريين وشيوعيين خاصة في الجامعات والمصانع، مقابل حصولهم على المزيد من الحرية وإعادة إصدار مجلة الدعوة
، وعودة رموزهم بثرواتهم الطائلة، وفتح باب العمل لهم في الجامعات المصرية، وأعاد المفصولين منهم إلى أعمالهم، وفتح باب الدعوة لهم بشرط ألا يقوموا بعمل عدائي ضده. وعندما أعاد الرئيس أنور السادات الإخوان للحياة في السبعينيات، لم يكن التنظيم مقبولًا من الشعب ولا من القوى السياسية، ولكن عبر السنين تمت عملية تبييض وجه لسياسيات الإخوان، اشترك فيها الكثيرون.
في عام ١٩٧٣، أصبح المحامي محمد عثمان إسماعيل محافظًا لأسيوط. بعدما أصرّ على النوم في حديقة قصر السادات بالجيزة ليحرسه ويفديه من رجال عبد الناصر في بداية عصر السادات، ولأن السادات رجل أصيل، فقد قرّر أن يردّ الجميل لمحمد عثمان وكلفه بالقيام بمهمة خطيرة محددة، وكان من نتائجها المباشرة اغتيال السادات.
حذرنا السادات من أن محمد عثمان إسماعيل كان من الإخوان، وله صلات وطيدة بقياداتها مثل المرحوم محمد عبد العظيم لقمة، وعمر التلمساني، ومصطفى مشهور وغيرهم. فقد كان محمد عثمان إسماعيل عضوًا قياديًا نشطًا في شعبة الإخوان في أسيوط، ولكن السادات تجاهل كل ذلك وعينه محافظًا لأسيوط، وجدّد له ثلاث فترات متتالية، وعينه برتبة وزير رغم أن المحافظين وقتها كانوا برتبة نائب وزير. وقبل ذلك كان قد عينه أمين التنظيم بالاتحاد الاشتراكي.
عُقِد اجتماع في مقر الاتحاد الاشتراكي، حضره السيد محمد إبراهيم دكروري والسيد محمد عثمان إسماعيل، واتُّخذ فيه القرار السياسي بدعم نشاط الجماعات الدينية ماديًا ومعنويًا. واستُخدِمت أموال الاتحاد الاشتراكي في طبع المنشورات، وتأجير السيارات، وعقد المؤتمرات، وشراء المطاوي والجنازير.(فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة، الإخوان وأنا)
وتؤكد مجلة نيوزويك (Newsweek) كلام اللواء فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة، في عددها بتاريخ 26 أكتوبر 1981، حيث ذكرت أن محافظ أسيوط محمد عثمان إسماعيل كان يوزع الأسلحة على جماعة الإخوان المسلمين
، ومارست هذه الجماعات كل أنواع البلطجة على شعب أسيوط، وتوحشت هذه الجماعات بعد ذلك، وكونت تنظيمات إرهابية دولية.
وليس غريبًا أن يكون معظم رؤوس التنظيمات الإرهابية، والمتهمون بقتل السادات، وأبطال العديد من الأعمال الإرهابية، من خريجي جامعة أسيوط، أمثال عصام دربالة، وناجح إبراهيم، وكرم محمد زهدي، وعاصم عبد الماجد، وفؤاد محمود حفني، ومحمد ياسين همام، وحمدي عبد الرحمن، وأسامة إبراهيم حافظ، وأحمد حسن دياب.
كنا نعرض التجاوزات التي تحدث أولًا بأول على الرئيس السادات، ومنها شكاوى الإخوة المسيحيين في أسيوط من تصرفات الجماعات الدينية والإخوان المسلمين. وحذرنا من تنامي بذور الفتنة الطائفية، والتي بدأت باعتداءات فردية على الكنائس ووصلت ذروتها بحوادث الزاوية الحمراء.(فؤاد علام، الإخوان وأنا)
في حين اعترف محمد عثمان إسماعيل صراحةً في مجلة روز اليوسف، في رده على فؤاد علام قائلًا:
فبادئ ذي بدء، إنني شكّلت الجماعات الإسلامية في الجامعات باتفاق مع الرئيس الراحل السادات.(محمد عثمان إسماعيل، مجلة روز اليوسف)
صدر للكاتب:
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ ٢٠١٧
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [قيصر جديد] ٢٠١٨
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [صراع العروش] ٢٠٢٢
كتاب: ﻻ أحد يتعلّم من التاريخ [العملية ظافر] ٢٠٢٤