لقاء الأنبا إرميا الأول بمديرة القسم العسكري والسياسي بالسفارة الأمريكيةفي ظل توترات تعيشها منطقة ال بسبب دعوات الرئيس الأمريكي بالتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة محتجًا بإعادة الإعمار، وتعثر إكمال اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، والضغوط الكبيرة التي يمارسها الرئيس الأمريكي ترامب على مصر والأردن لتهجير الفلسطينيين إليهم، يخرج علينا ال، الذي سيطر في غفلة من الزمن على بالكاتدرائية ونصب نفسه رئيسًا له بعد رحيل البابا ، ليعلن عبر صفحة المركز المخطوف أنه استقبل أليشيا ألمو بيكر، مديرة القسم السياسي والعسكري للسفارة الأمريكية بالقاهرة، مرتين خلال أسبوع واحد، الأولى بمفرده في 5 فبراير الجاري [1]، والثانية في 11 فبراير بحضور فضيلة الدكتور محمد أبو زيد الأمير، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري سابقًا، والمُنسق العام الحالي لبيت العائلة المصرية [2].

لقاء الأنبا إرميا الثاني بمديرة القسم العسكري والسياسي بالسفارة الأمريكيةهذه المقابلات تستوجب طرح العديد من الأسئلة على جنرال ال، نيافة الأسقف إرميا:

* هل هذه اللقاءات بعلم وموافقة قداسة البابا ؟
* هل هي مقابلات سياسية للكنيسة المصرية، وتم تكليف الأنبا إرميا بلقاء مديرة القسم العسكري والسياسي؟
* هل يتحرك الأنبا إرميا من تلقاء نفسه ليمثل بصفته أسقفًا عامًا في لقاءات مع نظرائه من الأمريكيين؟
* إذا كان الأنبا إرميا يستقبلها من تلقاء نفسه دون تكليف من الرئاسة، فما علاقته بالشؤون العسكرية والسياسية؟

كل ما نعلمه أن هناك لقاءات بروتوكولية، حيث يزور سفراء الدول المختلفة في مصر، خاصة في بداية تعيينهم أو في نهاية فترة تعيينهم، البابا تواضروس الثاني مباشرة. وتكون الزيارة للبابا بصفته الممثل الرسمي ل القبطية العريقة، وليس لأحد أساقفة الكنيسة العموم أو المعاونين إجراء مثل هذا التمثيل إلا بتفويض بحسب المادة 54 من اللائحة الأساسية لل [3].

ولكن في كل الأحوال؛ ما علاقة الكنيسة بمسؤول سياسي وعسكري داخل إحدى السفارات حتى ليقابل البابا تواضروس نفسه؟

الأنبا إرميا وأليسا بيكر مديرة القسم العسكري والسياسي بالسفارة الأمريكيةنتفهم أن يلتقي الأنبا إرميا بالمسؤول أو الملحق الثقافي للسفارة، بحكم سيطرته على المركز الثقافي واستيلائه على منصب المتنيح البابا شنودة الثالث. ونتفهم أنه يمارس أدوارًا عديدة لا تتضمن الثقافة أو التنوير، ولكن ما هي علاقته بالشؤون السياسية والعسكرية، ليلتقي شخصية لا تُوصّف بأقل من أنها ضمن فريق الاستخبارات الأمريكية في سفارتهم بمصر؟ ولماذا بعد أن استضافها أول مرة يستضيفها مرة أخرى بحضور دكتور محمد أبو زيد منسق بيت العائلة؟ هل طلبت منه أليشيا بيكر ذلك، في لقائهما الأول؟ أم أنه هو بحصافته غير المعهودة من إرتأى أنه لا يجب أن يُدخِل العسكريين الأمريكان للكنيسة، إلا ويده في يد الأزهر؟ لا دولة تهمّه ولا بطريرك يلمّه؟

كلها أسئلة لا توجد إجابة عليها ولا نعرف بأي صفة يلتقي الأنبا إرميا ومنسق بيت العائلة بمديرة القسم العسكري والسياسي للسفارة الأمريكية؟ هل مثلًا سيعقدون معها صفقات سلاح؟ أم سيعقدون معها اتفاقية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ونحن لا نعرف؟ وما هي صفة اثنين من رجال الدين في مصر كي يلتقيا بمسؤول رسمي من سفارة الولايات المتحدة الأمريكية؟

إرميا وتملق ترامبعلاقة نيافة المُستلب الثقافي بالولايات المتحدة عمومًا، وبالرئيس دونالد ترمب خصوصًا، هي علاقة مثيرة للريبة والقلق منذ فترة بعيدة، خذ على سبيل المثال سيل من المنشورات لتهنئة ترامب بفوزه الانتخابي الأوّل [4] والثاني [5] وتمني السلامة بعد محاولة الاغتيال، وهو ما لم يفعله مع الرئيس الأسبق . وبناءٌ عليه، تكون تهنئته ليست أمرًا بروتوكوليا عامًا وليست لكل رئيس أمريكي بل هي علاقة شخصية، يتصرف فيها نيافة الأسقف وكأنه مواطن أمريكي حر في الانتخابات المحلية، وهو في ممارساته الانتقائية تلك، يوظّف العاملين بالمركز وبالقناة الفضائية لخدمة خياراته الذاتية الشخصية، خالطًا بين الأدوات الكنيسة التي يديرها، وبين ملكيته الشخصيّة. ﻻ يجب أن تُدار  عزبة الأسقف -بما فيها من عبيد مسخّرة سياسيًا- بهذه الطريقة من دون محاسبة.

أيضًا لا تخلو هذه العلاقة من نفاق شعبي رخيص وديني أرخص، خذ مثلًا تشبيه شفاءه من كورونا هو وزوجته [6] بأنه مثل نجاة (وزوجته؟!) في بطن الحوت [7]، [8]. الأمر يثير  الغثيان والتقزز ويعطي انطباعًا مهينًا للكنيسة والدولة سويًا، فما يمارسه الأسقف إرميا يقع تحت بند التزلف والنفاق السياسي، الذي لا يجب أن يمارسه رجل دين ولا حتى رجل سياسة، لأنها ممارسات مفضوحة.

ثمّ هل هذا التملق القديم هو سبب اللقاء؟ أم لعل سبب اللقاء له علاقة بـ” البيت الأبيض”، الذي أعلن عنه ترامب مؤخرًا وتتزامن تحضيراته مع هذه الفترة؟ [9] ولو الأمر يتعلق بهذا المكتب، فالأنبا إرميا هنا يمثل من؟ نفسه؟ أم الكنيسة المصرية؟ أم بيت العائلة المصرية؟

نعود فنقول أن هذه عادة الأنبا إرميا ولن يتخلى عنها، فهو دائمًا يتدخل في السياسة ويحاول أن يبحث لنفسه عن منفذ وتواجد في الحياة السياسية، وهو ما يمارسه باستماتة واقتناص في كل فرصة سانحة، حماية له من أي محاولة لنقله بعيدًا عن الدجاجة التي تبيض له ذهبًا في أعشاش المركز الثقافي و التي تأتي إليها التبرعات وتعلِن بشكل دائم عن حاجتها لجمع تبرعات من أجل إخوة الرب الذين يتم المتاجرة بهم أيضًا ويظهرون على الفضائيات وهم يتلقون الإحسانات في إهانة لهم ولعوزهم ومتاجرة بهم لدى المتبرعين.

وإيه كمان يا أنبا إرميا؟! 5كان الأنبا إرميا قد شارك في اجتماع سابق مع أجهزة الدولة قبل 30 يونيو 2013، وفور الخروج من الاجتماع أبلغ قيادات الإخوان بما دار في الاجتماع، أي أنه مزدوج اللعب على الحبال. كما ساهم بدورٍ مشبوه لطمس ما جرى في مذبحة ، بل قام باستضافة وتكريم وزير إعلام المذبحة، وأدخل مرشد الجماعة إلى المقر البابوي للقاء البابا شنودة الذي كان شبه غائب عن الوعي في أيامه الأخيرة، على حد تعبير النائب على صفحته الشخصية [10].

وهنا السؤال للبابا و: ما هي وظيفة الأنبا إرميا، الأسقف الجنرال، بالضبط داخل الكنيسة؟ وهل سيمر لقاء مثل هذا مرور الكرام؟ أم سيكون لكم موقف قبل أن تتورط الكنيسة المصرية فيما لا تعرف أو تفهم؟

أخيرًا، لا يمكن فصل تلك المقابلات عن الأحداث الجارية والضغوط الحالية التي تتعرض لها مصر على يد الرئيس الأمريكي ترامب بشأن قطاع غزة من الفلسطينين، فالأمور جميعها متشعبة و”منفدة على بعض”.

‎ ‎ هوامش ومصادر: ‎ ‎
  1. صفحة المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، نيافة أنبا إرميا يستقبل أليسا بيكر. [🡁]
  2. صفحة المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، نيافة أنبا إرميا وأ. د. محمد أبو زيد الأمير يلتقيان مدير القسم السياسي والعسكري بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في مصر. [🡁]
  3. مادة‎ ٥٤: البابا هو المسئول عن الأمور العامة في الكنيسة. وهو الذي يمثلها أمام الدولة وأمام الكنائس الأخرى وكل الهيئات الرسمية والدينية.
    اللائحة الأساسية للمجمع المقدس، الإصدار الثاني: مارس ٢٠٢١م.، المادة 54، نسخة على Theosis Across Borders. [🡁]
  4. نيافة الأنبا إرميا على صفحته الشخصية: نهنئ الرئيس دونالد ترامب الرئيس ال ٤٥ للولايات المتحدة الأمريكية لفوزه بانتخابات الرئاسة. [🡁]
  5. صفحة قناة مي سات، الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي وقناة مي سات وأسرة المركز والقناة في مصر وأمريكا وألمانيا يهنئون الرئيس دونالد ترامب بفوزه في الانتخابات. [🡁]
  6. نيافة الأنبا إرميا على صفحته الشخصية: المركز الثقافي القبطى الأرثوذكسي وقناة مي سات بمصر وأمريكا برئاسة نيافة الحبر الجليل الأنبا إرميا وجميع المديرين والعاملين يتمنون ‏الشفاء للرئيس الأمريكي والسيدة قرينته. [🡁]
  7. نيافة الأنبا إرميا على صفحته الشخصية مخاطبًا الرئيس الأمريكي: حفظك الله ونجاك من هذا المرض الفتاك. كما حفظ الله يونان في بطن الحوت ونجاه. [🡁]
  8. صفحة المركز الثقافي القبطي: نيافة الأنبا إرميا للرئيس الأمريكي: هكذا حفظك الله ونجاك من كورونا كما حفظ يونان في بطن الحوت. [🡁]
  9. ميشيل مكين، مكتب إيمان البيت الأبيض. [🡁]
  10. النائب عماد جاد على صفحته الشخصية: الأسقف المسئول عن المركز الثقافي الأرثوذكسي يعلن دعمه للقوى المعادية للتنوير […] هذا الأسقف تآمر لطمس حقيقية ما جرى في مذبحة ماسبيرو، بل قام باستضافة وتكريم وزير إعلام المذبحة، وأدخل مرشد الجماعة المقر البابوي للقاء البابا شنودة الذي كان شبه غائب عن الوعي في أيامه الأخيرة. [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي

باحث وكاتب صحفي متابع للشأن الكنسي وشؤون الأقليات.
زميل برنامج زمالة الأقليات- مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان- الأمم المتحدة، جنيف/ ستراسبرج 2023.
زميل برنامج "" () لشبونة 2022.

‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎