المجيد هو العيد الذي نحتفل فيه بانتقال البشرية من حالة التيه والضياع، التي جعلت الإنسان يسأل نفسه: “جئت لا أعلم من أين؟” ويصارع ذاته حول قيمته وأصله ومصدره، إلى حالة اليقين والسلام.

قبل التجسُّد، كان الكلام عن الله مجرَّد تكهُّنات وأحاديث مُنْقولة، يُمْكِن تصديقها أو لا. لكنَّ البشريَّة عرفت اليقين الحقيقي فقط من خلال المسيح، الذي كان يُقَدِّر أن يَقِف بثقة ويَقُول: “أنا هو”.

أخيرًا، أصبح لدى الإنسان يقين أنه مهم ومحبوب، وأن قيمته عظيمة، لدرجة أن الله نفسه تجسد واتخذ لقب “ابن الإنسان”. ولخص القديس هذا المعنى العميق في عبارة خالدة: أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له.، أو بالمصري البسيط: ناسبنا الحكومة!

النسب الذي به تمجد الله في الأعالي من شدة محبّته واتضاعه، أصبح في إمكان الأرض أخيرًا أن تنعم بسلام عميق حقيقي، ويستطيع كل إنسان أن يعيش سلامه الخاص، بين الجزء الإلهي في داخله والجزء الإنساني الذي تقدّس بالتجسّد، ليستطيع أن يعيش المسرة والفرح الدائمين.

الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ.

(إنجيل لوقا 2: 14)

بعد التجسد، لم يعد هناك مجال للحزن أو القلق أو الخوف، أو حتى الحقد والكراهية والخصام؛ لأن أي شعور من هذه المشاعر لا يتوافق مع عظمة عمل الله المجاني للبشرية جمعاء، بل يُعد إهانة لعمله. لذلك أصبح الفرح وصيةً كتابيّة، وليس مجرد حالة عابرة.

أتمنى لكم عيد ميلاد مختلفًا، وفرحًا لا يُنطق به، ومجيدًا يملأ قلوبكم وأرواحكم. وسلام الله العميق ليعمّ الخليقة كلها.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

إيريني إستمالك
[ + مقالات ]