“مجمعية.. مجمعية” شعار رفعه مجموعة من أساقفة “القبطية”، الملقبين بـ”الحرس القديم” نظرًا لرسامتهم على يد البابا  الراحل ال الثالث، وهو شعار يرفعونه مكايدة في البابا الحالي، ال الثاني، لغل يده في إدارة الكنيسة، ذلك لأن شعار “مجمعية” تم دفنه وإهالة التراب عليه في عهد البابا شنودة، فكان الآمر الناهي ولا يجرؤ أحد على معارضة أيا من قراراته، ولنا مثال في قرار عزل أستاذ اللاهوت دكتور بباوي الصادر دون محاكمة قانونية وبتوقيع نحو 66 أسقف من أساقفة الكنيسة وقتها.

جاء البابا تواضروس إلى كرسي القديس مرقس منذ 18 نوفمبر 2012، وحاول إجراء بعض الإصلاحات على نظام الكنيسة المهترئ، وتحويلها من منظومة خاضعة لحكم الفرد الأوحد، كما كان يديرها البابا شنودة، إلى “المؤسسية”، بوجود نظام إداري في مختلف قطاعات الكنيسة، ونجح البابا بشكل جزئي في بعض القطاعات مثل المجلس الإكليريكي الخاص بقضايا الطلاق وتصاريح الزواج لمرة أخرى، فبعدما كان مسؤولًا عنه الأنبا بولا، ، بمفرده مدة تزيد عن 25 عامًا في حبرية الأنبا شنودة الثالث، اليوم تم تقسيم هذا المجلس إلى 6 مجالس إقليمية، لكل مجلس 3 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وبعدها يتم تغيير المجلس تمامًا.

على جانب آخر أنشا البابا بعض الهيئات لكنه لم يساهم في زيادة مساحة المشاركة ال، بل قلصها، فما كان يسمى قديمًا بـ” العام” وهو المجلس الذي يراعي أمور الكنيسة إداريًا وماليًا ويمثلها أمام الدولة ومكون من علمانيين -من غير الأكليروس سواء كهنة أو رهبان- تم تجميده منذ نهاية أخر مجلس منتخب في أبريل 2011 وقبل 11 شهرًا من رحيل البابا شنودة، وحينما جاء البابا تواضروس لكرسي مار مرقس، تحدث عن أن اسمه -أي الملي- لم يعد صالحًا لزماننا الحاضر ولابد من إنشاء لائحة جديدة خاصة بدور هذا المجلس، وهو ما لم يحدث، ولا ندري ما هو سبب تجميد انتخاب المجلس العلماني لمدة 13 عامًا الآن؟

الحاجة إلى وجود مجلس علماني يراقب على أداء الأساقفة أصبحت ضرورة ملحة اليوم، في ظل ما نشهده من تفكك ومؤامرات داخل ، فالكنيسة الآن خاضعة ﻻ لل [الكهنة]، بل لإدارة الأساقفة الرهبان وحدهم، ولا يراقب عليهم أحد ولا ينازعهم أحد في سلطانهم، فهم يدعون أنهم وحدهم خلفاء للمسيح وتلاميذه على الأرض ويفعلون ما يشاءون، ولا يجب أن يسائلهم أحد، ولنا في قضية الأخيرة مع المعيد بكلية الهندسة خير دليل، حين حاول المطران استغلال نفوذه ووضعه داخل الكنيسة في صراع شخصي، وحاول استغلال أجهزة الدولة في انتقاماته الشخصية، وصدّر للإعلام صورة الحمل الوديع الذي لم يفعل شيئًا ولم يحرك شيئًا من القضايا، وأن من فعل ذلك أجهزة الدولة، تارَة الأجهزة الأمنية، وتارة وزارة العدل، وهو ما لم يحدث، وجاء حكم القضاء عكس ما روج له المطران.

قطع العلاقات مع الكاثوليكوأخيرًا أحد المحسوبين على نفس مطران المنوفية والمدافعين عنه، ينشر تفاصيل مؤامراتية دارت  داخل أروقة مجمع الأساقفة الأخير، بخصوص وقف الحوار مع ، ومن المفترض أن اجتماع المجمع لا يُسمح بحضور علمانيين فيه -عشان الأساقفة شايفين نفسهم أسرة مع بعضيهم ومش المفروض يدخلوا العلمانيين الأغراب وسيطهم عشان يبقوا براحتهم- بالتالي تسريب أي مما دار داخل الاجتماعات لابد أن يكون عن طريق أحد الأساقفة أو المطارنة.

وإذا صح ما جاء بتلك التسريبات، فالكنيسة فعلًا في وضع مزري! أن يتحكم فيها أصوات الجهل، ويؤثرون في قرارتها بالتعبئة الشعبوية، فالتوصيف لما يقال هو ليس المجمع بل شعبويته، وإذا صح أن أغلب أساقفة المجمع صوتوا على تعليق الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية، بسبب الوثيقة الأخيرة الخاصة بمنح البركة لأشخاص خارج منظومة سواء يقيمون علاقات بمغايري الجنس أو مثليي الجنس، فنحن أمام كارثة تنم عن انتشار الجهل وعدم الاهتمام بالمتابعة والمعرفة، وفقط الأمور تمشي في كنيستنا القبطية بالسمع والشائعات وأن واحدًا من هؤلاء -الكبار- لم يقرأ الوثيقة بنفسه وﻻ فهم شيئا منها.

 

وهنا يجب أن نسأل ما هي المؤهلات العلمية الأكاديمية لكل أسقف داخل المجمع، فنسبة قليلة منهم لديهم دراسات لاهوتية أكاديمية، والعدد الأكبر جاء من الدير إلى الأسقفية دون مؤهلات تسمح لهم باتخاذ قرارات تمس العقيدة والإيمان وحياة المسيحيين، ولنا في اجتماع مجمع الأساقفة في نوفمبر 2016 مثال، فبعدما أصدر الأنبا بفنوتيوس، ، كتاب “المرأة والتناول”، ينتقد خلاله عدم سماح الكنيسة للنساء والفتيات بالتناول وقت الدورة الشهرية، موضحًا أن ذلك ليس من نهج كنيسة الإسكندرية القبطية، هاج على مطران سمالوط بعض الأساقفة من دعاة التهود مثل “هذا الأسقف”، الذي أصدر وقتها بيان ينتقده ويطالب بمنع النساء من التناول في هذه الفترة، وكان قرار مجمع الأساقفة في منتهى الخذلان، لأن البعض منهم حاول مسك العصا من المنتصف فخرجت صيغة المجمع “المرأة غير نجسة في ذلك الوقت، لكن يفضل ألا تتناول وأن تعود للأب الكاهن للاستئذان منه”.

ورغم أن “هذا الأسقف” ومجموعة الحرس القديم يملؤون الدنيا ضجيجًا على “مجمعية” الكنيسة، وهذا يعني أن قراراها جماعي وليس في يد البابا فقط، إلا أن كل منهم يعتبر إيبارشيته “أبعادية” أو “عزبة” يفعل فيها ما يحلو له ولا يسمحون لأحد بمحاسبتهم، وهذا يستدعي دور للعلمانيين في إدارة أمور الكنيسة والمراقبة على الأساقفة وتحويل الإيبارشيات من “أبعاديات” إلى “المؤسسية”.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي
[ + مقالات ]

باحث وكاتب صحفي متابع للشأن الكنسي وشؤون الأقليات.
زميل برنامج زمالة الأقليات- مكتب المفوض السامي لحقوق لإنسان- الأمم المتحدة، جنيف/ ستراسبرج 2023.
زميل برنامج "" () لشبونة 2022.