أخيرًا، بعد مماطلة وتصريحات متضاربة، كشف الأنبا بنيامين  عن وجهه الحقيقي، يوم الثلاثاء الماضي 23 يناير 2024 في ثاني جلسات محاكمة المهندس ، المعيد بكلية الهندسة جامعة المنوفية، بعدما أرسل الأنبا بنيامين محاميًا مفوضًا منه بشكل رسمي  للمطالبة بأقصى العقوبة على كيرلس.

كان الأنبا بنيامين ظهر في نفس توقيت أولى جلسات المحاكمة على قناة “مي سات” التي تُبث من بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ويسيطر عليها الأسقف العام، ليعلن نصًا: المسؤولين بيقدرونا، كتّر خيرهم، فوزارة العدل، أمرت النيابة بالقبض عليه.

تفويض الأنبا بنيامين للمحامي

أسبوع واحد فقط بعد هذا الفيديو، تبدل الحال تمامًا، واختفت صورة البراءة المصطنعة ليحل محلها الوجه الحقيقي، حيث قدم المحامي المفوض من بنيامين في الجلسة الثانية التفويض الخاص به من المطران، وطالب بأقصى العقوبة على كيرلس رفعت ناشد، إضافة للغرامة التي طالب بها محاميه في الجلسة الأولى وهي 100 ألف جنيهًا مصريًا.

كبسولة العدل والرحمةوليس هذا فحسب بل خرج المطران في كبسولات الـ”تيك أوي” اليومية، ليتحدث عن العدل والرحمة، وأكد أنه مع اللجوء للقانون وقال نصًا: “إن الخطايا تواجه بالعدل في كل الأحوال حتى لو استدعى الأمر اللجوء للقانون الذي يحفظ العقول من الخطأ والتمادي فيه ويأخذ كل مخطئ عقابه الرادع لأي تصرف خاطئ يتعدى الحدود”.

وهنا الأسقف يعلن بوضوح أن العلاقة بينه وشعب القبطية في المنوفية لا تعتمد على الأبوة أو الرعاية التي من المفترض أن يقدمها لهم الأسقف، بل سيواجه أي منتقد أو معترض على سياسته، باستخدام القانون، خاصة أنه تنصل من كونه من حرك البلاغات القانونية ضد كيرلس رفعت وأدعى في بادئ الأمر أنهم “الأحباء في الأمن”، وتارة “المسؤولين في وزارة العدل”، وهنا وفقًا لقوانين الكنيسة فإن المطران بلجوئه للقضاء المدني ضد أحد أبناء رعيته قد خالف قوانين الكنيسة ويستوجب عزله.

وأقدم جزء من مما ذكره المحامي الدولي في سويسرا عوض شفيق، خلال منشور له على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”:

نطالب الأسقف بنيامين مطران المنوفية وبكل احترام أن يطلب من محامية بتقديم بطلب إنهاء هذه الخصومة والتنازل عنها وفقا لمبادئ وقوانين التي لا يعلمها العامة والخاصة ومن بينها قوانين “الطِيلوسات” TITLOS.

التِطْلُسات كلمة يونانية Titlos منطوقة بالعربية وتعني رأس الموضوع أو ملخص الموضوع. وهي إحدى أقسام في تقليد الكنيسة القبطية، وهي 127 قانونًا مقسمة على كتابين: الكتاب الأول يشمل 71 قانونًا، والكتاب الثاني يشمل 56 قانونًا. ومن بينها تنظيم العلاقة بين الأسقف والفرد [العلماني] القبطي وعلاقة الأسقف بالسلطة الزمنية. ومواصفات الأسقف فى تدبير شؤون شعبه. وعلى سبيل المثال نذكر الآتي:

يقول القانون 24 من كتاب “التِطْلُسات” أحد المراجع في ترتيب نظام الكهنوت في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مطلعه: “ليكن الرئيس [الأسقف أو البطريرك] يؤدب الشعب ويَعقدهم بالصليب لا بالحرم، ويكون تأديب شعبه وفقا للمنهج المسيحي ولا بحرمانه ولا يجوز مقاضاته. وعقوبة الأسقف الذي يقوم بمقاضاة شعبه وحرمانه بالطرق غير القانونية وفقا لقانون الرسل أما قطع أو عدم الاعتراف بهذا الأسقف”.

“إذا استجار فى تدبيره للشعب واستعان برؤساء أو تعاون مع سلطة زمنية أو استولى على كنيسة بمساعدة هذه السلطة فهو محروم وليقطع هو ومن أعانه على ذلك” [قوانين ].

وأيضا يقول القانون 1:51 من هذه المجموعة بأن: “كل أسقف راضِ بقلة العلم، أو بجهل، أو بحقد ليس هذا أسقفًا بل يحمل الاسم كذبًا، وهو ليس من قبل الله، بل من قبل الناس، مثل حنانيا وشمعيا في إسرائيل”.

(عوض شفيق، محامي)

وبناءً على ما بدر من المطران في الأيام الماضية من تصرفات، فأنا أتضامن معه وأطالب بمحاكمة السيد المسيح، وحبسه بتهمة “ازدراء رجال الدين” فيجب محاكمته وحبسه، فالمسيح قال لرجال الدين سابقًا:

1 حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ
2 قَائِلًا: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ،
3 فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ.
4 فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالًا ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ،
5 وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ،
6 وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ،
7 وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!
8 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ.
9 وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
10 وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.
11 وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ.
12 فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.
13 «لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ.
14 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ.
15 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلًا وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا.
16 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ.
17 أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟
18 وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ.
19 أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟
20 فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ!
21 وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ،
22 وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ.

(إنجيل متى 23: 1-22)

ومن هنا يجب أن يُحاسب المسيح أشد حساب على هذا الكلام القاسي والخارج الذي يعد سب وقذف بحق رجال الدين لا يجب السكوت عنه، خاصة أن نفس هذا المسيح طلب من تلاميذه ومن تابعيه أن لا يقاوموا الشر بالشر، وهذا ما يفعل عكسه الأنبا بنيامين.

وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا.

(إنجيل متى 5: 39)

فهذه التعاليم لا تناسب مطران المنوفية الذي أعلن في الكبسولة أن الخطايا تواجه بالعدل عن طريق تطبيق القانون، إذن تعاليم المسيح لا تناسبه، ولنسجن المسيح لأجل عيون مطران المنوفية.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي
[ + مقالات ]

باحث وكاتب صحفي متابع للشأن الكنسي وشؤون الأقليات.
زميل برنامج زمالة الأقليات- مكتب المفوض السامي لحقوق لإنسان- الأمم المتحدة، جنيف/ ستراسبرج 2023.
زميل برنامج "" () لشبونة 2022.