المقال رقم 8 من 8 في سلسلة آيات ومحتاجات

“قامت الملكة عن يمينك”، اللي البعض بيقولها خطأ “جلست الملكة عن يمين الملك ”

– الآية دي من أشهر الآيات في سفر ، وتم تفسيرها بطريقة خاطئة لإثبات إن الملكة المذكورة هنا في المزمور ٤٥ هي السيدة العذراء مريم، وهي التي تجلس على عرش آخر عن يمين الملك المسيح.

-للأسف التفسير ده منتشر بشدة في كل الكنائس التقليدية، وبداية انتشاره كان على يد اللاهوتي الكاثوليكي الشهير بيتر لومبارد في القرن ١٢ وهو أول من أشار إن الملكة في المزمور هي العذراء، ثم ادخل التفسير إلى القراءات الكنسية، وقرر قراءة المزمور ٤٥ في صوم (الفتيات العذارى) اللي اتحول بعدين لصوم العذراء، وادخل التفسير في الات والألحان وبقى وضع ثابت ومستقر عليه!! بل واصبح دليل على صحة عقيدة الشفاعة، لأنه يتوافق مع رأي الكنسية التقليدية إن السيدة العذراء هي ملكة السماء والأرض زي ما قال مثلًا ال ! وطبعًا سبقه في نفس التفسير ال وكتير من الأساقفة والكهنة المعاصرين زي والقمص وغيرهم كتير ..

– معلومة على جنب كده: بيتر لومبارد ده هو نفسه اللي حدد بالرقم ٧ فقط، بعد ما كانت ٣٢، ثم ١١.. ودي قصة تانية هنبقي نحكيها بعدين!

– زي ما اتفقنا وبنعيدها كل مرة، مينفعش ناخد كلمة أو آية ونطير بيها، لازم نرجع للنص كله ونشوف مين قائلها وفين ولمين؟ وإيه السياق اللي اتقالت فيه؟ ونشوف الترجمات الأخرى إن امكن، والقرائن والأدلة!

-قبل أي شيء النطق الصحيح للآية هو قامت / وقفت الملكة عن يمينك وليس (جلست) الملكة عن يمينك.

١- التفسيرات اليهودية للنص:

من خلال الترجوم والمدراش اليهودي نلاقي فيه تباين بسيط، فبعضها يؤكد إنه مزمور مسياني أي أنه يشير للمسيح المننتظر برموز ومعاني نبوية، والبعض بيقول الملك هو موسى أو داود، أما ال فهي الملكة الواقفة بجواره، والذهب على ردائها هو الشعب!

– البعض بينظر له انه مزمور احتفالي فقط، لان بعض أجزاء منه كانت بتقال في أثناء تتويج/ زواج الملك.

-الراباي اليهودي الشهير (ابراهام بن مير ابن عزرا) بيؤيد في تفسيره إن الملك في المزمور هو الرب، والملكة هي الأمة اليهودية، اللي اختارها الرب كأمة وشعب له!

-في كل الأحوال المزمور بيتكلم عن علاقة (الملك) الله بشعبه (الملكة)

– فالتفسير اليهودي مش بيتكلم طبعًا عن السيدة العذراء وإنما التوراة أو الأمة اليهودية، وحتى معظم التفسيرات المسيحية قبل القرن ١٢ مكانتش بتقول عن الملكة في مزمور ٤٥ أبدا إنها العذراء، وده مش كلامي أنا ده كلام المفسرين والآباء المسيحيين في القرون الأربعة الأولي:

هي الكنيسة الواحدة الجامعة التي تقف عن يمين الملك، متسربلة بردائها المتنوع الأطياف والألوان، مكون من كل أمة وكل لسان، والذهب الذي يزينها هو جوهر الإيمان المسيحي

(القديس )

ها هو الآن يتكلم عن الكنيسة، يتكلم عما تعلمناه في النشيد أن الكنيسة هي حمامة المسيح الكاملة الوحيد، لذلك نجد أن الملكة، أي النفس، المرتبطة بالكلمة، عريسها، الغير خاضعة للخطية بل المشتركة في ملكوت المسيح، تقف عن يمين المخلص بثوب موشى بالذهب، أي مُزينة نفسها بشكل بهيج وسام بالتعاليم الروحية المتنوعة والمنسوجة معًا

(القديس الكبير)

“قامت الملكة عن يمينك”. فجأة صارت النفس المتسولة والمطرودة: ملكة، تقف عن يمين الملك؛ وههنا يوضح أن المسيح المنتظر والكنيسة يقفان كعريس وعروس واقفين في حفل عُرس.

(يوحنا ، الفصل 11 جزء 7 من تفسير ذهبي الفم للمزامير)

هي نبوة مسيانية عن المسيح وأنها قصة الحب المقدس بين الملك المسيح وعروسه الملكة الكنيسة

(جون ويزلي، من اللاهوتيين الغربيين)

فالمزمور ملوش علاقة بالسيدة العذراء مريم ولا هو يقصدها هنا أبدًا بالملكة زي ما قال الأنبا رفائيل والبابا شنودة، وإنما المقصود بالملكة اللي تقف عن يمين الملك هي الكنيسة المؤمنة اللي تركت طرقها القديمة (انسي شعبك وبيت أبيك) وتبعته وخضعت له (لأنه هو سيدك وله تسجدين). الملكة هنا هي الكنيسة التي تحلت بمجد وبهاء المسيح، فاستحقت أن تجلس معه في عرشه كما قال الكتاب المقدس: مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي. (رؤيا ٣: ٢١)

– الملكة هنا بتشير للكنيسة أي لجماعة المؤمنين، أي المؤمنين القديسين في المسيح يسوع اللي دعاهم المسيح ليقيمهم عن يمينه في مجده فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. (متى ٢٥: ٣٣)

 

أظن بكده وضحنا كل الأمور !
بالمناسبة فيه آيه أخرى بتتقال عن السيدة العذراء دايما بيقولوها مع المزمور ده،، هنقولها المرة الجاية..

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: آيات ومحتاجات[الجزء السابق] 🠼 (٧) لا تدع قدوسك يرى فساداً
تامر فرج
[ + مقالات ]