المقال رقم 6 من 8 في سلسلة آيات ومحتاجات

-آية النهاردة هتثير حفيظة البعض، وأنا بأكد إني مش بهاجم حد ولذلك قبل ما ابتدي هقتبس مقولة ال: نحن لا نحارب أشخاصًا، بل نحارب أفكارًا

– وصل سؤال للبابا شنودة يقول: لماذا ندعو الأساقفة بسيدنا، والكهنة بأبونا، والمرتل في الكنيسة بالمعلم، في حين إن السيد المسيح قال:

وأما أنتم فلا تدعوا سيدي، لأن معلمكم واحد المسيح، وأنتم جميعا إخوة. ولا تدعوا لكم أبا على الأرض، لأن أباكم واحد الذي في السماوات. ولا تدعوا معلمين، لأن معلمكم واحد المسيح

(متى ٢٣: ٨-١٠)

 

– وكان ملخص إجابة البابا كالآتي:

١- أكد البابا بشدة أن هذه الآيات لم يقولها السيد المسيح لكل الناس، إنما قيلت للتلاميذ فقط وخلفائهم من الرسل ورؤساء الكنائس، يقصد بهم (البطاركة – الأساقفة – الكهنة) من وقتها وحتى اليوم!

٢-وبالتالي، هي أوامر مباشرة للتلاميذ وخلفائهم ألا يدعوا أحد آخر سيدًا أو معلمًا أو أبًا على الأرض! يعني الناس تقولهم يا سيدي، لكنهم ميقولوش للناس يا سيدي!

٣- وبناء على تفسيره، فإن باقي الناس من وقتها هم بس اللي ممكن أن يدعوا لهم أبا و سيدًا ومعلمًا على الأرض وغيرها من الأوصاف والألقاب!

٤ – وبرر البابا وجهه نظره بقوله إن السيد المسيح كان بيأسس جيل جديد من القيادات من التلاميذ وخلفائهم (البطاركة والأساقفة والكهنة) بدل القيادات القديمة من الكتبة الفريسيين الفاسدين!! وإن غرض المسيح هو استبدال قيادة قديمة بقيادة أخرى جديدة، مع بقاء نفس الفكرة والمسميات (أسياد وآباء ومعلمين) الخ، واسترسل البابا في شرح باقي الإصحاح، وبنى عظة كاملة عنه، وتمت طباعتها في كتب، وأصبحت منهج يدرس لطلبة الكلية الإكليريكية.

 

** طب وإيه الإشكالية/ أوجه الاعتراض هنا؟ **

– هي مش إشكالية واحدة، دي عدة إشكاليات كتيرة، وزي ما اتفقنا قبل كده مينفعش ناخد كلمة أو آية ونطير بيها، لازم نرجع للنص كله ونشوف مين قائلها و فين ولمين؟ وإيه السياق اللي إتقالت فيه؟ ونشوف الترجمات الأخرى إن امكن، والقرائن والأدلة!

أما بالنسبة للإشكاليات، والمفاجآت فهي:

١- أول مفاجأة إن الآيات قيلت لكل الناس، مش للتلاميذ زي ما قال البابا السابق، معرفش ليه أكد وأصر إنها اتقالت للتلاميذ بس، ارجع للعدد رقم ١ وأقرأ من تاني:

حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ

(متى ٢٣: ١)

٢-أما المفاجأة الأكبر هي إن مفيش آيات في الإنجيل بتقول “لا تدعوا لكم سيدًا على الأرض” – “لا تدعوا لكم معلمًا على الأرض” لو مش مصدقني ارجع للنص هتلاقي العكس تمامًا هو اللي موجود، لما تقراها قراءة لغوية صحيحة و بالتشكيل المظبوط هتجدها:

” فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي – ولاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ” بالضمة على التاء، مش بالفتحة، ومفيش كلمة (لكم) دي خالص، وهكذا تغير المعنى تمامًا !! علشان تتأكد والمعني يوضح اكتر أقراها بالانجليزي:

You are Not to be called Rabbi – You are Not to be called Teacher

– دلوقتى بعد ما قارنت بنفسك، نقدر نفهم التفسير و القراءة الصحيحة لها وهي: (لا تُدعَوا سيدي) معناها لا تجعلوا أحد يصفكم أنكم أسياد، لأنكم جميعًا أخوة متساوون في السيد والرأس المسيح، فلا تسمحوا أن يتقال لكم سيدنا مثلث الرحمات – سيدنا – سيدنا كلى القداسة – قاضي القضاة – صاحب الكرامات! إلخ..

– (ولا تُدعو معلمين) يعنى لا تجعلوا أحد يصفكم أنكم مصدر التعليم، لأن التعليم جاي من المسيح مش منكم أو من تعليم وتقاليد واختراعات بشرية!! وده بيفكرني بموقف أحد الكهنة في أمريكا لما قال إن اللي مش مؤمن بتعاليم البطرك فلان يبقى مش مسيحي!! وكأن تعاليم البطرك هي المسيحية كلها وسواها كفر وهرطقة!!

– (ولا تدعوا لكم أبًا على الأرض) خلوا المسيح نصب أعينكم فقط، ولا تتخذوا لكم آباًء تنتسبون اليهم غير الله على الأرض وتشتتوا أنفسكم بعيدًا عنه، ولا تدعوا أنفسكم بمسميات كتير بعيدة عن المسيح، وكأن المسيح غائب عن المشهد، تقولهم المسيح، يقولك معرفش إلا كلام سيدنا فلان، تقوله الكتاب المقدس، يقولك لأ أنا اصدق بس كتابات الأب كذا! وده بيفكرني بموقف العسكري اللي واقف حراسة لموكب رئيس الوزراء و ميعرفش حد ولا بياخد أوامر من حد إلا من الظابط اللي مشغله بس ويرفض أي أمر ولو من رئيس الوزراء نفسه!!

٣-إشكالية أخرى وهي إن البابا السابق استشهد بآيات كتير تحوى كلمة سيد – أب – معلم، حتى ولو بره سياقها، بل انه فسر الآية (وأنتم جميعًا أخوة) إننا أخوه لكن مش متساويين، فيه حد اعظم من حد، وجاب أمثلة من العهد القديم عن يعقوب و، ويوسف وإخوته .. الخ وهي أساسًا بره سياقها وملهاش علاقة بالنص هنا.

٤- وصل الحد انه حلل وقنن سجود البشر لبعضهم وقسمه لكذا ليفل، سجود (احترام) للرتب الكنسية!! وسجود (إكرام) للأيقونات والصور والهياكل المصنوعة بأيدي، وسجود (عبادة) وسجود المطانيات.. الخ
مع إن الكتاب نفسه واضح، للرب إلهك تسجد، وعندنا أمثلة عن رفض بطرس سجود كرنيليوس له، ورفض الملاك سجود يوحنا له.. الخ

٥- في هذا الإصحاح، المسيح أخونا البكر كان بينتقد سلطة رجال الدين وكبريائهم، وإحساسهم بأنهم الأعلى مكانة وافضليه فوق باقي المؤمنين، وعشقهم للتسيد على المؤمنين وتحميلهم للناس بأحمال صعبة الحمل، وحبهم للمناصب وللكراسي والمظاهر والملابس المذهبة والتيجان، والتحيات في الأسواق والطبول قدامهم وقبل دخولهم للكنيس اليهودي وتصدرهم الصفوف الأولى، وكان بينتقد أفعالهم وتصرفاتهم وسلوكهم وأمر الناس انهم ميعملوش زيهم أبدا، كان بينتقد التصنيف على أساس سادة وعبيد، رؤوساء ومرؤوسين.

٦- المسيح في الإصحاح ده كان بيعلمهم الاتضاع، وهو نفسه اتضع وغسل رجلهم كمعلم وسيد ورب، وقال لهم الأعظم فيكم يكون خادمًا لكم، الأكبر فيكم أصغركم.

٧- هناك إصرار عجيب على تكسير ونقض كل كلام المسيح له كل المجد في هذا الإصحاح وطبعا هذا التكسير لصالح سلطة رجال الدين،
– يكلم الجموع والتلاميذ، فيقول لأ بيكلم التلاميذ بس!
– يقول لا يكن لكم سيداً، نقول لأ فيه أسياد!
– يقول انتم كلكم اخوة، فيقول بس مش متساويين !
– يقول للرب إلهك تسجد، فيقول لأ فيه سجود!

– للأسف العكس تمامًا بيحصل حاليًا وكل اللي نهى عنه المسيح وحاربه بشدة، بعض الناس بتحلله وتقننه وتخليه طقس وتقليد وقانون كنسي بل ويفسروا الكتاب عكس المكتوب كمان زي ما إحنا شايفين!!

**** للاسف دي مش المرة الأولى اللي يألف فيها البابا السابق آيات من عنده, ارجعوا للحلقة الأولى من آيات ومحتاجات (من يكرمكم يكرمنني) وأيضا الفيديو القديم

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: آيات ومحتاجات[الجزء السابق] 🠼 (٥) نجم يمتاز عن نجم[الجزء التالي] 🠼 (٧) لا تدع قدوسك يرى فساداً
تامر فرج
[ + مقالات ]