المقال رقم 17 من 17 في سلسلة القديس بولس الرسول

“ابن الله يسوع المسيح ربنا”

“ربنا يسوع المسيح”

“الرب يسوع المسيح”

“الرب يسوع”

التعبير الأول هو التعبير الكامل عن المسيح عند بولس الرسول، وقد تكرر بشكل متواتر بامتداد رسائله، لعشرات المرات بالتنويعات التي ذكرناها، وكذلك استخدمها الرسل والتلاميذ أصحاب الرسائل الجامعة (الكاثوليكون). وقد رصد الكاتب بشكل إحصائي استخدام الرسل والأناجيل لهذا المصطلح وتنويعاته.
والتعبير بالربوبية بمفهومها الإلهي، حسب تتبع الكاتب:

ليس مقصورًا على رسائل بولس الرسول، فهو تعبير سابق عليه، وقد ورد على ألسنة الرسل والتلاميذ سواء في سفر الأعمال أو الأناجيل، التي وإن كانت قد دونت بعد رسائل بولس الرسول إلا أن التعليم بها كان منذ حلول الروح القدس على التلاميذ. غير أن بولس الرسول هو الذي صبَّ الربوبية كصفة إلهية في قالبها الإلهي التقليدي ـ والتقليد هنا هو تقليد العهد القديم ـ باعتبار أن المسيح هو “ [الله] ظهر في الجسد.

(الأب ، ال «حياته، لاهوته، أعماله»)

وفي تدقيق لاهوتي يوضح الكاتب أن:

“ربوبية المسيح في كلمة “رب” ليست هي بعينها “الله” في كلمة “يهوه” في العهد القديم، بل هي عملها ومكملة لها. فالمسيح أكمل مواعيد “يهوه””

“لأن مهما كانت مواعيد الله، فهو [المسيح] فيه النعم [الاستجابة والعمل] وفيه الآمين [أي ختام كل وعد] لمجد الله بواسطتنا” كخليقة خُلِقَتْ من جديد لتسبيح ومجد الله: (لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب (أفسس6:1) (2كو20:1).

(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)

وينتهي الكاتب إلى أن هذا يعني أن:

بولس الرسول هو الذي أعطى التعبير الإلهي “المسيح رب” أهميته وطابعه بكامل مفهومه الإلهي الذي يعتبر محور الإيمان المسيحي ورمز العبادة الراسخ.

(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)

وينتبه الكاتب وينبه القارئ معه إلى أن المسيح هو أول من أشار بتركيز ويحث بفتح الوعث الإنساني لقبول الحقيقة بقوله في هذا الحوار الهادف والكاشف:

وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ قَائلًا: «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلًا: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِيني حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟»

(إنجيل متى 22: 41- 45) 

ويواصل الكاتب:

فلو فسرنا قول المسيح بكل دقة وفهم، فيكون المسيح هنا يوضح أن داود يدعوه ربًا، وأن داود أعلن بالروح أن المسيح “رب” معادل في ربوبيته لله بقوله “قال الرب لربي”. وقوله “اجلس عن يميني”، فالمقصود هنا هو التعادل اللاهوتي في الاسم والكرامة، الذي اعتمد عليه بولس الرسول في قوله “لم يحسب خُلْسَة أن يكون معادلًا لله” (في 6:2) والمسيح يصرح هنا أنه ليس ابن داود بل ابن الله: “فإن كان داود يدعوه ربًا فكيف يكون ابنه؟”، مع الانتباه للسؤال في أصله الذي يسأله المسيح: “ابن من هو؟”، لأنه إن لم يكن المسيح ابن داود، وداود يدعوه ربًا على التساوي فى الاسم مع الله ، جالسًا عن يمين الله على التساوي في رتبة الألوهة، إذًا يكون رد السؤال الذى سأله المسيح هو أنه ابن الله بالضرورة.

(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)

ويستحضر الكاتب العديد من استخدامات بولس الرسول لكلمة “رب” في وصف المسيح الإله كما كانت تستخدم في ال حسب التَّرْجَمَةً السبعينية، في الإشارة إلى “الله”. تأسيسًا على ما قاله المسيح نفسه عن نفسه، ويوضح الكاتب هذا:

“بولس الرسول يضع الإيمان بالمسيح على مستوى الإيمان بالله كما سبق أن قال به المسيح بالحرف الواحد: “أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي” (يوحنا1:14). وبولس يضعها هنا كمنطوق قانون إيمان، جاعلًا الخلاص والإيمان وربوبية المسيح وحدة واحدة لا تنفصم: “لأنك إن آمنت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الموت خَلصت” (رومية9:10)

(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)

وهو ما سبق وقاله إشعياء النبي “لذلك هكذا يقول السيد الرب: هأنذا أؤسس في صهيون حجرًا، حجر امتحان، حجر زاوية، كريمًا، أساسًا مؤسسًا، من آمن به لا يخزىويمحى عهدكم مع الموت، ولا يثبت ميثاقكم مع الهاوية” (إشعياء 16:28و18)

يعود الكاتب إلى إرسالية بولس الرسول ليؤكد أنها ليست من مصدر بشري بل من “يسوع المسيح والله الآب”.

ويذهب الكاتب إلى قديسي وآباء الكنيسة الأوائل الذين أدركوا أن هذا الوصف الذي يؤكد أن المسيح والله لهما عمل واحد؛ “وقد أخذ الآباء الكنسيون والقديسون الأوائل هذا التعبير من بولس الرسول برهانًا وتأكيدًا على لاهوت المسيح، مبتدئًا من ثم ثم الذي يقول في شرحه لرسالة غلاطية:

بولس لم يترك أية فرصة للمماحكة، فذكر مرة واحدة الابن والآب “بيسوع المسيح والله الآب“، جاعلًا الكلمة تجمعهما معًا. هذا فعله لا لينسب عمل الابن للآب بل ليوضح بهذا التعبير أنه لا يوجد أي تمييز في الجوهر [الطبيعة الإلهية]

(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)

يشير الكاتب إلى أن:

هذا الاعتبار في وضع المسيح والله الآب على درجة واحدة في العبادة أو الدعاء والتسبيح ليس جديدًا، بل نسمعها وقد ابتدأت بالقديس “ربي وإلهي” (يوحنا28:20)، ورددها استفانوس وهو في النفس الأخير على مستوى رؤية المسيح وهو في المجد الأسنى:  “أيها الرب يسوع اقبل روحي”، “يا رب لا تقِم لهم هذه الخطية” (أعمال 59:7 و60).

(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)

ويعلق الكاتب: “الملاحظ هنا أن ما ردده المسيح على الصليب مخاطبًا الآب، ردده الشاهد الشهيد إستفانوس مخاطبًا المسيح

ويعدد الكاتب تأكيدات بولس الرسول على هذا الربط وهذه المساواة، حتى في ضيقة مرضه يصلى للرب يسوع ثلاث مرات متوسلًا أن ينال منه نعمة الشفاء، فاستجاب له المسيح، ولكن أعطاه نعمة الاحتمال بالروح والقوة عِوَض الشفاء بالجسد.

ويقدم الكاتب شهادات التاريخ التي تؤكد أن هذا كان إيمان الكنيسة الأولى، كذلك يسجل لنا المؤرخ في تاريخ الكنيسة؛ أن المسيحيين الأوائل كانوا يؤلفون التسابيح والأناشيد التي فيها يعظمون فيها المسيح كالله.

ومازال الحديث موصولًا عن “ألوهية المسيح” فإلى لقاء….

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: القديس بولس الرسول[الجزء السابق] 🠼 سبق وجود المسيح
كمال زاخر
كاتب ومفكر قبطي في التيار العلماني المصري  [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب: : صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨