كتبت على حسابي الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: كلمتين واللي يحصل يحصل: العدرا ما بتعملش معجزات! لو كانت ها تعمل كانت حولت هي المياه لخمر بدل ما تقول لهم كل ما قاله لكم فافعلوه! سلام.
لاقى الكلام ردود فعل متباينة، وأود أن أوضح أن الكلام والأمثلة على مفهوم المعجزة في الفكر المسيحي واضحة وضوح الشمس ولا خلاف عليها ولكن لأننا شعب تقوده مشاعره وللأسف تم السماح بدخول أفكار غريبة خلال عصور ضعف التعليم في الكنيسة، ومن نتائجها بعض المدائح والصلوات التي دخلت مثلًا فى إبصلمودية كيهك وغيرها.
إضافة إلى البحث عن البطولة والعظمة المفقودة في نواحٍ كثيرةٍ من الحياة التي عاشتها الكنيسة في عصور اضطهاد وظروف شديدة ضاغطة اختلطت المعجزات وسير القديسين بقصص البطولات الشعبية واحتاج الناس لصورة البطل الذي يقتل الأعداء ويذبحهم، مع أن المسيح نفسه الذي نحن نسمى مسيحيين على اسمه لم يفعل ذلك، بل على العكس، سامح أعدائه الذين صلبوه وحرقوا قلب أمه عليه وغفر لهم.
أما بقى أمنا العذراء مريم فأنا أتعجب جدًا أن الناس زعلت لما قلت إنها “مش بتعمل معجزات”، أمنا العذراء طبقا لإيماننا وحتى إيمان إخواتنا المسلمين هي المختارة من بين نساء العالمين، ولماذا هي مختارة؟ لأنها من بين نساء العالم من بداية الخليقة إلى نهايتها الأكثر اتضاعًا ووداعة وسلام ومحبة، لم يكن عندها قوة خارقة ولا تعمل معجزات ولا كانت أقوى امرأة ولا أجمل سيدة ولا غيره، السيدة العذراء هي مثال عظيم للوداعة والأمومة والاحتمال “مش بتاعة هابراكا دابرا” ولا “زيم زلابيم” ولو كانت هتعمل معجزات كان المسيح أعطاها القدرة يوم عرس قانا الجليل مثلًا، وقال لها: حولي الماء إلى خمر بنفسك، لكن هي غير محتاجة لهذا، لأن اتكالها على ربنا وتسليم حياتها الذي عاشته طول عمرها جعلها أبعد ما يكون عن فكر المعجزات.
يسأل البعض عن ظهورها في الزيتون؟ ظهرت، لكن لما ظهرت، ظهرت واقفة جنب الصليب وقداسة البابا كيرلس بنفسه لم يصدق ولا أعلن أن هذا ظهور بالرغم من أن كثيرين رأوا، لكن عمل لجنة تقصي حقائق ما بين الكنيسة والدولة وأتأكد أنه ظهور حقيقي وأعلن ذلك.
هذا يعني أن هناك معجزات؟ نعم هناك معجزات، لكن -مش عمال على بطال- كما نقول، ومصدر المعجزات هو الله وأي معجزة تتم لازم تكون باسمه، واسمه هو فقط، وهذا لا يقلل أبدًا من مكانة أمنا العذراء ولا الملائكة ولا القديسين بالعكس رسالتهم وقداستهم منبعها إعطاؤهم المجد، كل المجد لله وحده.
مفهوم الشفاعة في الكنيسة يحتاج فهم عميق حتى لا نشتت أنفسنا، ونجدنا نصوم صوم العذراء بنسك أكثر من الصوم الكبير، أو تمتلئ بيوتنا بصور القديسين، وصور المسيح تدور عليها لما تفتكر إنك محتاجها، أو إنك أول ما تقع في مشكلة تدور على شفيع “الحاجات الضايعة”، و”مين شفيع العربيات” و”شفيع مرض الكلى” وصار هناك تخصصات وتنسى ترفع قلبك للمسيح وتطلبه.
إحساسك إنه “محتاج حد يتحايل عليه علشان يساعدك أو يسندك فكرة بعيدة كل البعد عن المفهوم المسيحي الأرثوذوكسي للشفاعة” الذي هو اتحاد حقيقي بين أعضاء الجسد الواحد سواء السابقين أو الحاليين في إرادة واحدة، وحدة تفرح قلب المسيح “مش تلين” قلب المسيح ولا العذراء ولا القديسين يتحايلون عليه حتى يفرحنا أو يسندنا أو يقف معانا. هو أقرب لنا من أنفسنا لكن العذراء تنفذ إرادته وتفرح قلبه لمًا تصلي من أجلنا ومعانا.
المسيحية عميقة وبسيطة جدًا في نفس الوقت، وللحديث بقية.. بهدوء هونوا على أنفسكم.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟