لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ.

(إنجيل لوقا17: 21).

“وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً”

(سفر التكوين2: 7)

هذه العبارة كانت تعبير عن كَمَيَّة طاقات وإمكانات رهيبة جدا أعطيت للإنسان، هذا الكائن العجيب جدا، الكائن الوحيد الذي ميزه الله بهذه النفخة من روحه، والوحيد الذي قيل عنه إنه خلق على صورة الله، الوحيد الذي أعطاه الله السلطان والمسئولية على المسكونة بكل ما فيها فقيل عنه إنه تاج الخليفة، ولكى تكتمل هذه الإمكانات الجبارة التي أعطاها  الله للإنسان، أعطاه معها مقدار مهول من الحرية وإلا ما قيمة كل ما سبق إذا كان الإنسان مسيّرا؟!

وكنتيجة طبيعية لكل هذه الإمكانات وهذه الحرية أصبح عليه مسئولية عظيمة تجاه ذاته أولا، وذاته تشمل شخصه وتشمل أيضا الآخر منه وتجاه الكون عامة وما يشمله من جميع المخلوقات، لذلك أصبحت حياة الإنسان تحدي كبير، لكن في الواقع قيمة الإنسان وحياته تكمن في هذا التحدي بمعنى أنه دون هذا التحدي لم تكن لحياة الإنسان أي قيمة تذكر!

وعندما نلقي نظرة على الإنسان في ضوء ما سبق سنجد أنه: مذهل هو مستوى النقاء والحب واللطف والإنجاز والسلام والفرح الذي يمكن أن يحققه إذا أدرك ماهيته وإمكاناته وقدراته وقيمة الحرية التي يملكها، وإذا استشعر قيمة ذاته المعطاة له من الله. مذهل هو تأثيرها الإيجابي على حياته والآخرين والمخلوقات جميعها وهو ما نحتاج إليه بشدة وهذا ما رأيناه في أمثلة كثيرة على مدار الأجيال ولعل أقربها إلينا الأم تريزا مثلا وغيرها كثيرين ممن استطاعوا أن يثروا العالم بل ويأسروه بوجودهم.

لكن في نفس الوقت مرعب هو مستوى الانحطاط والتدني والعنف والقسوة التي يمكن أن يصل إليها الإنسان إذا استخدم إمكاناته في مكانها الخطأ
إذا لم يدرك معنى الحرية المعطاة له، ومرعب هو تأثيرها إذا فشل في أداء مسئولياته تجاه ذاته ومجتمعه.

مرعب هو حجم الألم بل والدمار الذي يمكن أن يلحقه بذاته أولا وبالآخرين وبكل محيطه وهو ما نعيشه ونعانيه كثيرا حتى دون أن ندركه والأمثلة أكثر من أن نذكرها وبالتأكيد تبادر في ذهن كل قارئ  أسماء تذكره بهذا المثال بل والصورة المرعبةً للإنسان.

إذن الفرق بين أن نختبر الجحيم في حياتنا الأرضية وبين أن نحيا ونقيم الملكوت فيها هو فقط الإدراك والوعي بمن نكون وما نمتلك من قدرات ومصدر هذه الإمكانات والمسئوليات الواقعة علينا.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

إيريني إستمالك