Search
Close this search box.
المقال رقم 10 من 14 في سلسلة القيم اﻷخلاقية
في هذا المقال تناول عدة مفاهيم هي العلاقة بين الخطاب الديني والقيم الأخلاقية، تجديد الخطاب الديني شكلا ومضمونًا، وبقاء الأديان في رسالتها.
العلاقة بين الخطاب الديني والقيم الأخلاقية

التأكيد على أن النص الديني ليس محل تغيير، بل الهدف هو تقديم إسهام حقيقي وفاعل للخطاب الديني وما يحمله من فِكر ديني في غرْس منظومة قِيمَ فاعِلة، خاصةً أن الدين من المصادِر الرئيسية للأخلاق.

أولا العلاقة بين الخطاب الديني والقيم الأخلاقية

• انقطع المسيحيون في الغرب عن مجال الثقافة والآداب لأن تلك العلوم كانت عند الوثنيين.
• فانقطعت الصلة بين الدين وعلم الجمال والآداب والفلسفة وتركز الاهتمام على السلوك الأخلاقي وأُهمل المظهر العقلي الجمالي الذي ساد تربية اليونان والرومان.

(فاخر عاقل، أستاذ علم النفس التربوي، جامعة دمشق، كتاب: التربية قديمها وحديثها، 1985)

كما عرفنا ففي مجال الأخلاق كان اليونانيون يبنون فلسفاتهم الأخلاقية على أساس طبيعة الإنسان العاقلة، وعلم الأخلاق نفسه كان جزءاً من الفلسفة. وما أن حل القرن الرابع للميلاد حتى أصبحت الفلسفة اليونانية هناك مرادفِة للعداء للكنيسة، بالتالي خلت التربية من كل عنصر عقلي طوال المدة الفاصلة بين القرنين السادس والثالث عشر  الميلاديين.

يقول عقل:

• الدين عندما يوجِّه العناية إلى السلوك أكثر من العقل تطغى عليه النظرة الترويضية، ويكون ردعًا للمجتمع وليس تغذية للقيم الأخلاقية
مع أن الدين في الأصل هو التربة التي نبتت منها القيم.

• وضع الآباء المؤسسون في أمريكا دستورًا يستمد مبادئه من المبادئ المسيحية، وحقوق الإنسان مصدرها الدين. فقد تتغير مسميات القيمة وطريقة السلوك بمقتضاها لكن الدين هو مصدرها.

• تحتاج البشرية إلى العلوم الإنسانية التي تعينها على فهم جوهر الدين وتنطلق من هذه النقطة لأن للبشر طبيعة متغيرة والإنسان كائن معقَّد وهناك احتياج لفهم أنفسنا حتى نفهم جوهر الدين، حتى نتمكن من الصعود إلى المُثُل العليا وتتفادي من السقوط.

• دور العبادة تمثِل مجتمعًا متكاملًا خاصةً إذا نقص دور الأسرة والمدرسة والبيت فيقع العبء على عاتق دور العبادة. و، الذي تقدمه الأنشطة الدينية بشمل الجوانب روحيًا وتربويًا لأعمار مختلفة وثقافات ومستوى تعليم وخبرة متنوعة.

• يظهر الدور المتعاظِم للخطاب الديني إذا لاحظنا ضعف الميول للانضمام إلى أنشطة تبلور الشخصية وتعمل على نضجها مثل الأنشطة الثقافية أو الندوات أو القراءة في مجالات متنوّعة.

ثانيًا ما الذي نتطلع إليه لدور الخطاب الديني؟

ما الذي يمكن أن يقدمه الخطاب (الفكر) الديني من إسهامات في ترقية القيم الأخلاقية إرساءها وغرسها؟

• الخطاب (الفكر) الديني لديه صَلاحِيَة ترقية القيم الأخلاقية وتشكيل منظومة قيم مستقبلية تجسِّد هويتنا وتحقق وجودًا فاعلًا، بالتالي المساهمة في زرع القيم الأخلاقية.

• لكن ما الهُوِيَّة؟ وهل يفيد الخطاب الديني من تعريفها على يد الفكر الإنساني؟

الهُوِيَّة عند صلاح سالم:

• إدراك الذات نفسها بقصد إنمائها وتعزيزها التعامل مع مرونتها ثباتها

• التعرف على الآخر؛ نِقَاط قوته، نِقَاط ضعفه.

• بقصد تفاعل إيجابي وليس سلبيَا.

• فثقافة الكراهيَة كمثال لا تنبع من الاختلاف عن الآخر بل من طريقة التعرف عليه والتعامل مع الاختلاف عليه فتجعل منه صديقًا أو عدوًا لأن الاختلاف نفسه يمنح ثراءً.

ثالثًا قيم يمكن أن يعليها الخطاب الديني

قيمة العمل: بإيضاح هذه القيمة من جوانبها المتعدِّدة، ففقدان العمل ليس مجرد فقدان مصدر الدخل، الرسل كانوا يعملون، فالعمل يثري حياة الإنسان،
وشرح البُعد الثقافي للعمل والتواجد في مجتمع إنساني.

إن الرعاة نادرًا ما يتكلمون عن قيمة العمل لأنهم لا يعملون بالمعنى المفهوم للعمل.

(قس إنجليزي)

غياب الروابط الإنسانية وغياب التضامن والتعاطف ليس بالأمر، ولكن بإيضاح احتياج الإنسان وأكبر مشكلة تواجهه هي الوحدة (جمع البعد النفسي مع البعد الديني) تغلغل قيم السوق الرأسمالي-الانشغال بالكسب وزيادة الثروة على حساب العلاقات. دور الدين ووجهة نظره في العلاقة بين الثروة والقيم الأخلاقية.

الانفلات والإباحية بأشكالها المتنوعة: تحليلها الاجتماعي والثقافي هي سلوكيات لها مضارها على الفرد والمجتمع وتظهر ضد ممارسات حال العمران في المجتمعات. أخلاقيات الطب نقل الأعضاء وحقل التجارِب حفظ كرامة الإنسان وحقوقه.

معالجة تغليب النظرة الفردية

الفردية هي رغبة في اشباع الذات دون شركة في حياة الاخرين ودون الإقدام على تضحية من أجل الاخرين ولذلك تؤدي الفردية الى الانفصال والعُزلة أي انها صورة الموت. 

(المطران يوحنا زيزيولاس، كتاب الوجود شركة، 1989)

الفردية عند العشماوي من كتابه ديوان القيم، 2000

• العمَل الفردي عندما يقتصِر على ذاتِه يكون جهدًا ضائعًا لا أصل له ولا امتداد.

• أما العمل الجماعي، الذي ينبثق من ضمير التعاون وينبع من اتصال الماضي بالحاضر فهو أقرب الأعمال إلى الكمال وأولاها بالنفع.

• الجهد الفردي لا يصبح قفزة عريضة وانطلاقة بعيدة إلى الأمام ولها امتداد زمني ومكاني يؤثر في أكبر نطاق وأبعد مدى إلا إذا اتصل بغيره واتخذ وضعه بجانب الجهود الأخرى، التي تدفع الحياة إلى الأمام.

• نفس التعريف للفردية عند روُّاد كُتاَّب الأخلاق.

ثالثًا موضوع الخطاب الديني أو الفكر الديني كمشترك بين الأديان

• قس هانز كونغ من أصل سويسري ألماني، وقد كان أستاذا لفترة طويلة في جامعة توبنغين، يؤكد على أهمية الولاء الكامل كل لدينه والانفتاح بأكبر قدر ممكن للأديان الأخرى وليس استبعادها، وهنا يمكن أن يكون للدين إسهامات كبيرة.

• فالدين في الأصل هو التربة التي نبتت منها الحقوق، فلا مبرر لرفض قادة الأديان للجماعات التي تنادي بحقوق الإنسان بدعوى أنها تنادى بأمور دنيوية. ثم أن المجتمعات العَلمانية عليها أن تتعاون مع الأديان في إيجاد مساندة لدعواها، ولذلك يجب التخلي عن العناد ورفض الحوار بدعوى التمسك بالحق لأن هذا ليس معناه التخلي عن الحق.

• انعزال الدين عن أمور المجتمع بدعوى النقاء والطهارة يخلي مكانه للشرور التي قد يخلفها العلم فتتكاثر شروره بلا مواجهة.

• قادة الأديان مدعوون لفهم أعمق للفقه واللاهوت.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: القيم اﻷخلاقية[الجزء السابق] 🠼 القيم الأخلاقية [الاقتصاد وتأثيره][الجزء التالي] 🠼 القيم الأخلاقية [تجديد الخطاب الديني]