المقال رقم 12 من 14 في سلسلة القيم اﻷخلاقية

لماذا تجديد الخطاب (الفكر) الديني؟

الدين عنده الصَّلاحِيَة والقدرة على اقتحام الواقع ببعديه الأفقي والرأسي (مع الله ومع الناس)، فإن انسحبت الأديان من العالم الشرير وانغلقت على نفسها لتعيش في عالمها الصالح، ويترك الدين مساحته فارغة فسيملأه غيره مثل الإلحاد والإحياء الديني العنيف الناجم عن شعور بالهزيمة ورغبة في الثأر ورد الأرض المغتصبة.

لا يقتصر دور الدين على مهاجمة بعض الظواهر ووصمها بالحرام وتحديد الحلال بل يعمل على إرساء مركزية الحضور الإلهي في التاريخ الإنساني والتفاعل في الظروف المعيشية والتطور المجتمعي، وهنا يتطور المجتمع الإنساني بشكل صحي، لذا يضمن الدين لنفسه إمكانية البقاء والقدرة على التجدد.

مثال من كتابات الكاتب : الحداثة وما بعد الحداثة وما صحب الظاهرتان من قيم أخلاقية مثل الفردية والاستقلالية خلقت نوعًا من القلق المَرَضي والانزعاج، وفي النهاية يصل الإنسان إلى فقدان أرض يثبت أقدامه عليها، ومن هنا فالحداثة وما بعد الحداثة،  أعطت الدين صَلاحِيَة لمعالجة الشك الذي غرسته، بالتالي القلق، فالدين بصلابته (وليس باعتباره مسكِّنًا مؤقتا) يملك الدفاع عن مبدأ الخير العام الكوني.

الأديان وجماهيرها المؤمنة وما لها من تأثير نافِذ ليست مجرد إضافة كَمَيَّة بل هي نوعية تثري المسيرة الإنسانية نحو الخير العام الكوني.

وهنا تظهر قدرة الخطاب (الفكر) الديني على حضور الدين أو غيابه عندما يقدر على صياغة روحانية فاعِلة وهي تكون فاعِلة ومتفاعِلة عندما تكون حافزًا، لِئَلّا ينحصر الإنسان على ذاته، بل يغلب ضعفه ويصير عاملا للتواصل ومتناغما مع المحاور الأساسية للوجود فيزداد اليقين الإنساني بالحضور الإلهي، والعناية الإلهية.

والسؤال الآن ما دور المؤسسة الدينية في إنشاء وتدعيم قيم جديدة: يضع الراحل الدكتور القس مكرم نجيب أمثلة عملية لهذا التحديث فيرى أن هناك حاجة لتحديث الأسس التربوية وإرساء أسس جديدة فيما يخص صراع الأجيال وظهور نخب وطبقات جديدة وموازين اجتماعية مستحدثة، والمساهمة في وضع جديد بين المواطن والدولة، وأن المحاولات الايجابية التي تقوم بها بعض القيادات الدينية وال في كل الكنائس المصرية لا يمكن إنكارها لكنها لم تستطع حتى الآن أن تشكـِّل اتجاهًا أو تيارًا عامًا فالاهتمام بالأخلاق الفردية مازال تيارًا أقوى من تيار الاهتمام بقضايا المجتمع، فالفضائل الفردية سمات خاصة، أما الأخلاق فهي في إطار مجتمعي. فالفعل المرتبط بقيمة معينة ينبغي أن يكون قاعدة لك ولغيرك وإلا لا يكون له معنى.

والمطلوب:
• تصحيح مفاهيم الروحانيات التي تقتصر على أن الله يهتم بالروحيات والممارسات الدينية فقط.
• تفادي التلقين والخطاب الذي لا يقبل النقاش ولا يقبل التساؤلات والتقييم والنقد.
• الإلمام بالمتغيِّرات التي تلحق المجتمع وتؤثر بالتالي على الدوافع الأخلاقية، ومن ثم ترتيب منظومة القيم، وهذا المجال يتطلَّب الاستعانة بالمتخصِّصين كل في مجاله.
عندما يتناول المعاملات عليه أن يركز على المبادئ الأخلاقية أكثر من مجرد التركيز على سلوكيات فردية يومية.
• اتباع التفكير العلمي والمنهجي في أساليب زرع القيم أي إن القيمة تتضمَّن وعيـًا له مظاهر ثلاثة: إدراكي، ووجداني، ونزوعي أي فاعِل على الخطاب الخاص بالمعاملات أن يستوعب هذه المظاهر: يفهمها ويستوعبها ويعمل خطته بمقتضاها.

ختام
المستشار محمد سعيد العشماوي يرى أن:
• اطلاع الإنسان المثقف على وقائع التربية ومناهجها وطرقها واتجاهاتها أمر لا غنى عنه للأب والأم والمعلم والزعيم ورجل الحكم والإنسان المثقف وبكلمة واحدة كل إنسان.
• ولابد له من وعي وإرادة وجهد ورهن بإزدياد المعلومات واتساع المعارف ووفرة الأفكار والتحصيل والاطّلاع وتفتح الإحساس تنبه العقل تزايد الوعي بحيث تقل مجاهل الحياة والعمل بما علم ليحصل ويمد وينشر عبر الزمان والمكان.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: القيم اﻷخلاقية[الجزء السابق] 🠼 القيم الأخلاقية [تجديد الخطاب الديني][الجزء التالي] 🠼 القيم الأخلاقية [الضمير]
فنيس بولس
[ + مقالات ]