Search
Close this search box.
المقال رقم 7 من 14 في سلسلة القيم اﻷخلاقية
الطَبَقة الوُسطَى: هي أكثر من غيرها تمسُّكًا بالقِيَم الأخلاقية وتطبيقًا لها حتى إن كلمة القِيَم ترتبط بالطَبَقة الوُسطَى.

تعريفها: هي مجموعة واسِعة تضم فئات وشرائِح اجتماعية يجمعها مواصفات ما، كما يميِّزها عن بعضها مواصفات أخرى مما يفسِّر اتساعها وتبايناتها
يجمع أبناء تلك الطبقة أن دخولهم تعتمد على الخِبرة والمهارة المُستمدَّة من التعليم بدءًا من أعلى التخصُّصات كأساتذة الجامعات ومرورًا بالفنيين والمهنيين
هذه الطبقة تعتمد على دخول عائِد العمل ويمتزِج فيها العمل الذهني والعقلي بقدرات أخرى.

الطَبَقة الوُسطَى تحتاج إلى وَسَط تزدهر فيه يعتمد على:
• أعمال منتجة ومشروعة.
• الحراك الاجتماعي المُتدرِّج بخطى ثابتة قد تستغرق العُمر المِهني كله، أي الارتقاء التدريجي سواء في الخِبرة أو الدخول.

الطَبَقة الوُسطَى رُمَّانة الميزان

هذه المواصفات تشرح لماذا تُوصف الطَبَقة الوُسطَى بأنها رُمَّانة الميزان فطبقًا لهذه المواصفات تعتمد القِيَم الأخلاقية للطبقة الوسطى على القانون والنظام وأخلاق الأمن والاستقرار وإبقاء الوضْع كما هو عليه لضمان ثبات مراكِز أفرادها والاحتفاظ بمناصبهم.
يقول دكتور حسن حنفي: بهذا يتحقق استقرار اجتماعي نسبي وأيضا تتوافر الفُرصة للضَبْط الاجتماعي حيث ينتمي أفراد الطَبَقة الوُسطَى إلى من هم في مناصِب ومن يعملون بالحكومة، وما يتوافر لكلاهما من أدوات الضَبْط الاجتماعي لضَبْط ميزان القِيَم بما يحوزونه من سُلْطة وقُدرة تنظيمية، فهي أكثر من غيرها تمسُّكًا للقِيَم وتطبيقًا لها حتى إن كلمة القِيَم ترتبط بالطَبَقة الوُسطَى. ويضيف دكتور حسن حنفي أن تمسُّك أبناء هذه الطَبَقة بالقِيَم الأخلاقية ليس كفضيلة فيهم ولكن ضمانًا لأوضاعهم.

الحِراك الاجتماعي السريع والفجائي

شهدت الطَبَقة الوُسطَى في مصر (السبعينيات إلى التسعينيات) حِراكًا اجتماعيًا غير مسبوق نتيجةً لسياسة الانفتاح الاقتصادي غير المدروس وما تبعه من أعمال اقتصادية غير مشروعة كالسمسرة وتجارة العملة والغش التجاري، وأيضا ممارسة أعمال تعتمد على الاستهلاك ذات العائِد السريع والمجهود البسيط أكثر من الأعمال المُنتِجة خاصة في مجال الصناعة.

نتج عن هذا ظهور صعود سريع فجائي وهبوط سريع فجائي، وتحوًّل الحِراك التدريجي إلى حرِاك فجائي بمعنى أن هناك من يتعرَّض للهبوط السريع الفجائي إلى الطبقة الدنيا فبذل المحاولات للتشبُّث بمكانته، ومن يجد الفرصة للصعود الفجائي السريع للطبقة العليا وانتهاز فُرَص قد لا تدوم، وهذا أدى إلى زعزعة الاستقرار النسبي تفاديًا للهبوط السريع وتطلُعا إلى الصعود السريع.

هنا تسود القِيَم الأخلاقية المادية (استثمار استهلاكي وغش تجاري) وتضعف القِيَم الأخلاقية المعنوية، وقد خصَّص بعض الكتاب شيئًا من مؤلفاتهم لرصد مظاهِر تدهور القِيَم الأخلاقية في مجال العمل والأسرة والدين والعلاقات، ويضعف المنتج الفني والأدبي وتشهد دور العبادة ضعفٍا بل قد يُستَغل الدين في استعادة فقدان المكانة والقِيَمة وجذب الاهتمام فينتفي الوعي بمعنى هذا المفهوم أو ذاك. وكل هذه أفعال لها مردود على الأخلاق، ومنهم دكتور جلال أمين في كتابه “نحو تفسير جديد للأزمة الاقتصادية”، ودكتور عبد الباسط عبد العاطي في كتابه “الطبقة الوسطى المصرية”.

وكما يقول دكتور “أيا كانت التكنولوجيا التي نستوردها، وأًيا إن كان الاستنساخ للأنواع الجيدة بلا قِيَم كبرى وفرعية تكون النتيجة على أحسن تقدير إفراز مجتمع إجرامي مهذَّب وليس مجتمعًا إنسانيًا”.
ومن هنا يأتي الاهتمام والتركيز على الطَبَقة الوُسطَى فهي التي تُقِبل على الثقافة وعلى دور العبادة والتعليم الذي أخذ تعبيرات نمطية متكرِّرة وكل ما يتكرَّر يُبتذل. فالطبقة الدنيا غالبًا مهمومة بلقمة العيش لا يعنيها كثيرا الانشغال بالأنشطة المذكورة والطبقة العليا غالبا تأخذ مكانتها من ثرواتها وهي أيضا لا يعنيها كثيرًا الانشغال بتلك الأنشطة.

الجيل Z وتناول موضوع الطبقات

لابد من الالتفات إلى استيعاب طبيعة هذا الجيل وتأثيره على المكوِّن الأخلاقي وكيفية التعامل معه في هذا المجال، هم جيل يبدأ من مواليد تسعينيات القرن العشرين، أي أنهم يكونون جيل الشباب. تعدادهم في مصر حوالي 20%.

المكون النفسي والسلوكي: الاندفاع والتمرد وأكثر انفتاحا على الثقافات العالمية إضافةً إلى الإحساس بالإحباط والشعور بأن حياتهم بلا معنى، وهو جيل له مميزاته ومنها سَعَة الحيلة فهم مواطنون رقميون، يمكنهم القيام بمهام متعددة مع فترات اهتمام قصيرة، ويريدون تحقيق مسار مهني مذهل سريعًا دون جهد بالإضافة إلى ميلهم للاستقلال مما يدفع البعض منهم إلى تجرِبة العمل الحر وإن حقق خسارة.

هم يهتمون بالصحة والبيئة واطلاعهم جيد حيث نشأوا في عصر المعلومات:
• هذا الجيل يدرك أنه يجب أن يعبِّر عن نفسه بصوت عالٍ وأن المؤسسات القائمة لا تدعمهم بالضرورة وهم متروكون لعواقب أفعالهم.
• وهو جيل له أنماط جديدة من العلاقات الاجتماعية المستجدة منها زواج عبر الأنترنت وقبول .
• دور الأسرة في التنشئة يتراجع وأيضا المؤسسات التعليمية خاصة مع اقتصار الدور المدرسي على التعليم دون التربية، أما المؤسسة الدينية فتقليدية الخطاب يمثل معاناة حقيقية لهذا الجيل، وبتأثير السوشيال ميديا لم تعد السلطات قادرة على احتكار الإعلام.
• هم يتطلعون إلى حوار مفتوح بدلا من (لا تسأل لا تقل).
فهل سيعود هذا الجيل إلى تبنِّي سمات ومقومات الطبقة الوسطى؟ أم أن هناك جديد يظهر في الأفق وبناء عليه فإن توالي الدراسة مهم للغاية في مجال القيم الأخلاقية؟

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: القيم اﻷخلاقية[الجزء السابق] 🠼 القيم الأخلاقية [زَرْع القِيَم الأخلاقية][الجزء التالي] 🠼 القيم الأخلاقية [في الفكر الكتابي]