قبل الاسترسال في القراءة، يرجى إلقاء نظرة على الجزء الأول

النهضة الزراعية في مدينتي سو ومي

عزيزي القارئ، افرح مع الفرحين، فقد أثمرت الأرض وأنتجت الإنتاج الذي ينمِّي الشعب، فازدادوا حبًّا لبلدهم، وازدادوا أمانة وإخلاصًا لتراب أرضهم التي أنتجت هذا الإنتاج.

مرت عشر سنوات على بداية القصة وقد تطورت الأحداث في المدينتين سو ومي، ونهضت حركة الإصلاح في المدينتين، فقرر الحكماء في البلدتين عمل اجتماع للحكماء لتنظيم الأمور.

اجتمعت المجموعة وكان الهدف من هذا الاجتماع تحديد مساحات الزراعات. جلس كل الأعضاء على هيئة دائرة كبيرة قوامها ستون فردًا. ووقف أحد الحكماء وقال:ِ سوف نقوم باستفتاء عن أفضل الألوان لديكم، وسنخبركم عن سبب هذا الاستفتاء بعد قليل: سنضع أمامكم سبعة ألوان هي من ألوان الطيف المعروفة. والمطلوب هو أن تختار اللون المفضَّل لديك. راقت هذه الفكرة للجميع فأبدوا إعجابهم.

وزعت الأوراق وتم الاقتراع، ثم صنفت الأصوات وكانت النتيجة كالتالي: عشرون بالمئة لكل لون من الألوان الخمسة الواضحة وهي: الأبيض والأصفر والأخضر والبني والأحمر.

وقف اثنان من الحكماء المختصين بأمور الزراعة وقالوا للجمع: الآن نخبركم عن سبب هذا الاستفتاء، وهو أن كل لون من هذه الألوان يمثل نبات يمكن أن نزرعه وننتج المحصول الوفير منه، ليكفي استهلاكنا وما يزيد للتصدير.

وقد حسبنا المساحات التي سنزرعها في 10 مليون فدان من أرضنا العزيزة، مقسمة على أساس 2 مليون فدان لكل نوع من هذه الأنواع، وها هو تقديرنا للزراعات التي تقابل الألوان:

١– الأبيض: ويتميز به القطن الذي زرعه أجدادنا ونمى وترعرع بين أيدينا وكسونا به أولادنا، بل أرسلنا منه هدايا للملوك والأمراء المحيطين بنا، فكان هذا مدعاة للفخر لأراضينا، ورزقًا للأجيال التي عاشت في هذه الأرض الطيبة.

٢– الأصفر: وهو ما يميز لون القمح، ذلك النبات الذي زرعناه لكي نصنع منه الخبز قوتًا لبنينا، وغذاءً مفيدًا في كل الأحوال؛ لكي يفرح كل من يزرع إنه يحصد أيضًا ويصنع ضيافة في بيته لأهله وأحبائه وعائلته التي تترعرع في محيطه.

٣– الأخضر: وهو ما يتميز به الفلفل الأخضر والبرسيم. فنبات الفلفل الأخضر هو نبات يُزرع طول العام، ومغذي للإنسان ومقبول عند أكثرية من الناس. أما البرسيم فهو ذلك النبات الذي يغذي الدواب من الماشية، مثل الأبقار والجاموس والأغنام. وهي ما تدر علينا باللحوم والألبان التي نصنعها إلى الجبن والزبادي والزبدة والسمنة وما شابه. إن تواجدها في الدائرة الزراعية ذو فائدة عظيمة.

٤– البني: وهو شجر الجازورينا الذي نزرعه لكي يحمي أراضينا ومزروعاتنا، فهو أفضل مصدات للرياح، ويُزيّن أطراف الأراضي لكي تكون آمنة من دخول الحيوانات الضالة.

وجود هذه المصدات للرياح أيضًا يمنح العاملين في الأراضي المجاورة ظلًا يتظللون به في الصيف، وحضنًا دافئًا في الشتاء. مع العلم أنه ستكون هناك الترع والمصارف للأراضي لكي تحدد أماكن زراعة هذه المصدات.

٥– الأحمر: وهو ما يميز الطماطم وبعض أنواع من الأعناب التي تنمو في أراضينا. فالطماطم هي ثمار تعتبر أساسية عند الشعب، وزراعتها يمكن أن تثمر ثمرًا وفيرًا يمكن تصديره. وأما أنواع الأعناب الحمراء فهي أيضًا تثمر ثمرًا وفيرًا في فصول الصيف، فتكون ثمرة حلوة يهنأ بها الناس في أوقات الحرارة الزائدة، كما يمكن تصدير ما يزيد عن حاجتنا إلى الأقطار التي نتبادل معها محاصيلنا على مدى العام.

هذه هي المزروعات التي اتفقنا عليها في دراستنا الخاصة، مع العلم إنها المزروعات التي ستزرع بمساحات كبيرة لكي نزرعها ونملأ بها هذه الملايين من الأفدنة، وتنتج ما يكفي الشعب بل ويزيد عن الحاجة للتصدير. أما أنواع المحاصيل الأخرى المتنوعة، فيمكن زراعتها في أطراف الأراضي، لكي تكون مكملة للزراعات الأساسية.

أما أماكن هذه الزراعات الهامة والغزيرة، فقد اتفقنا على زراعة مصدات الرياح على كل أطراف الأرض وهي الطرق التي ستُعبَّد لسهولة التنقل بين الحقول، وهي بلا شك ستكون موازية للترع والمصارف اللازمة لري الأراضي. والمساحة الإجمالية سوف تصل إلى 2 مليون فدان في كل الأرض الزراعية. وكل سبع أعوام تقطع نصف هذه الأشجار لتباع كخشب للتصنيع، مما يدر على المجتمع الذي نعيش فيه بالربح الوفير. ثم بعد سبع أعوام أخرى تقطع الأشجار التي حفظت في المرة السابقة. وبذلك نكون محافظين على أماكن الزراعات والأشجار دون الإقلال من دورها المزروعة لأجله.

أما باقي المزروعات فستكون مقسمة على ثماني مليون فدان، على أربعة أركان الأرض المعدة للزراعة، مليونًا فدان لكل نوع من الأربعة أنواع الباقية التي حددناها، حسب اختياركم للألوان المفضلة لديكم.

فالقطن (2 مليون فدان) والطماطم والأعناب (2 مليون فدان)
يمكن أن تزرع في الشمال؛
والقمح (2 مليون فدان) والفلفل الأخضر والبرسيم (2 مليون فدان)
يمكن أن تزرع في الجنوب؛
يحيط بها جميعًا من كل جانب مصدات الرياح البنية التي تزيِّن الأرض. وتصل إليها كلها الترع والمصارف لري الأرض بالماء الوفير الذي تتميز به بلداننا.

هذه هي رؤيتنا لمستقبل أوطاننا، نتمنى أن نوفر ما يلزم لزراعة هذه الأراضي، وكل من بَلدَينا ينبغي أن يتقدم بنصف احتياج العمالة ونصف تكاليف الزراعة.

وبعد أيها القارئ: على الرغْم إن هذه القصة ليست من واقع الحياة، لكنها كمثل آمال وأحلام الشعوب السابقة، يتمنى الكاتب وكل من ينظر إلى السماء أن تتحقق تلك الأماني لكي تنمو وتزدهر بلاده. وبلادنا تذخر بتلك الطاقات والعقول التي تستطيع إنجاز هذه الأحلام والوصول بها إلى الكمال. وعلى هؤلاء العقلاء والحكماء يقع عبء ومسؤولية تحقيق هذه الأحلام.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

برتي المقاري
راهب في دير القديس الأنبا مقار الكبير   [ + مقالات ]