سيبدو غريبًا أن انقل مقالًا كاملًا داخل مقالي، إلا أنني موقن أن هذا "الاستغراب" سيتبدد بمجرد قراءتك للمقال. المقال يفض اشتباكًا كان غير مفهومًا بين ارتباط تاريخ 29 كيهك القبطي، مع تاريخ 25 كسلو العبراني، بعيد الميلاد في الدسقولية. هذا المقال دراسة للباحث الشاب "توني مرقس"، أحد طيورنا المهاجرة، والذي يعمل بالرياضيات. وربما هذا سببا في أن يستهويه البحث في التقاويم ودراساتها. (رجائي شنودة)
ميلاد الرب يسوع المسيح والحانوكا
عيد الأنوار اليهودي، أو عيد التجديد؛ الحانوكا، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بميلاد المسيح. وبمناسبة هذه الأيام والاحتفال بعيد الميلاد المجيد، سأشرح هذه العلاقة. الموضوع به تفاصيل كثيره لكنه غاية في الأهمية، لأنه يعرفنا بنبوءة قوية جدا عن ميلاد المسيح، ودليل قوي وحاسم ضد اليهود الذين ينكرون أن المسيح قد جاء وأتم الخلاص. وسنلخص هذا الموضوع في تسع نقاط.
الارتباط التاريخي بين عيد الأنوار ومولد المسيح:
1- تاريخيا الرب يسوع ولد على الأرجح في أواخر عام 5 قبل الميلاد [1]، أي في العام اليهودي الموافق للسنة 5 ق.م. / 4 ق.م.
2- وَفْقاً لتقليد الكنيسة (الدسقولية)، فالكنيسة تعيد بمولد المسيح في 29 من الشهر الرابع للمصريين [كيهك] الموافق 25 من الشهر التاسع للعبرانيين [كسلو] [2]. توقيت 29 كيهك في القرون الأولى وحتى قبل عام 1582 كان يوافق يوم 25 ديسمبر، لكنه تغير بسبب التعديل الغريغوري على التقويم الميلادي. فتاريخ ميلاد المسيح 29 كيهك كان يوافق 25 ديسمبر، لكنه بسبب هذا التعديل أصبح الآن يأتي في 7 يناير.
اللافت للنظر هنا، هو ربط الدسقولية موعد 29 كيهك/25 ديسمبر وهو تقويم نجمي/شمسي بموعد 25 كسلو العبري وهو تقويم قمري! وهما لا يلتقيان إلا كل عشرات السنين. فلماذا ربط التقليد بين هذين التقويمين في هذا اليوم؟
3- بالبحث عن تاريخ (29 كيهك/25 ديسمبر) عام 5 ق.م. وُجد أنه وافق فعلا 25 كسلو من السنة العبرية في ذلك العام، وهو اليوم الذي يبدأ فيه عيد الأنوار (الحانوكا = التدشين) [3].
وعيد الأنوار (الحانوكا) [4] هو تذكار تدشين الهيكل الثاني بعد العودة من السبي البابلي [5]، وأيضا تذكار تطهير الهيكل عام 164 ق.م. بواسطة المكابيين وتطهيره من العبادات الوثنية [6].
4- بهذا يكون ميلاد الرب يسوع يوافق بداية عيد الأنوار اليهودي، الذي يستمر لمده ثماني أيام، والذي في اليوم الثامن منه نعيد بعيد ختان المسيح ولقاؤه بعد ذلك مع سمعان الشيخ الذي حمله في الهيكل في اليوم الـ40 من ميلاده [7] وربما هذا ما جعل سمعان يتكلم عن “نور إعلان للأمم” في تسبيحته الشهيرة عندما تحقق من موعد ميلاد الصبي يسوع.
البعد الروحي والنبوي لعيد الأنوار الحانوكا وميلاد المسيح:
5- تدشين الهيكل الثاني بعد دمار الهيكل الأول في السبي البابلي (586 ق.م.) أو تطهير الهيكل بعد تدنيسه أيام المكابيين (164 ق.م.) يشير روحيًا لتجسد المسيح في طبيعتنا التي فسدت بالخطية وأصبح مصيرها الموت، وجاء الرب يسوع في الجسد ليجدد هذه الطبيعة ويمنحها الحياة بالخلاص. نقول في القداس الغريغوري: باركت طبيعتي فيك
.
6- منارة الحانوكا [عيد الأنوار] مكونة من تسعة أفرع تضاء بالشموع. ويبدأ الاحتفال بالعيد بإضاءة الشمعة الوسطى في ليلة 25 كسلو، ومن هذه الشمعة الوسطى يتم إيقاد شمعة كل يوم لكمال أيام العيد الثمانية. وتشير هذه المنارة بشمعتها التي في المنتصف والتي تقاد من باقي الشموع الثمانية، إلى المسيح نور العالم، الذي أضاء علينا نحن الجالسين في الظلمة، وهو مصدر نور باقي الشموع التي هي نحن، لنكون نحن أيضًا نورا للعالم كما قال لنا، ولكنه هو مصدر النور الذي فينا.
7- وباكتمال أنوار المنارة في الثمانية أيام تكتمل نبوة حجى النبي [8] بظهور يسوع وختانه في الهيكل. فنجد سمعان الشيخ بعد ذلك اليوم يسبح ويقول: نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل
[9]. لأن النور الحقيقي ظهر في العالم كما قال القديس يوحنا في بداية إنجيله [10].
8- وبدخول المسيح للهيكل في اليوم الأربعين من ميلاده، نجد تحقيق لنبوة حجي [11] التي تنبأ فيها عن مجيء مشتهى كل الأمم [المسيح] لهذا البيت [الهيكل الثاني] فيصبح مجد هذا الهيكل بحلول المسيح فيه أعظم من مجد البيت [الهيكل الأول] الذي بناه سليمان. ونحن نعرف الآن أن الهيكل الثاني موضوع النبوءة الذي كان قائمًا حتى زمن المسيح تم تدميره بواسطة الرومان عام 70م. وليس له أي وجود الآن. لذلك فمن المؤكد بحسب نبوءة حجى النبي أن المسيح جاء في هذا الهيكل الثاني ولا داعي لأن يحاول اليهود الآن بناء هيكل ثالث انتظارًا للمسيح. لأن النبوءة تحدد ظهور المسيح في الهيكل الثاني الذي كان قائمًا وقتها وليس أي هيكل آخر يتم بناؤه بعد ذلك، لأن الهيكل الثالث هو الرب يسوع نفسه [12].
9- الثمانية أيام مدة عيد الأنوار وهي المدّة من الميلاد للختان تشير إلى الأبدية. سبع أيام الخليقة والدخول لليوم الثامن الذي يشير رمزيًا للأبدية. فنور المسيح هو الذي ينير ظلمة أيام حياتنا ويقودنا للدخول بنا إلى الأبدية. وأيضا كما يذكرنا عيد الأنوار بتدشين الهيكل الجديد بعد دمار الهيكل الأول بواسطة العائدين من السبي وإلى تطهير الهيكل من النجاسات الوثنية التي دخلت إليه ببناء مذبحه الجديد بواسطة المكابيين [13]، فيشير قطع الغرلة [الختان] إلى الموت بخلع الإنسان العتيق المائت ولبس الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر والقداسة والتقوى [14] والذي يتجدد للمعرفة على حسب صورة خالقه [15].
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟