ملكوته ملكوت أبدي، وسلطانه إلى دور فدور.(سفر دانيال 4 : 3)
لم يأت الرب يسوع إلى عالمنا منذ أكثر من عشرين قرنا ليؤسس دينًا جديدًا، ولم يأت كمعلم ليعطي العالم تعاليم خارجة عن الإنسان، لقد كان الناموس مملوء بالتعاليم والوصايا والشرائع والأحكام، حتى أنة إذا حصرنا وصايا الناموس سنجدها تحوي ما يقرب من ٦١٣ وصية.
أيضًا لم يأت الرب إلى عالمنا بالجسد ليصلح ما قد فسد في الوعاء الإنساني، الذي قد فسد وأصبح طبيعة غير قابلة للإصلاح.
الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد(رسالة بولس إلى رومية 3: 12)
وأيضًا يقول النبي إشعياء:
على م تضربون بعد؟ تزدادون زيغانًا! كل الرأس مريض، وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وإحباط وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تلين بالزيت(سفر إشعياء 1: 5-6)
بل جاء المسيح إلى عالمنا بجسدنا ليؤسس مملكة وملكوت الله على الأرض. وهذا يظهر جليًا في أول جملة نطق بها الرب نفسه في بداية خدمته في إنجيل الخادم (إنجيل مرقس الرسول)
ويقول: «قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل».(إنجيل مرقس 1 : 16)
إذن، قد جاء الرب يسوع في الجسد ليؤسس ملكوته، وملكوت الرب هو من طبيعة الرب نفسه، فإذا كان الرب هو الروح أو الله روح… اَللهُ رُوحٌ. (إنجيل يوحنا 4: 24)، فطبيعة الملكوت من نفس طبيعة الرب نفسة أي هو ملكوت روحي، وكما قال الرسول العظيم بولس في رسالتي رومية وكورنثوس:
لأن ليس ملكوت الله أكلا وشربا، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس(رسالة بولس إلى رومية 14: 17)
لأن ملكوت الله ليس بكلام، بل بقوة(رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس 4: 20)
إن تعبير ملكوت الله، أو ملكوت السموات، مرادفات لنفس المعنى، ورسالة الإنجيل من بدايته إلى نهايته تتمحور حول رسالة ملكوت الله، وإذ بحثنا بتدقيق حول أكثر تعبير مكرر في الأربعة أناجيل بالإضافة إلى سفر أعمال الروح القدس في الكنيسة (سفر أعمال الرسل) ستجد أنه تعبير ملكوت الله
، إذن تأسيس وامتداد ملكوت الله هو الهدف الأسمى من الإرسالية العظمى التي وضع أساسها الرب يسوع في متي 28.
فملكوت الله ليس تعبير مجازي نٓعبر علية عبور الكرام في قراءتنا لكلمة الله، ولا هو مجرد أمر سيأتي لاحقًا في السماء إن شاء الله إن جاز التعبير، بل هو أمر حقيقي جدًا، بل هو حق الحق نفسه.
ملكوت الله داخل كل مؤمن حقيقي نال بالحق معمودية الماء والروح واختار الولادة الجديدة، كما قال الكتاب: لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ”. (إنجيل لوقا 17: 21)
وتأسيس ملكوت الله ليس فكرة مستحدثة في فكر الرب في العهد الجديد، لكنه هو هدف الله منذ أن اختار الرب أبرام في القديم لينتخب له شعبا، ففي أول لقاء لابرآم بعد هزيمة الملوك الخمس في عمق السديم الذي هو عمق الملك، (تكوين14) في مقابلة خاصة جدًا بين ابرآم وملكي صادق، فأعطاه ابرآم عُشرًا من كل شيء و هو ما وضحة الرسول بولس في رسالته إلى العبرانيين مؤكدًا أن ملكي صادق يشير إلى الرب يسوع في الجسد.
مدعوا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق(رسالة بولس إلى العبرانيين 5: 10)
لأن ملكي صادق هذا، ملك ساليم، كاهن الله العلي، الذي استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه(رسالة بولس إلى العبرانيين 5: 10)
أيضًا يقودنا الوحي الإلهي في سفر الخروج في الإصحاح 19 إلى صورة وظل آخر لملكوت الله؛ حينما أراد الرب أن يؤسس ملكوته بين شعبه فقال الرب لموسى اصعد أنت وكل الشعب إلى جبل سيناء ليجعلهم مملكة كهنة، أو بلغة العهد الجديد؛ ملوك في ملكوت، لكن الشعب إرتعب وخاف من صوت الرب الذي تراءى لهم في الجبل، بالتالي رفضهم للرب ترتب عليه أن لا يقبلوا مُلك الرب نفسة عليهم، لأنه حيثما ووجد الملك فهنالك مملكته وسلطانه.
ومنذ ذلك الحين وخلال صفحات العهد القديم مرورًا بأسفار موسى الخمسة، وأيضًا الأسفار الشعرية وكذا أسفار الأنبياء الكبار أو الصغار، فشغل الكتاب الشاغل هو الملك وملكوته الذي سيمتد لنمو رئاسة لا نهاية.
يتبع في المقال المقبل.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟