الثلاثاء ١٥ أبريل ۱۹۸٠م

غادرنا إلى ، ووصلنا إلى مقر البطريرك نحو الساعة ١١ صباحًا، التقيت بالقمص بطرس جيد شقيق البابا البطريرك، فعلمت منه أن البابا مريض متعب، وعندما دخلت الصالون الأسفل وجدت أعضاء المجلس الملّي العام وأعضاء مجلس ملّي الإسكندرية وأعضاء هيئة الأوقاف مجتمعين، وسلمت عليهم واحدًا واحدًا.

ثم صعدت إلى الطابق الثاني فوجدت أعضاء المجمع جميعًا، يتحدثون في الأحوال الراهنة، والبابا شنودة ترك رئاسة الجلسة لنيافة الأنبا أنطونيوس، ، ليفحصه الأطباء [د. شفيق عبد الملك، د. يوسف يواقيم، د. راغب عبد النور]، وعلمت فيما بعد من دكتور يوسف يواقيم أن تعب البابا شنودة هو نقص في ضغط الدم ٦٥/١١٠ فساعدوه وعالجوه حتى استرد صحته، وعاد بعد ذلك..

في أثناء انعقاد المجمع، استقر الرأي على عمل بيان من المجمع لنشره في الصحافة، وإرساله طبعا قبل ذلك إلى الرئيس ونائب الرئيس، ورئيس الوزراء، ومجلس الشعب… وكلّفوني بعمل هذا البيان، فاستأذنتهم في الاختلاء في غرفة مجاورة، ثم عدت إليهم وقرأته عليهم فوافقوا عليه مع بعض تعديلات وإضافات.

بعد ذلك عاد البابا البطريرك ال، ثم طلب أن ينضم إلى المجمع جميع أعضاء المجلس الملّي العام، ومجلس ملّي الإسكندرية وهيئة الأوقاف وشخصيات أخرى قبطية، وحضر أيضًا بدعوة من البابا؛ القمص ، واتفقوا على بيان موجز يصدر من المؤتمر بما يضمه من وجميع تلك الهيئات، وكتب البابا النص المختصر، وفتح باب المناقشة، فتكلم كثيرون منهم وكيل المجلس الملّي العام [كمال هنرى أبادير – الوزير] ود. شفيق عبد الملك، ود. راغب عبد النور، واللواء جميل رزق الله، ود. عادل بسطوروس وآخرون.

ثم أعطيت الكلمة للقمص متى المسكين، وقدم البابا كلمة “الأب الموقر القمص متى المسكين”، وبدأ القمص متى المسكين حديثًا مسهبًا؛ روى مقابلته للرئيس ، وكيف سعى لهذه المقابلة بعد استئذان البابا شنودة، وقضى معه عددًا من الساعات في أيام الأربعاء والخميس والجمعة من أسبوع الآلام، وبعد أن قابل الرئيس عاد إلى البابا في يوم السبت بعد قداس العيد نحو الساعة ٢:٣٠ بعد منتصف الليل، يروى له خبر هذه المقابلة التي تمت.

ولكنه في الاجتماع أدلى بتفصيلات كثيرة، كيف أنه وجد صعوبة كبيرة في الالتقاء بالرئيس ولكنه أصر على ذلك، وقابل عددًا من الوزراء وشخصيات أخرى منهم المهندس عثمان أحمد عثمان، وكيف أنه انسجم معهم وانسجموا معه جدًا، ونجح المهندس عثمان أحمد عثمان في أن يجعله يقابل الرئيس، على الرغم من ضيق وقت الرئيس قبيل سفره إلى واشنطن، وعلى الرغم من انتظار بعض الشخصيات المهمة، وعلى الرغم من أنه كان رافضًا أن يفاتحه أحد في المسألة القبطية، وأخيرًا دخل إلى الرئيس فعانقه الرئيس وأخذ يحدثه حديثًا أعجب به الرئيس، وكان من أثره أن قال الرئيس كلامًا جميلًا عن محبته للمسيحيين، وأنه قرأ الإنجيل وهو متهم عند المسلمين بأنه يحابي المسيحيين لدرجة أن القمص متى المسكين تأثر من حديثه وبكى، وأخرج منديله ومسح دموعه.

وكلّمه القمص متى كلامًا روحيًا حلوًا كان له وقع جميل، واقترح عليه حلولًا وافق الرئيس عليها، وقد اقترحها على البابا والمجتمعين. أولها أن يكتب البابا للرئيس خطابًا يقول له فيه أنه ترك المسألة بين يديه، وبيانًا عامًا للنشر في الصحف ولكن بعد أن يطلع عليه الرئيس ويوافق عليه، وثالثًا؛ أن يشكل الرئيس لجنة من خمسة من عقلاء المسلمين المحبين للمسيحيين وخمسة آخرين من الأقباط أعضاء مجلس الشعب، للنظر والتحقيق في مطالب الأقباط ومتاعبهم ودراستها واحدة واحدة ومعالجتها، وذلك بتفويض هذه اللجنة سلطات للدراسة والتنفيذ، فوافق الرئيس.

ومما قاله القمص متى المسكين أن قرار المجمع كان قرارًا خاطئًا وتوقيته كان خاطئًا [1] كذلك قال أن المشكلة الآن صارت مشكلة بين الرئيس وبين الأنبا شنودة شخصيًا.

وكان البابا شنودة رد على كل من اقترح عليه أن ينزل إلى القاهرة، بأنه لا يستطيع ذلك خوفًا من أنه يتكلم فتحسب الدولة كلامه إثارة، وإذا لم يتكلم يحسب الأقباط ذلك منه جبنًا وخوفًا، فهو يؤثر البقاء في الدير، ووافقه البعض ولم يوافقه البعض، وكان من رأى القمص متى المسكين أنه من الخير أن يبقى في الدير الآن إلى أن تصلح الأمور بينه وبين الرئيس، فإذا وافق الرئيس، ينزل البابا بكرامته معززًا مكرمًا.

وطالت الجلسة إلى ما بعد الظهر، فتغذوا وبعد الغذاء استأنفوا الجلسة إلى المساء إلى نحو الساعة السابعة والنصف، ثم صلى البابا، وانصرف الجميع.

(ال [2] )

الثلاثاء ٢٤ مارس ۱۹٧١م

ترشيحه للقمص متى المسكين

وروى لي أيضًا أنّه في جلسة الاجتماع الموسّع الأخير، الذي ضمّ أعضاء المجمع وهيئة الأوقاف، وأعضاء اللجنة الملّية، وقف الأنبا إندراوس [، ورئيس دير القديسة دميانة] ومعه أعداد مجلّة ، ومقالات الأستاذ نظير جيّد سابقًا [نيافة الأنبا شنودة] وقرأ بعض ما جاء فيها، وقرأ أيضًا مقالات “الكرسي الشاغر” وما إليها، فقوطع تارة وأُستحسن قوله تارة أخرى، ووقف الأنبا شنودة متألمًا وقال إنّه لم يتنكّر لمقالاته التي كتبها ولا زال متمسكًا بما ذكره…

وأخيرًا استقر الرأي على العمل باللائحة الداخلية الحاليّة، وطلب مني الأنبا إندراوس [3] أن أوقّع على ورقة بترشيح القمص متى المسكين، فوقّعت عليها بارتياح.

وقضيت ليلتي الباقية في راحة وصلوات وبعض القراءات.

(الأنبا غريغوريوس، أسقف البحث العلمي [4] )

هوامش ومصادر:
  1. القرار كان عدم الاحتفال ب بسبب الأحداث التي حدثت في الإسكندرية و أسيوط [🡁]
  2. السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس، الجزء الثاني، الصفحات: ٥٣٩، ٥٤٠. [🡁]
  3. الأنبا إندراوس، أسقف دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير القديسة دميانة، في الفترة من ديسمبر ۱۹٦۹ إلى أغسطس ۱۹٧٢ (عامين وثمانية أشهر فقط) قيّدت نياحته المبكّرة “حمّى تيفود” أدت لارتفاع درجة الحرارة فوق الأربعين مسببة “جلطة في المخ”، فيما رأى د. أنه؛ “قُتل بدس السم”. [🡁]
  4. السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس، الجزء الثاني، الصفحة: ١٤٤. [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

الأنبا غريغوريوس

أنبا غريغوريوس

[ + مقالات ]