كتب أهل بلاد ما وراء البحار في يومياتهم عن الأنبا ديميدوس الضرير، وإذ كان هذا اليوم يوافق أحد الابن الضال، فقد عبر أهل البلاد عما يجول في صدورهم حين يأتي ذكر الابن الضال، وكيف استقبله أبوه.
تذكروا كيف تعامل الأسقف مع أحد إخوتهم، الذي كان قد أغضبه، وطبعًا أهان السلطان الكهنوتي الذي له، فالأسقف الذي وقف ذات مرة وسط شعبه صارخًا:
أنا رأس الكنيسة
لا يعرف من الكهنوت سوى سطوته وسلطته، فقد جعل نفسه مكان الكاهن الأعظم، رأس الكنيسة بالحقيقة، ربنا يسوع المسيح، ولكنه يأبى على نفسه أن يغسل الأرجل كما فعل سيده.
فماذا تذكر أهل البلاد؟ وماذا فعل أسقفهم؟
يروون أنه ذات يوم اختلف أحد إخوتهم مع الأسقف على أشياء مادية، مما اضطر الأخ أن يلجأ للقضاء، حتى يحصل على حقه، وقد أنصفه القضاء، واضطر الأسقف أن ينصاع لحكم المحكمة، فهو لا يجرؤ على معاداة أهل البلاد الأصليين.
لجأ الأسقف لما في يده، وماذا في يد الأسقف سوى سلطان الكهنوت ليستخدمه كسيف على رقبة من يعارضه ويتعسف في استخدام سلطته!!!
تمر السِّنُون، و لكن لم تكن السنين كافية ليغفر الأسقف لمن اعترض عليه، ليأتي يوم الانتقام، حين مات هذا الأخ فجأة، وتصبح الفرصة سانحة حتى ينتقم لذاته وكرامته، وليس لكهنوته، فالكاهن الأعظم، قد غفر لصالبيه.
وقفت عائلة الابن “الضال” بابنهم الميت في أكفانه أمام الكنيسة، ليفاجأ الجميع بالأوامر أن “الميت” ممنوع من الدخول للكنيسة ولن يصلي عليه أحد، وليس فقط في هذه الكنيسة، بل وفي كل كنائس الإيبارشية!
احتار الجميع أمام هذا الحدث الجلل، وأمام حيرتهم هداهم تفكيرهم أن يستغيثوا بأسقف آخر، لعله يقدر خاطر هذا الشيخ الوقور العجوز، الذي أخذ مشقة السفر حتى يصل إلى مكان الحدث.
خابت كل الآمال وباءت كل المحاولات بالفشل، ولم يشفع هذا أو ذاك، حتى توسلات الشيخ المتضع!!!!!
أمام عناد الأسقف وحزن البنين، فتحت كنائس أهل البلاد الأصليين أبوابها لهذا الابن الضال، المرذول من الأب القاسي.
ترك هذا مرارة وخوف في أنفس الجميع، إذ تعلم الجميع الدرس، أنه لا يجب الاعتراض أو المساس بالأنبا ديميدوس، لئلا حين تنتهي أيام الغربة، لا يجد المحزونون تعزية من كنيستهم.
كان الأسقف يتصرف كما لو في عزبة خاصة ضيقة، لا تنتشر الأخبار خارجها، أو إقطاعية من إقطاعيات العصور الوسطى، ولم يعمل حساب الأيام وأنه ليس خفي إلا ويعلن، وما كان يقال سرًا في الآذان سوف ينادي به فوق السطوح…
فهل يعتذر الأنبا ديميدوس؟؟؟
في نهاية المذكرات شكر أهل البلاد إلههم الحنون الذي يفتح ذراعيه لهم في كل حالاتهم.
وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ(إنجيل لوقا 15: 20)
و للحديث بقية..
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟