المقال رقم 2 من 5 في سلسلة قراءات سكندرية لكتابات خلقيدونية

سنعبر -كرامًا- على المقدمة التي كتبها الأب “ حنين” ليوضح فيها أهمية المقال وكاتبه، دون أن يتقاعس عن “غمز” ، ولكنها هامة وتستحق القراءة، يختمها الأب حنين بإيراد إقرار المجمع الخلقيدوني: [1]

تحديد المجمع الخلقيدوني الرابع عام 451م:
وإذ نتتبع الآباء القديسين نعلم برأيٍ واحدٍ أن الابن [ابن الله], ربنا يسوع المسيح، يجب الاعتراف به أنه هو نفسه واحد، أي تام في اللاهوت وتام في الناسوت، إله حق وإنسان حق، ذو نفسٍ عاقلةٍ وجسدٍ، مساوٍ للأب في اللاهوت ومساو لنا في الناسوت، وهو مثلنا في كل شيء ما خلا الخطيئة، مولود من أبيه قبل كل الدهور حَسَبَ اللاهوت، ولكنه في الأيام الأخيرة -لأجلنا نحن البشر ولأجل خلاصنا- ولد من العذراء مريم والدة الإله حَسَبَ الناسوت. فهذا الأقنوم الواحد نفسه يسوع المسيح الابن الوحيد [لله] يجب الاعتراف به أنه في طبيعتين [έν δύο φύσεσιν] متحدتين بلا اختلاط ولا تحول ولا انقسام ولا انفصال. وهذا الاتحاد لم يلغ التمييز بين الطبيعتين بل أن الطبيعتين مع حفظ كل منهما خصائصها قد اتحدتا في شخص واحد غير منقسم أو منفصل إلى شخصين أو أقنومين ولكنه هو واحد نفسه الابن الوحيد، الله الكلمة ربنا يسوع المسيح كما أعلن الأنبياء قديمًا في ما يختص به وكما علمنا يسوع المسيح نفسه وكما سلمنا دستور إيمان الآباء.

(مجموعة الشرع الكنسي [قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة] جمع وترجمة وتنسيق الأرشمندريت حنانيا إلياس كساب، ، بيروت 1980، ص 396 -397)

 

سيلزمنا مقال مستقل للتعليق على عوار هذا الإقرار، الذي لا يستقيم للمنطق، أيا كان منطلقات المنطق، سكندرية وحسب قبل ، أو حتى بالمنطق الخلقيدوني ذاته، ولكننا الآن سنعبر إلى متن المقال. [2]

تمهيد:
لقد صارت صيغة خلقيدونية [واحد هو نفسه المسيح.. في طبيعتين.. معترف به]، التي شكلت أهم تعبيراته وعقائده، نقول صارت هذه الصيغة، وبعد المجمع المسكوني الرابع، صارت نقول موضع خلاف بين المؤيدين للمجمع والمعارضين لخلقيدونية.
أن ظاهرة الخلاف هذه ليست مستعصية على الفهم،  لأن هذه الصيغة بدت ولأول وهلة أنه لا علاقة لها بفكر ولاهوت الذي أعتبره المعارضون لخلقيدونية المرجع الوحيد والأصيل لحل المعضلة الخرستولوجية [الذين حصروا الخرستولوجيا الكيرلسية في صيغة طبيعة واحدة للكلمة المتجسد]، هذا من ناحية،  ومن الناحية الأخرى كان هناك تشابه كبير بين الصيغة الخلقيدونية وبعض التعبيرات الذيوفيزيتية التي سبق واستخدمها نسطور.

(ال، مقال: الأصل الكيرلسي للصيغة الخلقيدونية “في طبيعتين”)

لدينا هنا اعترافين على درجة عالية من الخطورة، يندر أن نطالع مثيلاهما في الكتابات الخلقيدونية:

الأول: الصيغة تبدو لا علاقة لها بفكر ولاهوت القديس كيرلس.

الثاني: الصيغة تتشابه مع التعبيرات التي سبق واستخدمها “”.

هدف الكاتب من المقال هو نفي “كلا” الاعترافين، فمن ناحية سيحاول إثبات أن الصيغة ومع تشابهها مع مصطلحات “نسطوريوس” فهي مقطوعة الصلة بها، ومن ناحية أخرى ورغم عدم تشابهها مع مصطلحات كيرلس، فأنها بالأساس كيرلسية.

وحقيقة أنا اشفق على الرجل من الولوج إلى هذه المهمة المستحيلة، وليس أدل على استحالتها استمرارها لستة عشر قرنًا بفشلٍ تامٍ.

يبدأ الرجل محاولته، فيلقي لنا بأكثر الاعترافات أهمية وخطورة:

الحقيقة التي سوف نسعى لإظهارها هي أن المصدر الأساسي لهذه الصيغة الخاصة بالطبيعتين، ليس هو نسطور ولا أية ميول نسطورية، ولكن، وكما أثبت البحث العلمي اللاهوتي المعاصر، أن هذه الصيغة [في طبيعتين: أن ذيو فيزيسيسين] هي صيغة أرثوذكسية بالدرجة الأولى بل وهي كيرلسية الجوهر والمصدر والطابع. الصيغة هي الاعتراف بالإيمان الذي حدده المجمع المحلي المنعقد عام 448م. قام الصيفقيلي الذى استخرج هذه الصيغة من رسالة كيرلس إلى يوحنا الأنطاكي. وتعبير آخر فأن هذه الصيغة التي استعملها باسيليوس الصيفيقلي وآباء مجمع خلقيدونية بمعناها الأرثوذكسي وفحواها الكيرلسي، كان قد سبق استخدامها وفهمها على يد نسطور نفسه ولكن بمعنى خرستولوجي انفصالي أي يفصل ويقسم المسيح الواحد.

(الأقباط متحدون، مقال الأصل الكيرلسي للصيغة الخلقيدونية “في طبيعتين”)

يقر كاتبنا هنا أن الصيغة نسطورية، ويزعم أنها نسطورية شكلًا، لا موضوعًا، ونحن لن نلتفت في هذه الفقرة إلى هذا الزعم، فلدينا المتسع في باقي المقال، لأن هناك ما هو الأكثر أهمية في هذه الفقرة، وهو اعترافه بأن الصيغة قد أسبغ عليها “الأرثوذكسية” -لأول مرة- في مجمع عقد عام 448م، يغفل الكاتب هنا اسم المجمع وأحداثه وملابساته وأثاره، وسأكتفي هنا -لحين التعليق النهائي- يذكر أن المجمع هو مجمع القسطنطينية المحلي.

يتبع..

هوامش ومصادر:
  1. مجموعة الشرع الكنسي [قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة] جمع وترجمة وتنسيق الأرشمندريت حنانيا إلياس كساب، منشورات النور، بيروت 1980، ص 396 -397 [🡁]
  2. الأقباط متحدون، مقال: الأصل الكيرلسي للصيغة الخلقيدونية “في طبيعتين” [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: قراءات سكندرية لكتابات خلقيدونية[الجزء السابق] 🠼 قراءات سكندرية لكتابات خلقيدونية[الجزء التالي] 🠼 الأصل الكيرلسي المزعوم لصيغة خلقيدونية [٢]
رجائي شنودة
[ + مقالات ]