في الوقت الحالي أصبح الكلام عن الألم  أو التجارِب أو المشاكل هو العامل الرئيس، بسبب ازدياد الضغوط على الناس تقريبًا في كل مكان، والسؤال الذي يطرح نفسه هل الألم أو التجارِب جزء من الحياة؟ وما أسبابهم؟ هل الإنسان بنفسه ولا الإنسان الآخر؟ أم كما نقول  إن ربنا يجربنا أو يختبرنا، نوع من الامتحان، ومن ينجح فيه يفوز بالجائزة ويذهب إلى الجنة أو السماء أو الملكوت، أو أي اسم تحب أن تقوله.

وإن كان الفرض الأخير بالنسبة لي غير مقبول إطلاقًا، لأن الله قدم نفسه لنا كـ”أب” ونحن أولاده، وليس سيد ونحن عبيده، ولا نحن كائنات للتسلية ويشاهدها وهي تتألم، ويكون هو مصدر أو سبب هذا الألم، لمجرد أنه يصفي بين البشر ويمتحنهم، ومن ينجح يأخذ الجائزة ومن لا يحصل على مجموع أو درجات كبيرة يتم شواءه في النار.

محبة ربنا للإنسان هي كلمة السر في خلق الكون كله، وليس هذا فقط، بل هي كلمة السر في تجسد الله أيضًا، الذي يفعل هذا من أجل الإنسان من غير الممكن أن يقف متفرجًا عليه وهو يتألم، وهنا الإحساس بوجود ربنا أو الاتصال والتواصل بمصدر الحياة هو الفكرة الوحيدة القادرة على تغيير حياتنا بزاوية 180 درجة وحالًا.

والفكرة هنا أقصد بها القناعة والإيمان والعشرة والإحساس بهذا التواصل. لأنه الشيء الوحيد الذي يحول الضيقة مهما كانت شديدة لرحلة فيها قَبُول ونمو وتعليم وخبرات جديدة، مما يجعل للألم وتجربته طعم عميق، مثل طعم الأكل الصحي الخالي من السكر ومكسبات الطعم الصناعية، لا يكون مر، لكن له طعم في بداية تذوقه تشعر أنك لا تفضله، ثم بعد ذلك تعتاد عليه وتحبه.

الإحساس بوجود ربنا يمحي تمامًا فكرة الوحدة أو التخلي لأنه يشعرك بالشبع والدفء في أعمق أوقات التجربة، وهو أيضًا يُعطي الفرح معنى عميق ويجعل تأثيره يدوم، ولا يكون لحظي، ويؤكد مبدأ “تفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم” لأننا دائمًا متصلين بمصدر الفرح فيتحول الفرح لحياة وينحل ارتباطه بالأحداث أو الأشخاص.

الاتصال الدائم بالله -مصدر الحياة- هو الإحساس الوحيد الذي يحقق السلام بصرف النظر عما يحدث في الخارج، وتتحول الحياة إلى رحلة فيها مغامرات وخبرات نجمعها ونتمتع بها ونعيشها كل لحظة كما هي.

في رأيي المتواضع أن هذا تفسير كلامه حين قال: “أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل” مجيء الله إلى حياتنا وسكنه فينا واتصاله بنا هو الذي يمنحنا الحياة (المعرفة بمعنى الحياة الحقيقية وأى شبه حياة تخلو من وجوده تخلو في الحقيقة من مفهوم الحياة وهذا يفسر كلام يمكن أغلبنا يقوله في وقت من الأوقات: “مش حاسس إني عايش”. وجوده يحقق الأفضل على الإطلاق لذا قال أفضل من غير ما يوضح أي أفضل بالضبط.

السؤال الجميل: أليس كل هذا الكلام مجرد حيل نفسية دفاعية للتأقلم مع عشوائية الحياة؟

الحقيقة إن كل شيء حوالينا كبشر يقول إن الحياة ليست عشوائية، الكون والطبيعة، وحتى أجسامنا تأكد إنه لا يمكن للعشوائية أن تنتج شيء بهذه الدقة وهذا التعقيد،  لكن أيضًا الكائن المخلوق بالدقة والتعقيد هذا قادر على مواجهة عشوائية الحياة وحتى لو بحيل نفسية فهذا معناه أن قدراته عالية جدًا ويتعارض مع أن حدث أو شيء بسيط من الممكن أن ينهى حياته، يبقى لازم يكون في مصدر للقوة والدقة والعمق المبني عليهم الإنسان.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

إيريني إستمالك
[ + مقالات ]