المقال رقم 5 من 6 في سلسلة مفاهيم لاهوتية
المسيح:

المسيح هو صفة لـ”حالة” ولغويا هي بناء كلامي على وزن “فعيل”، والميزة الكبرى لهذا البناء هو نيابته عن كلًا من اسم الفاعل واسم المفعول، فقد يأتي كدلالة عن فاعل الحدث، أو قد يأتي كدلالة عمن وقع عليه الفعل.

كتابيا، “المسح” هي حالة تعبر عن الارتقاء، قد يتم “المسح” ماديًا، فيسفر عن ملوك كرسوا لخدمة شعب الله، أو يتم روحيًا، كما في الأنبياء الذين يمسحهم الروح فكريًا، كنعمة معينة على أداء التكليف.

مسيحنا أيضا اجتاز “مسحة” ليست بأي حال كارتقاء، فهو الذي يرقي الجميع ويرتقي بالجميع، لكنه اجتازها لتجتازها البشرية معه وفيه.

يقول القديس كيرلس:

“حيث أن الخطيئة كان لها سلطان على البشرية بسبب تعدي ، رحل عنها الروح القدس، وحل كل شر بسبب ذلك، ولاستعادتنا، كان من المحتّم جعلنا مستحقين نعمة الله ثانية بالروح القدس، عندئذ تأنس الابن الوحيد، ظهر لنا بجسد من طبيعتنا، واجتاز حياتنا بلا خطيئة، حتى انه بنصره الفريد هذا في تنزيه طبيعتنا عن الخطأ، توجّت مرة أخرى لتقتنى بالروح القدس، قدس طبيعتنا فأعاد صوغها لله.

(القديس كيرلس )

هذه هي الطريقة التي مرت بها النعمة إلينا، بعد أن أصبحت مستحقة للشركة في الروح، اخذها المسيح أولا كبكر بيننا [فدعي مسيحًا] ثم كإله وبروحه القدس مسح هو كل هؤلاء الذين يؤمنون به [فدعي مسيحًا]

 

عمانوئيل:

عمانوئيل تفسيره “الله معنا”، فماذا تعني إطلاق تسميه “عمانوئيل” على الله الكلمة؟

معيّة الرب للبعض كانت حاضرة قديمًا، فقد قيل ل: كما كنت مع موسى أكون معك، فالله كان مع القديسين والأنباء ليساعدهم، ولكنها ليست “معية” عمانوئيل لنا.

قبل التجسد كانت “المعية” هي إسباغ نعمته على رجاله، كان بعيدًا بشخصه وبطبيعته الإلهية عن كل بني آدم، حتى أن داود خاطبه في مزموره العاشر: يا رب لماذا تقف بعيدًا، الفارق بين الطبيعتين هو شاسع حقا، أما الآن، فقد أتى عمانوئيل إلى طبيعتنا، مزج شخصه بنا مع بقائه إلهنا، في لحظة زمنية مباركة جسر المفازة بين الطبيعتين، منحنا روحه لتستقر بنا، وتعترش حياتنا، طرد منا الموت ليعطينا الحياة.

 

الآن هو معنا

يستكمل القديس كيرلس شرح الواقع بعد التجسد (في موقع آخر) فيقول إن الروح الحقيقي الكائن بنفسه هو الذي يسكن فينا ويتحد بنا، وليس مجرد نعمة بسيطة:

هل يمكن أن نسأل المُعاندين: لماذا نُدعى بالهيكل الإلهي إن كنا بالفعل شركاء مجرد نعمة بسيطة لا كيان لها؟
لكن الأمر ليس كذلك، لأننا هياكل للروح الحقيقي الكائن، ولهذا ندعى أيضًا آلهة، لأنه من خلال اتحادنا به نصبح غير الموصوفة.
أما لو كان الروح القدس الذي يَّؤلهنا هو غريب ومختلف بحسب جوهره عن الطبيعة الإلهية، فحينئذ سنفقد رجاءنا وسنفتخر [ولا أعرف كيف] بكرامات غير موجودة. وكيف نكون [في هذه الحالة] آلهة و هياكل لله كما هو مكتوب بواسطة الروح الساكن فينا؟ لأن من ليس هو الله، كيف يستطيع أن يهب للآخرين أن يكونوا هكذا؟

(القديس كيرلس عمود الدين، ، الحوار السابع)

المصطلحان: المسيح وعمانوئيل يلقبان نفس الابن، الرب والإله والشريك، بدايتنا الجديدة وبكرنا.

 


 

*) المقال مستوحى من مقال القديس كيرلس “تعليقات توضيحية على تجسد الابن الوحيد”

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: مفاهيم لاهوتية[الجزء السابق] 🠼 “كيرلس – نسطوريوس” فصل الخطاب[الجزء التالي] 🠼 الاتحاد الأقنومي
رجائي شنودة
[ + مقالات ]