- كتاب “بولس الرسول” للأب متى المسكين
- اقتراب محفوف بالتربص
- فك رموز العهد القديم
- تشكيل شاول لقبوله الإيمان
- شاول الفريسي وحال الكنيسة
- شاول يضطهد الكنيسة
- حادث دمشق
- مسيحية بولس الرسول (١)
- مسيحية بولس الرسول (٢)
- صفات القديس بولس
- الفكر اللاهوتي للقديس بولس
- مصادر تعاليم بولس الرسول (١)
- ☑ مصادر تعاليم بولس الرسول (٢)
- لاهوت بولس الرسول: تمهيد ومدخل
- حكمة تعلو فوق كل شيء
- سبق وجود المسيح
- ربوبيّة المسيح
يعقد الكاتب مقارنات عديدة بين ما علَّم به القديس بولس الرسول، سواء في رسائله أو أحاديثه وحواراته ومرافعاته أمام الولاة التي سجلها له سفر الأعمال، وبين ما جاء بالأناجيل الثلاثة التي كتبها القديس متى، والقديس لوقا، والقديس مرقس، والمعروفة بالأناجيل الإزائية، أو التكاملية، ويورد أمثلة لذلك تصل إلى حد التطابق، ويعلق الكاتب:
“كل هذه الاستشهادات المباشرة بوصايا الرب التي عثرنا على المرادف لها في الأناجيل الثلاثة الأولى أو التي ينسبها بولس للمسيح ولا يوجد لها مقابل في الأناجيل، أو التي يطلقها بولس الرسول دون الإشارة إلى أي مرجع ولكنها تحمل الروح الرئاسي بسلطان، يتضح منها أن بولس الرسول إما أنه كان يقرأها من بعض المدونات المكتوبة كأساس للأناجيل التي حصل عليها من الرسل”.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
وسبق للكاتب أن توقف عند لقاء القديس بولس مع الأعمدة الثلاثة للكنيسة الأم في أورشليم:
“وأعطوه يمين الشركة ليكرز بإنجيله بعد أن قدمه لهم، فاستحسنوه ولم يضيفوا عليه أو يحذفوا منه شيئًا”.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
تأسيسًا على ما كتبه ق. بولس نفسه:
“فَإِنَّ هؤُلاَءِ الْمُعْتَبَرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيَّ بِشَيْءٍ. بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّي اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الْخِتَانِ. فَإِنَّ الَّذِي عَمِلَ فِي بُطْرُسَ لِرِسَالَةِ الْخِتَانِ عَمِلَ فِيَّ أَيْضًا لِلأُمَمِ. فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِي وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ، وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ”.
(رسالة بولس إلى غلاطية 6:2ـ 9)
ويعود الكاتب فيؤكد أن مصدر تعليم ق. بولس هو السيد المسيح نفسه حسب توثيق القديس بولس “لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم” (كورنثوس الأولى 23:11)، وفي نفس الرسالة ص 7 “إن كان أحد يحسب نفسه نبيًا أو روحيًا فليعلم ما أكتبه لكم أنه وصايا الرب”، وعندما يبدي القديس بولس في نفس الرسالة رأيًا خاصًا به يذكر ذلك صراحة:
“وَأَمَّا الْعَذَارَى، فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا.”
(رسالة بولس الأولى إلى كرونثوس 25:7)
ويورد الكاتب رأيا لعالم من علماء الكتاب المقدس (جوانس فايس):
“أن بولس الرسول كان يرجع إلى أقوال المسيح في الوصايا السلوكية والأخلاقية والتنظيمية للمؤمنين ذات الطابع التقنيني باعتبارها معيارًا مسيحيًا ثابتًا ينبغي الالتزام به. أما ما يخص حياة المؤمنين فإنه كان يستوحى الروح القدس مباشرة حسب غنى نعمة الله التي منحه الله إياها بوفرة”.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
كانت وصية الرب يسوع لتلاميذه “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم … وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به”، ومن هنا ندرك أن اللقب الأول للرب هو “المُعلّم” والرسل كانوا “تلاميذ”، وحسب الكاتب:
كان الرب يضع لهم بتعليمه وصايا ذات طابع قانوني على مستوى الناموس، ولكن أعلى منه، لكل نواحي الحياة السلوكية التي جاءت بسلطان رئاسي هكذا: “قد سمعتم أنه قيل للقدماء ـ سلطان الناموس ـ وأما أنا فأقول لكم ـ بسلطان أعلى من الناموس” حيث يُستشفُّ من كلام المسيح أن الناموس وضعي من مستوى بدائي، أما وصايا الرب فهي من فوق بسلطان الله.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
وينبهنا الكاتب إلى ملاحظة:
“أن مصدر التعليم عند اليهود اسمه “التَّلْمُود”، وهى كلمة عبرية موازية وذات نفس الأصل من كلمة “تلمذة” و “تلميذ” بالعربية. فوصايا الرب وتعليمه لتلاميذه هي التَّلْمُود الجديد الذى صار الإنجيل”.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
وحسب رصد الكاتب نكتشف معه أن:
“بولس الرسول يكاد يكون هو أول من تمم قول الرب الذي جاء فى نهاية الأناجيل: فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم … وعلموهم أن يحفظوا ما أوصيتكم به”.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
ولعل خدام الكلمة ينتبهون إلى بقية الآية التي هي حسب وصف الكاتب “رأس مال بولس الرسول” وهي رأس مالهم أيضًا، “وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.” (متى 20:28). وهو ما تأكد بإرسال الروح القدس ليحل ويملأ الرسل والكنيسة ويبقى معهم ومعها، يرشدهم ويرشدها إلى جميع الحق، وبحسب المسيح “فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم” (يوحنا 26:14).
المسيح عند بولس الرسول هو صاحب التوراة الجديدة، “وهكذا تمموا ناموس المسيح” (غلاطية 6:2)، وناموس المسيح عند ق. بولس هو “ناموس روح الحياة فى المسيح يسوع” الذي “أعتقني من ناموس (موسى) ناموس الخطية والموت” (رو2:8).
وفي كل تعاليم ق. بولس يصادفنا اصطلاح “حسب المسيح يسوع”، وهي في الأصل اليوناني تفيد “بمقتضى فعل”، ويتضح المعنى على سبيل المثال بقراءة الآية “لأن الحزن الذي حسب (بمقتضى فعل) مشيئة الله يُنشئ توبة، لخلاص بلا ندامة، وأما حزن العالم فينشئ موتًا” (2كو10:7)، وواضح هنا أن مثل هذا الحزن ينشأ من فعل مشيئة الله، لخلاص بلا ندامة.
يختتم الكاتب هذا الطرح بقوله:
“إن المؤمن الذي اعتمد ولبس المسيح واتحد به، أصبح ـ في الحقيقة ـ ليس في حاجة لوصية يتعلمها، لأنه يكون متعلمًا من الرب كقول العهد القديم “وَلاَ يُعَلِّمُونَ بَعْدُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ، قَائِلِينَ: اعْرِفُوا الرَّبَّ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ” (إرميا34:31). الرب هنا هو التوراة والتلمود والمعلم معًا. والقديس يوحنا الرسول يضعها هكذا “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَق وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ.” (1يو27:2)، وهو الذي يشير إليه بولس الرسول في قوله، بعد ما أعطى رأيه: “وَلكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا، فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ، فِي الرَّبِّ فَقَطْ. وَلكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هكَذَا، بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ.” (1كو39:7و40)“.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
وينتهي الكاتب إلى أنه:
“هنا يتضح بقوة فكر بولس الرسول المنحصر فى الرب يسوع المسيح باعتباره أنه هو التوراة الجديدة ـ الحكمة ـ سواء بالتعليم المباشر أو بالتعليم التوجيهي في الضمير بالروح”.
(الأب متى المسكين، القديس بولس الرسول «حياته، لاهوته، أعماله»)
وبهذا ينتهي عرض الجزء الأول من كتاب “القديس بولس الرسول”، لننتقل مع كاتبه إلى الجزء الثاني الذي يتعرض للقضايا اللاهوتية التي علم بها القديس بولس الرسول، فيمَا يتعلق بماهية المسيح والثالوث، والخلاص والفداء، سنعرضها تباعًا في مقالات مقبلة.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
كتاب: العلمانيون والكنيسة: صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨
نحاول تخمين اهتماماتك… ربما يهمك أن تقرأ أيضا:
- الفكر اللاهوتي للقديس بولس هذا الفصل يصح تسميته "إعداد الخادم حسب بولس الرسول"، والخادم هنا عنوان يندرج تحته كل من يُختار لخدمة الكلمة وخدمة النفوس وخدمة القرية والمدينة، ومن ثم فهو الأسقف وما يتبعه من درجات ورتب الإكليروس، وهو أيضًا مختلف الخدام من المدنيين، بل أظنه خارطة طريق للمعاهد الإكليريكية الساعية لضبط بوصلة الخدمة الليتورجية وخدمة الكلمة وبناء كنيسة......