- كنيستنا وتدوير الهرطقات
- مجمع قرطاجنة: الظروف والنشأة
- ☑ مجمع قرطاجنة: إعادة فحص
- مدخل إلى هرطقات التجسد
- هل كان أوطاخي أوطاخيًا؟
- مجمع أفسس الثاني
- انزلاقات قبطية نحو الأوطاخية
- انزلاقات اوطاخية معاصرة
- إعادة فحص لهرطقات التجسد
- طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة
- النسطورية: اقتراب حذر
- النسطورية.. دليلك الفريد للنقد والتفنيد
- البطريرك الغامض والاعتراف الأخير
لا يتورع بعض أساقفتنا عن التحالف مع الشيطان نفسه، فقط لتمرير ما يودون فرضه من تعليم مستحدث!! كارثة فعلية أن يدسّ أحدهم على التاريخ أن مجمع أفسس [المسكوني] قد اعتمد مقررات مجمع قرطاجنة [المكاني]، بل هي جريمة متعمدة متكاملة الأركان.
لن أخوض في ملابسات هذا المجمع، ولا حتى خلافات هذا المجمع مع رئاستهم الدينية في روما، ما يهم فعلا هو الأثر الفادح الذي ساهم به هذا المجمع في تشويه الفكر المسيحي، وما زالت المسيحية تعاني منه بعد الافتراق عن الفكر الآبائي الشرقي.
ولنسأل بداءة، هل تعتبر كنيستنا هذا المجمع، وتعتمد قوانينه ضمن الأساسات التي تستند إليها؟
والإجابة هي النفي لأسباب كثيرة سنعرج عليها سريعا، قبل الاسترسال في خطورة المجمع نفسه.
استعراض لبعض قوانين مجمع قرطاجنة:
“يحسن أن يحافظ كل من الأسقف والقس والشماس على العفة التامة فلا يقربوا نساءهم”
(القانون الرابع)
فهل يعيش كهنتنا وشمامستنا متبتلين؟
“لا يجوز أن يقرأ في الكنيسة إلا الكتاب المقدس، وإبطال ما يقرأ من سير الشهداء”
(القانون 24)
فهل توقفنا عن قراءة السنكسار؟
“لا يدعي أسقف الكرسي الأول رئيس الكهنة أو بأي لقب أخر من هذا النوع”
(القانون 39)
في كنيستنا لقب “رئيس الكهنة” هو لقب ليتورجي نردده في صلواتنا، ولا ننسي التراشق الذي نشب منذ بضعة سنوات بين الحبر الجليل الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط، والحبر الجليل المتنيح الأنبا بيشوي، حول ما إذا كان الأسقف هو رئيس الكهنة فقط أم رئيس الكهنوت (كالرب يسوع نفسه) وأصدر كل منهما كتبا تؤيد وجهة نظره، دون ادني اعتبار للمأسوف عليه قرطاجنة.
“الذين عمدهم الدوناطيون وهم أطفال تجوز رسامتهم إكليريكيين في الكنيسة”
(القانون 57)
والدوناطية هي هرطقة محلية مريعة حملت السلاح ضد الكنيسة، ومع هذا فالمجمع لم يجز إعادة معموديتهم، بل واعتمد رسامتهم في رتب كنسية، فما هو رأي كنيستنا “الحالي” في وجوب إعادة معمودية “الهراطقة”؟
مما سبق، وهو غيض من فيض، يظهر بوضوح أن كنيستنا -وكل الكنائس تقريبا- لا تأخذ هذا المجمع على محمل الجد، بل وتتجاهله، حتى فوجئنا في هذا الزمان الرديء بمن يحاول إسباغ المسكونية عليه بل، ويقرنه بأحد أهم المجامع المسكونية تاريخيا.
الأثر الفكري الذي أحدثه مجمع قرطاجنة:
هنا ستجد القوانين التي أصدرها المجمع في دورته الأخيرة، وعرفت بقوانين “الإثم والنعمة”، مترجمة عن الأصل اللاتيني:
تولد عن هذا المجمع ما يسمي “الأغسطينية” بمنظومتها الفكرية، والتي ما فتئت تولد الانحرافات الفكرية عند الكنائس الغربية بشقيها الكاثوليكي والإصلاحي، على الرغْم من تراجع الأولى عن كثير من المنطلقات الفكرية للأغسطينية، وليس الغرض هنا تفنيد هذه المنطلقات ومآلاتها، فالأمر يحتاج لدراسة موسعة ليس هذا محلها، لكننا سنكتفي فقط بمقارنة سريعة مع فكر آبائنا الشرقيين، دون السبر عميقا، ومع هذا يبقى الأمر جليا:
تبدأ “القصيدة” بكارثة تقطع كل آبائنا الشرقيين، ولا تنتهي بكارثة تنسف كل مفاعيل التجسد الإلهي.
الأغسطينية: آدم خلق خالدا بالطبيعة، غير خاضع للموت.
الشرقيين: آدم فان بطبيعته المخلوقة من العدم، حياته مشروطة واعتمادية على بقاءه في معية الله.
الأغسطينية: لأن آدم خالد بالطبيعة، فنتيجة الخطية (الموت) هو عقوبة يتم تنفيذها فيه وإنزالها به.
الشرقيين: لأن حياة آدم مشروطة بالوجود في معية الله فنتيجة الخطية (الموت) هو نتيجة حتمية للانفصال عن الله.
الأغسطينية: لأن البشرية خالدة بالطبيعة، فلابد أن يرث البشر الخطية وعقابها عن آدم حتى يعاقبوا بالموت، وإلا فلا سبيل للموت.
الشرقيين: البشرية مائتة بالطبيعة، والبشر يولدون مائتين من مائت.
الأغسطينية: التجسد يهدف إلى تسديد ثمن الخطية بتقديم ذبيحة صالحة، ورفع العقوبة واستعادة طبيعة آدم الأولى.
الشرقيين: التجسد يهدف إلي المصالحة بين البشرية والله، والارتقاء بها إلى الاتحاد (وليس فقط المعية) والتبني، تخطي العدو الأكبر للطبيعة البشرية (الموت) والعبور بالبشرية للقيامة والخلود والتأله.
الأغسطينية: حتى تكون الذبيحة صالحة، يلزم ألا تكون ملطخة بأي خطية، ولابد أن تكون بريئة من الخطية الموروثة، وعليه فهناك “اجتهادان”: إما أن تكون الوالدة “حبل بها بلا دنس” فلم ترث الخطية ولن تورثها، وأما أن يقوم الروح بتطهير “مستودعها” والناسوت المأخوذ منها من الخطية الأصلية، أحدهم اجتهد وقال إن الروح صنع حاجزا بين دم والدة الأله وبين الكلمة المتجسد فلم يرث الخطية (هكذا!!).
الشرقيين: أخذ الكلمة طبيعتنا بتمامها ليعيد إصلاحها ويقدسها، والعلي اصبح أبا للبشرية.
الأغسطينية : الخلاص لا يتم إلا بالنعمة الإلهية بمفردها، وهي من تختار من يخلصون (عقيدة سبق التعيين).
الشرقيين: الخلاص يتم بالتآزر بين النعمة الإلهية والإرادة الشخصية، الجميع مدعو لمعرفة الرب والتمتع بخلاصه لأن هذه هي إرادته.
بالنهاية، تلخص هذه المقالة المنشورة من أحد أحبارنا الأجلاء، كل ما نبهنا له في مقالنا هذا والذي سبقه، وننتظر من صاحبها أن يتوقف عن نشر مثل هذا الكلام.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟