Search
Close this search box.
بين الحين والآخر يطفو على سطح السوشيال ميديا حديثا حول تناول المرأة في أيام دورتها الشهرية، وفي الغالب تتوجه دائما أصابع الاتهام نحو الرجل أو الذكر الشرقي، ولكنك ستفاجأ إنه حتى لو استيقظت يومًا ووجدت أن مجمع أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وافق بأغلبيته على السماح للمرأة بالتناول طوال أيام السنة وتحت أي ظروف وصمت كل رجال الدين ورجال العالم أجمع ولم يبدوا أي اعتراض لخرج الاعتراض من النساء أنفسهم.

ما زُرع عن عمد أو غير عمد لسنين طويلة وقرون عدة في عقول النساء تجاه أنفسهن وأجسادهن إن كان جُرم فهن مشتركات فيه، في كتاب “ذكر شرقي” للدكتور محمد طه يلخص في سطرين معظم مشكلات المرأة التي تشتكي منها من الكائن الذكر هي المرأة نفسها أو امرأة أخرى من نفس جنسها فيقول:

لو عاوز سبب واضح وصريح ومباشر لخلق ذكر شرقي مُنقرض.. فهو ما تفعله المرأة الشرقية مع نفسها وسُلالتها.. لو حابب وصفة سريعة وجاهزة لعمل ال الشرقية في المنزل.. فهو موقف المرأة الشرقية من أتها وأنوثة من مثلها.. لو بتدور على أنجح الطرق وأكثرها مثالية لبث الذكورية الشرقية في أرواح الرجال و النساء على السواء.. هات بنت/ أنثى في مجتمع ذكوري.. خليها تتعاطف وتتماهى مع قوة وعنف الذكورية التي قهرتها.. سويها على نار ستوكهولم الهادئة.. ثم أطلقها على الأجيال التالية من الإناث والذكور .

(محمد طه، طبيب نفسي)

منذ سنوات طويلة، كنت أمينًا لخدمة ثانوي ودُعيت للكلمة في اجتماع ثانوي لكنيسة مجاورة، ولست متذكرا عن ماذا كان الموضوع الذي تحدثت عنه، لكني أتذكر جيدا وأنا أتحدث مع أحد  المخدومين سألني سؤال:  تفتكر يا أُنكل لو كان و ما كسروش الوصية كان ممكن يحصل علاقة بينهم في جنة عدن تؤدي للحمل والولادة في الجنة؟

بمنتهى السذاجة وقتها كنت فاكره سؤال عادي وبسيط وجاوبت الولد ساعتها إن علاقة الزوج والزوجة علاقة مقدسة جدًا وإنه لم يكن هناك مشكلة لو كان آدم وحواء ظلوا في الجنة ولم يكسروا الوصية إن تحدث بينهم العلاقة الحميمية وينجبوا. وفجأة قامت من وسط البنات خادمة كبيرة في السن لتعترض على الكُفر والزندقة التي علمت بها وسط مخدومينها، وأن العلاقة الحميمية، علاقة لا يصح أن تحدث في محضر الله القدوس، على أساس أن أي زوج وزوجة يمارسون الحب، الله يتوارى ويعطيهم ظهره حتى لا يرى “قلة الأدب اللي بتحصل ديه”.

وأكملت كلامها أن الحمل والإنجاب أصلا عقوبة من الله للمرأة، وبهذا تكون المرأة في مدة ما بعد الولادة أو دورتها الشهرية حسب تعبيرها -نجسة- ولا يحل لها أن تقترب من كل ماهو مقدس بل تتذكر خطاياها التي ألت بها لذلك وتقدم عنها توبة لحين انتهاء فترتها وبعد ذلك اشتكتني بالاسم عند الأسقف الذي من مراحم ربنا كنت على علاقة جيدة معه في هذه المدة وتناقش معي بهدوء -رغم تشدده- بأن هناك وجهتين نظر عند الآباء في موضوع احتمالية حدوث العلاقة الحميمية في جنة عدن ولكنه كان مصرًا على موقف الكنيسة من بقاء المرأة بعيدة عن الافخارستيا مادام عليها دَم.

أتصدقني لو قلت لك إنه لو حتى أجازت الكنيسة والمجمع والأساقفة في وقت دورتها الشهرية لمنعت بعض النساء أنفسهن عن التقدم للتناول نتيجة إحساسهن الدائم بالنجاسة وعدم الاستحقاق حتى لو جمل البعض الأمر ببعض الكلمات الأخف، قد تكون مشكلات المرأة تجاه جسدها والجنس ونفسها عموما في العاصمة والمدن أكثر رقيا من سكان المناطق الشعبية والقرى و الأماكن الفقيرة، وقد تكون نظرة صغيرات السن أكثر مسيانية -كما أرادها المسيح- من النساء كبيرات السن، ولكني وبعد حوار ودي مع بعضهن أكاد أجزم أن مشكلة المرأة الشرقية الكبرى لا تقع مع الذكر ولكنها تقع مع ذاتها أو مع امرأة أخرى أو مع ذكر أرضعته امرأة ذكورية معنى الذكورية والتشدد مع لبنها.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

[ + مقالات ]