أجلس مع نفسي متأملًا متسائلًا أنه مع كمّ الزيف والضلال المنتشر والذي يُنادي به في وجه الحق والنور، هل لو أتى المسيح مرة أخرى وسط المسيحيين، الذين في وجهة نظري منهم من تَهَوَّد أكثر من اليهود أنفسهم، ماذا كان سيحدث؟
أتصوّر أنه لو أتى المسيح مرةً ثانيةً أيامنا هذه، لرفضه جُل مسيحي العالم، كما فعل اليهود تمامًا.
أتصوّر لو أتى المسيح اليوم، لسار مع المرفوض من كنيسته، والمهرطق، والمبتدع، والزاني، والشاذ، والملحد، وكثيرين من المرفوضين والمطرودين خارج أسوارنا. ولم يكُن ليهمه قولهم أنه يسير ويجلس مع هؤلاء.
أتصوّر لو أتي اليوم، لدخل أسوارنا، وقلب كل موائد الموالد، والاحتفالات الدينية الشعبية، وطرد كل هؤلاء الباعة، والمشترين، ورجال الدين، المشرفين على التنظيم، والمنتفعين منه.
أتصوّر لو أتى اليوم، لدخل ووقف على منابر كنائسنا، وقرأ وفسر ماهو مسكوت عنه ومفهوم بشكل خاطئ وبعيد عن رؤية الله للإنسان، ولاقتاده حماة الإيمان ورجال الدين لأقرب ناصية في قرية بعيدة عن بيت الله ليضربوه، أو حتى ليقتلوه، بعيدًا عن أعين القانون وبكل ظلم، ولكانوا يدعون قاتليه قديسين، وإن ماتوا شهداء، ولكتبوا لهؤلاء المجرمين القتلة التسابيح والتراتيل، لأنهم فعلوا خدمة وخلصوهم من ذاك المهرطق.
أتصوّر لو أتي اليوم، لحاول بعض الظلاميين من رجال ديننا الإيقاع به في أي فخ سياسي، أأنت مؤيد للسيسي وحكومته بشكل تام وكامل ومطلق إم ضده ومن الإخوان -هكذا كل شيئ لديهم- وربما سألوه أخبرنا ما رأيك في آخر حزمة ضرائب فرضتها الحكومة؟ ولأجاب عليهم بكل حكمة وأفحم سواد نفوسهم.
أتصوّر لو أتى اليوم، لوقف مع الزانية حامية الإيمان، ولحاولت أيضا تلك الزانية أن تكلمه عن طائفتها وطائفتكم ومذبحنا وكنيستكم، ولتغيرت تلك الخاطئة وعادت تخبر وتبشر باسم المسيح الحقيقي وليس مسيح طائفتها الهزيل الضعيف.
أتصوّر لو أتى اليوم، لجلس على المقاهي ونواصي الشوارع والمساطب يعلم ويناقش الناس في اللاهوت ويعلمهم عن ملكوت السموات الذي يجب نعيشه من الآن في قلوبنا قبل أن يكون مجرد مكافأة وحلمًا أخرويًا.
أتصوّر لو أتى اليوم، لرفضه الذين يدعون أنهم شعبه وخاصته ودعي عليهم اسمه، الذين جاء من أجلهم ولم يقبلوه، وربما سلموه للأمن الوطني قائلين للضابط أنه إرهابي مهرطق، وقائلين للقاضي اعدمه، اعدمه، إنه إرهابي، دمه علينا وعلى أولادنا. ولم يكُن ليرى فيه القاضي شيئا، ولكان يستشعر الحرج، و للأسف قد يعاقبه بسبب مظاهرات الشعب العارمة على من يدعون أنه مهرطق ويكون جماعة محظورة وهرطوقية مشكّلة على خلاف القانون.
أتصوّر لو أتى اليوم مرة أخرى، وسمع بكل تلك الخلافات الفلكية على تاريخ مولده، فمن أتباعه من يحتفل نهاية ديسمبر وآخرين بدايات يناير، ووصل بهم الحال لتحريم الاحتفال بعيد الآخر. لقال لهم “يا أولاد الأفاعي كل هذه المواعيد خاطئة، عيد مولدي الحقيقي هو كل يوم يعرفني حقًا أحد أولادي ويعيش كما يحق لإنجيلي”
طبعًا لن يحدث كل هذا، لأن المسيح موجود بالفعل من حولنا في كل صوت صارخ في كل خادم وأب وراهب حقيقي داخل الأسوار أو خارجها، هؤلاء المرفوضين والمضطهدين من أجل الحق الصارخين: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً
المسيح بالحق موجود حولنا وفينا ويوم ملكوته حاضر ومُعاش من كل المؤمنين الحقيقيين به كما قال: …هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟