
- ملكوت الله سيمتد
- ملكوته ملكوت أبديّ
- وسلطانه إلى دور فدور
- ملكوت شاول
- هل هناك خطة إصلاح غير الصلاة؟
- المسحة بالروح القدس
- الخلقة الجديدة
- لا لتعظيم الخطية
- النضوج الروحي
- ليس الخطأ في الناموس
- التجسد حدث فارق في طبيعتك
- الظهور الإلهي إعلان شركة الإنسان وخالقه
- تجسد المسيح ونهاية حقبة الناموس
- لنأتِ بالملكوت على الأرض
- غاية المسيحية
- جهلنا بالحق لا يلغي الحق
- بئر العهود
- كلمات مفتاحية
- ☑ نصوص العهد
دراستنا للعهود في الكتاب المقدس ليست مجرد معلومات ذهنية تُضاف إلى معلوماتنا العامة، بل هي أمرٌ حيويٌّ جدًا في رحلتنا الروحية.
من قراءتنا لسفر هوشع، ندرك أن الرب كان في عهد مع آدم، إذ يقول الكتاب: ولكنهم كآدم تعدوا العهد. هناك غدروا بي.
[1]. وفي هذا المقال، سأستعين بأقوال الآباء في كنيستنا الأرثوذكسية الأولى لندرك كمّ الغنى الروحي وكمّ النعم التي أنعم بها الله الآب بالابن يسوع المسيح، المعروضة لنا أن نستقبلها في الروح القدس. وهناك ضمان يضمن كل هذا؛ وهو العهد!
في البداية، وضع الرب الإنسان في جنة عدن، التي تعني السعادة واللذة والبهجة.
تضمن العهد مع آدم نصين مهمين جدًا، النص الأول في تكوين ١ يقول [2]:
وباركهم الله وقال لهم: «أثمروا واكثروا واملأوا الأرض، وأخضعوها، وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض».(سفر التكوين ١: ٢٨)
هذا النص غني جدًا، و هو تلخيص للعهد بين الله و الإنسان، إذ كما يقول القديس باسيليوس الكبير: إذ إن الرب في خلقِهِ للإنسانِ جعلهُ سيدًا على الأرضِ وعلى كلِّ شيءٍ فيها.
[3]، فإنه جعله سيدًا على الكائنات التي كان ينبغي أن تخدمه، ولكن الإنسان، رغم ذلك، في خليقته الأولى كان لا يزال طفلًا عليه أن ينمو لكي يحقق كماله.
وهنا، في نفس السياق، يوضح القديس إيرينيئوس أن: الله كان قادرًا على أن يُعطي الإنسانَ الكمالَ منذ نشأته، لأنَّ ذلك كان في إمكانِ الله، ولكنَّ الإنسانَ كان قاصرًا عن بلوغه واستيعابه لأنه كان لا يزال صبيًا في إدراكِه.
[4]. وأيضًا يذكر القديس ثيؤفيلوس الأنطاكي [5]:
خلق الله الإنسان، ليس خالدًا ولا قابلًا للموت، بل خلقه قادرًا على أن يتحول إلى أيٍّ من الجهتين [الخلود أو الموت]. وهكذا، إذا اتجه إلى ما هو خالد وحفظ وصية الله، فإنه كان سينال مجازاة الخلود من الله ويصبح إلهًا بالنعمة. أما إذا اتجه إلى الأشياء التي تقود إلى الموت وعصى الله، فإن الإنسان يصبح سببَ موته، لأن الله خلق الإنسان حرًا وسيدًا على إرادته.(ثيؤفيلوس الأنطاكي، الرد على أتوليكوس)
النص الثاني في تكوين ٢ يقول [6]:
وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها.(سفر التكوين ٢: ١٥)
ليعملها
إذن هناك عمل وشغل مطلوب.ويحفظها
، يحفظها ممن؟! بالتأكيد هناك عدو متربص به، ألا وهو عدو الخير الذي ظهر في صورة الحية في تكوين ٣.
أيضًا، يذكر القديس غريغوريوس النزينزي في عظته عن الثيؤفانيا [الظهور الإلهي] أن الله خلق الإنسان وكرمه بحرية الإرادة، وأعطاه ناموسًا ليُظهر حرية اختياره فيما يتعلق بالنباتات التي يأكلها والتي غير مسموح بأكلها. لم تكن هذه النباتات شريرة حين غُرست في البداية، ولم تُحرّم حسدًا من الله، حاشا. بل إن هذه الشجرة كانت صالحة لو أن الإنسان أكل منها في الوقت المناسب [7]:
هذا الكائن [الإنسان] وضعه الخالق في الفردوس، وقد كرمه بهبة حرية الإرادة، لكى يكون تمتعه بالله عن اختيار حر، بفضل عطية الله الذي غرس فيه هذه الحرية، ولكي يفلّح النباتات الخالدة التي تعني المفاهيم الإلهية، الأكثر بساطة والأكثر كمالًا معًا، عاريًا في بساطته وحياته غير المصطنعة، وبدون أي غطاء أو ستار، لأنه كان من الملائم لذاك الذي في البداية أن يكون هكذا.
وأيضًا أعطاه ناموسًا ليظهر به حرية اختياره. هذا الناموس كان وصية من جهة النباتات التي يمكن أن يأكلها، والنبات الذي يجب ألّا يلمسه. هذا النبات الأخير كان شجرة المعرفة، وذلك ليس بسبب أنها كانت شريرة حينما غُرست في البداية، ولا حُرمت على الإنسان عن حسدٍ [من ناحية الله، ولا ندع ألسنة أعداء الله تتحدت هكذا، كما لا نقلد الحية!].(غريغوريوس النزينزي، الثيؤفانيا)
لكَ عزيزي القارئ، أستطيع أن أسرد تلخيصًا بسيطًا ليسهل استخدامه والرجوع إليه. إذ من المهم أن نفهم الأمور حسبما قصدها الروح القدس في الكتاب المقدس.
١- آدم
اسم عبريّ يعني الإنسان أو الجنس البشري، وهو مشتق من الكلمة أداما
أو أحمر
، وهي تُشير إلى التراب الذي خُلق منه الإنسان. فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم.
[8]
٢- عندما خُلِق الإنسان لم يكن في حالة نضوج كامل، بل كان يلزمه الوقت ليصل إلى حالة الكمال. لا نعرف كم من الوقت، لأنه ببساطة لا يُهمّنا الآن. فبعد السقوط، ظهر تدبير آخر، وهو تدبير الخلاص الذي هو موضوع الكتاب المقدس كله. لكن ما يُهمّنا أن الله كانت له غاية نهائية من خَلْق الإنسان، وهي أن يتحد بالإنسان ويصير الإنسان ابنًا لله بالتبني، وهذا ما تحقّق في المسيح يسوع لاحقًا.
٣- كان العهد مع آدم يتضمن السيرَ مع الله يومًا بعد يوم، كما يقول الكتاب المقدس، لكي يصل إلى حالة الكمال، وهي حالة الاتّحاد بالابن الذي يتمّ من الآب بالابن في الروح القدس، كما يقول القديس كيرلس الكبير [9].
٤- أعطى الرب الإله للإنسان كل المقومات ليحيا في العهد. وهذه المقومات تتضمن السلطان على كل الكائنات، وأن يكون سيدًا عليها كلها، وأيضًا أن يُخضِع الأرض ويحفظها من العدو المتربص به. وكانت له كامل حرية الاختيار: أن يعيش في العهد بما يتضمنه من متعة وسعادة ولذة ومعية مع الرب كل يوم، إذ كان الرب يتمشى معه كل يوم، أو أن يختار ما اختاره بالفعل، وهو أن يُسَلِّم كل ما أُخِذَ منه من سلطان وسيادة على الكائنات والخليقة كلها للآخر (المتمثل في الحية) ليحل محله في سيادته على كل الكائنات والخليقة. وهذا هو السقوط. إذًا كان عليه عمل كثير مطلوب منه، ويقظة روحية. وهذا هو ما طلبه الرب الإله منه في تكوين ١&٢.
وعلى هذا، فنحن أيضًا معروضٌ لنا كلُّ هذا المجد الذي كان معروضًا لآدم الأول، بل وأكثر. لكن نحتاج أن نُدرِك كمّ النِّعَم والمجد المعروض لنا في الابن يسوع، ونحيا في العهد. وهذا العهد يتطلَّب منا مسؤولية الابن تجاه أبوه، وهي أن يحيا في المشيئة، ويُطيع الوصية لكي يُحقِّق الغاية التي من أجلها خُلِق، والتي من أجلها نحيا، وهي أن نصير مُتَّحدين بالابن في الروح القدس، ليجمع كلَّ شيءٍ في المسيح يسوع. وهذا ما يقوله بولس في رسالته إلى أهل أفسس، مُتحدثًا عن تدبير ملء الأزمنة: لِيَجمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ.
[10].
ما أعظم ذلك الإله الذي أحبّني وأنا بعدُ ساقطٌ وخاطئٌ، وأسلَم نفسه من أجلي، ولم يستحِ منّي، بل دعاني أخًا لابنه بالطبيعة، وأقيم من أجل تبريري. ما أعظم ذلك الإله! نعم، يستحقّ أن نُنشدَ معه ونُنشد مع الكنيسة نشيد العبور والفصح في البصخة المقدّسة ونقول: ثوك تاتي جوم نيم بي أوؤو نيم بي إزمو نيم بي أما هي شا إينيه، آمين
. ومعناها: لكَ القوة والمجد والبركة والعزّة إلى الأبد، آمين
.