“أحمدك لأني لست امرأة”

تلك هي الصلاة التقليدية، من ضمن صلوات حمد أخرى، تلاها الرجل اليهودي التقي في استهلال يومه، ولكني امرأة! أنا كاتبة تلك السطور “امرأة” ولا يُمكنني التنصل من تلك الحقيقة، كما لا يُمكنني شكر الله عليها! في واقع الأمر، ربما كان يجدر بصديقنا اليهودي الورع إضافة بعض الكلمات لصلاته المعتادة، على سبيل المثال لا الحصر: “أحمدك لأني لست امرأة… من أقلية شعبوية… تعيش في عالم شرقي!” حسنًا صديقنا التقي كان يعيش هو الأخر في ثقافة شرقية، لكنها بلت وأكل عليها الدهر وشرب منذ عقود!

قيد واحد لا يكفي، فالحياة كامرأة ناضجة -وأؤكد هنا على عنصر النضج الوجداني- ليست سلسة على الإطلاق. أسمعك يا من تقول أننا جميلات وموقرات وتتاح لنا كل الفرص الدُنيا بإغراءات جمالنا، إذًا لماذا لا تُشاركني النخب ولتُجرب حياتي يومًا واحدًا؟! في زمن ما لم أعد أذكره لا بخير أو شر، زمن لعنت فيه كوني امرأة في الشوارع والمواصلات حتى بيت أبي: أبي السماوي أو: الكنيسة!

ما الكنيسة؟ أليست جماعة مؤمنين، تجمعهم مظلة إيمان واحد، يشعرون بالألفة والإخاء ويتشاركون أغنيات السماء سويًا؟! بالطبع لا! كان هذا هو التصور الطوباوي في مرحلة ما قبل تبلور الشخصية، حيث كنت ابتلع كل تساؤلاتي في صمت ولا أجرؤ على الجدال. الحق يُقال لم أشعر يومًا بالدفء والعائلة أو حتى الأمان في ذلك التجمع الأسبوعي الذي اضطر فيه لجحد كينونتي النسائية والالتزام بالقواعد: قواعد الجماعة! أراك يا من يتهامس: ما الضرر من القواعد؟ القواعد في ذاتها غير مُضرة بل هي ضرورة لأي كيان مؤسسي كالكنيسة، كعنصر ضمان للنظام والتراتبية الهيكلية. أما عن مشكلتها -أعني القواعد- فهي أنها يُمكن أن تُعبد عوضًا عن المعبود! خلال مراهقتي وصباي كان النصيب الأكبر من القواعد للنساء ولا غيرهن من كائنات! أولئك الساحرات، الفاسقات، الغانيات، مصدر الخطايا الأولى… فقط كان ينقص مفجرات برج التجارة العالمي وقاتلات موفاسا!

تتلخص كل قواعد النساء في شيئان لا يشاركهما ثالث: الجسد والسلطة. فكرة بها شبهة ة ولكنها واقعية: أجساد النساء تخضع للرقابة الصارمة، شرفهن مرتبط بآخرين، أخلاقهن موضع امتحان، أرواحهن تحت الفحص والتمحيص، قراراتهن بلا معنى. أما السلطة فهي لذة التحكم الخفي والفوقية المستحقة. والسلطة هي الأخرى تراتبية في المجتمع الديني فلكل رقيب رقيب، ولكل امرأة واحدة عشرة على الأقل، تبعًا لميزان القوة في المشهد!

وبعد محاولات حثيثة لاكتشاف الذات وتقبل كينونتي، لعنت في ثورة غضب جنسانيتي بعد قراءة منشور دارج على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “قرار أسقفي رقم (7) لعام 2021” يزعم صدوره عن مطرانية طنطا وتوابعها. نقاط البيان ببساطة ملخصة في التالي: جرعات تعليمية مكثفة عن الاحتشام، لا يُسمح بحضور قداسات دون غطاء رأس، للشباب عدم ارتداء بناطيل ممزقة تكشف الساق، إلزام مدعوي الأفراح بارتداء ملابس محتشمة، تعيين أمن نسائي لمنع المخالفات من الدخول، طرد أي مخالفين من الكنيسة ضمانًا لاستمرار الصلوات، وقف الخادمات غير الملتزمات بالقرار واستتابتهن للعدول عن أفكارهن، وبالتأكيد بند مبلغ التأمين 2000 جنيه الشهير يستردوا في حال التزام مدعوي الأفراح بالاحتشام!

اليوم شعرت بالعجز وراجعت كل دوافع إيماني بالمسيح، فذلك المنشور أعاد لي أسوأ مخاوفي وتساؤلاتي: هل للنساء أي حق في أجسادها؟ ماذا عن أجساد النساء والوصاية الرقابية؟ ماذا عن مطاطية مفهوم الاحتشام؟ هل تضمن السلطة عدم الالتزام بالقواعد؟ لماذا يسعد الرجال بمنشور موجه أساسًا للنساء؟ لماذا تشمت النساء في أخريات لا يعرفهن؟ هل يصمد مبدأ درء الذرائع للأبد؟

وبعد تفكيرٍ عميق، ومحاولات مستميتة لمراجعة كل ما اعتنقته يومًا، كانت النتيجة: “أحمدك لأنك فككت الأسر بالمسيح وأطلقتني حرة أبدًا” وربما نختلف سويًا في تعريف “المسيح”، الحق أنا لا أعرف المسيح المُشار إليه في هذا المنشور! صديق الخُطاة والعشارين، مقيم المنحنين، مطلق المأسورين من أغلالهم العميقة، الثائر على الظلم وعاشق الجدال، هذا هو من أعرفه. تخيل معي أن يرفض المسيح التحدث مع السامرية إلى أن ترتدي رداءًا محتشمًا، تلك التي تحترف مهنة لا أخلاقية! أو يتناول الحجر الأول ويرجم امرأة أمسكت بذات الفعل ل”تتربي”، أو ينهر نازفة الدم لأنها لامسته دون استعداد ووقار! تخيلت؟ هذا بالتحديد ما جال في ذهني بعد قراءة هذا المنشور. أما من أعرفه وأسعى لتعميق علاقتي معه، فكان ودودًا، له تلميذات يتبعنه، لا يحكم من الخارج إنما يحكم عدلًا ورحمةً. ذاك القائل: أتركوها! لماذا تزعجونها؟! لساكبة الطيب. الحق يا سيد أن عالمك يدين بالجنون ونبذ المختلف وإزعاج المرأة، لكن لا بأس طالما أنت ههنا. والآن ها منطوق دعواي في نقاط واضحة بعيدًا عن موضوع الغرامة:

 

– الاحتشام ضروري فنحن لسنا بمفردنا!

حسنًا قلت: نحن لسنا بمفردنا، إلا أننا أفراد كاملي الأهلية فردانيين الاختيار، أليس كذلك؟ يُذكرني هذا القول بقول جدتي المأثور:”الناس هتقول عنا ايه؟”، “أصل الناس مبترحمش”، “أصل يمكن…، واترك القول مفتوحًا. السؤال ههنا أأعبد الله أم أعبد الناس؟ هذه الحجة الشهيرة تُعرف باسم “درء الذرائع” فلكي “محدش يقول علينا حاجة” سنستأسد على طرف المعادلة الأضعف سهل الانصياع وهو النساء! فالاحتشام واجب نسائي فقط! عملًا بمبدأ درء الشبهات لماذا لا نمنع صلوات ليلة ؟ ألا تثير حيرة وتساؤلات مجتمعنا؟ لماذا لا تلغي جملة “قبلوا بعضكم بعضًا” من صلاة الصُلح لئلا تُعثر مجتمعك؟ لماذا تعترف بالمسيح ربًا وإلهًا أن كان هذا يُعثر أخاك؟ أليست العثرات على مسطرة واحدة؟ أم نختار ما يعزز أيديولوجية ما ونقول لئلا أعثر أخي؟

 

– الملابس ثم الملابس ثم الملابس:

اتفقنا من النقطة السابقة أن مفهوم الاحتشام في الاصطلاح الديني يتعلق بالملابس وبالأخص ملابس النساء، فهو مصطلح مطاطي نوعًا ما يمكن تطبيقه على الملابس ويمكن وقفه حين نتحدث عن القيم الأخلاقية والسلوك بمبادئ واضحة وعدم ازدواجية المعيار، ههنا ينتفي الاحتشام. كعادة المهيمن في سلسلة ميزان القوى، يختار منتقي الأعراف الطرف الأضعف للتحكم به وإسقاط هشاشته وعدم نضجه عليه، والحديث هنا عن نساء ورجال مختلفي الأعمار. فلم أتعجب مطلقًا من تعليقات الرجال والنساء المؤيدة لمنشور مطرانية طنطا، أما موقف الرجال فمفهوم: ذكر شرقي تطحنه الأيام بين فكيها، لا قدرة له على التأثير في مجتمعه بتاتًا، لم يتعلم تحمل تبعات قراراته مطلقًا فلجأ لحلول سريعة داخل جدران الكنائس… لم يتبقى له سوى طرف واحد لإسقاط كل مخاوفه عليه: النساء. لماذا يسلك الدرب الأصعب من احترام الأخر وتقدير كينونته واختياراته والتحكم بغرائزه طالما بإمكانه قمعه، لئلا يتهمه مجتمعه بالدياثة وأعوذ بالله؟ راجع نظرية “منظرنا”. أما عن النساء فهذا تصرف عجيب يستدعي “” للأذهان، حيث تبرر الضحية لجلادها في عذوبة تُحسد عليها! وهذا عجيب ويستحق التأمل: أن يُقصي المرء بإرادته كرامته ويُستعبد بحريته بل يُهين ذاته ويعتذر عما لم يرتكبه من ذنوب!

 

– الملابس وغضب الله المُعلن!:

هذا أكثر تعليق أدخلني في نوبة ضحك هستيرية! الله كامل القدرة والسلطان، المنزه عن الهوى، الذي لا يشوبه تغيير أو ظل دوران بالنسبة للبعض، يصب جام غضبه على المسكونة بسبب ملابس النساء! هل يدرك أصحاب مثل هذا التعليق كم الإهانة الموجه للذات الإلهية بمثل هذا الادعاء؟ يحول هذا الادعاء “الله” إلى قوة مُهددة في ذاتها، تطلب انصياع العبيد وإلا كوتهم بنارها! هذا تصور ليس فقط مهينًا بل وثنيًا فجًا يُذكرني بالآلهة التي يُتقى شرها بأضحيات الأطفال! هذا ليس الله الذي أعرفه. ربما بإمكاني احترام التعليق إن كان بهذه الصورة: أنا رجل في مجتمع يربط ذكورتي بقدرتي على السيطرة على من أعرفهن، وإن لم أفعل سأتهم بالدياثة، والحقيقة أن متعة فرض القرار والانفراد بالحكم تشعرني بأحقيتي وتزودني بالأمان الذي لا أطوله أبدًا، وهذا امتياز عظيم لا أحب التخلي عنه! بهذا الوضوح كنت سأحترم هذا التعليق أكثر من إقحام الله في الأمر.

 

– ثقافة الملابس والسُلطة:

في حادثة شهيرة بإحدى كنائس القاهرة المرموقة التي أرادت تطبيق شيئا مشابهًا لهذا المنشور وفرض أغطية الرأس على كل مرتادي الكنيسة السيدات، حيث قامت الخادمة المسؤولة بإعطاء ال”إيشارب” لسيدة بجوار زوجها يهمان بالدخول، وفي الوقت الذي أحرجت فيه السيدة واستلمت “صك” دخول الكنيسة، تناول الزوج “قطعة القماش” وقذفها في وجه الخادمة وتمتم فيما معناه: إيه الجهل والقرف ده! وصمت الجميع، فالزوج من ذوي النفوذ والسلطة، وبتحرك واحد منه قد تختفي تلك الكنيسة من خارطة الحي بأكمله. يُشير المثال السابق إلى قدرة السلطة في ردع القواعد والأعراف، فالقوانين الوضعية لا تُطبق سوى على المهمشين الذين لا يجرؤن على الاعتراض ولا يتحلون بشجاعة تقرير المصير. يخفي عن واضعو مثل تلك القرارات أساسيات عديدة: ثقافة الملبس وارتباطه بجغرافية المكان ونظامه الاجتماعي، فالمنتقض في منطقة مُرحب به جدًا في مناطق أخري، والمُعثر هنا قد يكون قمة الاحتشام هناك. فالملابس ترتبط ببيئتها الثقافية وقواعد أخلاقية لا واعية مرتبطة بالذنب وحالة الطقس بالطبع. من العبث ربطها بأشياء أخرى وخيال مريض! فلم أصادف شخصًا قبل نزوله من المنزل يسأل: حسنًا سأرتدي هذا وأعثر 10 أفراد اليوم، فهو ليس “تارجت” نسعى لتحقيقه. وأزيدك من البيت شعرًا لن تنتهي العثرة بفرض أي نوع من الملابس لأنها تبدأ داخل العقل والقلب، فإن ارتدت سيدة 10 أردية فوق بعض، وأنت تشتهي كما أنت، تستطيع تخيلها من وراء كل تلك السواتر، وهذا بالمقارنة مع كلام المسيح زنى واعتداء على كرامة الأخر!

 

– طبعًا ما أنتوا عايزين تقلعوا!:

هذا التعليق مضحك كسلفه مُدعي غضب الله بسبب ملابس النساء، إلا أنه لحسن الحظ لا يُهين الله هذه المرة، إنما يهين جنس النساء نفسه، وهي متعة لا تخفى عن البعض. يُذكرني مثل هذا التعليق بالمُلصقات الموضوعة في عربات مترو الأنفاق التي تربط الملبس والجزاء الحسن حيث تدعي: ينتهي الغلاء حين تتحجب النساء! والحقيقة لم ينتهي شيء لأن لا رابط بينهما من الأساس! بهذه البساطة. فهذا اقتصاد وحركة كساد وتضخم، وذاك اختيار وذوق ونسبية. تكمن أزمة هذا التعليق في رفع الأهلية عن النساء واعتبارهن حمقى سهل استدراجهن لمنهجية ما بسهولة، وبالتالي تنفيذ مؤامرات أجنبية وتكدير السلم العام! وهذا يستدعي تدخل طبي عاجل.

 

– فين مشكلتك ما العدرا كانت بايشارب؟:

للعذراء مكانتها الخاصة في قلوبنا جميعًا، ولكن لم يخلق الله أيًا منا ليكون شخصًا أخر. خلقت لأكون أنا: نُسخة فريدة وليست تقليدًا لأحد. ومرة أخرى يُمكنك الرجوع لنقطة نسبية الملابس وارتباطها ببيئتها الجغرافية والثقافية، فبالتأكيد كانت العذراء بغطاء رأس فهي تعيش في اليهودية وفي القرن الأول الميلادي، في حين لم تكن أوكتافيا الرومانية المسيحية ترتديه ببساطة لأنه ليس من ثقافتها في شيء!

 

– الملابس وكود الاتفاق المحلي:

للمؤسسات القدرة على اختيار Dress Code متفق عليه بينها وبين أعضاءها لضمان الشكل العام والالتزام بالقواعد هذا معروف في العديد من الأماكن، وإن نُفذ داخل كيان مؤسسي كما الكنيسة ربما سيساعد على سد الفجوات بين الغني والفقير وعدم إحراج الأخير، لكن هذا المنشور لا يتبع هذا النهج! تأتي صياغة هذا المنشور بصيغة وصاية فوقية، فحتى في أرقى أماكن العمل يُخبر الموظف بأن Dress Code المؤسسة Formal مثلًا ويُترك له حق اختيار قطع ملابسه بما يتفق مع المفهوم الضمني لكلمة Formal لكن لا يتم تفتيش موظف البنك صباحًا كمسجل خطر لضمان عدم ارتداؤه بليزر أسود على بنطال بيج! هذا سيكون موقف يدعو للسخرية، فما بالك في مكان يُفترض به تحرير روحك وليس تكبيلك بمزيد من القيود، وليست قيودًا بالاتفاق معك مثلًا إنما صياغة فوقية متعالية لقطيع منصاع!

 

– الملابس والعثرات:

بالنسبة لكُتاب هذه المناشير العثرات للرجال فقط! والسؤال لسيادتهم في هذا الصدد ألا تشتهى النساء الرجال؟ ألا ينجذبن للشكل المهندم والمظهر النظيف؟ لمَ لم تطل علينا يومًا سيدة وسط ة وهي تصرخ: مش عارفة أركز في الصلا داري دراعك يا أخ؟ هذا مشهد عبثي أليس كذلك؟ في كنائسنا القبطية يوجد أماكن مُخصصة للرجال وغيرها مُخصصة للنساء وبينهما مسافة فاصلة، ولا أدري أن كنت أذهب لأحملق في هذا وتلك في أثناء قدسية الصلاة وروحانية حقيقية بعيدة عن التشتت، فلماذا أذهب من الأساس؟! في الواقع ربما أضاف القائمون على المنشور بند السراويل المُمزقة بالنسبة للشباب لصد مثل هذا الاحتجاج، وحسنًا فعلوا، ولكن هذا أيضًا تدخل في الاختيارات الحرة للأفراد، وفرض وصاية أخلاقية عليهم، وهذا أيضًا ضد كل مبادئ “لا يحكم علىٌ أحد”!

 

الأمن النسائي: كبت ولذة سلطة، أم عبد المأمور:

اللهم أن هذا هو مربط الفرس. من هؤلاء؟ من أقامهن رقيبًا علىّ أو على غيري؟ ماذا إن كان هناك عداوة شخصية بيني وبين أحدهن: هل ستستغل هذا حُجة لمنعي من دخول الكنيسة؟ ماذا إن كانت تلك السيدة أم شريكي السابق وتريد فقط التقليل مني وعدم احترامي؟ ماذا لو كانت السيدة الفاضلة كبيرة في السن وتغير من فتاة في مقتبل العمر ومظهرها الأنيق ليس إلا؟ ماذا لو كانت السيدة المُكلفة بالأمر سادية أو حتى لديها انحرافات ما؟ هل يُمكن أن تتحرش بفتاة أو تُسبب لها صدمة بسبب تلامس معين؟ وغيرها من ماذا وماذا وماذا. لم أتخيل تلك اللجنة سوى بمظهر سجانات يكرهن أنفسهن ويكرهن الحياة ويريدون كتم أنفاس الجميع بلذة التحكم في المصير الروحاني حيث تختلط السلطة بالقداسة. تخيلتهن كنساء بدينات فقط يحاولن التحكم بساقي فتاة صغيرة لتشويه أعضاءها فقط لتصبح مثلهن وتتذوق كأسهن المرير! كأس المهانة والانصياع! الحقيقة لم أفهم الأمر، وذهبت أردد مع نفسي من سيفصلني عن المسيح؟ “طنط” الواقفة على بوابة الكنيسة! ما هذا التهريج؟ هل تدرك السيدة الفاضلة التي تتولى هذه المهمة أنها تعتدي مباشرةً على حقي القانوني في ممارسة شعائري الدينية وقانونًا استطيع تحرير محضر ضدها؟ هل دور الخادمات الحقيقيات هو مراقبة الآخرين وحشر أنوفهن في حياتهن؟ هل الخادمات الفضليات يمارسن الخدمة من برج المراقبة أم بالتجول بين الجموع كفيبي وليديا وتكلا؟ هل هذه خدمة أم دافع خفي لسيدة مقهورة ترغب في أي سُلطة للتحكم بما تبقى لها من كرامة في الحياة؟ لست هنا أطرح إجابة عن هذا السؤال فقط أطرح مخاوف مشروعة ونفس بشرية لا تخلو من الهوى.

 

وإلى هنا أعاننا الرب، لا يمكنني الإسهاب بمزيد من الحُجج لإقناعك بما لا تُريد، فالمستعبد يستميت دفاعًا عن عبوديته ويخشى أنوار الحرية. فقط تذكر: أي فضيلة لا تُفرض فرضًا، إنما تنبع من داخل البشر، وهنا تأتي عظمتها وفضيلتها، أما ترديد الأوامر كالببغاوات والانصياع خوفًا من العقوبة، لهو عبودية، خالية من أي فهم، تمامًا كثور الساقية البائس الذي لن يكف عن الدوران حتى أن حُل منها.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

سارة قسط
[ + مقالات ]