المقال رقم 18 من 19 في سلسلة ملكوت الله سيمتد

كل فكرة رئيسية في الكتاب المقدس مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعهد بطريقة أو بأخرى. وكل فكرة لا ترتبط بالعهد فهي فكرة دنيوية. ذُكرت على سبيل المثال بعض المفردات الكتابية في العدد السابق مثل:

  • الله
  • الإنسان
  • شعب الله

وعلاقة هذه المفردات بكلمة العهد. وهنا نستكمل بعض المفردات الكتابية وكيف ترتبط بالعهد، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

+ البر: هو حفظ العهد كما ذُكر في العهد القديم: وإنه يكون لنا برًا إذا حفظنا جميع هذه الوصايا لِنعملها أمام الرب إلهنا كما أوصانا [1]. وأيضًا في العهد الجديد: مَن يفعل البر فهو بار كما أن ذاك بار [2].

+ الخطية: هي خرق للعهد أو عصيان ضد إله العهد. وكانت كل التقدمات والذبائح تُقدم بسبب كسر ناموس عهد الرب، ولكنها أُبطلت مع بطلان ناموس الشرائع. وقد عرف القديس يوحنا الخطيئة على أنها التعدي، أي التعدي على العهد.

+ الناموس: كان الناموس وثيقة لشروط العهد بين الله وشعب إسرائيل، وسنتناوله لاحقًا بالمزيد من التفاصيل. وهو تعبير عن القانون الملزم لكلا طرفي العهد. فكل ما لم يكن ممنوعًا في شروط الناموس كان مباحًا، وهذا يعد ظلًا لنعمة الله في العهد القديم كمثال في العهد مع : وأوصى الرب الإله آدم قائلًا: «من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت» [3].

كان لآدم كل شيء مسموحًا به ما عدا شجرة واحدة، هي شرط للعهد. ومع الأسف استخدم آدم و الحرية في اختيار الممنوع وتناسيا المسموح به! وهذا حالنا اليوم أيضًا! إذ إن الرب قد منحنا في المسيح يسوع كل شيء بغنى للتمتع، ليس لاستخدام الحرية أو النعمة كتصريح لنعيش بلا سيد، ولكن عندما نُملّك الرب سيدًا وربًا على حياتنا سوف يضيء الروح القدس كمصباح على طريقنا وكقائد لمسيرة حياتنا. فعندما نُدرك معيّة الروح القدس معنا، سندرك مدى الغنى الذي نعيش فيه، وسوف نرفع أنظارنا من على ذواتنا ولا نشعر بأي حرمان كما شعر آدم.

+ الأنبياء: لم يكن أنبياء العهد القديم حالمين متن، بل مدافعين عن العهد ومساندين لقضية الله ضد أمة كاسرة لعهدها معهم. كان الأنبياء هم من استخدمهم الله كمثال لحفظ العهد وإظهار بشاعة كسر العهد من جهة الشعب. مثال إشعياء الذي كان آية وأعجوبة ومشى عاريًا وحافيًا لمدة ثلاث سنوات [4]. كذلك كان حزقيال آية لشعب إسرائيل كما يذكر الكتاب [5]:

فتخرج أهبتك [أغراضك] كأهبة الجلاء قدام عيونهم نهارًا، وأنت تخرج مساء قدام عيونهم كالخارجين إلى الجلاء. وانقب لنفسك في الحائط قدام عيونهم وأخرجها منه. واحمل على كتفك قدام عيونهم. في العتمة تخرجها. تغطي وجهك فلا ترى الأرض. لأني جعلتك آية لبيت إسرائيل.

(سفر حزقيال ١٢: ٤-٦)

أيضًا في سفر هوشع، يذكرنا الرب بعمل الشعب الذي ذهب وراء آلهة أخرى ويطلب من نبيه هوشع أن يتزوج بامرأة زانية، كما هو مكتوب: أول ما كلم الرب هوشع، قال الرب لهوشع: اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى، لأن الأرض قد زنت زنى تاركة الرب [6].

ويعوزنا الوقت إذا ذكرنا إرميا ويفتاح وون وآخرين، وقد ذكر دانيال كسر العهد من جهة الشعب والعقاب الذي جلبه الشعب على نفسه نتيجة لكسر العهد فقال: وكل إسرائيل قد تعدى على شريعتك وحادوا لئلا يسمعوا صوتك فسكبت علينا اللعنة والحلف المكتوب في شريعة موسى عبد الله لأننا أخطأنا إليه [7].

+ النعمة: ترتبط ارتباطًا وثيقًا في العهد القديم بفكرة العهد. وكانت أول مرة تُذكر فيها النعمة بالمفهوم المعروف هي حين قِيلت عن نوح كحافظ للعهد، وأما نوح فوجد نعمة في عيني الرب [8].

أما مفهوم النعمة بحسب فكر الله لم يُظهر بقوة إلا مع ظهور المسيح يسوع في الجسد: لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس [9].

ومن هنا عرفنا الخلاص بالنعمة والتبرير والميراث، وكل مفردات إنجيل الملكوت التي سوف نتطرق إليها لاحقًا، كما يقول الكتاب المقدس: حتى إذا تبررنا بنعمته، نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية [10].

+ الوعد أو الموعد: ليس هو العهد، ولكن الوعد مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعهد. فالوعد يأتي أحيانًا في صورة كلمة منطوقة من فم الرب أو كحدث فارق في تاريخ العهد بين الله والناس. مثال على ذلك، موعد الروح القدس [11]، الذي كان بداية لعهد النعمة وولادة الكنيسة، كما قال الكتاب: لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد، كل من يدعوه الرب إلهنا [12].

من هنا نأتي إلى بداية عهود الله مع الإنسان، ونبدأ بالعهد في جنة عدن وما يطلق عليه البعض عهد البراءة أو العهد مع آدم. ولن أخوض اليوم بشرح وافٍ لهذا العهد، وسنبدأ في المقال القادم إن شاء الرب وعشنا.

كما ذكرنا سابقًا، ما تتلوه ال الأرثوذكسية في صلواتها في ثيؤطوكية الاثنين لبش آدم 2 أن الله خلق آدم في اليوم السادس على صورته وستره بالبهاء، ووهب له مواهب عدة، فحظي آدم بقدر كبير جدًا من الحرية فله أن يفعل كل شيء عدا أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر.

وهنا وجب التنويه: ليس لأن آدم لم تكن عنده موهبة التمييز بين الخير والشر، ولكن هذا التحذير من الرب الصالح لأن أكل آدم من هذه الشجرة كان إعلانًا واضحًا من آدم أنه صار له سلطان تقرير ما هو الخير وما هو الشر! وهذا هو السقوط!!

عزيزي القارئ، إن الخوض في كلمة الله يعلمنا الكثير والكثير. فرجاءً، لا تمل من أن تفتش الكتاب المقدس، لأن الكثير هلك لعدم المعرفة.

يقول الكتاب: إنسان في كرامة ولا يفهم، يشبه البهائم التي تُباد [13].

ويقول الكتاب أيضًا: انظر كيف تقرأ [14].

كما يقول: امسك بكلمة الله، لأنها هي الحياة [15].

واتبع نصيحة العظيم، بولس الرسول، عندما قال لتلميذه تيموثاوس: افهم ما أقول. فليعطك الرب فهمًا في كل شيء [16].

‎ ‎ هوامش ومصادر: ‎ ‎
  1. تثنية ٦: ٢٥ [🡁]
  2. يوحنا الأولى ٣ : ٧ [🡁]
  3. تكوين ٢: ١٦-١٧ [🡁]
  4. راجع سفر إشعياء، الإصحاح ٢٠ [🡁]
  5. حزقيال ١٢: ٤-٦ [🡁]
  6. هوشع ١: ٢ [🡁]
  7. دانيال ٩: ١١ [🡁]
  8. تكوين ٦: ٨ [🡁]
  9. ٢: ١١ [🡁]
  10. تيطس ٣: ٧ [🡁]
  11. راجع سفر أعمال الرسل، الإصحاح ٢ [🡁]
  12. أعمال الرسل ٢: ٣٩ [🡁]
  13. مزمور ٤٩ [🡁]
  14. راجع إنجيل لوقا، الإصحاح ١٠ [🡁]
  15. أمثال ٤: ١٣ [🡁]
  16. تيموثاوس الثانية ٢: ٧ [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

‎ ‎ جزء من سلسلة: ‎ ‎ ملكوت الله سيمتد[الجزء السابق] 🠼 بئر العهود[الجزء التالي] 🠼 نصوص العهد
عاطف حنا
‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎