صك ""، عالم الا الشهير، مصطلح Ancestor Worship "عبادة الأسلاف" ليصف أوسع المعتقدات الماورائية (الميتافيزيقية) للقبائل البدائية، ويربطها على نحو وثيق بأساس تكوّن واستمرار التجمعات البشرية، فالتجمع البشري يلزمه للحفاظ على تماسكه والالتفاف حول رموز مشتركة، وليس هناك أفضل من الأسلاف للعب هذا الدور.

تطور “الدين” البشري البدائي من عبادة عناصر الطبيعة التي تساعده -أو تزعجه- إلى التسليم بوجود “خالق أعظم” لكل العناصر، على أنَّ غموض هذا الإله، وعدم القدرة على التنبؤ بقراراته، وصعوبة إرضاؤه من جهة أخرى، حتّمت البحث عن وسطاء يسهل اتصالهم بالعالمين: الأرض والسماء.

بدأ الوعي بدور الأسلاف من منامات وأحلام البشري غالبا، حيث اعتقد انه يرى في أحلامه أن الموتى قد عادوا، فيكلمهم ويتشاور معهم، فجرى الخلط بين الحقيقة والأحلام، واعتبر أن أرواحهم عادت فعلا للعيش معه، وأنها تزوره بين الفينة والأخرى مزودة بإطلاعها الواسع، بسبب تخلصها من أثقال المادة، ووجودها في المرتفعات، واتساع رؤيتها.

انتشرت -تقريبًا- عبادة الأسلاف لدى كل قبائل العالم المأهول قديمًا، بل لا تزال مستمرة حتى الآن في وسط وغرب أفريقيا، غرب آسيا، وسط وجنوب أمريكا الجنوبية.

استراح البشري لإلقاء مهمة إرضاء الإله الأعظم على عاتق أسلافه “أنصاف الآلهة”، الذين يستريحون في بيت الإله ويمكنهم مع هذا القدوم إليه و سماعه، وانحصرت مسئوليته في استمالة أسلافه ولسان حاله يقول: “ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى” فابتدع نظام الذبائح والقرابين كتقدمات لأرواح أسلافه.

تنوعت القرابين لتشمل طيفا واسعًا من كل ما يمكن تقديمه، بدءًا بالذبائح البشرية والحيوانية، مرورًا بثمين المشغولات، حتي الأطعمة والمشروبات. وانقسمت، بين تقدمات جماعية لصالح القبيلة، لحمايتها من الأعداء والطبيعة، وكانت موسمية غالبا، في مواقيت معلومة وتقدمات شخصية، لصالح الفرد، اعتمادًا على أن الصلوات والطلبات تجد طريقها أسرع للإله والاستجابة إذا مرت عبر الأسلاف.

استدعى هذا بالتأكيد تعاملًا خاصًا مع جثامين الأسلاف بشعائر خاصة، وإنشاء المعابد لهم لاستقبال التقدمات، أحيانًا لدى بعض الشعوب كان يتم الاحتفاء بالجثث كل فترة زمنية وإلباسهم ملابس جديدة في احتفال شعائري قد يشمل الرقص.
في بعض القبائل كان يتم توزيع أشلاء الجثث على عدد من المعابد، على أن يتم الاحتفاظ بالفكّ -كأقدس عضو- في المعبد الرئيسي.

استلزم الأمر -والحالة هكذا- ظهور طبقة من السدنة، السحرة، لقيادة الشعائر، ولعب دور الوسيط بين الجموع والأفراد من جهة، والأسلاف من جهة أخرى، وحظي هؤلاء بمعاملة وتقديس خاص، حتى أماكن سكناهم كانت بمعزل عن القبيلة.

المثير للدهشة أن الإناث لعبن دورًا باهرًا في هذه الطبقة، بل ربما يمكن القول أن القيادة انعقدت لهن (وربما يكون هذا محلًا لمقال آخر لاعتقادي الشخصي بتأثير هذا على دور المرأة في بداية المسيحية)

حمى الرب شعبه من الانزلاق إلى هذه النوعية من العبادات -رغم قبوله بنظام الذبائح على غير مسرة منه- بتشريعات صارمة في التعامل مع الموتى، واعتبار المَيِّت مصدرًا للدنس، فقطع الطريق تمامًا على هذا التدهور.

والآن عزيزي القارئ، هل ترى تشابهًا بين هذه العبادات الطوطمية البدائية وبين القبطية المعاصرة؟ قبطية الرفات والحنوط، والأجساد والموالد، والمزارات بصناديق نذورها، وهل ترى أملا في التخلص من هذه الممارسات القميئة؟

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

رجائي شنودة
[ + مقالات ]