المقال رقم 3 من 4 في سلسلة نهاية العالم والمجئ الثاني

وهى تمثل المحاولة الأخيرة الفاشلة من جانب لتحدى مملكة المسيح الروحية الأبدية. و هي الموضع الذي سقط فيه يوشيا الملك قديمًا في معركة مع فرعون مصر “نخو” (أخبار الأيام الثانية 35: 22). وهى رمز للقتل والموت الذين يتسبب فيهما الشيطان، وطرفّي المعركة الأساسيان معروفان، وهما السيد المسيح ضدًا للشيطان:

فنظرتُ وإذا فرس أبيض [السيد المسيح]، والجالس عليه معه قوس ، وقد أُعِطى إكليلاً وخرج غالباً ولكى يَغلب.. وخرج فرس آخر أحمر [لون الدماء. أى الحرب أداة الشيطان]. وللجالس عليه أُعِطى أن يَنزع السلام من الأرض وأن يَقتل بعضهم بعضاً. وأُعِطى سيفاً عظيماً [الشيطان القتّال منذ البدء]”

(رؤيا 6: 1-3)

ورأيتُ من فم التنين [الشيطان]، ومن فم الوحش [الضد للمسيح]، ومن فم النبي الكذاب، ثلاثة أرواح نجسة شبه ضفادع، فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات، تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة، لتجمعهم لقتال ذلك اليوم العظيم، يوم الله القادر على كل شئ. ‘ها أنا آتى كلص. طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً فيروا عُريته'. فجمعهم [السيد المسيح الجالس على الفرس الأبيض] إلى الموضع الذى يُدعى بالعبرانية ‘هرمجدون'. ثم سكب الملاك السابع جامه على الهواء ، فخرج صوت عظيم من هيكل السماء من العرش قائلاً: ‘قد تمّْ'

(رؤيا 16: 13 – 17)

ورأيتُ الوحش وملوك الأرض وأجنادهم مجتمعين ليصنعوا حرباً مع الجالس على الفَََرَس [أى المسيح] ومع جنده . فقُبِضَ على الوحش والنبي الكذاب معه، الصانع قدامه الآيات التي بها أضَلّ الذين قَبِلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته. وطُرِحَ الإثنان حيّيَن إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت ، والباقون قُتِلوا بسيف الجالس على الفرس، الخارج من فمه

(رؤيا 19: 19 – 21)

ثم متى تمّت الألف سنة يُحََل الشيطان من سجنه ويخرج ليُضِل الأمم الذين فى أربع زوايا الأرض جوج وماجوج ليجمعهم للحرب، الذين عددهم مثل رمل البحر. فصعدوا على عرض الأرض وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة، فنزلت نار من عند السماء وأكلتهم. وابليس الذى كان يضلهم طُرِح فى بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبى الكذاب، وسيُعَذّبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين

(رؤيا 20: 7 -9)

وقد كرر أنبياء العهد القديم التنبؤ عن هذا اليوم الذي تقوم فيه الحرب الأخيرة ضد الشيطان، وبعدها النصرة النهائية. ويسمى هذا اليوم “يوم الرب” أو معركة “هرمجدون”:

ولولوا، لأن يوم الرب قادم قاسيًا بسخط وحمو غضب تُظِلم الشمس عند طلوعها والقمر لا يلمع بضوئه، وأُعَاقب المسكونة على شرها والمنافقين على إثمهم. وأُبْطِل تعظم المستكبرين وأضع تجبر العتاة

(أشعياء 13: 6، 9، 10 – 11)

أما النبي زكريا فكان أكثر تحديدًا في وصفه لهذا اليوم:

ويكون في ذلك اليوم أنى ألتمس هلاك كل الأمم في بقعة ‘هدد رمون' في بقعة ‘مجدون'

(زكريا 12: 9، 11)

ويكون في ذلك اليوم أنه لا يكون نور ويكون الرب ملكًا على كل الأرض. في ذلك اليوم يكون الرب وحده، واسمه وحده

(زكريا 14: 6، 9)

ومن الملاحظ أن نبوءة زكريا هي من بين النبوات التي تتلوها الكنيسة الأرثوذكسية القبطية في الساعة التاسعة من الاحتفال بيوم الجمعة العظيمة. والسبب أن هذه النبوات قد تحققت في يوم صليب المسيح: فإظلَّمت الشمس، وإنشق حجاب الهيكل بما يُنبئ عن إنهدامه، وانتصر المسيح على الشيطان في المعركة على الصليب وقيده ألف سنة. إلى أن تأتى المعركة الأخيرة الحاسمة والمشار إليها بمعركة “هرمجدون”.

ولقد أعاد الرب يسوع المسيح استخدام هذه النبوة وهو على جبل الزيتون قبل آلامه متنبئًا عن الأيام الأخيرة:

وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تُظلم الشمس، والقمر لا يعطى ضوءه ، والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع، وحينئذ تظهر علامة إبن الإنسان فى السماء

(متى 24: 29، 30)

رئيس الملائكة ميخائيل يحرس شعب الله الجديد:

إن هناك حقيقة إيمانية كتابية تقليدية طالما آمن بها آباؤنا، وهى أن المسيحيين، شعب الله الجديد وإسرائيل الجديد، محفوظون ومحميون بقوات سماوية يرأسها رئيس الملائكة الجليل ميخائيل. الذي يقول عنه دانيال في نبؤته:

وفى ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبنى شعبك. ويكون زمان ِضْيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت. وفى ذلك الوقت يُنَجِى شعبك، كل من يوجد مكتوباً فى السفر

(دانيال 12: 1)

وقد وصف سفر الرؤيا معركة “هرمجدون” بين رئيس الملائكة ميخائيل وإبليس:

وحدثت حرب فى السماء، ميخائيل وملائكته حاربوا التنين [الشيطان]. وحارب التنين وملائكته ولم يقووا ، فلم يوجد مكانهم بعد ذلك فى السماء. فطُرح التنين الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان، الذي يضل العالم كله. وطُرح إلى الأرض وطرحت معه ملائكته

(رؤيا 12: 7- 10)

مجيء المسيح الثاني واختطاف المؤمنين:

في عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية، أن الرب يسوع المسيح سوف يأتي ثانيةً من السماء في مجد عظيم ليجمع مختاريه []. وذلك بعد الضيقة العظيمة للمؤمنين ثم هزيمة الشيطان في المعركة النهائية “هرمجدون”:

ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير، فيُرسِل ملائكته ببوق عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السماء إلى أقاصيها

(متى 24: 30 -31)

فإننا نقول لكم هذا بكلمة الرب، إننا نحن الباقين إلى مجئ الرب لا نسبق الراقدين، لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات فى المسيح سيقومون اولاً . ثم نحن الأحياء الباقين سنُُخطَف جميعاً معهم فى السحب لملاقاة الرب فى الهواء

(تسالونيكى الأولى 4: 15 -17)

وقد أوضح السيد المسيح له المجد أن الاختطاف سيكون أولًا للمختارين الذين سيستقبلون الرب في مجيئه الثاني المملوء مجدًا على السحاب:

كذلك يكون أيضاً مجئ ابن الإنسان. حينئذ يكونان اثنان فى الحقل، يؤخذ الواحد ويُترَك الآخر. اثنتان تطحنان على الرحى، تُؤخذ الواحدة وُتترَك الأخرى. إسهروا لأنكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم

(متى 24:39-42)

أما الآخرون فسُيجَمعون معًا للدينونة كما أوضح الرب في مثل الحنطة والزوان:

دعوهما ينميان كلاهما معاً إلى الحصاد، وفى وقت الحصاد أقول للحصادين إجمعوا أولاً الزوان واحزموه حزماً ليُحَرق، وأما الحنطة فاجمعوها إلى مخزنى

(متى 13: 30)

لكن تعليمًا خاطئًا ظهر في أوساط المسيحيين الغربيين ابتداء من القرن التاسع عشر مُفَاده أن المسيح سوف يأتي سرًا قبل مجيئه الثاني ليَجمع كل المسيحيين من على الأرض قبل الضيقة العظيمة، حتى لا يظلوا على الأرض في أثناء الضيقة العظيمة التي ستأتي على العالم. بينما يَبقى على الأرض الأشرار والخطاة وغير المؤمنين حيث سيصطلون من نار هذه الضيقات. وقد اعتمد هذا التعليم الخاطئ على ما ورد في سفر الرؤيا من كلام المسيح ل: “لأنك حفظتَ كلمة صبري، أنا أيضًا سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض(رؤيا 3: 10). وكأن كلمة “سأحفظك”، تعنى “سأرفعك بعيدًا عن التجربة”

ولكن التعليم الكنسي الأرثوذكسي يَِرى بأن حِفظ الرب لتلاميذه ومؤمنيه “من ساعة التجربة” لا يكون بإخراجهم من العالم، بل بالأحرى “بحفظهم من الشرير”، كما قال في صلاته الشفاعية الأخيرة للآب: “لستُ أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير(يوحنا 17: 15).

وما يؤكد أن الاختطاف لن يكون قبل “الضيقة العظيمة” بل بعدها، هو قول الرب “من يصبر إلى المنتهى فهذا يَخلُص“. وأن الرب في رحمته على المختارين في أتون “الضيقة العظيمة” ومن أجلهم، سُيقَصّر طول تلك الأيام : “لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ إبتداء العالم إلى الآن ولن يكون. ولو لم تُقَصَّر تلك الأيام لم يَخلُص جسد. ولكن لأجل المختارين تُقَصّر تلك الأيام(متى 24: 21 – 22).

وأخيرًا، فإن مجيء المسيح الثاني سيكون بغتةً وفجأةً لكل البشر ولكل الأرض في وقت واحد: “كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب، هكذا يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان(متى 24: 27). وليس كما يقول المفسرون الغربيون أن المسيح سَيَظهر في مجيئه الثاني في أورشليم، ولكنه سيأتي لكل الأمم والشعوب. وهو لن يأتي ليستقر في مكان واحد على الأرض في مُلك أرضى، بل كما قال له المجد “ليجمع مختاريه”.

هل يَنتظِر المسيح حتى يؤمن كل اليهود، ثم يأتي؟

يدَّعى البعض أن هذا سيحدث. ويعتمدون على قول : “واشعياء يصرخ من جهة إسرائيل ‘وإن كان عدد إسرائيل كرمل البحر، فالبقية ستَخلُص'(رومية 9: 27).

“البقية” هنا لا تعني “الكل”. فلا يحتاج المسيح ليعود في مجيئه الثاني أن ينتظر إيمان كل بنى إسرائيل، بل إيمان “البقية الأمينة” فقط. وسيكون ذلك بسبب شهادة أخنوخ وإيليا الذين سوف يُبشّرا­­ن بالمسيح في أورشليم المدينة المقدسة لمدة ثلاث سنوات ونصف. ويؤكد سفر الرؤيا على أن المؤمنين من اليهود قبل المجيء الثاني للمسيح هم “بقية حسب اختيار النعمة(رؤيا 4:11-5)، وليس كل اليهود، لذا يُحّدد عددهم رمزياً: “وسمعت عدد المختومين مائة وأربعة وأربعين ألفًا مختومين من كل سبط من بنى إسرائيل(رؤيا 7: 4). أي ليس الكل.

(يُتبَع)

والسُبح لله

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: نهاية العالم والمجئ الثاني[الجزء السابق] 🠼 (٢) النصف الثاني من الأسبوع الأخير[الجزء التالي] 🠼 (٤) هيكل اليهود والمجيء الثاني
(٣) “هرمجدون”، حرب الشيطان الأخيرة 1
[ + مقالات ]