المقال رقم 2 من 5 في سلسلة عن المرأة في المسيحية

في هذا المقال نحتاج لعمل “نحت اصطلاحي” لفريقين مهمين:

المساواتيين: الفريق الذي يؤمن أن الذكر والأنثى يساوي كلاهما الأخر.
التتميين: الفريق الذي يؤمن أن الذكر والأنثى يتمم كلاهما الآخر.

طبعا إنت ممكن تشوف الفارق طفيف (كلمة واحدة) أو إن الإتنين زي بعض والدنيا مش مستاهلة التعقيدات دي كلها… في الحقيقة الفارق بين الفريقين ونظرتهم المسبقة له تأثيرات لا يمكن الاستخفاف بها… تعالوا نشوف الفرق بشكل أعمق،

المساواتيين بينظروا لكلا من الرجل والمرأة على إنهم مثلا حلتين طبيخ متساويين في المقاسات والخامة… وبالتالي الفوارق في الأكل هي فوارق في المحتوى الذي يملأ الحلة، مش الحلة ذات نفسها… ده معناه إن دور الحلل دايما متساوي وأي اختلاف يعزى للظروف الخارجية زي: حطيت فيها إيه… درجة حرارة كام… سبت زمن لتسوية الطبخة قد إيه… إلخ،، ولو حطيت الحلة اليمين في ظروف الحلة الشمال مش هتحصل على طعم مختلف… إذن حسب ما تكيف الظروف هتكون النتيجة…

التتميين بينظروا لعلاقة الرجل بالمرأة زي علاقة حلة بغطاها… شكل الحلة ووظيفتها مختلف تماما عن الغطاء، لكنهم سوا متممين لبعض في مسألة الطبخ… اختلاف الوظائف هنا ممكن يقودنا لاختلاف جوهري في الظروف… يعني لو الأكل نشفت ميته فدي مسؤولية الغطاء وحده والحلة مش مسؤولة،، واختلاف الظروف ممكن يقود لاختلاف في الأهمية… يعني مثلا في ظروف الحرب ممكن تطبخ في حلة من غير غطاء، لكن مينفعش تطبخ في غطاء لوحده… الغطاء أهميته هنا في رفاهية التسبيك ودي ممكن الاستغناء عنها في الأوقات العصيبة… إذن الحلة أهم من الغطاء في الأوقات الصعبة والغطاء ده دلع ومياصة… إلخ…

من التبسيط اللي فات، هنقدر نفهم الحاجات الأكبر والأكثر تعقيدا… واللي عايز أسلط عليه الضوء في الورقة دي، هو إن نظرة الإنسان الاجتماعية عن دور الرجل ودور المرأة، هي اللي بتحكم تفسيره للنص الديني أساسا وليها هيمنة على فهمه لمقاصد الوحي… لو هو مساواتي الثقافة هيشوف نفس النصوص بشكل مختلف عن التتمي الثقافة… وكل واحد هيورث مفهومه ونظرته للأجيال اللي بعده… فالخناقة دي موجودة في كل دين وملهاش علاقة بالدين، وإنما ليها علاقة بالصراع الاجتماعي بين فريقي ال و واللي كلاهما موجود جوه نفس أبناء الدين الواحد…

تعالوا – كتدريب – نطبق ده عمليا على الكتاب المقدس في ميثولوجيا خلق المرأة من :

وقال الرب الإله: «ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره»

(سفر التكوين 2: 18)

هنا تم وصف الهدف من وجود المرأة إنها تكون: “معين نظيره”

المساواتيين هنا هيستمدوا فهمهم للنص بالتركيز على لفظة “نظيره” تحديدا، لأن التناظر يعني التكافؤ يعني ال.. وهايوصلوا بنظرتهم إن إذن الرجل والمرأة نظيران، ومتساويان بالتناظر…

التتميين هنا هايركزوا على لفظة “معين” أكتر… لأن الإعانة ممكن تأويلها لصالح جندر معين إنه اﻷصل اﻷهم (الحلة) بينما التاني مجرد عامل مساعد (الغطاء بتاع الحلة)… الشكل اﻷرجح هنا إن التأويل يكون ذكوري (منحاز للذكر) ويعتبر الذكر (آدم) هو اﻷصل، بينما اﻷنثى () مخلوق ثانوي أو تابع ودوره إعانة المخلوق اﻷصلي.

على فكرة مش بالضرورة التأويل يكون لصالح الذكر… ممكن كمان يكون التأويل يكون نسوي (منحاز للمرأة) ويرسخ لتفوقها على الرجل ومن نفس اﻵية… مثلا يقولك “الله يعينك” معناها الأكثر قوة هو القادر على الإعانة، والتأويل كدا يكون لصالح المرأة… وبشكل عام طالما إتفتح مجال التأويل ﻹبراز تفاوت بين الجندرين، فالقائم بالتأويل  هو اللي هيتحكم في نتيجته لصالح مين أو منحاز لمين… وبزعمي ده السبب الحقيقي في احتكار الذكور لـ”مهنة” التأويل للمقدس والتفسير له، في كل عصور الباترياركي (باترياركي معناها الحكم اﻷبوي، زي النظام الكنسي القائم على الآباء)..

مصطلحات الـ”مساواتية” و”ال” هنستخدمها كتير في التفاصيل، فحاول تتأكد من فهمك الجيد ليها..

وللحديث بقية،

هذا المقال جزء من سلسلة: عن المرأة في المسيحية

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: عن المرأة في المسيحية[الجزء السابق] 🠼 [١] مقدمة في الجندر[الجزء التالي] 🠼 [٣] دراسة للنص اليهودي ما بين العهدين
باسم الجنوبي
[ + مقالات ]