- [١] مقدمة في الجندر
- [٢] المساواتيون والتتميون
- ☑ [٣] دراسة للنص اليهودي ما بين العهدين
- [٤] المسيح المساواتي: أنا اﻷوّل والأخير
- [٥] بولس التتمي: صانع التراتبيات المأقوتة
بطبيعة الحال، لن نفهم التغيير الذي أحدثته المسيحية في الأدوار الاجتماعية للرجل والمرأة، من دون فهم معقول لنظرة اليهودية… وهذا بالتبعية يقودنا للإشكالية التالية! اليهودية في أنهي زمان؟ الموضوع بيتحرك اجتماعيًا طول الوقت، ومن السخف حقيقة ترديد المقولات الوعظية السطحية مثل (المرأة في اليهودية كانت نبية وقاضية إذن اليهودية كرمت المرأة) لأن هذا تسطيح ساذج وغير أمين!! المرأة الغربية (الأسعد حظا عن شرقنا التعس) لم تأخذ حق التصويت في الانتخابات إلا في القرن الماضي! (التصويت وليس الترشح) ثم نجد من يتخيل أن من ألاف السنين كانت هناك نماذج يهودية مساواتية؟ بينما هي في حقيقتها استثناءات أغلبها لا يختلف عن النائبة اﻹخوانية “عزة الجرف” في وصولها لبرلمان الإخوان لأداء دور ذكوري يتحرج الرجعيين من الذكور من القيام به بشكل معلن!
لنتفق إن ما يعنينا ليس تأويلات أو استنتاجات ظنية أو انتقائية… بل هو النصوص الدينية المؤسسة للأدوار الاجتماعية (إن وجدت)، مع معرفة معقولة عن العصر المتداخل مع المسيح أو بولس الرسول، كي نفهم أقوالهم التي أسست المسيحية بشكل أكثر عمقا…
على عكس المتوقع، لا يمدنا العهد القديم بأية نصوص محددة عن تمايز الأدوار بين الرجل والمرأة فيما عدا الإصحاحات الافتتاحية من “سفر التكوين”… إلا أن ذلك لا ينطبق على النص اليهودي في الفترة الوسيطة بين العهد القديم والجديد،، أو المؤلفات اليهودية التي ظهرت معاصرة للعهد الجديد مثل فيلو أو يوسيفوس المعاصرين للرسول بولس.
على مدار النص اليهودي، تمدح المرأة الفاضلة وتلعن المرأة الخائنة… أغلبها نصوص تتحدث عن المرأة كزوجة… ولا توجد نصوص موازية تتحدث عن دور الزوج… وكل هذا النوع من النصوص كتب بواسطة ذكور متزوجين وكأنما يتحدثون عن خبراتهم الروحية العميقة في فرز النساء وبهدف توريث هذه الخبرات الذكرية المقدسة للأجيال التالية!
تأتي أهم هذه النصوص في حقبة ما بين العهدين في سفر “حكمة يشوع”، والذي كتبه “يشوع ابن سيراخ” عام 190 ق.م. تقريبا، حيث يسجّل ما يلي:
لا تسلم نفسك إلى المرأة، لئلا تتسلط على قدرتك.
لا تلق المرأة البغي، لئلا تقع في شراكها.
لا تألف المغنية، لئلا تصطادك بفنونها.
لا تتفرس في العذراء، لئلا تعثرك محاسنها.
لا تسلم نفسك إلى الزواني، لئلا تتلف ميراثك.
اصرف طرفك عن المرأة الجميلة، ولا تتفرس في حسن الغريبة فان حسن المرأة أغوى كثيرين، وبه يتلهب العشق كالنار.
كل امرأة زانية تداس كالزبل في الطريق.(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح التاسع)
الخمر والنساء تجعلان العقلاء أهل ردة
(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح التاسع عشر)
المرأة الوقحة تخزي أباها ورجلها وكلاهما يهينانها.
(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح الثاني والعشرون)
يعاقب في شوارع المدينة، وحيث لا يظن يقبض عليه، ويهان من الجميع.
لأنه لم يفهم مخافة الرب.
هكذا أيضا المرأة التي تترك بعلها وتجعل له وارثا من الغريب.
لأنها أولا: عصت شريعة العلي.
وثانيا: خانت رجلها.
وثالثا: تنجست بالزنا وأقامت نسلا من رجل غريب.
فهذه يؤتى بها إلى الجماعة، وتبحث أحوال أولادها.
إنّ أولادها لا يتأصلون، وأغصانها لا تثمر، وهى تخلف ذكرا ملعونا، وفضيحتها لا تمحى.(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح الثالث والعشرون)
(لاحظ أن النص يتحدث عن المرأة التي تترك زوجها للزواج بآخر، وكيف يعتبر هذا خيانة للزوج الأول، وزنى مع الزوج الثاني،، وهو نفس ما عممه المسيح بشكل مساواتي على الرجل أيضا بعدها بقرنين من الزمان)
غاية الألم ألم القلب، وغاية الخبث خبث المرأة.
كل ألم ولا ألم القلب، وكل خبث ولا خبث المرأة.(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح الخامس والعشرون)
لا غضب أشر من غضب المرأة.
مساكنة الأسد والتنين خير عندي من مساكنة المرأة الخبيثة.
خبث المرأة يغير منظرها ويرد وجهها اسودا كالمسح.
رجلها يكمد بين أصحابه، وإذا سمع تأوه بمرارة.
مثل العقبة الكثيرة الرمل لقدمي الشيخ، مثل المرأة الخبيثة اللسان للرجل الهادئ.
لا يعثرك جمال امرأة، ولا تشتهِ امرأة لحسنها.
غضب ووقاحة وفضيحة عظيمة، المرأة التي تتسلط على رجلها.
المرأة الشريرة ذلة للقلب وتقطيب للوجه وألم للفؤاد.
التي لا تنشئ سعادة رجلها، إنما هي تراخ لليدين وتخلع للركبتين.
من المرأة ابتدأت الخطيئة، وبسببها نموت نحن أجمعين.
لا تجعل للماء مخرجا، ولا للمرأة الشريرة سلطانا.
إن لم تسلك طوع يدك تخزيك أمام أعدائك، فاقطعها عن جسدك لئلا تؤذيك على الدوام.(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح الخامس والعشرون)
المرأة الغائرة من المرأة، وجع قلب ونوح ولسانها سوط يصيب الجميع.
المرأة الشريرة نير قلق، ومثل متخذها مثل من يمسك عقربا.
المرأة السكيرة سخط عظيم وفضيحتها لا تستر.
زنى المرأة في طموح البصر، ويُعرف من جفنيها.
واظب على مراقبة البنت القليلة الحياء، لئلا تجد فرصة فتبذل نفسها.
تنبه لطرفها الوقح ولا تعجب إذا عقتك.
تفتح فمها كالمسافر العطشان، وتشرب من كل ماء صادفته، وتجلس عند كل جذع، وتفتح الكنانة تجاه كل سهم.(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح السادس والعشرون)
البنت سهاد خفي لأبيها، وهمّ يسلبه النوم.
مخافة من العنوس إذا شبّت، والصلف اذا تزوجت، وفي عذرتها من التدنس، والعقوق في بيت أبيها، وفي الزواج من التعدي على رجلها، أو العقم.(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح الثاني والأربعون)
واظب على مراقبة البنت القليلة الحياء لئلا تجعلك شماتة لأعداءك، وحديثا في المدينة، ومذمة لدى الشعب، فتخزيك في الملأ الكثير.
لا تتفرس في جمال أحد ولا تجلس بين النساء، فإنه من الثياب يتولّد السوس ومن المرأة الخبث.
رجل يسيء خير من امرأه تحسن ثم تجلب الخزي والفضيحة.(حكمة يشوع ابن سيراخ – الإصحاح الثاني والأربعون)
فيلو ويوسيفوس:
كلاهما كان معاصرا لزمن بولس الرسول. كتب فيلو من الإسكندرية متأثرا بالثقافة اليونانية، وكتب يوسيفوس مبررا الأفكار اليهودية للقارئ الروماني،، لذا ينبغي الحذر من اتخاذ أفكارهما نموذجا لليهودية في فلسطين.. لكن أفكارهما كانت نموذجا لتطوير أفكار يشوع ابن سيراخ من “دونية المرأة” إلى تبرير “الفجوة الجندرية” بشكل تنظيمي في إخضاع المرأة للرجل، (شكل مشابه لما نظمه بولس الرسول في المعتقد المسيحي وقتها)
يرى “فيلو” أن “الذكر كائن منطقي عقلاني، بينما الأنثى كائن عاطفي شعوري“،، بينما يوسيفوس يختصر المسألة في قوله: “المرأة أدنى من الرجل في كل المجالات“، وبشكل أو بأخر فهذا أقصى ما يمكن وجوده من أفكار حول المرأة في ذلك العصر..
التلمود:
“مبارك أنت يا رب لأنك لم تخلقني وثنيا، ولم تخلقني امرأة، ولم تخلقني رجلا أحمقا“
تحولت هذه البركات الثلاث في عام 150م إلى:
“مبارك أنت يا رب لأنك لم تخلقني وثنيا، ولم تخلقني امرأة، ولم تخلقني عبدا“
وكان نتيجة ذلك أن اشتد الجدل الهجنجل فيمن هو أكثر وضاعة، المرأة أم العبد، حيث إن كلاهما مأمور بإطاعة الرجل والخضوع الكلي له..
“لا حكمة في المرأة إلا في عملها بالمغزل، وهذا ما يقوله الكتاب المقدس: كل الحكيمات من النساء يغزلن بيدين راضيتين“
عزل المرأة:
أظهر المجتمع اليهودي في عصر ما بين العهدين اهتمامًا كبيرًا بالإغراء الجنسي… ورأينا قلق “يشوع ابن سيراخ” من الابنة المتمردة والعار الذي تجلبه لأبيها… لم يهتم الرابانيون بالحديث عن الذكور المتمردين أو ذوي السلوك المشين، لكنهم حذروا من الإقتراب من بيت العاهرات كما جاء في “سفر الأمثال”… ويبدو لنا أن حديث معلمي اليهود عن الغواية الجنسية كان لتحجيم أي نوع من الاتصال الجنسي لحده الأدنى، وتم ذلك بوسائل مختلفة…
فبعيدا عن الطبقات الميسورة الحال، قبعت النساء داخل البيوت… وحث “سفر الحكمة” الآباء على حراسة بناتهم جيدا كيلا يجلبوا العار… وجاء “سفر المكابين” ليسجل هذا التعليق على شفتي المرأة العظيمة الإيمان فقال:
“كنت عذراء عفيفة لم أترك بيت أبي، وحفظت الضلع الذي أصبح جسد امرأة. لم يمسني هائم على وجهه، أو مغتصب في حقل، ولم تفسد عذريتي الحية المخادعة المضللة”
(المكابين الرابع)
وعلى نفس الوتيرة يوضح اليهودي السكندري “فيلو” موقفه فيقول:
“كل أشكال الحياة العامة مناسبة للرجال، أما النساء فعليهن الانزواء داخل بيوتهن والعيش في عزلة“
وللحديث بقية،،
هذا المقال جزء من سلسلة: عن المرأة في المسيحية
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟