المسـيح هو موضوع الإيمان.
الكنيسة (نحن) موضع الإيمان.
حياتنا تَرْجَمَة للإيمان.
المحبة العمود الفقري للإيمان.

للإيمان المسيحي، في ظني، قراءات متعددة، وقد تكون كلها صحيحة بشكل نسبي، لأن موضوع الإيمان هو “المطلق” وهو ما لا يمكن إدراكه بجملته، ومع الوقت قد يتطور إدراكنا له، لكنه يبقى نسبيًا مثل نقطة في محيط.

لأننا نعلم بعض العلم ونتنبأ بعض التنبؤ. ولكن متى جاء الكامل فحينئذ يبطل ما هو بعض.
لما كنت طفلا كطفل كنت أتكلم، وكطفل كنت أفطن، وكطفل كنت أفتكر. ولكن لما صرت رجلا أبطلت ما للطفل.
فإننا ننظر الآن في مرآة، في لغز، لكن حينئذ وجها لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة، لكن حينئذ سأعرف كما عرفت.
أما الآن فيثبت: الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة.

(رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس 13: 9- 13) 

وقد تحتاج الفكرة لتحديد.

للمسيحية أركان أساسية تشكل ملامحها؛ فيمن هو الله والإنسان والرابط بينهما، وهو الحب الإلهي اللا نهائي، الذي منه تولدت كل عقائدها، التي لا يمكن استيعابها بدونه.

وهنا يأتي التعدد في القراءات، وهو ما عبر عنه أحد الآباء المعاصرين بأنه هناك فرق بين العقيدة والرأي والتفسير.

فبينما الأولى ثابتة ومحددة ومستقرة، خاصة ما يتعلق بقضية المسيحية الكبرى:

• الفداء، وما يرتبط به، الخلق والسقوط والتجسد.
• موت الابن على الصليب.
• القيامة
• الملكوت والأبدية.

يبقى الرأي والتفسير قابلان للتنوع والتعدد، فعلى سبيل المثال:

• كيف نفهم محبة الله الآب؟
• كيف ندرك نعمة الابن الوحيد؟
• كيف نتصور شركة وموهبة الروح القدس؟ (2كو 13 : 14).
• كيف نقرأ علاقتنا بالقديسين الحدود والمدى؟
• كيف نقرأ طريقة الصلاة؛ الشكل والمضمون؟
• كيف نمارس عباداتنا؟
• كيف نترجم عضويتنا في الجسد الواحد؛ جسد المسيح؟

ظني أن كل ما هو خارج محور (الله- الفداء- الإنسان) يقبل تعدد القراءات، وهي المساحة التي تشكل كثير من الأزمات البينية عند الفرقاء.

ولو اتفقنا -كما فعل الآباء قبل الانشقاق- على الحق في الاختلاف فيها، دون إقصاء أو إبعاد أو قطع من الشركة، أو اتهامات الهرطقة، التي تأتى أغلبها من خلفيات عنصرية قومية، سنقترب كثيرًا من تحقق حلم الوحدة المسيحية على الأرض، مع بقاء التمايزات الحضارية والموروث الإنساني.

ويتبنى الاتفاق في إطار ما استقرت عليه الكنيسة في قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني؛

نؤمن:
بإله واحد الله الآب.

نؤمن:
برب واحد يسوع المسيح،
ابن الله الوحيد

نؤمن:
بالروح القدس الرب المحي
(نسجد له ونمجده مع الآب والابن)

نؤمن:
بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية.

نؤمن:
بمعمودية واحدة.

نؤمن (وننتظر):
قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي.

وقد أوجزت الكنيسة الملهمة إيمانها في تها؛ فيمَا يُعرف بصلاة الصلح بالقداس الغريغوري:

• أيها الكائن الذي كان، الدائم إلي الأبد، الذاتي، والمساوي، والجليس، والخالق الشريك مع الآب.
• الذي من اجلّ الصلاح وحده، مما لم يكن، كوّنت الإنسان، وجعلته في فردوس النعيم.
• وعندما سقط بغواية العدو، ومخالفة وصيتّك المقدسة.
• وأردت أن تجدّده، وتردّه إلي رتبة الأولي.
• لا ملاك، ولا رئيس ملائكة، ولا رئيس آباء، ولا نبيًا، ائتمنته علي خلاصنا.
• بل أنت بغير استحالة، تجسّدت وتأنست، وشابهتنا في كلّ شيئ ما خلا الخطية وحدها.
• وصرت لنا وسيطًا لدى الآب،
• والحاجز المتوسط نقضته،
• والعداوة القديمة هدمتها.
• وأصلحت الأرضيين مع السمائيين،
• وجعلت الإثنين واحدًا،
• وأكملت التدبير بالجسد.
• وعند صعودك إلي السموات جسديًا،
• إذ ملأت الكلّ بلاهوتَّك.
• قلت لتلاميذك ورسلك القديسين: سلامي أعطيكم، سلامي أنا أتركه لكم.
• هذا أيضًا الآن، أنعِم به لنا يا سيدَّنا.
• وطهرنا من كل دنس،
• ومن كل غش،
• ومن كل رياء،
• ومن كل شر،
• ومن كل مكيدةٍ،
• ومن تذكار الشر الملبس الموت.

(القداس الغريغوري، صلاة الصلح)

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

كمال زاخر
كاتب ومفكر قبطي في التيار العلماني المصري  [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب: : صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨