مظاهر الهراء في “ال” جد كثيرة، ولكني سأكتفي بحديث كاتبها عن الأعياد، مؤكدًا أولًا على عدم وجود أي صلة لآبائنا الرسل الأطهار بهذا الهراء المحشو بين دفتي الكتاب، ونستطيع بسهولة التدليل على هذا من النقطة نفسها آنفة الذكر. فلم تعرف المسيحية الاحتفال بالأعياد بصورتها الحالية إلا بعد قرون عدة من انتقال آبائنا الرسل بل وتلاميذ تلاميذهم.

فيما يخص ، فالنص الدسقولي هو الآتي:

يا أخواتنا تحفظوا في أيام الأعياد التي هي عيد ميلاد الرب وكملوه في ٢٥ من الشهر التاسع الذي للعبرانيين، الذي هو ٢٩ من الشهر الرابع الذي للمصريين.

(الدسقولية، الباب الثامن عشر)

الشهر التاسع عند العبرانيين هو شهر “كسلو – Kislev”، والشهر الرابع عند المصريين هو “كيهك”. وقد انزلق كاتب الدسقولية هنا إلى حماقة فادحة ربما لم يسبقه إليها كثيرون، فهو يقرر توافق تاريخين من تقويمين يختلفان جذريًا. فالسنة العبرانية هي نتاج تقويم قمري يجري تصحيحه -حتى لا تتحرك ثوابته عن مواسمها المناخية- بإضافة شهر كامل إلى السنة الأخيرة من دورة طولها ثلاث سنوات -غالبًا-، في حين أن هو تقويم شمسي (لا بأس بدقته نسبيًا).
فكيف يمكن أن يخطر ببال أحد أن يتوافق تاريخان ثابتان من كلا التقويمين.

وحتى أسهل عليك الأمر فالتاريخ العبري المذكور “٢٥ كسلو” هو تاريخ عيد “” اليهودي،
لدينا دراسة منشورة على الموقع عن الارتباط بين عيد الحانوكا وميلاد الرب يمكنك قراءتها من هنا:

 

وهذا الرابط هو موقع للأعياد اليهودية يمكنك منه تتبع تاريخ عيد الحانوكا على التقويم الغريغوري وملاحظة التفاوت سنويًا، ويمكنك قراءته من هنا.

أما عن ، فقد جاء في الدسقولية الباب الحادي والثلاثون، في مقدمة الباب، الآتي:

وواجبنا نحن معشر المسيحيين أن نستقصي لأجل يوم الفصح، كي لا نصنعه في غير الأسبوع الذي يقع فيه اليوم الرابع عشر من الهلال، ويوافق شهر نيسان الذي هو بالقبطي برموده.

(الدسقولية، الباب الحادي والثلاثون)

وجاء في أول الباب الآتي:

يجب عليكم يا أخواتنا، الذين اشتريتم بالدم الكريم الذي للمسيح، أن تعملوا يوم الفصح بكل استقصاء واهتمام عظيم من بعد طعام الفطير الذي يكون في زمان الاعتدال [الربيعي] الذي هو خمسة وعشرون، وأن لا يعمل هذا العيد الذي هو تذكار آلام الواحد دفعتين في السنة، بل دفعة واحدة للذي مات عنا دفعة واحدة.
واحذروا من أن تعيدوا مع اليهود لأنه ليست لكم الآن معهم شركة. لأنهم ضلوا وأخطأوا وزلوا هؤلاء الذين ظنوا أنهم تكلموا بالحق فصاروا ضالين في كل زمان وابتعدوا عن الحق.
أما انتم فتحفظوا باستقصاء من عيد اليهود الذي فيه طعام الفطير الذي يكون في زمن الربيع الذي هو خمس وعشرون من برمهات هذا الذي يحفظ إلى أحد وعشرين يومًا من الهلال حتى لا يكون أربعة عشر من الهلال في أسبوع آخر غير الأسبوع الذي تعملون فيه الفصح فتصبحون تصنعون الفصح دفعتين في السنة بقلة المعرفة. أما عيد القيامة الذي لربنا ومخلصنا يسوع المسيح فلا تصنعوه في يوم سوى يوم الأحد.

(الدسقولية، الباب الحادي والثلاثون)

كاتب الدسقولية وضع محددات لعيد القيامة يمكننا استخلاصها من النص كالآتي:

عيد الحانوكا1- عيد القيامة هو يوم الأحد حصرًا، على ألا نحتفل به مع ، فإذا آتى الفصح اليهودي يوم الأحد نحتفل الأحد التالي له، وإذا آتى أي يوم آخر نحتفل بالقيامة يوم الأحد في نفس الأسبوع.

2- التشديد على الاحتفال بالقيامة في نفس أسبوع الفطير اليهودي الذي يبدأ بيوم الفصح اليهودي 14 نيسان وينتهي 21 نيسان.
(هذا النص يتم إهداره سنويًا ولا يتم حدوثه إلا مصادفة كما هو موضح بالجدول المرفق)

3- نأتي إلى النص الحماري، وهو التشديد على ألا نحتفل بالقيامة مرتين في نفس العام. وحيث أنه يتكلم عن التقويم القبطي، فلا يتحقق هذا الشرط إلا إذا كان عدد الأيام بين عيد قيامة في سنة من السنين وعيد القيامة في السنة التي تليها هو 365 يومًا بالتمام والكمال، لا تزيد ولا تنقص. وهو أمر غير قابل للتحقق إلا إذا كان موعد العيد تاريخًا محددًا ثابتًا سنويًا، الأمر غير المتحقق لأن الحاكم في تحديد توقيت العيد هو اكتمال البدر، والدورة القمرية، التي تنتج سنة قمرية مختلفة تمامًا في الطول عن سنة التقويم القبطي الشمسية.
(غني عن التوضيح أن هذا الشرط لا يمكن تحقيقه في معظم السنوات كما توضح المنحنيات الحمراء)

ماذا ترى، عزيزي القارئ، في كاتب الدسقولية المتداولة؟ هل كان حمارًا أم إنسانًا؟
وماذا عن أولئك الذين يستشهدون بمرجعيتها لتحديد مواقيت الأعياد؟

 

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

رجائي شنودة
[ + مقالات ]