- اللاهوت والناسوت
- من طبيعتين vs في طبيعتين
- ☑ رسالة [كيرلس، نسطوريوس، كيرلس] الثانية
- “كيرلس – نسطوريوس” فصل الخطاب
- توضيحات ومصطلحات القديس كيرلس
- الاتحاد الأقنومي
مع تصاعد الأحداث في القسطنطينية، إثر تتويج “نسطوريوس” تاج أسقفيتها، ومع محاولته الخطرة لإشاعة التقليد الأنطاكي في فهم التجسد كتقليد مسكوني، بدلا من الفهم السكندري الذي كان سائدًا وقتها مسكونيًا، تم تبادل الرسائل بين الكراسي الرئيسية لتدارك الموقف.
في هذا المقال سنستعرض بإيجاز أهم ملامح الرسالة الثانية، التي وجهها القديس كيرلس لنسطوريوس، ورد الأخير عليها، ويجدر الإشارة أنني فقط قد أعدت ترتيب الفقرات لتوفر انسيابًا فكريا افضل، وأسقطت الحشو والتكرار.
المفاهيم الأساسية التي ضمنها القديس كيرلس في رسالته:
نحن لا نقول أن طبيعة الكلمة تغيرت وأصبحت جسدا، ولا انه تحول إلى إنسان، بل نقول أن الكلمة وحد مع نفسه [اتخذ] جسدا محيا بنفس عاقلة، وهكذا أصبح إنسانًا، ودعي ابن الإنسان [مع بقاءه الكلمة ابن الله] ومع أن الأقنومين مختلفان جوهريًا، إلا أن هناك مسيح وابن واحد “من” كليهما.
نعترف به واحدًا، لأن جسد الكلمة الذي يشارك به عرش الآب ليس غريبًا عنه [بل هو جسده الخاص] ولكن إذا نبذنا الاتحاد الأقنومي [بين الكلمة وجسده] سواء لأن هذا مستحيل أو غير لائق، فلا مفر من السقوط إلى القول أن هناك ابنين.
ولأن الكلمة وحد “الحقيقة البشرية” [1] بنفسه لأجلنا ولأجل خلاصنا، وأتى من امرأة، لهذا قيل عنه انه ولد جسديًا لأنه “خصص” لنفسه ميلاد جسده الخاص.
كذلك حين نقول انه تألم، فهذا لا يعني أنه كان قابلا للتألم في طبيعته الخاصة، لكننا نفهم أن غير المتألم كان في الجسد المتألم، لذلك حين تألم جسده الخاص، قيل أنه عانى هذه الأشياء من اجلنا.
الموت أيضا نفهمه بهذه الطريقة، الحياة وواهب الحياة لا يموت، [ولكن لأن غير المائت كان في الجسد المائت] وحيث أن جسده الخاص قد ذاق الموت بنعمة الله لأجل الكل كما يقول الحكيم بولس، حينئذ قيل عنه -هو نفسه- انه عانى الموت من أجلنا.
المفاهيم التي وردت في رد نسطوريوس:
سنلتفت تمامًا عن اللغة الخشنة، والتهديدات المبطنة التي أطلقها نسطوريوس، حتى أننا سنتغاضى عن السخرية والتهكم الذي يسبح الخطاب فيهما، وسنورد فقط أفكاره.
من الصحيح تمامًا واللائق بأن الجسد هو هيكل لاهوت الابن، وأصبح مخصصًا له باقتران جليل والهي، لكن أن ننسب للاهوت -باسم التخصيص- ما يسري على “الجسد” الذي يتشارك معه (اعني الولادة والمعاناة والموت) فهذا إما خطأ عقلية وثنية، أو روح مريضة بجنون أبوليناريوس وآريوس، أو حتى شيئا اكثر سوءا.
فهؤلاء الذين ينحرفون بمفهوم “التخصيص” فيقبلوا بالضرورة أن الكلمة كان يرضع من الثدي، وينمو تدريجيًا، ويخاف وقت الآلام محتاجًا مساعدة ملاك، لن اذكر الختان، التعرق، والجوع وكل هذه الأشياء المرتبطة بالجسد.
هي في الواقع رائعة لأنه قد تم فعلها لأجلنا، لكن إذا تم نسبتها للاهوت فهذا هو الجنون بعينه، وتكون سببا لإدانتنا بالتجديف (وهذا مشروع تمامًا)
لقد أعلنت أن الكلمة غير قابل للتألم، ولا يحتاج لولادة ثانية من امرأة، ولكنك (لا اعلم كيف) تقدمه لاحقا كقابل للألم ومخلوق حديثًا، كما لو كانت تلك الصفات الجوهرية في الله الكلمة قد تدمرت بهذا الاقتران بالهيكل.
دعني اسدي لك نصيحة أخوية: في كل الأسفار المقدسة حينما يذكر ما هو في تدبير الرب، كالميلاد والآلام، فهي لم تنزل إلينا وكأنها تنطبق على “اللاهوت” ولكن بالأحرى على “الناسوت”.
تحدثت عن المجمع العظيم والمقدس [نيقية] ولكنك أسأت فهم التقليد الوارد في هذه النصوص، وذلك بالاعتقاد بأنهم قالوا أن كلمة الله الأزلي مع الآب كان قابل للتألم.
اعرني إذن أذنيك لأحررك من افتراءاتك،
لقد قالوا: نؤمن بربنا يسوع المسيح، ابنه الوحيد، لاحظ كيف وضعوا في البداية هذه المصطلحات كأساسات: “ربنا” و”يسوع” و”المسيح” و”الابن الوحيد” كلها كأسماء مشتركة لكل من “اللاهوت” و”الناسوت” مثلما وضع بولس أولا: المسيح، كمصطلح عام لكلا الطبيعتين، فحين كان في طريقه لذكر الموت وضع لقب “المسيح” حتى لا يتصور احد أن الكلمة كان قابلا للألم.
هذا يعني أن العذراء القديسة يجب أن توصف بتسمية اكثر دقة، ليس كـ”أم الله” بل “أم المسيح” لأن المسيح مصطلح ينطبق على الطبيعتين: غير القابلة للتألم [اللاهوت] والقابلة للتألم [الناسوت] في بروسبون واحد.
اسمع معي الكتاب يقول “المسيح [ليس الكلمة] مات من اجل خطايانا” أو “تألم المسيح [ليس الكلمة] لأجلنا بالجسد” أو “هذا هو جسدي (ليس لاهوتي أرجو أن تلاحظ ذلك) المكسور لأجلكم.
هناك ألف نص أخر تشهد جميعا أن لاهوت الابن ليس هو الذي ينبغي النظر إليه على انه قابل للمعاناة، لكنه الجسد.
في المقال القادم سنقدم تحليلًا لهذه النصوص ولماذا كان خطاب نسطوريوس أحد مسوغات الحكم بقطعه في أفسس.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟