الإله الذي يسمح لك بالكارثة، أو بالمرض، أو بالألم، أو بالضيقة علشان يعلمك دروس، يبقى إله قليل الحيلة وفلس.. ومحتاج تغيره!
بطل تشككنا في عقائدنا والمسلمات اللي عندنا.. كل حاجه بتحصل في حياتنا هي بسماح من الله!
يعني تجارة الجنس في العالم بسماح من الله؟ يعني واحد بيخون مراته بسماح من الله؟ يعني واحدة بتخون زوجها بسماح من الله؟ يعني واحد بيعمل علاقة جنسية مع بناته بسماح من الله؟ يعني واحدة تسيب المسيح بسماح الله؟ يعني شباب وبنات عايشين في الدعارة بسماح من الله؟ بأي إله تكرزون؟!!
ﻻهوت التكاتك الشعبي
علشان محدش يضحك عليك ويتلاعب بالألفاظ، جملة “كل حاجة بتحصل بسماح من الله” هي نفس جملة “كله مقدر ومكتوب”، و”المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين”، و”اجري يا ابن آدم جري الوحوش غير رزقك لن تحوش”، وأنت عارف طبعا العبارات دي موجود بكثرة فين (دور على التكاتك,, هتلاقي كتير)
لو كله بسماح من الله، يبقى مفيش داعي للاجتهاد والعمل، ولما يجيلك مرض أوعى تروح للدكتور لإنك بكده بتعترض على سماح الله، ويبقى الطب والأطباء كلهم شغالين ضد مشيئة الله.
هو مين سمح لك بالمرض؟ ربنا طبعا
هو مين سمح لك بالحادثة دي؟ ربنا طبعا ما هو بتاع المصايب!!
هو مين سمح لك تتجوزي (تدبسي) الشخصية دي وتعيشي تعيسة؟ ربنا طبعا
هو مين سمح لك بالجوازة الغلط في غلط دي؟ ربنا طبعا. وده صليبك اللي ربنا سمح لك بيه
هو مين اللي حطك في المصيبة، والضيقة، والألم ده؟ ربنا طبعا
هو مين اللي سمح لك كل ما تيجي تفرح يعكنن عليك؟ ربنا طبعا
لو حد بيقولك كده، أو أنت بتقول كده، يبقى بتتبع إله مالوش علاقة بالمسيح يسوع.
مفيش آيه في الكتاب المقدس كله تقول بفكرة “كل حاجة بتحصل بسماح من الله”،
والآية الوحيدة التي جاءت فيها كلمة “يسمح”، جاءت بالسلب… يعنى جاءت “لا يسمح بالشر”
“وأما أبوكما فغدر بي وغير أجرتي عشر مرات. لكن الله لم يسمح له أن يصنع بي شرا”
(سفر التكوين ٣١: ٧)
إلهي لا يسمح بالشر، ولا بالمرض.
مبدأ مهم حاول تحفظه وتريح دماغك: “اللي متشوفوش في المسيح، متصدقوش عن الله”
ببساطه، ليه بنقول مفيش حاجه اسمها سماح من الله بالمرض؟
تعالوا نشوف الرب يسوع المسيح الإعلان الكامل عن الله، وافتكر القاعدة:
هل قال الكلمة دي: إن كل حاجه بتحصل بسماح من الله؟ .. لأ مقلش ..
هل قال لواحد مريض إن المرض ده بسماح من الله؟ .. لأ مقلش ..
هل قال لواحد خد المرض ده علشان تتنقى؟ .. لأ مقلش ..
هل أدى واحد مرض؟؟ لأ، بالعكس، ده كان بيشفي ..
هل قال لواحد المرض ده صليبك وخليك عايش به؟ .. لأ مقلش ..
هل قال لواحد ده مرض الملكوت؟ .. لا ، مقلش ..
هل شفنا في المسيح إنه بيمرض الناس؟ لأ ، مشفناش ..
هل قال لواحد أنت علشان خاطئ مش هاتخف، روح توب الأول؟؟ لأ ، كان بيشفي الخطاة قبل توبتهم ..
هل في مرة تقابل مع مريض، ولم يشفيه؟ لأ برضوا ..
هل شفنا في المسيح إنه مهتم بالناس روحيًا بس، ومش مهم الجسد عنده؟ لأ، مشفناش، كان مهتم بيهم روحا ونفسا وجسدا ..
أمَّااااااال ليه مصرين إننا نطلع تعليم مزيف عن الله وهو مش موجود ف المسيح يسوع الإعلان الكامل عن الله؟!
“الرب صالح للكل”
(مزمور ١٤٥: ٩)
إلهي بيشفي مش بيمرض!! إذن من أين أتى المرض؟
هل يأتي بسماح من الله؟!! هل الله خلق المرض؟
لأ، إلهي صالح، وكل عطاياه صالحه:
“كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق، نازلة من عند أبي الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران”
(يعقوب ١: ١٧)
العطايا الجيدة والكاملة هي فقط التي تأتي من عند الله. والمرض ليس عطية جيدة وهو مثل الاحتياج تمامًا. فالمرض يعطل ويدمر الإنسان، والله لا يفعل ذلك لأي من أولاده. المرض خرب و هدم العديد من العائلات واستنزف كل رزقهم حتى أصبحوا فقراء تمامًا مثل المرأة نازفة الدم:
“وقد تألمت كثيرا من أطباء كثيرين، وأنفقت كل ما عندها ولم تنتفع شيئا، بل صارت إلى حال أردأ”
(مرقس ٥: ٢٦)
الله هو “محب البشر الصالح” بلغة القداس، لا يعطى أولاده مثل تلك “العطايا” التي تسبب لهم الضرر. بل بالعكس عندما خلق الله الإنسان: خلقه على غير فساد:
“يا الله العظيم الأبدي، الذي جبل الإنسان على غير فساد، والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس”
(القداس الباسيلي)
وبالتالي، ما هي أسباب إصابة الإنسان بالأمراض بشكل عام؟ هل الإصابة بالأمراض حاجة الإنسان مالوش أي دعوة بيها؟
لست أنا.. المرأة التي أعطيتني هي التي…
فكروا في أسلوب حياتنا، وطريقة ونوعية أكلنا، والإسراف في بعض العادات، وعدم اهتمامنا بالرياضة، واستخدامنا للكيماويات في كل أكلنا، والتلوث اللي عملناه في الهواء والمياه اللي عايشين عليهم، وبعض الخطايا والعادات اللي بتؤذي الجسد.. هل كل ده ملناش دعوة بيه؟! هل بعد كدة لما يجيلي مرض، أقول ده من الله؟ هل الله اللي جابلي المرض، ولا كل اللي أنا بعمله هو اللي جابلي المرض؟؟ هل ينفع نكون عايشين بكل العادات السيئة دي، وعاملين كل التلوث ده، وبعدين نسأل الله هو إحنا بنمرض ليه؟؟؟ أو نطلب منه يبعد عنا الأمراض؟ (شايفك بتفكر تسألني يعني ربنا بيتفرج ومالوش دور؟ هنجاوب متقلقش)
يعني هل عايزين نروح بمزاجنا نأكل ونشرب سموم ونقول لله لو سمحت إحنا مش عايزين السموم دي تؤثر علينا ومش عايزين نمرض؟! وف الآخر نقول للناس “ده صليبك”؟؟؟
كتير بنسمع الجملة دي تقال لأي حد عنده أي مرض أو مشكلة، عشان نقوله استحمل ده صليب من ربنا، وكل ما كانت المشكلة كبيرة يبقى الصليب أكبر، زي ما بنسمع كتير “فلان صليبه كبير”… لو الصليب هنا بمعنى الألم أو الضيقات أو الأمراض أو المشاكل.. السؤال اللي محتاجين نفكر فيه، هل الله هو اللي بيدينا “الصلبان” دي؟ وبيدي كل واحد صليب “على مقاسه”؟
تعالوا نشوف رأي القديس كيرلس الكبير، وده مجرد مثال واحد بسيط من أمثلة كتير لآباء الكنيسة:
“فقد بكى بشريًا لكي يمسح دموعك، وانزعج تدبيريا تاركًا جسده ينفعل بما يناسبه لكي يملأنا شجاعة، ووصف بالضعف في ناسوته لكي ينهي ضعفك، وقدم بكثرة طلبات وتضرعات للآب لكي يجعل أذن الآب صاغية للصلوات”
(القديس كيرلس الكبير، الدفاع عن الحروم الإثني عشر ضد ثيؤدورت)
“لأنه لو لم يكن قد انزعج لما تحررت طبيعتنا من الانزعاج، ولو لم يكن قد حزن لما انعتقت أبدا من الحزن، ولو لم يكن قد اضطرب وجزع لما انفكت أبدا من هذه الانفعالات.. أي إن الآلام والانفعالات الجسدية كانت تتحرك فيه، ليس لتكون سائدة كما يحدث فينا، بل لكيما إذا تحركت تبطل بقدرة اللوغوس الساكن في الجسد، وبذلك تتغير طبيعتنا إلى ما هو أفضل”
(القديس كيرلس الكبير، تفسير إنجيل يوحنا ١٢ : ٢٧)
المسيح تجسد، ووحد بنفسه طبيعتنا، وقبل في جسده آلامنا وضعفاتنا، عشان يشفينا.
أزاي اللي يشفي في نفس الوقت يمرض؟
أزاي اللي يمسح دموعنا في نفس الوقت يبكينا؟
أزاي اللي يقوينا في نفس الوقت يضعفنا؟
أزاي اللي يفرحنا في نفس الوقت يحزنا؟
أزاي يكون الله في تدبيره شفائنا واستردادنا وتغيير طبيعتنا للأفضل، وفي نفس الوقت هو مصدر أمراضنا وآلامنا ومشاكلنا وضيقتنا وحزننا؟ وكل ده تحت مسمى “الصليب”؟!
طيب لو المرض مش من ربنا، وهو صالح.. يبقى هو سامح بيه؟ ولا مفيش سماح إلهي؟؟
يعنى إيه سماح إلهي؟
هل الله ضابط الكل؟ نعم وبكل تأكيد.
هل يسمح الله؟ نعم سمح وأعطي آدم الإرادة الحرة، لإن الله خلق آدم علي صورته وشبهه ومثاله، وبكل تأكيد الله حر الإرادة. إذن السماح الإلهي هو أن ضابط الكل اختار أن يجعل آدم حر الإرادة مثله (بحق وحقيقي مش تمثيلية) وهذا هو سماح الله الأهم علي الإطلاق.
فلما بنقول إن الله بيسمح بالشر، ده مش معناه إن كل شرير بيروح يستأذن من الله قبل ما يعمل الشر..
لكن معناه: إن اللحظة اللي قرر الله فيها انه يخلق كائن حر (الإنسان).. هي نفسها اللحظة اللي سمح الله فيها (أو أتاح).. بوجود إرادة أخرى غير إرادته.. وبالتالي إمكانية الكائن الحر ده لفعل الشر..
فلما أفول إن الشر ده بسماح من الله، فده معناه إن كل الشر الذي نراه وما يترتب علية من إرهاب ومرض ومصائب، فهو نتاج هذه الإرادة الإنسانية الحرة وليس من مشيئة الله ولا حتي بسماح منه، لإن الصالح لا يسمح إلا بالصلاح والشافي لا يسمح إلا بالشفاء.
هل هذا يلغي إن الله ضابط الكل؟
أبدا؛- فهو بحق ضابط الكل، ولكن هذا الضابط أراد لنا أن نريد، وأن نتحمل نتيجة إرادتنا وتصرفاتنا، وهذا منتهى الرقى.. ولهذا له الحق أن يحاسبنا علي الوكالة المؤتمنة.
ليس من المعقول أن نحمّل الله كل هذا الشر وتصرفات البشر الظلامية ونتائجها وكأنه هو يمسكنا كعروسة خشب بلا حياة أو اختيارات!! مرة ثانية: ليس من المعقول أن نري إبليس يذبح ويقتل ويعذب ويمرض ويسرق وفي النهاية نقول أن الله هو الذي سمح بكل هذا الشر والابتلاء!!!
لكن هل يستطيع الله أن يحول شر إبليس إلي الخير؟
بكل تأكيد، لأنه إله صالح ويحبنا وفي صفنا، لكن هذا لا يعني علي الإطلاق إن الشر منه أو بسماحه، لكنه يعني فقط أن إلهي أب صالح ولا يوجد أب صالح يستخدم أدوات شريرة أو أمراض شريرة ولعنات لكي يعلم أولاده دروسا.
لم يكن قصد الله ولا حتي بسماح منه أن يحرر ملايين من اليهود من عبودية فرعون، ثم يتركهم كلهم يموتون في الصحراء ولم يدخل احد ارض الموعد إلا اثنان! (رغم إنه هو اللي وعدهم). إذن حتي وعود الله ومقاصده لا تتم إلا إذا تناغمنا معها وقبلناها.
لذلك يوضح بولس ويقول أن سبب عدم دخولهم ارض الموعد هو انهم لم يمزجوا الكلمة بالإيمان فلم تنفعهم:
“لأننا نحن أيضا قد بشرنا كما أولئك، لكن لم تنفع كلمة الخبر أولئك. إذ لم تكن ممتزجة بالإيمان في الذين سمعوا”
(بولس الرسول، الرسالة إلى العبرانيين ٤: ٢)
يؤسفني أقولك إن ممكن يكون معاك وعود حقيقية من الرب لكنها لن تنفعك إن لم تمزجها بالإيمان. كفانا تواكل علي الدور الإلهي فقط دون أن نتحمل مسئوليتنا، ولا يوجد أي داعي أن نلقي باللوم علي الله في كل شر حادث علي هذا الكوكب. الموضوع في الشرير أساسًا ورئيس هذا العالم هو إبليس (ده وصف يسوع).
إذن مفيش حاجه اسمها: سماح إلهي!
السماح الإلهي = الإخلاء الإلهي اللي الله فعله عندما خلق الكائنات حره.
سماح الله هو في احترامه للحرية
يعني الله سمح للشيطان يجرب أيوب
ليه؟
علشان الله بيحترم حرية إبليس، زي ما بيحترم حريتي إني أغلط…
الله كائن بيحترم الحرية
أذن “سماح الله”، هو لإنه محترم بدرجه لا نهائية، مش هيتدخل في الحرية إلا لو أذنا نحن له!!
“فقال لهم يسوع: “ليس نبيّ بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته”. ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة، غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم”
(مرقس ٦)
بدون السماح،
لا حرية ولا خليقة.
السماح= إخلاء محبة إلهية،
سماح إلهنا أساسه إخلاءه الإلهي،
وأساسهما: الله محبة،
فبمحبته غير المحدودة، سمح بنعمته وبحريته، أي سمح لنا من خلال إخلاءه أن نكون موجودين وأحرار.
مستقبل العالم، وشفاء أمراضه في يد الكنيسة.
العالم في يد الإنسان وليس في يد الله فقط.. لا للاتكالية والقضاء والقدر، ولا للحتمية.. فالإنسان يستطيع أن يخلق عالم كله حب أو كله كراهية، فيه تضامن أو أنانية… أمام المرض لا تقل: هذه إرادة الله، بل كافح المرض. أمام الفقر لا تقل: إنها مشيئة الله، بل كافح الفقر.. كذلك أمام الأميّة لا تقل: هذا قدرنا، بل كافح الأميّة.. نكافح جميع أنواع العذاب والآلام والشر سواء كانت بدنية أو معنوية أو اجتماعية…
أين دور الله مادام الإنسان هو وحده يملك زمام التغيير، وبالتالي يملك مصيره بيديه؟ هل يقف الله موقف المتفرج؟ يمكن القول أن الله يتصرف، لا من فوق، بل من تحت، فهو في داخل الإنسان لا في خارجه. ليس الله إذا بمتفرج ولا بغائب، بل هو حاضر، ولكن من خلال عمل الإنسان، من يده وعقله وقلبه… يحب من خلال قلبي ويعمل من خلال يدي ويفكر من خلال عقلي… الله يعمل ويغير العالم من خلالي.. إذا أنا مع الله وليس الله بمفرده ولا الإنسان بمفرده.
فإذا تصورنا أن الله وحده هو الذي يغير العالم، نقع في الاتكالية، وهو مفهوم غير مسيحي للتاريخ، وإذا قلنا “الإنسان بمفرده”، نقع في الغرور وهو المفهوم الماركسي للتاريخ. أما المسيحي فيقول: الله والإنسان يتضافران معا. الله في الإنسان والإنسان في الله وكلاهما يصنعان التاريخ والعالم الجديد.
(الأب هنري بولاد اليسوعي)
اقرأ أيضا:
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟