المقال رقم 11 من 13 في سلسلة ملحمة جلجامش
اللوح العاشر مقسّم على  ٦ أعمدة، المقروء منها ٢٤٧ سطرا، بنسبة ٧١% من الإجمالي.
خلاصة الإصحاح العاشر: يقابل   ساقية الحانة التي تظن أنه قاتل أو سارق بسبب مظهره المخزي. يخبرها جلجامش عن الغرض من رحلته. تحاول أن تثنيه عن مسعاه، لكنها ترسله إلى رجل السفينة  الذي يساعده على عبور البحر إلى أوتنابيشتيم. يخبره جلجامش بقصته ولكن عندما يطلب مساعدته يخبره أورشنابي أنه قد دمر الأشياء التي يمكن أن تساعدهم على عبور مياه الموت التي تقتل عبر لمسها. يوعز أورشنابي إلى جلجامش بقطع ١٢٠ شجرة وجعلها أعمدة. ولما وصلا إلى الجزيرة حيث يعيش أوتنابيشتيم، يسرد جلجامش قصته ويطلب منه المساعدة. ويقوم أوتنابيشتيم بتوبيخه معلناً أن محاربة المصير المشترك للبشر أمر عقيم ويقلل من متعة الحياة.

العمود الأول

١) سيدوري، ساقية الحان، [١]
٢) التي تسكن بعيدًا عن ساحل البحر، [٢]
٣) صنعوا لها جرة، صنعوا لها دورقًا ذهبيًّا، [٣]
٤) اتشحت بخمار … [٤]
٥) [رأت] جلجامش قادمًا [وجسده] مغطًّى بالأوساخ،
٦) وعليه لباس من جلد الحيوان …
٧) [وفي طينته [٥] بعض] من لحم الآلهة،
٨) والهم تمكَّن من قلبه،
٩) وأشبه وجهه وجه مسافر جاب الطريق النائية.
١٠) تطلعت ساقية الحان إلى [الأفق] البعيد،
١١) وأخذت تناجي قلبها
١٢) بهذه الكلمات: [٦]
١٣) «ربما كان هذا [الشخص القادم]،
١٤) المتجه إلى مكانٍ غير معلوم …»
١٥) عندما رأته ساقية الحان أوصدت الباب،
١٦) أوصدت بابها، وأحكمت إغلاقه بالمزلاج، [٧]
١٧) غير أن جلجامش تنبه إلى الصوت، [٨]
١٨) فرفع ذقنه ووجَّه بصره إليها،
١٩) وقال لها جلجامش، قال لساقية الحان:
٢٠) «يا ساقية الحان، ماذا رأيت [مني] حتى توصدي بابك،
٢١) حتى توصديه وتغلقيه بالمزلاج؟
٢٢) سأحطم الأبواب وأكسر المزلاج!» [٩]

[تضيف الترجمة الألمانية هنا خمسة عشر سطرًا من أحد ألواح الأصل البابلي القديم، وهي سطور ملائمة لهذا الموضع ولم توجد في النسخة الآشورية الحديثة المعتمدة بوجه عام]

٢) «يلبس جلود الحيوان، ويأكل اللحم النيئ، [١٠]
٣) وفي الآبار، يا جلجامش، التي لم يسبق وجودها أبدًا،
٤) ستُحرِّك ريحي، إن شئت، الماء!» [١١]
٥) تكدر وذهب [بنفسه] إليه،
٦) قال لجلجامش:
٧) «إلى أين تمضي يا جلجامش؟
٨) إن الحياة التي تبحث عنها لن تجدها!»
٩) قال له جلجامش، قال لشمش البطل:
١٠) «أبَعْدَ السيْرِ والجَرْي في البراري،
١١) تتبقى [لي] الراحة على الأرض؟
١٢) ومع ذلك فقد نمت طوال كل السنين.
١٣) أَلَا ليت عيني ترى الشمس، ليتني أشبع من النور!
١٤) وعندما يبتعد الظلام، فكم يبقى [من] الضياع؟
١٥) ومتى استطاع ميت أن يرى بريق الشمس [الساطع]؟»

[تبدأ هنا فجوة صغيرة، ويحتمل أن تكون سيدوري قد سألت جلجامش عن أعماله]

[١٢]
٣٤) قال لها جلجامش، قال لساقية الحان:
٣٥) «أنا [الذي] أمسكت بالثور الذي نزل من السماء وأجهزت عليه،
٣٦) أنا الذي صرعت حارس الغابة،
٣٧) وقتلت الذي يسكن غابة الأرز،
٣٨) كما قتلت الأسود في مسالك الجبال.»
٣٩) قالت له ساقية الحان، قالت لجلجامش:
٤٠) «إن كنت أنت جلجامش الذي قضى على الحارس،
٤١) وصرع خمبابا الذي يسكن غابة الأرز،
٤٢) وقتل الأسود في ممرات الجبال،
٤٣) وأمسك بالثور الذي نزل من السماء وأجهز عليه؛
٤٤) فلماذا ضَمرَت وجنتاك، وتغضن محيَّاك؟ [١٣]
٤٥) [لماذا] اكتأب فؤادك وذبلت ملامحك،
٤٦) وتمكَّن الهم من نفسك،
٤٧) وأشبه وجهك وجه مسافر جاب الطرق البعيدة،
٤٨) ولفحت محياك الرطوبة ووهج الشمس؟
٤٩) [ولماذا] تهيم [على وجهك] في البرية؟»
٥٠) قال لها جلجامش، قال لساقية الحان:
٥١) «إن صديقي، الذي أحببته حبًّا جمًّا، [١٤]

(ملحمة جلجامش، اللوح العاشر، العمود الأوّل)

(١) هذه هي الترجمة الآشورية.
(٢) حرفيًا: التي تسكن في عزلة البحر؛ أي في مكانٍ موحشٍ منعزل على ساحل البحر.
(٣) الضمير يعود على الآلهة الذين صنعوا لها الجرة (أو الإبريق والدورق والقدح أو الراقود الذهبي أي وعاء التخمير والتقطير).
(٤) بغلالة أو رداء التفت فيه، ترجمة (ص١٩٠).
(٥) وفي جسده بعض.
(٦) ١١-١٢: وأخذت تناجي قلبها بهذه الكلمات، نعم أرادت أن تنتصح.
(٧) يحتمل أن تكون ساقية الحان قد ظنت به السوء وتصورت أنه مجرم؛ ولهذا سارعت بإغلاق الباب في وجهه، وقد نصت المادة ١٠٩ من شريعة حمورابي المشهورة على عقاب صاحبات الحانات اللائي يأوين الخارجين على القانون.
(٨) أي صوت إغلاق الباب.
(٩) بقية العمود غير سليمة، وإنما يمكن التعرف عليها من العمود التالي.
(١٠) وردت بالترجمة البابلية القديمة التي نشرها مايسنر في نشريات جمعية ، مجلد ٧، سنة ١٩٠٢م، عدد ١٤-١٥.
(١١) يُفْهَم من هذا التعبير المجازي أن سيدوري كانت تملك قوة السيطرة على ريح معينة أو عدة رياح.
(١٢) من ٣٤–٥١ زيادة عن الأصل البابلي، وهي واردة بالعمود الثاني بالترجمة الآشورية ١–١٧.
(١٣) حرفيًّا: لماذا انكسر أو انقهر أو انحنى أو تقلص وانكمش.
(١٤) حرفيًّا: الذي أحببته حبًّا يفوق كلَّ الحدود.

العمود الثاني

[١٥]
١) والذي قهر معي جميع المصاعب [والمشاق]، [١٦]
٢) الذي أحببته حبًّا جمًّا،
٣) ولازمني في اجتياز جميع الصعاب،
٤) قد أدركه مصير البشر.
٥) بكيت عليه ليل نهار،
٦) لم أسمح بدفنه [في التراب]،
٧) لعل صديقي أن يبعثه نحيبي [ونواحي]،
٨) سبعة أيامٍ وليالٍ سبع،
٩) حتى وقع الدود على وجهه. [١٧]
١٠) منذ مضى، لم أجد الحياة؛ [١٨]
١١) هِمْتُ على وجهي في البرية مثل قاطع الطريق.
١٢) والآن يا ساقية الحان، وقد رأيت محياك،
١٣) أتمنى ألَّا أرى الموت الذي [أخافه] وأخشاه.»
١٤) قالت له ساقية الحان، قالت لجلجامش:

[١٩]
١٥) قال لها جلجامش، قال لساقية الحان:
١٦) «والآن أيتها الساقية، أين الطريق إلى «»؟
١٧) ما هي علامته؟ دليني، دليني على علامته! [٢٠]
١٨) لأعبرن البحر [إليه] لو استطعت،
١٩) فإذا أعجزني ذلك هِمْت [على وجهي] في البرية!»
٢٠) قالت له الساقية، قالت لجلجامش:
٢١) «لم يوجد [أبدًا] هذا المعبر يا جلجامش، [٢١]
٢٢) وما من أحد أمكنه — منذ القِدَم — عبور البحر.
٢٣) إن شمش البطل هو وحده الذي يعبر البحر،
ومن يعبره غيره؟
٢٤) شاقٌّ هو هذا المعبر، والدرب إليه مُضْنٍ،
٢٥) بينهما تمتد مياه الموت، [مياه الموت] عصية!
٢٦) ربما أمكنك — يا جلجامش — أن تعبر البحر من أي مكان،
٢٧) لكن ماذا تفعل إن أمكنك بلوغ مياه الموت؟
٢٨) جلجامش، ها هو ذا «أورشنابي»، ملاح [سفينة] «أوتنابشتيم»،
٢٩) ولديه الصور الحجرية، [٢٢] وهو هناك في الغابة يجمع الأرز.
٣٠) [امض إليه] عساك تراه. [٢٣]
٣١) إذا استطعت، فاعبر معه [البحر]،
وإذا لم تستطع، فارجع أدراجك!»
٣٢) لم يكد جلجامش يسمع هذا،
٣٣) حتى حمل الفأس في يده،
٣٤) واستل السيف من حزامه، [٢٤]
وتسلل [إلى داخل الغابة]، ونزل إليها، [٢٥]
٣٥) وانقضَّ عليها كالسهم،

(ملحمة جلجامش، اللوح العاشر، العمود الثاني)

(١٥) هذا هو العمود الثاني بالترجمة البابلية القديمة وبداية العمود الثاني من الترجمة الآشورية ١–١٥.
(١٦) الذي تغلب معي على جميع الصعاب.
(١٧) تجمع على وجهه () أو سقطت دودة من أنفه (فراس السواح و).
(١٨) هكذا حرفيًا، أي افتقد الحياة ولم يجد لها معنًى ولا طعمًا، وربما جاز القول بأن جلجامش هو أول عدمي أو مغترب في تاريخ الأدب العالمي.
(١٩) هذا هو العمود الثاني للترجمة الآشورية سطر ١٥–٣٥.
(٢٠) أي على معالم الطريق الذي يتحتم عليه أن يسير فيه ليهتدي إلى جده الخالد أوتنابشتيم.
(٢١) حرفيًا: لم يسبق وجود موضع للعبور.
(٢٢) ما زال الغموض يحيط بهذه الرقم أو التماثيل الحجرية التي يحتاج إليها ملاح «نوح البابلي» في عبور بحور الموت، وربما كانت أشكالًا حجرية ذات قوة سحرية تساعد على طرد الشر والفأل السيئ.
(٢٣) حرفيًا: عسى أن يراه وجهك.
(٢٤) حرفيًا: السيف (المتدلي) من جنبه.
(٢٥) أي إلى الصور الحجرية السابقة الذكر.

العمود الثالث

١) «إلى أين تمضي يا جلجامش؟ [٢٦]
٢) إن الحياة التي تبحث عنها لن تجدها!
٣) فعندما خلقت الآلهة البشر،
٤) قسمت للبشر الموت،
٥) واستأثرت في أيديها بالحياة.
٦) [أما] أنت يا جلجامش فاملأ بطنك،
٧) متِّعْ نفسك ليل نهار،
٨) واجعل أيامك أعيادًا.
٩) ارقص والعب ليل نهار،
١٠) نظِّفْ ثيابك، واغسل رأسك،
١١) واستحم بالماء.
١٢) احن على الصغير الذي يمسك بيدك، [٢٧]
١٣) ودع الزوجة تفرح في أحضانك.
١٤) هذا هو حظ البشر [على الأرض؟]

[٢٨]
٢) «لماذا ضمرت وجنتاك، وتغضَّن محياك؟
٣) [ولماذا] اكتأب قلبك، وذبلت ملامحك،
٤) وتمكَّن الهم من نفسك،
٥) حتى أصبح وجهك يشبه وجه مسافر قطع الطرق البعيدة،
٦) ولفحته الرطوبة ووهج الشمس،
٧) … وهمت [على وجهك] في البرية؟»
٨) قال له جلجامش، قال لأورشنابي الملَّاح:
٩) «يا أورشنابي، كيف لا تضمر وجنتاي ويتغضَّن محيَّاي؟
١٠) [كيف] لا يكتئب قلبي وتذبل ملامحي،
١١) ويتمكن الهم من نفسي؟
١٢) [كيف] لا يشبه وجهي وجه مسافر قطع الطرق البعيدة؟
١٣) وكيف لا تلفحه الرطوبة ووهج الشمس،
١٤) … وأهيم [على وجهي] في البرية؟
١٥) [و] صديقي، البغل الخفيف، حمار الوحش الجبلي،
١٦) صديقي إنكيدو، البغل الخفيف، حمار الوحش الجبلي، فهد البراري،
١٧) بعد أن قمنا معًا بكلِّ شيء، فصعدنا الجبل،
١٨) واستولينا على المدينة [؟] … وأجهزنا على ،
١٩) وصرعنا كذلك خمبابا، الذي كان يسكن غابة الأرز،
وقتلنا الأسود في مسالك الجبال.
٢٠) صديقي [هذا]، الذي أحببته حبًّا جمًّا،
والذي اجتاز معي جميع المصاعب [والمشاق]،
٢١) صديقي إنكيدو، الذي أحببته حبًّا جمًّا،
والذي اجتاز معي جميع المصاعب [والمشاق].
٢٢) قد عاجله مصير البشر.
٢٣) بكيت عليه ستة أيامٍ وسبع ليالٍ،
ورفضت السماح بدفنه،
٢٤) حتى وقع الدود على وجهه.
٢٥) انتابني الرعب من منظر صديقي،
فزعت من الموت، فهِمْت [على وجهي] في البرية،
٢٦) ثقل عليَّ الخطب [الذي نزل] بصديقي،
٢٧) فقطعت طريقًا نائيًا في البراري!
ثَقُلَ عليَّ الخطب [الذي نزل] بصديقي إنكيدو،
٢٨) فقطعت طريقًا نائيًا في البراري!
٢٩) آه! كيف يخرس [لساني]؟ آه! كيف ألزم الصمت
٣٠) وصديقي الذي أحببت، قد صار ترابًا!
إنكيدو، صديقي الذي أحببت، قد صار ترابًا؟
٣١) أَوَلن أضطجع مثله فلا أقوم أبد الدهر؟»
٣٢) قال له جلجامش، قال للملاح أورشنابي:
«أين الطريق إلى أوتنابشتيم؟
٣٤) ما هي العلامة [التي تدل عليه]؟
أعطني، أعطني علامته.
٣٥) إذا استطعت عبرت البحر [إليه]،
وإذا أعجزني ذلك هِمْت [على وجهي] في البرية!»
٣٦) قال له أورشنابي، قال لجلجامش:
٣٧) «يداك، يا جلجامش، قد عاقتا الإبحار!
٣٨) فلقد حطمت الصور الحجرية …
٣٩) وما دامت [الصور] الحجرية قد تحطَّمت فلن نستطيع العبور.
٤٠) خذ الفأس في يدك يا جلجامش!
٤١) هيا واهبط للغابة مرة أخرى،
واقتطع منها مائة وعشرين «مَرديًّا» طول كلٍّ منها ستون ذراعًا. [٢٩]
٤٢) سوِّها، وأَلصِق بها صفائح التجديف! ثم جئني بها.» [٣٠]
٤٣) ما إن سمع جلجامش هذا [الكلام]،
٤٤) حتى تناول الفأس في يده …
٤٥) وانحدر مرةً أخرى إلى الغابة،
فاقتطع مائة وعشرين «مرديًّا» طول كل منها ستون ذراعًا،
٤٦) وسوَّاها وصفَّحها بصفائح التجديف وأحضرها لأورشنابي.
٤٧) ركب جلجامش وأورشنابي السفينة،
٤٨) أنزلا السفينة على الأمواج وأبحرا [بها]،
٤٩) وفي اليوم الثالث قطعا رحلة شهر وخمسة عشر يومًا؛ [٣١]
٥٠) وبذلك وصل أورشنابي إلى مياه الموت.

(ملحمة جلجامش، اللوح العاشر، العمود الثالث)

(٢٦) هذا هو العمود الثالث بالترجمة البابلية القديمة.
(٢٧) حرفيًا: انظر إلى الصغير أو تأمله … وفي ترجمات أخرى: دلل الصغير، وارع الصغير.
(٢٨) العمود الثالث بالترجمة الآشورية.
(٢٩) المردي: عمود يستعمل للتجديف ودفع القوارب في المياه، ولكن طول المَرادي الشديد هنا يدل على أنها ستُستعمل في عبور مياه الموت العميقة.
(٣٠) في ترجمات أخرى: «اطلها بالقير واجعل في أعقابها الأزجاج» (جمع زج وهي الحديدة التي تثبت أسفل الرمح)، و«اطلها بالقار وصفح أطرافها» (عن طه باقر ص١٢٤، وفراس السواح ص١٩٨).
(٣١) حرفيًا: قطعا طريق شهر ونصف الشهر؛ أي قطعا في رحلتهما البحرية ما يعادل المدة التي يحتاجها المسافر على الطريق العادي، وهو شهر ونصف الشهر.

العمود الرابع

[٣٢]
١) وفي ثورة غضبه حطمها [تحطيمًا]. [٣٣]
٢) ثم رجع لكي يلتقي به،
٣) ونظر «أورشنابي» في عينيه.
٤) قال له «أورشنابي»، قال «لجلجامش»:
٥) «قل لي ما اسمك؟ كلمني!
٦) [أما] أنا [فاسمي] «أورشنابي».»
٧) قال له «جلجامش»، قال «لأورشنابي»:
٨) «اسمي «جلجامش»،
٩) أنا الذي جئت من ، من بيت «»،
١٠) وأنا الذي جُبْت الجبال [والمرتفعات]،
١١) [وقطعت] الطريق النائي، طريق شمش.
١٢) والآن وقد رأيت وجهك يا «أورشنابي»،
١٣) دلني على أوتنابشتيم البعيد!»
١٤) قال له «أورشنابي»، قال لجلجامش: [٣٤]

[٣٥]
١) قال له أورشنابي، قال لجلجامش:
٢) «ارجع إلى الوراء يا جلجامش … [٣٦]
٣) وحذار أن تلمس يدك مياه الموت …
٤) خذ مرديًّا ثانيًا يا جلجامش وثالثًا ورابعًا،
٥) خذ يا جلجامش مرديًّا خامسًا وسادسًا وسابعًا،
٦) ومرديًّا ثامنًا وتاسعًا وعاشرًا،
٧) وخذ يا جلجامش الحادي عشر والثاني عشر.»
٨) ومع [الدفعة] المائة والعشرين كان جلجامش قد استنفد المرادي،
٩) في هذه الأثناء فك حزامه …
١٠) ونزع جلجامش ثيابه من على جسده،
١١) وبيديه ثبتها على صاري [السفينة]. [٣٧]
١٢) أوتنابشتيم تطلَّع ببصره بعيدًا،
١٣) أخذ يناجي قلبه [بهذه] الكلمات،
١٤) أجل، خاطَبَ نفسه قائلًا:
١٥) «لماذا حطمت الصور الحجرية [الخاصة] بالسفينة؟
١٦) ومَنْ هذا الذي يركبها بغير حق؟
١٧) إن الرجل القادم [معها] ليس من أتباعي …

… [جزء مفقود] …

٢١) ما عسى قلبه أن يبتغيه مني؟»

[فجوة من عشرين سطرًا، يتبعها وصول جلجامش إلى «جزيرة الأحياء» ولقاؤه بأوتنابشتيم]

٤٢) قال له أوتنابشتيم، قال لجلجامش:
٤٣) «لماذا ضمرت وجنتاك، وتغضَّن محياك؟
٤٤) لماذا اكتأب فؤادك، وذبلت ملامحك،
٤٥) وتمكَّن الغم من نفسك،
٤٦) وصار وجهك أشبه بوجه مسافر جاب الطرق النائية،
٤٧) ولفحت الرطوبة ووهج الشمس وجهك،
٤٨) … وتهيم في البرية؟»
٤٩) قال له جلجامش، قال لأوتنابشتيم:
٥٠) «كيف لا تضمر وجنتاي، يا أوتنابشتيم، ويتغضَّن محياي؟

(ملحمة جلجامش، اللوح العاشر، العمود الرابع)

(٣٢) العمود الرابع بالترجمة البابلية.
(٣٣) لا يعلم أحد حتى الآن سبب الغضب الذي اجتاح جلجامش فجعله يحطم تلك الصور!
(٣٤) البقية مفقودة.
(٣٥) العمود الرابع بالترجمة الآشورية.
(٣٦) يبدو أن الملَّاح نصح جلجامش بالتراجع إلى الوراء بعد أن طلب منه دفع المردي أو المجداف الأول في الماء، ونظرًا لسكون الريح فوق مياه الموت، فإن التجديف ضروري لتحريك السفينة، ولا بُدَّ من استعمال المردي أو المجداف الواحد مرة واحدة كذلك ورميه في الماء بعد أن يدفعه جلجامش في أعماقه، إذ إن لمس الماء معناه الموت (ترجمة ، ص٨٢، هامش ٩، والملاحظة عن س. س. .)
(٣٧) وبهذا جعل من ثيابه شراعًا.

العمود الخامس

١) كيف لا يكتئب فؤادي وتذبل ملامحي، [٣٨]
٢) ويتمكَّن الغم من نفسي؟
٣) كيف لا يُشبه وجهي وجه مسافر جاب الطرق النائية،
٤) وتلفح الرطوبة ووهج الشمس وجهي.
٥) … وأهيم في البرية؟
٦) وصديقي البغل الخفيف، حمار الوحش
الجبلي، فهد البراري،
٧) صديقي إنكيدو، البغل الخفيف، حمار الوحش الجبلي،
فهد البراري،
٨) بعد أن قمنا معًا بكلِّ شيء، فصعدنا الجبل،
٩) واستولينا … على المدينة، وأجهزنا على الثور السماوي،
١٠) وصرعنا خمبابا أيضًا، الذي كان يسكن غابة الأرز،
١١) وقتلنا الأسود في مسالك الجبال.
١٢) صديقي الذي أحببت حبًّا جمًّا،
واجتاز معي جميع الصعاب [والمشاق].
١٣) إنكيدو، صديقي الذي أحببت حبًّا جمًّا،
واجتاز معي جميع الصعاب [والمشاق].
١٤) قد عاجله مصير البشر.
بكيت عليه ستة أيامٍ وسبع ليالٍ،
١٥) ورفضت السماح بدفنه [في التراب]،
١٦) حتى وقعت الدودة على وجهه.
١٧) انتابني الرعب من منظر صديقي،
وفزعت من الموت فانطلقت أجري في البراري [والقفار].
١٨) رزح على صدري الخطب الذي نزل بصديقي،
فرُحْتُ أجوب الطرق البعيدة في البراري [والقفار].
١٩) رزح على صدري الخطب الذي نزل بصديقي إنكيدو،
فرُحْتُ أجوب الطرق البعيدة في البراري [والقفار].
٢٠) آه! كيف أسكت [ويخرس لساني]؟ كيف ألزم الصمت
٢١) وصديقي، مَن أحببت [كثيرًا]، قد صار ترابًا؟!
صديقي إنكيدو، مَن أحببت [كثيرًا]، قد صار ترابًا!
٢٢) أَوَلن أضطجع مثله فلا أقوم أبد الدهر؟»
٢٣) قال له جلجامش، قال لأوتنابشتيم:
٢٤) «حتى أصل لأوتنابشتيم وأراه،
وهو الذي يدعونه البعيد،
٢٥) أخذت أطوف بكلِّ البلاد،
٢٦) واجتزت الجبال الوعرة،
٢٧) وعبرت جميع البحار،
٢٨) لم يهنأ وجهي بالنوم الحلو،
٢٩) جلبت المرض على نفسي من قلة نومي،
أسكنت الوجع بأعضائي،
٣٠) وقبل أن أبلغ بيت ساقية الحان،
كانت ثيابي قد خَلقت.
٣١) قتلت الدُّب، الضبع، الأسد، الفهد، النمر.
والظبي، الأيل، الوحش وحيوان البرية،
أكلت لحمها، ولبست جلدها.»

… [فجوة من اثنين وأربعين سطرًا] …

(ملحمة جلجامش، اللوح العاشر، العمود الخامس)

(٣٨) العمود الخامس بالترجمة الآشورية.

العمود السادس

قال له أوتنابشتيم، قال لجلجامش: [٣٩]

٢٥) «الموت القاسي لا يرحم:
٢٦) هل نبني بيتًا [لا يفنى]؟
هل نختم عقدًا [لا يبلى]؟
٢٧) هل يقتسم الإخوة [ميراثًا يبقى]؟
٢٨) أيعمُّ [الأرض] إلى الأبد الحقد، [٤٠]
٢٩) وتدوم مياه الفيضان إذا امتلأ النهر،
فيبقى المد ويطغى؟
٣٠) واليعسوب … رأينا.
٣١) لا، لم يتسنَّ لوجه [فان] أن ينظر للشمس،
٣٢) يُحدق فيها دومًا.
٣٣) والنائم والميت، كم يشبه أحدهما الآخر!
٣٤) أَوَلا يرتسم الموت على وجه النائم والميت؟
٣٥) أجل! أنت أيها الإنسان، أيها الرجل! منذ أن
بارك   [٤١]
٣٦) وآلهة «ال» العظام مجتمعون،
٣٧) و«ماميتوم»، أم الأقدار، [٤٢]
تحدد معهم المصائر،
٣٨) إنهم يوزعون الموت أو الحياة،
٣٩) وتظل أيام الموت مجهولة.» [٤٣]

(ملحمة جلجامش، اللوح العاشر، العمود السادس)

(٣٩) العمود السادس من الترجمة الآشورية.
(٤٠) قارن سِفْر الجامعة، الإصحاح الأول ٤، ١١ والإصحاح التاسع ٥ و٦، ويلاحظ أن الكلمة التي تبدأ بها السطور الأربعة (من ٢٦–٢٩) هي في وقت ما نبني بيتًا,
(٤١) قارن اللوح الحادي عشر من هذه الملحمة، السطر ١٩٢ وما بعده حيث يبارك إله العواصف الغضوب «إنليل» رجل «أوتنابشتيم» وزوجته ويمنحهما الخلود.
(٤٢) «ماميتوم» هي إحدى إلهات العالم السفلي، كما توصف أحيانًا بالأم العظمى وأم الأقدار وصانعتها.
(٤٣) المقصود أننا نحن البشر لا نعلم أبدًا ساعة الموت ولا يومه المحتوم؛ لأن الآلهة هي التي تحدده تحديدًا يختلف من حالة إلى أخرى، وحتمية الموت والجهل بميقاته من الأفكار الأساسية عند فلاسفة الوجود المعاصرين، وبخاصة مارتين هيدجر (١٨٨٩–١٩٧٦).

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: ملحمة جلجامش[الجزء السابق] 🠼 ملحمة جلجامش؛ الإصحاح التاسع[الجزء التالي] 🠼 ملحمة جلجامش؛ الإصحاح الحادي عشر
باسم الجنوبي
[ + مقالات ]