المقال رقم 2 من 13 في سلسلة ملحمة جلجامش
اللوح الأوّل مقسّم على  ٦ أعمدة، المقروء منها ٢٥٢ سطرا، بنسبة ٨٤% من الإجمالي.
خلاصة الإصحاح الأوّل: «» ملك أوروك. ثلثي إله وثلث رجل، يضطهد شعبه الذين يستغيثون بالآلهة. يتخذ هذا الاضطهاد شكل حق السيد للنوم مع العرائس في ليلة زفافهن. بالنسبة للشباب، يُعتقد أن جلجامش يرهقهم باختبارات القوة، والسخرة في مشاريع البناء. تستجيب الآلهة لنداءات الشعب من خلال خلق شخصية بدائية مساوية لجلجامش تكون قادرة على وقف اضطهاده: «» الذي يكسوه الشعر ويعيش في البرية مع الحيوانات. شكاه صياد دُمِرت مصادر رزقه بسبب قيام إنكيدو باقتلاع شراكه. يخبر الصياد إله الشمس «» عن إنكيدو، فيقرر أن تغويه «»، كاهنة الحب، كخطوة نحو ترويضه. بعد ستة أيام من ممارسة الجنس وتعليم إنكيدو طرق الحضارة، اصطحبت شمخات إنكيدو إلى مخيم الرعاة ليتعلم العمل الجماعي. في غضون ذلك، كان جلجامش يحلم في نومه بالوصول الوشيك لرفيق جديد محبوب وطلب من والدته «» المساعدة في تفسير هذه الأحلام.

العمود الأوّل

١) هو الذي رأى كلَّ شيءٍ في تخوم البلاد، [١]
٢) عرف البحار، وأحاط علمًا بكلِّ شيءٍ،
٣) كما نفذ ببصره إلى أشد الأسرار غموضًا.
٤) امتلك الحكمة والمعرفة بجميع الأشياء،
٥) واطلع كذلك على المكنون، وكشف عن الأمور الخافية.
٦) جلب معه أخبار [العهود السابقة] على الطوفان،
٧) وقطع طريقًا بعيدًا، حتى أصابه التعب [ونال منه] الإرهاق،
٨) ونقش على نصب حجري كل ما عاناه.
٩) أمر ببناء سور أوروك [ / الفيحاء]، [٢]
١٠) حول معبد إيانا المقدس، وحرمها السني.
١١) انظرْ إلى [جدار] سوره الذي تتألق أفاريزه، كأنما صُنِعَت من نحاس!
١٢) تأمَّلْ قاعدته! فليس لها [في أعمال البشر] شبيه!
١٣) وتلمَّسِ العتبة الحجرية، الموجودة في مكانها من أقدم الأزمان!
١٤) اقترِبْ من إيانا، مقام ،
١٥) الذي لا يماثله عمل ملك لاحق ولا [يدانيه عمل] إنسان،
١٦) واعتلِ كذلك سور أوروك، تَمشَّ عليه.
١٧) اختبر أسسه، تفحص لبناته.
١٨) أَوَلم تصنع من آجر مفخور؟ [٣]
١٩) أَوَلم يضع الحكماء السبعة أسسه؟ [٤]

… [فجوة بحوالي ثلاثين سطرًا] … [٥]

٣) لمَّا خُلِقَ جلجامش، [٦]
٤) أكمل بطل الآلهة هيئته،
٥) اشترك الآلهة في صنع صورته؛
٦) فأضفى عليه الجمال شمش السماوي، وحباه البطولة. [٧]
٧) على أروع صورة خلق الآلهة العظام جلجامش:
بلغ طول قامته أحد عشر ذراعًا،
٨) وعرض صدره تسعة أشبار. [٨]
٩) وطول … كان ثلاث …
١٠) والآن … التفت هنا وهناك ليرى البلاد.
١١) وجاء إلى مدينة أوروك.

(ملحمة جلجامش، اللوح الأوّل، العمود الأوّل)

(١) هذه هي الترجمة الآشورية الأكثر أصالة كما نقلها عالم الآشوريات البريطاني «».
(٢) الكلمة الأصلية في ترجمة «» الألمانية التي نعتمد عليها بصورة أساسية بعد مراجعة العلامة «قولفرام فوق سودن» لها، واستكمالها من النسخ الأخرى والشذرات المختلفة المتبقية من ألواح الملحمة، تصف مدينة أوروك خلال النص كله بـ”روض أوروك”، مع استخدام صفة أوروك الحمى في بعض الأحيان.
(٣) كان الآجر المفخور أو المحروق (الطابوق – قالب الطوب) أعلى قيمة من الطين العادي المجفف، وكثيرًا ما كان يُغلَّف به الأخير.
(٤) شاع بين السومريين أن الحكماء السبعة هم الذين وضعوا أصول الحضارة في بلادهم، وأسسوا مدنهم السبع القديمة قبل الطوفان بوحي من الآلهة والشرائع السماوية المنزلة أو من حكمتهم الفائقة، وهم بطبيعة الحال غير الحكماء السبعة الإغريق (طاليس وصولون وزملائهما المعروفين) وأقدم منهم بما يزيد على الألفي عام.
(٥) يمكن تحديد هذه الثغرة بحوالي ثلاثين سطرًا مفقودة قياسًا باللوحات الأخرى، ولكن يمكن تحديد بعض السطور كما يلي بالاستعانة بمقدمة الترجمة الحيثية التي يمكن قراءتها بعد السطرين الأولين المشوشين تمامًا.
(٦) من ٤–٦ غير مذكورة لدى طومسون.
(٧) «شمش» السماوي هو إله الشمس، ورب العدل، وصديق البشر العطوف الذي يهدي الحائرين والتائهين في الفيافي والجبال، أما «أدد» فهو إله الرعود والعواصف والأمطار.
(٨) وهنا ينقطع النص ويبدأ مع العمود الثاني تكملة للترجمة الحيثية في وصف جلجامش.

العمود الثاني

١) ثلثاه إلهي، والثلث [الباقي] بشري!
٢) وهيئة جسمه شامخة. [٩]
٣) لا يبار بها أحد… [١٠]

… [فجوة من أربعة أسطر] … [١١]

٨) كالثور الوحشي مهيبة خطاه،
٩) وبأس سلاحه ليس له نظير. [١٢]
١٠) على [دقات] الطبول تستيقظ رعيته. [١٣]
١١) [وكم] ثار أهل أوروك ساخطين:
١٢) «جلجامش» لا يترك الابن لأبيه.
١٣) يقهر الشعب بالليل وفي وضح النهار،
١٤) [مع أن] جلجامش هو راعي حمى أوروك،
١٥) [وهو] الفائق القوة والجمال، والخبير الحكيم.
١٦) إن جلجامش لا يترك العذراء لحبيبها،
١٧) [ولا] ابنة البطل، ولا زوجة المحارب.
١٨) سمع شكواهم الآلهة العظام.
١٩) فنادت آلهة السماء «» سيد أوروك: [١٤]
٢٠) ألم تكن أنت الذي خلق الثور الوحشي العنيد؟ [١٥]
٢١) إن بأس سلاحه ليس له مثيل.
٢٢) على [أصوات] الطبول يوقظ رعاياه.
٢٣) جلجامش لا يترك الابن لأبيه.
يقهر شعبه بالليل وفي وضح النهار!
٢٤) وهو الراعي لحمى أوروك،
٢٥) هو راعيهم، وهو مع ذلك قاهرهم الظلوم!
٢٦) فائق القوة والجمال، وهو الخبير الحكيم!
٢٧) لا يترك جلجامش العذراء لحبيبها،
٢٨) ولا ابنة البطل، ولا زوجة المحارب.
٢٩) سمع شكواهم آنو الجليل.
٣٠) ونادوا «آرورو» [١٦] العظيمة [قائلين]:
«أنت يا مَن خلقت ما أمر به آنو!
٣١) اخلقي الآن ما يأمر به،
وليكن له ندًّا يضارعه في جموح الفؤاد!
٣٢) ليتنافسا في الصراع، فتستريح أوروك!»
٣٣) ما إن سمعَتْ «آرورو» هذا [النداء]،
حتى سوت في قلبها ما أمر به آنو. [١٧]
٣٤) غسلت آرورو يديها.
أخذت [قبضة] من الطين ورمتها في البرية. [١٨]
٣٥) خلقت إنكيدو الجبار، بطلًا وربيب سكون الليل.
حباه القوة «». [١٩]
٣٦) بشعر [كثيف] يكسو جسده كله.
وشعر رأسه كشعر امرأة:
٣٧) جدائل شعر رأسه نامية كجدائل شعر «نصابا»، [٢٠]
٣٨) وهو كذلك لا يعرف البلاد ولا الناس:
ويلبس [من الثياب] مثلما يلبس «». [٢١]
٣٩) يرعى الكلأ مع الغزلان،
٤٠) ويتدافع إلى موارد الماء مع الحيوان،
٤١) ويفرح قلبه بتزاحم القطعان على الماء.
٤٢) [تصادف] أن رآه عند موارد الماء
صياد قنَّاص،
٤٤) واجهه يومًا، ويومًا ثانيًا، وثالثًا
عند موارد الماء.
٤٥) لما رآه الصياد تجمَّد وجهه [من الخوف]،
٤٦) فدخل مع حيواناته إلى بيته.
٤٧) أصابه الهلع، ثم سكنت حركته وشُلَّ [لسانه].
٤٨) اضطرب قلبه، واكتأب محياه،
٤٩) ونفذ الغم إلى أعماقه،
٥٠) حتى صار وجهه أشبه بوجه مسافر جاب الدروب البعيدة.

(ملحمة جلجامش، اللوح الأوّل، العمود الثاني)

(٩) أو قوامه شامخ مهيب.
(١٠) هذا السطر غير موجود بالترجمة الألمانية ومصدره ترجمة .
(١١) من ٣–٧ لا يمكن قراءتها إطلاقًا لتلفها.
(١٢) أي ليس له ند يصده ويصمد له، أو ليس لفتكه من نظير (راجع ترجمتي طه باقر و)
(١٣) أو أصحابه ورفاقه في السلاح، كأنما يستنفرون للقتال.
(١٤) أو رب أوروك (الوركاء)، و«آنو» هو إله السماء وكبير الآلهة، وكانت أوروك هي مركز عبادته.
(١٥) أو المخيف الجبار، والهائج الجامح.
(١٦) «آرورو» هي إحدى الآلهات الموكلة بالخلْق.
(١٧) أي إنها صورته في فؤادها وتخيلته على صورة «آنو».
(١٨) هكذا جاءت في ترجمة طه باقر، أما الترجمة الألمانية، فتضع كلمة «في الخارج» بالحروف المائلة كما الكلمات والجمل التي لم تتأكد صحة ترجمتها بعدُ، وفي ترجمة د. : “وقرصت الطين ورمته على السهل” (ص٥١).
(١٩) «نينورتا» (سيد الأرض) هو إله الخصب، وإله الحرب والصيد، وابن «» إله الهواء والعواصف المدمرة.
(٢٠) «نصابا» أو «نيسابا» هي إلهة الغلة والحبوب، وكانت جدائل شعرها تنساب على كتفيها كسنابل القمح الذهبية.
(٢١) «سموقان» هو إله الرعي والماشية، والمقصود أن إنكيدو «وحش البرية» كان يرتدي جلود الحيوان.

العمود الثالث

١) فتح الصياد فمه وقال لأبيه:
٢) «يا أبتِ لقد هبط رجل من الجبال،
٣) هو أقوى من في البلاد، وبأسه شديد،
٤) تشبه قوته الجبارة قبضة آنو،
٥) وهو لا ينفك يجوب الجبال [والتلال]،
٦) ويلتهم العشب مع الحيوان،
٧) وتتوقف قدماه عند موارد الماء،
٨) منعني الخوف فلم أَقْوَ على الاقتراب منه.
٩) ردم الحفر التي حفرت،
١٠) وقطع شباكي التي نصبت.
١١) جعل الوحش وحيوان البرية تفلت من بين يدي،
١٢) وصيد البرية حرَّمه عليَّ!»
١٣) فتح الأب فمه وقال للصياد:
١٤) «اعلم يا بني أن أوروك يعيش فيها جلجامش،
١٥) ما من أحد فاقه في قوته؛
١٦) فقوته الجبَّارة تشبه قبضة آنو.
١٧) يمِّمْ وجهَك شطر [هذا] الملك،
١٨) أنبئه بنبأ الرجل القوي [الجبار]،
١٩) وَلْيعطِك بغيًّا [٢٢] تصحبها معك إلى البرية، [٢٣]
٢٠) ولتتمكن المرأة منه بقوتها التي تفوق قوة الرجل،
٢١) وعندما [يأتي] مع الوحوش ليَرِدَ الماء،
٢٢) دعها تخلع ثوبها لينجذب إلى فتنتها؛ [٢٤]
٢٣) فسوف يتقرب منها، بمجرد أن يراها،
٢٤) لكن ستنكره حيواناته التي تربت معه في البرية!»
٢٥) عمل الصياد بمشورة أبيه،
٢٦) وانطلق في طريقه إلى جلجامش،
٢٧) أخذ يغذُّ السير [حتى] استقر به المقام في أوروك:
٢٨) «استمع إليَّ يا جلجامش، وجُدْ عليَّ بالنصيحة.
٢٩) هناك رجل متفرد هبط من الجبال،
٣٠) هو أقوى من في البلاد، وبأسه شديد،
٣١) قوته الجبارة تشبه قبضة آنو،
٣٢) وهو لا ينفك يجوب الجبال [والتلال]،
٣٣) ويلتهم العشب مع الحيوان،
٣٤) وتتوقف قدماه عند موارد الماء،
٣٥) وقد منعني الخوف من الاقتراب منه.
٣٦) ردم الحفر التي حفرتها،
٣٧) قطع الشباك التي نصبتها،
٣٨) جعل الوحش وحيوان البر يهرب من يدي،
٣٩) وحرَّم عليَّ القنص في البرية.»
٤٠) قال له جلجامش، قال للصياد:
٤١) «اذهب يا صياد، وخذ معك بغيًّا.
[خذ معك] المومس،
٤٢) فإذا ما اقترب الوحش البري ليرد الماء،
٤٣) فاجعلها تخلع ثوبها، وتكشف عن فتنتها،
٤٤) وما إن يقع عليها بصره، حتى يقترب منها،
٤٥) لكن حيواناته ستنكره، وهي التي تربت معه في البرية.»
٤٦) مضى الصياد مصطحبًا معه البغي،
[مصطحبًا معه] المومس،
٤٧) وانطلقا قُدُمًا على الطريق الصحيح. [٢٥]
٤٨) في اليوم الثالث بلغا الموضع المقصود،
٤٩) وقبع الصياد والبَغِي في مخبَئِهما.
٥٠) مكثا اليوم الأول، واليوم الثاني تجاه مورد الماء،
وجاء حيوان البر وشرب من الماء.

(ملحمة جلجامش، اللوح الأوّل، العمود الثالث)

(٢٢) محظية أو غانية، والمقصودة هنا هي «شمخات»، كاهنة الحبّ.
(٢٣) «شمخات»، هي إحدى بغايا المعبد اللائي كن يمارسن طقوس الدعارة المقدسة في معبد «عشتار»، إلهة الحب والخصب والحرب. وقد كانت «شمخات» التي صحبها الصياد لإغراء «إنكيدو وحش البرية» بالحضور إلى أوروك وإعادة القانون والنظام إليها هي إحدى هذه البغايا، وأطلق عليها “فراس السواح” لقب «كاهنة الحب»
(٢٤) أو ينغمس في لذائذ الشهوة والاستمتاع بمفاتن الجسد.
(٢٥) وانطلقا قُدُمًا، واختارا الطريق الأيمن.

العمود الرابع

١) ورد الحيوان الماء فطاب فؤاده،
٢) أما إنكيدو، الذي كان موطنه في الجبال،
٣) والذي يأكل العشب مع الغزلان،
٤) ويَرِد الماء مع الحيوان،
٥) فقد طاب فؤاده مع حيوان البر عند الماء.
٦) رأته البغي، رأت الرجل الوحش،
٧) الرجل الجبار الآتي من أعماق البرية.
٨) «ها هو ذا، أيتها البغي! فاكشفي عن نهديك،
٩) افتحي حجرك لينغمس في التلذذ بك! [٢٦]
١٠) لا تخجلي، بل خذي منه زفراته؛
١١) فإنه متى ما رآك تقرَّب منك.
١٢) انشري ثوبك، كي ينطرح عليك،
١٣) وعلِّميه — وهو الوحش — صنعة المرأة،
١٤) وسوف تنكره حيواناته التي تربت معه في البرية.
١٥) ويطَؤُك فتحسي زخم [عاطفته] [٢٧]
١٦) كشفت البغي عن نهديها،
فتحت حجرها، [٢٨]  فانغمس في التلذذ بمفاتنها.
١٧) لم يمنعها الخجل، فراحت تتلقى زفراته،
١٨) نشرت ثوبها لكي ينطرح عليها،
١٩) علَّمته — وهو الوحش [الفطري] — صنعة المرأة.
٢٠) [وأخذ يواقعها] فأحسَّتْ وطأته عليها. [٢٩]
٢١) إنكيدو لبث متيقظًا ستة أيام وسبع ليال،
قضاها في مضاجعة البغي.
٢٢) لما شبع من التمتع [بمفاتنها]،
كان قد نسي المكان الذي وُلِدَ فيه.
[٣٠]
٢٣) توجَّهَ إلى إلفه من حيوان [البر]،
٢٤) فما إن رأته الظباء حتى وثبت ولاذت بالفرار،
٢٥) وهربت من الاقتراب من جسده حيوانات الفلاة.
٢٦) عاق إنكيدو عن الحركة [وأثقله] جسده النظيف. [٣١]
٢٧) خذلته ركبتاه [عن اللحاق] بحيواناته الهاربة،
٢٨) وخارت قواه، ولم تَعُد مشيته كما كانت من قبل،
٢٩) غير أنه اكتسب الفهم، وصار واسع الحس.
٣٠) قفل راجعًا وجلس عند قدمي البَغِي،
٣١) راح يتأمل وجهها، وجه البَغِي،
٣٢) وتصيغ أذناه السمع إلى كلامها.
٣٣) قالت له البَغِي، قالت لإنكيدو:
٣٤) «حكيم أنت، يا إنكيدو، وشبيه بإله!
٣٥) فلماذا ترعى في البرية مع قطعان الحيوان؟
٣٦) تعالى آخذك إلى أوروك ذات الأسوار، [٣٢]
٣٧) إلى المعبد [الطاهر] السني، مقام آنو وعشتار؛
٣٨) حيث يعيش جلجامش الكامل القوة [والبأس]،
٣٩) الذي يجرب — كالثور الوحشي — قوته العاتية على الناس!»
٤٠) لما تكلمت إليه، وقع كلامها من نفسه موقع القبول [والاستحسان]؛
٤١) فالفطن الحس يبحث عن صديق.
٤٢) قال لها إنكيدو، قال للبغي:
٤٣) «هلمي أيتها البغي، خذيني معك
٤٤) إلى المعبد السني، مقام آنو وعشتار،
٤٥) حيث يعيش جلجامش الكامل القوة [والبأس]،
٤٦) الذي يجرب — كالثور الوحشي — قوته الطاغية على الناس! [٣٣]
٤٧) وأنا الذي سأطلبه وأكلمه بنفسي،
وأعنفه في القول.

(ملحمة جلجامش، اللوح الأوّل، العمود الرابع)

(٢٦)   في بعض الترجمات الأخرى: افتحي ساقيك، واكشفي عورتك، لينال من مفاتن جسدك أو ليقطف ثمرك… وفي ترجمة سامي سعيد: افتحي جسمك العاري وليتمتع بمفاتنك (ص٨٠).
(٢٧) هذا السطر مشكوك في بعض كلماته للتوفيق بين الترجمة الألمانية وترجمة طه باقر التي تقول بعد السطر السابق مباشرة: إذا حفى بك وانعطف حبه إليك، وفي ترجمة سامي سعيد: وسيضغط صدره بقوة على ظهرك (وكذلك السطر ٢٠).
(٢٨) راجع الهامش السابق رقم ٢٤.
(٢٩) يُفْهَم من هذا النص أن «شمخات» أحست أثناء الجماع بوطأة الجسد وزخم الشهوة والعاطفة التي احتوتها، ومعظم الترجمات الأخرى تؤدي المعنى بطرق تقريبية بالإضافة إلى وجود كلمتين غير مؤكدتين في هذا السطر.
(٣٠) هذا السطر غائب عن النص الأصلي، ولعل الترجمة الألمانية قد أضافته اعتمادًا على الألواح والشذرات المكتشفة من أصل بابلي قديم أو من إحدى الترجمتين الحيثية أو الحورية.
(٣١) هذه هي الترجمة الحرفية، وعند سامي سعيد: فصار إنكيدو يسرع (وراءها) ضعيف جسمه، والمقصود أن جسمه ثقل عليه وعاقه عن اللحاق برفاقه من الدواب والحيوان، وربما أوحت صفة «النظافة» أن رائحة جسده قد عافتها حاسة الحيوان وأنكرتها عليه بعد أن امتزجت برائحة الأنثى وبدأت تفوح منها روائح الإنسان. ولذلك يبدو أن بداية تحول إنكيدو من الوحشية البدائية إلى الإنسانية كان نوعًا من الرجس في نظر الحيوان، ونوعًا من التطهر والنظافة من وجهة نظر الإنسان.
(٣٢) في ترجمات أخرى: أوروك الحمى، وأوروك المنيعة ذات الأسوار. راجع اللوح الأول، هامش رقم ٢.
(٣٣) أي يتسلط عليهم ويقهرهم ويسخرهم كما ذُكِرَ بالتفصيل في العمود الثاني من اللوح الأول.

العمود الخامس

١) سأهتف مناديًا في أوروك: «القوي هو أنا!
٢) متى دخلت [مكانًا]، غيَّرت فيه المصائر،
٣) إن المولود في البراري، لَذو قوة [وبأس عظيم]!»»
٤) – «تعالَ، هيا بنا نذهب [إليه]، وَلْيَرَ وجهك.
٥) سأدلك على جلجامش، فأنا أعلم [أين] مكانه.
٦) هلمَّ بنا ندخل أوروك الحمى يا إنكيدو؛
٧) حيث يزهو الرجال بأروع الأحزمة، [٣٤]
٨) وكل يوم هناك يحتفل بعيد [٣٥]
٩) حيث الغلمان يتنافسون في جلب الفرح [والمتعة]، [٣٦]
١٠) والبغايا [المقدسات] يفتن الأبصار كما ينتظر منهن،
١١) تغمرهن البهجة،
١٢) ويمتلئن بالشهوة والنشوة.
١٣) إنكيدو، يا من لا تعرف الحياة،
١٤) سأريك جلجامش المختلف في طبعه عنك! [٣٧]
١٥) انظر إليه، تطلع إلى وجهه،
١٦) [تَرَه] رائع الرجولة، مكتمل القوة،
١٧) والبهجة تغمر جسده كله.
١٨) إنه يفوقك في قوته الجبارة،
١٩) [قَلِق] لا يهدأ ليلَ نهارَ.
٢٠) إنكيدو، تخلَّ عن غرورك؛ [٣٨]
٢١) فجلجامش قد شمله شمش بعطفه [ورعايته]،
٢٢) كما حباه آنو وإنليل وإيا سعةَ الفهم. [٣٩]
٢٣) وقبل أن تأتي أنت من ذلك الجبل،
٢٤) طفت بأحلامه [التي رآها]، [٤٠] في أوروك:
٢٥) استيقظ جلجامش [من نومه] وأخذ يقص رؤياه،
على أمه وهو يقول:
٢٦) «أماه، لقد رأيت الليلةَ حلمًا:

٤) كنت أمشي بين الناس مزهوًّا بقوتي، [٤١]
٥) [٤٢] كان بالسموات نجوم.
٦) عندما [أبصرت] نجوم السماء تحتشد من حولي،
٧) وهوى واحد منها عليَّ وكأنه قبضة آنو. [٤٣]
٨) أردت أن أرفعه، فثقل عليَّ، [٤٤]
٩) حاولت أن أحركه، ولكني لم أستطع أن أزحزحه!
١٠) تجمع حوله أهل أوروك.
١١) قبَّل رجالي قدميه،
١٢) عندما انحنيت عليه،
١٣) [حتى تمكنت] بمعاونتهم من رفعه،
١٤) وحمله إليك.»
١٥) ردَّت أم جلجامش [٤٥]
١٦) الخبيرة بكلِّ شيء، قائلة له:
١٧) «ربما وُلِدَ لك نظير
١٨) في البراري يا جلجامش،
١٩) وربته الجبال [والتلال] في الفلاة،
٢٠) إذا رأيته فسوف يفرح به فؤادك،
٢١) ويقبِّل الأبطال قدميه،
٢٢) وسوف تحتضنه، وتأتي به إليَّ. [٤٦]

(ملحمة جلجامش، اللوح الأوّل، العمود الخامس)

(٣٤) هكذا في أصل الترجمة، وإن كانت معظم الترجمات تضع أبهى الحُلل أو حلل في موضع الأحزمة.
(٣٥) من ٩–١٢ مشوهة للغاية في الأصل.
(٣٦) ربما تكون هذه إشارة إلى طقوس اللواط المقدس وإلى المأبونين الذين كانت تعج بهم أطراف معبد عشتار (انظر ترجمة فراس السواح للملحمة، ص١٠١، هامش والسطور من ٩–١١ مهمشة وتتعذر قراءتها).
(٣٧) تتفق معظم الترجمات العربية على وصف جلجامش في هذا السطر بأنه المبتهج بالحياة، والمعنى الحرفي كما تؤديه الترجمة الألمانية يمكن التعبير عنه بالفرح المتألم أو المبتهج المشتاق، وهو ما يؤكده السطر السابع عشر.
(٣٨) تحتمل الكلمة الأخيرة معاني مختلفة، منها الغرور والغلواء والتبجح والعبث.
(٣٩) «آنو» هو إله السماء وكبير مجمع الآلهة السومرية، و«إنليل» هو إله العواصف الغضوب، و«إيا» هو إله الحكمة والمياه العذبة العميقة والشفوق على البشر.
(٤٠) التي رآك فيها.
(٤١) الناس هنا وفي سائر السطور يمكن أن تؤدى بالأبطال والرفاق والصحاب والرجال.
(٤٢) ٤، ٦، ٨، مخالفة للأصل وهو: ٢٧) كان بالسموات نجوم، ٢٨) كأنها مخيفو السماء، وقع أحدها فوقي.
(٤٣) في ترجمتَي: طه باقر وفراس السواح: شهاب آنو (الثاقب) وفي ترجمة سامي سعيد: قد سقطت على ظهري مثل جنود الرب آنو.
(٤٤) من ٨–٢٢ = ٢٩–٤٧.
(٤٥) هي «نينسون» الحكيمة، أم جلجامش.
(٤٦) ٨–٢٢ = ٢٩–٤٧ بنفس المعنى تقريبًا.

العمود السادس

١) إنه إنكيدو القوي،
الرفيق الذي يعين صديقه [في وقت] الشدة!
٢) وهو أقوى مَنْ في البلاد، بأسه شديد،
٣) وعزمه الجبار مثل قبضة آنو!
٤) لقد انحنيت عليه كما تنحني على امرأة،
٥) … ولكنه سينقذك المرة بعد المرة.»

٢٤) أخلد إلى النوم ورأى حلمًا آخر،
٢٥) قال لأمه:
٢٦) «أماه، لقد رأيت حلمًا آخر،
٢٧) … بحثت على الطريق في سوق أوروك،
٢٨) كانت ثمة فأس مطروحة،
٢٩) تجمع الناس حولها،
٣٠) وتزاحم الشعب عليها.
٣١) بدا منظر هذه الفأس فظيعًا!
٣٢) ولما أبصرتها، شعرت بالفرح،
٣٣) وأحسست نحوها بالحب،
٣٤)  فانحنيت عليها كما أنحني على امرأة،
٣٥) وتناولتها ووضعتها بجانبي.»

١٦) نينسون الحكيمة، العارفة بكلِّ شيء، قالت لابنها:
١٧) نينسون الحكيمة، العارفة بكلِّ شيء، قالت لجلجامش:
١٨) «إنَّ الفأس التي رأيتها رجل،
١٩) سوف تنحني عليه كما تنحني على امرأة،
٢٠) وسوف أجعله ندًّا لك.
٢١) ثم إنه هو إنكيدو القوي،
وهو الرفيق الذي يعين صديقه عند الشدة!
٢٢) إنه أقوى مَنْ في البلاد، وذو بأس شديد،
٢٣) وقوته الجبارة شبيهة بقبضة آنو!»
٢٤) عاد جلجامش يقول لأمه:
٢٥) «عسى أن أنال هذا الحظ العظيم،
٢٦) فلَكَم أتمنى أن يكون لي صديق، [أو يكون لي] رفيق!»
٢٧) … [سطر مشوَّه] … [٤٧]
٢٨) بينما جلجامش يقص رؤاه. [٤٨]
٢٩) قالت المحظية لإنكيدو:
٣٠) … الاثنان.
٣١) [إنكيدو واقفًا] أمامها.
٣٢) [إنه هو الذي رأى كلَّ شيءٍ داخل حدود] البلاد،
٣٣) … … الذي يثق في إنليل.
٣٤) … آشور.

٢٨) هلمَّ بنا، انهض من على … الأرض!» [٤٩]
٢٩) هكذا قالت البَغِي، وهي تكلم إنكيدو.
٣٠) وكانا وحدهما عند مورد الماء.

(ملحمة جلجامش، اللوح الأوّل، العمود السادس)

(٤٧) ٢٧ مشوَّه بالأصل.
(٤٨) مخالفة لترجمة هيدل حيث جاء لديه بدلًا من ٢٨–٣٤ تلك الهتامات المشوهة.
(٤٩) تضيف الترجمتان السابقتان: الأرض فراش الراعي، أو سرير الرعاة، وقد كان البابليون يطلقون على الأرض اسم سرير الراعي؛ لأنه يستلقي عليها صيفًا وشتاءً.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: ملحمة جلجامش[الجزء السابق] 🠼 ملحمة جلجامش <br>الأدب السومري الصامد ضد الزمن[الجزء التالي] 🠼 ملحمة جلجامش؛ الإصحاح الثاني
باسم الجنوبي
[ + مقالات ]