في مطلع هذا الأسبوع، تنيح حبر جليل من أحبار الكنيسة المقدسة: نيافة الأنبا ميشائيل أسقف إيبارشية جَنُوب ألمانيا، أب مبارك، وراعٍ حقيقي، راهب بكل ما تعنيه الكلمة، نموذج فريد في القيادة والرعاية، له صفات مميزة جدًا ومنها:
البساطة، لم أر في حياتي إنسانًا كما قال الكتاب “كونوا بسطاء كالحمام” كمثال المتنيح أبونا الأنبا ميشائيل، فقد كان بسيطًا بطبيعية ودون تكلف، كطفل بريء ونقي إلى أبعد الحدود، وزادت بساطته بعد نواله نعمة الأسقفية ولم تقل أبدًا كما كان متوقعًا.
لم يطرق أحد بابه وخرج خاوي اليدين أبدًا -ما يكسفش حد أبدًا- وأنا شاهد عِيان، ذلك الدير عاش العمر كله مفتوحا للكل بلا استثناء، لمن يأتي من أنحاء ألمانيا أو من خارجها. من يأتي للخدمة ومن يطلب ويتحرك هو بنفسه، لا يرسل آخر من أجل طلب ما، لكن يتحرك هو بنفسه، ممكن تشوفه يحمل صينية عليها طعام وذاهب بها لأحدهم أو يحمل معطف أو بطانية ويوصلها لضيوف في الدير وهكذا.
لم يفرق يومًا بين إنسان وآخر حسب مكانته أو حالته المادية أو حتى جنسيته أو ديانته، الكل عنده سواء بكل ما تعنيه الكلمة.
إنسان متضع بطبيعته، فاقد لأي رغبة في الظهور أو التواجد تحت الأضواء، بالرغم من أنه شخصية قيادية ويتخذ قرارات قوية، لكن لا يحب أبدًا أن يكون في الصفوف الأولى وهذا كان بالنسبة له مشكله كبيرة بعد الأسقفية، لكنه كان باتضاع جم يقدم الآباء الكهنة والأراخنة ويتراجع هو (ما أنساش في زيارات قداسة البابا تواضروس لألمانيا كان طول الوقت ينده عليه ويطلب منه يفضل جنبه لأنه كان يروح يهتم بالتفاصيل ويحاول يبعد عن الأضواء).
لا يوجد في دير أنبا أنطونيوس بـ”كروفل باخ” الذى أسسه منذ أكثر من أربعين عامًا، صورة واحدة معلقة لنيافة أنبا ميشائيل قبل أو بعد رسامته أسقفًا، ولم يكن يحمل عصا الأسقفية أو حتى العِمَامَة إلا إذا كان هناك واجب رسمي، وإذا انتهى، عاد لصورته الرهبانية البسيطة فورًا.
أنبا ميشائيل كان خفيف الدَّم جدًا، وإذا صادف وجلست معه لا ينتهي الضحك أبدًا، وله ضحكة جميلة ومريحة للنفس إلى أبعد حد.
تتقلب الأحداث في الدول والكنائس، وتختلف الآراء، ويتحزب الجميع، أما هو فله منهج واحد، لا يحيد عنه أبدًا، الطاعة في الكنيسة واتباع النظم والتعليمات في الدولة وتقديم صورة المسيح المحب للجميع بلا أي استثناء.
تكوين شخصية المتنيح أنبا ميشائيل، جعلت منه شخصية نادرة الوجود في زماننا الحالي، وفقدانه خسارة كبيرة جدا صعب تعويضها.
ربنا يعزينا في رحيله بصلواته عنا وينيح (يريح) نفسه الطاهرة الغالية في فردوس النعيم ويعطي حكمة لمن يأتي بعده.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟