اكتشف العالم ليفنهوك الميكروسكوب، ليرى الإنسان تلك الكائنات الدقيقة التي وجدت في الكون ولم يرها الإنسان من قبل. وكان من نتيجة ذلك، معرفة أسباب تكوُّن الفطريات والميكروبات الدقيقة وتجمعاتها، مما أدى إلى اكتشاف أنواع المضادات الحيوية وما تفرَّع عن هذه المكتشفات الأخرى.
لكن كيف قدَّم ليفنهوك اكتشافاته للجمعية الملكية في لندن؟
كان ليفنهوك قد كتب في مذكراته أنه لا يجيد الرسم، لذلك فقد التجأ إلى أحد الرسامين، وكان موهوباً بدرجة كبيرة، اسمه “يوهانس فيرمير” (1632-1675م). وكان لدى ليفنهوك مئات من العينات النباتية والحيوانية لم يرها الإنسان من قبل وتحتاج إلى دراسة دقيقة. لذلك فقد أنشأ مجلة علمية يقدِّم فيها لوحات ورسوم دقيقة عن كل ما رآه تحت عدسة الميكروسكوب.
فكانت الرسوم جديرة بالتقدير واستمرت هكذا حتى عام 1675م حيث تغيَّر أسلوب ورونق هذه الرسوم، مما جعل العالم الياباني أوتاكو(1) أن يؤكد أن ليفنهوك قد التجأ إلى يوهانس فيرمير الذي توفي عام 1675م، مما أثر على أسلوب ورونق هذه الرسوم. فإن كانت هذه الرسوم التوضيحية قد استمرت في تقديم المعلومات العلمية الدقيقة، إلا أنها لم تكن بنفس الرونق والتنسيق السابق قبل عام 1675م، العام الذي توفي فيه الفنان فيرمير. وهكذا استمر ليفنهوك في تقديم هذه المعلومات والرسوم التوضيحية حتى أخر نسمة من حياته.
الفنان العالمي الفذ يوهانس فيرمير
(Johannes Vermeer 1632-1675):
أما الفنان الفذ الذي كان اليد اليمنى للعالم ليفنهوك، فقد ولد عام 1632م في بلدة دلفت Delft، في هولندا، وهي نفس البلدة التي وُلد فيها ليفنهوك، وقد قدَّم لوحات جميلة ترقى إلى مستوى العالمية، لذا كانت مساهمته مع ليفنهوك في تقديم الرسوم إلى الجمعية الملكية البريطانية في غاية الأهمية.
وقد بدأ حياته العملية في أوائل خمسينيات القرن السابع عشر (1650م وما بعدها)، حيث كان يرسم لوحات كبيرة للقصص الإنجيلية. ولكن معظم لوحاته التي بقيت تعبِّر عن الحياة الأسرية ولكن معظمها يُعتبر من كنوز المتاحف العالمية، إذ له 36 لوحة عالمية، هي من أعظم ما تفتخر به المتاحف على مستوى العالم، وكلها لها طابع مميَّز يتَّسم بالنقاء من حيث الإضاءة والتكوين، وهي خصائص تدل على رفعة وسمو ورقي في الأداء.
وقد اشتهر له رسم لفتاة تعلِّق في أذنيها قرطاً أو لؤلؤة كبيرة وتنظر إلى عين من يشاهدها. وهذا يشبه ما هو حادث في لوحة الموناليزا التي رسمها مايكل أنجلو (1475-1564م)، مما جعل كثير من الفنانين يعتبرون لوحة “ذات اللؤلؤة” بمثابة “موناليزا الشمال” (يقصدون شمال أوروبا).
ولكن لم يمهل الزمن والعمر الكثير للفنان يوهانس فيرمير، فاختطفه الموت وهو في عمر 44 عاماً (في 16 ديسمبر 1675م في مدينة دلفت في هولندا)، تاركاً تراثاً غير قليل في الجمعية الملكية البريطانية، ولوحات لها بريق لا يُنسى.
(1) هو عالم متخصص في رسوم ولوحات الفنان يوهانس فيرمير، وقد جمع معظم لوحاته ودرسها دراسة دقيقة باستعمال أشعة الليزر، حيث درس طبقات الرسوم التي وجدها، ومنها عرف تطابقها مع الرسوم المحفوظة في المجلات العلمية التي أصدرها ليفنهوك في مدينة دلفت التي قدمها للجمعية الملكية البريطانية.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
نحاول تخمين اهتماماتك… ربما يهمك أن تقرأ أيضا:
- القداس الإلهي (٦) الحضور الإلهي في الجسد دخـول بالأبديـة فوق البُعـد الزمـاني والمكـاني للإنسان. خلق الله الإنسان ووضعه في جنة عدن / فردوس الله ليكون قريبًا منه زمانيًا ومكانيًا، فلم تكن هناك حدود فاصلة من الزمان والمكان تفصـل الإنسـان عـن الله. وعنـدما اغـترب وابتعـد عـن الله ظهرت الحدود الفاصلة -زمنيًا ومكانيًا- النابعة من الخطية داخل الإنسان. وإضافةً إلى......